روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة هود

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة هود Jb12915568671



فيض العليم ... سورة هود Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة هود   فيض العليم ... سورة هود I_icon_minitimeالسبت أغسطس 29, 2015 8:40 am

[size=48]سُورَةُ هود[/size]
 
هِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وعددُ آياتها: مئةٌ وثلاثٌ وعِشْرونَ آيةً، وألفٌ وتِسْعُ مئةٍ وسبعٌ وأَربعون كَلِمَةً، وسَبعةُ آلافٍ وثمانُ مِئَةٍ وتِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفاً. فِي عَدَدِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ عُدَّتْ آيَاتُهَا مِئَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي الْعَدَدِ الْمَدَنِيِّ الْأَخِيرِ. وَكَانَتْ آيَاتُهَا مَعْدُودَةً فِي الْمَدَنِيِّ الْأَوَّلِ مِئَةً وَاثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ، وَهِيَ كَذَلِكَ فِي عَدَدِ أَهْلِ الشَّامِ.
قالَ ابْنُ عبّاسٍ، والحسنُ، وعِكْرِمَةُ، ومُجاهد، وقتادة، وجابر بن زيد ـ رَضِيَ اللهُ عنهم: هذه السورة مكية كلها، وفي روايةٍ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، قال: هي مَكِيَّةٌ كُلُّها إلاَّ قولَه: {فَلَعَلَّكَ تاركٌ بعضَ ما يُوحى إليْكَ} الآية: 12. وقالَ مقاتل مثل لك. وقال البغويُّ هي مكيَّةٌ إلاَّ قولَه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} الآية: 114. وَرُوِيَ ذَلِكَ أيضاً عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَتَادَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحى إِلَيْكَ} الآية: 12، وَقَوْلُهُ: {أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ إِلَى قَوْلِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} الآية: 17. وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا كُلَّهَا مَكِّيَّةٌ وَأَنَّ مَا رُوِيَ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ فِي بَعْضِ آيِهَا تَوَهُّمٌ لِاشْتِبَاهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا فِي قِصَّةٍ بِأَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَئِذٍ كَمَا سيَأْتِي، عَلَى أَنَّ الْآيَةَ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ وَاضِحٌ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.
وقِيلَ نَزَلَ قوله: {أولئك يؤمنون به} فِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ سَلَامٍ وأَصْحابِه، وقِيلَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أَبِي الْيَسَرِ، وقولُهُ: {إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السيئاتِ} نَزَلَتْ في نَبْهانَ التمار.
وقد سُمِّيَتْ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ، وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ، وَالسُّنَّةِ: سُورَة هُودٍ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اسْمٌ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ وَرَدَتْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ـ رضي الله عنهم، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ؟ قَالَ: شَيَّبَتْنِي هُودُ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ، سُورَةِ الْوَاقِعَةِ. وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ يَزِيدُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وأَخْرَجَ الحافظُ أَبو يَعْلى: عَنْ عِكْرِمة قالَ: قالَ أَبو بَكْرٍ ـ رضي اللهُ عنهما: سأَلْتُ رَسولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: ما شَيَّبَكَ؟ قال: ((شيَّبَتْني هودٌ، والواقعة، وعَمَّ يَتساءلون، وإذا الشَمْسُ كُوِّرَتْ)). مُسْنَد أَبي يَعلى: (1/102).
وأخرجً الطًبًرانيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَليه وسَلَّمَ: ((شَيَّبَتْني هودٌ وأَخَواتُها: الواقعةُ، والحاقَّةُ، وإذا الشَمْسُ كُوِّرَتْ)) وفي رواية: ((هود وأخواتها)). المُعْجَمُ الكَبيرُ: (6/183)، ورواهُ الدَارَقُطْني في العِلَلِ: (1/210) من طريق أحمد ابن طارق به.
وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي شَيَّبَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ سُورَةِ" هُودٍ" قولُهُ تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ} هود: 112. عَلَى مَا سيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ (هُودٍ) فَلَمَّا خَتَمْتُهَا قَالَ: ((يَا يَزِيدُ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ فَأَيْنَ الْبُكَاءُ)).
وهل اسمها مصروفٌ أم ممنوعٌ من الصرفِ قولان، فقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: يُقَالُ هَذِهِ هُودُ، بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلسُّورَةِ، لِأَنَّكَ لَوْ سَمَّيْتَ امْرَأَةً بِ "زَيْدٍ". لَمْ تَصْرِفْ، وهو قولُ الخليلِ وسِيبَوَيْهِ.
وقال عيسى ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: هَذِهِ هُودٌ، بِالتَّنْوِينِ، عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلسُّورَةِ، وَكَذَا إِنْ سَمَّى امْرَأَةً بِ "زَيْدٍ"، لِأَنَّهُ لَمَّا سَكَنَ وَسَطُهُ خَفَّ فَصُرِفَ. فَإِنْ أَرَدْتَ الْحَذْفَ صَرَفْتَ عَلَى قَوْلِ الْجَمِيعِ، فَقُلْتَ: هَذِهِ هُودٌ، وَأَنْتَ تُرِيدُ سُورَةَ هُودٍ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّكَ تَقُولُ هَذِهِ الرَّحْمَنُ، فَلَوْلَا أَنَّكَ تُرِيدُ: (هَذِهِ سُورَةُ الرَّحْمَنِ) ما قلت: (هذِهِ).
وَسُمِّيَتُ بَاسِمِ هُودٍ لِتَكَرُّرِ اسْمِهِ فِيهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَلِأَنَّ مَا حُكِيَ عَنْهُ فِيهَا أَطْوَلُ مِمَّا حُكِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِهَا، وَلِأَنَّ عَادًا وُصِفُوا فِيهَا بِأَنَّهُمْ قَوْمُ هُودٍ، وذلك فِي قَوْلِهِ تعالى: {أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ} الآية: 60، وهو: هودُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ رَباحِ بْنِ الخلودِ بْنِ عادِ بْنِ عِوَصَ بْنِ إِرَمَ بْنِ سامِ بْنِ نُوحٍ. وقيلَ: هوَ هودُ بْنُ شالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سامِ بْنِ نُوحِ بْنِ عَمِّ أَبي عادٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَسْمِيَةِ سُورَةِ يُونُسَ وَجْهٌ آخَرُ لِلتَّسْمِيَةِ يَنْطَبِقُ عَلَى هَذِهِ وَهُوَ تَمْيِيزُهَا مِنْ بَيْنِ السُّوَرِ ذَوَاتِ الِافْتِتَاحِ بِ (الر).
وقد نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بَعْدَ سُورَةِ يُونُسَ، وَقَبْلَ سُورَةِ يُوسُفَ. وَقَدْ عُدَّتِ الثَّانِيَةَ وَالْخَمْسِينَ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي أَثْنَاءِ تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّهَا نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ يُونُسَ لِأَنَّ التَّحَدِّيَ فِيهَا وَقَعَ بِعَشْرِ سُوَرٍ وَفِي سُورَةِ يُونُسَ وَقَعَ التَّحَدِّي بِسُورَةٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.
أمّا أَغْرَاضُهَا: فقد ابْتَدَأَتْ بِالْإِيمَاءِ إِلَى التَّحَدِّي لِمُعَارَضَةِ الْقُرْآن بِمَا تومئ إِلَيْهِ الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ. ثمَّ بِالتَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ. وَبِالنَّهْيِ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِهِ ـ سبحانه وتَعَالَى. وَبِأَنَّ الرَّسُولَ- صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، نَذِيرٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِعَذَابِ يَوْمٍ عَظِيمٍ، وَبَشِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَتَاعٍ حَسَنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. وَإِثْبَاتِ الْحَشْرِ. وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ عَلَى خَفَايَا النَّاسِ. وَأَنَّ اللهَ مُدَبِّرُ أُمُورِ كُلِّ حَيٍّ عَلَى الْأَرْضِ. وَخَلْقِ الْعَوَالِمِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ. وَأَنَّ مَرْجِعَ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَا خَلَقَهُمْ إِلَّا لِلْجَزَاءِ. وَتَثْبِيتِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَسْلِيَتِهِ عَمَّا يَقُولُهُ الْمُشْرِكُونَ، وَمَا يَقْتَرِحُونَهُ مِنْ آيَاتٍ عَلَى وِفْقِ هَوَاهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} الآية: 12. وَأَنَّ حَسْبَهُمْ آيَةُ الْقُرْآنِ الَّذِي تَحدّاهم بمعارضتِه، فعَجَزوا عَنْ مُعَارَضَتِهِ، فَتَبَيَّنَ خُذْلَانُهُمْ، فَهُمْ أَحِقَّاءُ بِالْخَسَارَةِ فِي الْآخِرَةِ. وَضَرْبِ مَثَلٍ لِفَرِيقِي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُشْرِكِينَ. وَذِكْرِ نُظَرَائِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْبَائِدَةِ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، وَتَفْصِيلِ مَا حَلَّ بِهِمْ، وَعَادٍ وَثَمُودَ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَقَوْمِ لُوطٍ، وَمَدْينَ، وَرِسَالَةِ مُوسَى، تَعْرِيضاً بِمَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَرِ وَمَا يَنْبَغِي مِنْهُ الْحَذَرُ فَإِنَّ أُولَئِكَ لَمْ تَنْفَعْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَهَا. وَأَنَّ فِي تِلْكَ الْأَنْبَاءِ عِظَةٌ لِلْمُتَّبِعِينَ بِسِيَرِهِمْ. وَأَنَّ مِلَاكَ ضَلَالِ الضَّالِّينَ عَدَمُ خَوْفِهِمْ عَذَابَ اللهِ فِي الْآخِرَةِ فَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ صَائِرُونَ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ أُولَئِكَ.
وَانْفَرَدَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِتَفْصِيلِ حَادِثِ الطُّوفَانِ وَغَيْضِهِ. ثُمَّ عَرَّضَ بِإينَاسِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَسْلِيَتِهِ بِاخْتِلَافِ قَوْمِ مُوسَى فِي الْكِتَابِ الَّذِي أُوتِيَهُ، فَمَا عَلَى الرَّسُولِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَّا أَنْ يَسْتَقِيمَ فِيمَا أَمَرَهُ اللهُ، وَأَنْ لَا يَرْكَنُوا إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَأَنَّ عَلَيْهِمْ بِالصَّلَاةِ وَالصَّبْرِ وَالْمُضِيِّ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الصَّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا هَلَاكَ مَعَ الصَّلَاحِ. وَقَدْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ عِظَاتٌ وَعِبَرٌ وَالْأَمْرُ بِإِقَامَةِ الصَّلَاة.
وبينَ هذِهِ السُورةِ وسابِقَتِها تَشَابُهٌ في مَواضعَ كَثيرةٍ، حَيْثُ احْتَوَتْ حِكايَةً لأَقْوالَ ومَواقِفَ تَعْجيزيَّةً عَديدَةً للكُفَّارِ ورُدوداً عليها، ومناقَشَةً لَها وإفحاماً لَهُم فيها.
وفيها سِلْسِلَةٌ طويلةٌ مِنْ قِصَصِ الأَنْبياء والأمَمِ البائدةِ تُذَكِّرُ بما كانَ مِنْ مَواقِفِ كُفَّارِ تلك الأُمَمِ مِنْ أَنْبِيائِهم، وما صاروا إليْهِ مِنْ سُوءِ المَصيرِ، وما صارَ إليه المُؤمنون منهم، مِنْ نَجاةٍ وحُسْنِ عُقْبى، تَثْبيتاً وتَطْميناً للنَبِيِّ محمَّدٍـ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وللمؤمنين، وإنْذاراً للكُافِرِين.
وفيها بيانٌ لحكمَتِهِ في خَلْقِهِ ـ تَبَاركتْ أَسْماؤهُ، وجلَّتْ حِكْمَتُه، التي اقْتَضَتْ أَنْ لا يَكون الناسُ أُمَّةً واحدةً، بَلْ أَمَماً وشعوباً ليَتَعارَفوا ويَتَمايزوا. وقد فَصَّلَ فيها ـ سُبْحانَهُ وتَعالى، ما أَجْمَلَهُ في سابِقَتِها مِنْ قِصَصِ الرُسُلِ ـ عَليهِمُ السَّلامُ، وهي مُناسَبَة لها فى فاتِحَتِها وخاتِمَتِها وتَفْصيلِ الدَعْوَةِ في أَثنائها، فقد افْتُتِحَتا بِذِكْرِ القرآنِ بَعْدَ (الر)، وذِكْرِ رِسالَةِ النَبِيِّ المُبَلِّغِ عَنْ رَبِّهِ، وبَيانِ أَنَّ وظيفةَ الرَسول إنَّما هي التَبْشيرُ والإنْذارُ وفي أَثنائهما ذِكْرُ التَحَدِّي بالقرآنِ والرَدِّ على الذين زَعَموا أَنَّ الرَسُولَ ـ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسَلَّمَ، قدْ افْتَراهُ، ومُحاجَّةُ المُشْركينَ في أُصُولِ الدّينِ، وخُتِمَتا بِخِطابِ النَّاسِ بالدَعْوَةِ إلى ما جاءَ بِهِ الرَسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، ثمَّ أَمْرُ الرَسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، في الأُولى بالصَبْرِ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَهُ وبَيْنَ الكافِرينَ، وفي الثانِيَةِ بِانْتِظارِ هَذا الحُكْمِ مِنْهُ تَعالى مَعَ الاسْتِقامَةِ على عِبادَتِهِ والتَوَكُّلِ عَلَيْهِ. وعَلى الجُمْلَةِ فقدْ أُجْمِلَ في كٌلٍّ مِنْهُما ما فُصِّلَ في الأُخْرى مَعَ فَوائدَ انْفَرَدَتْ بها كلٌّ مِنهُما، فَقَدِ اتَّفَقَتا مَوْضُوعاً في الأَكْثرِ واخْتَلَفَتا نَظْماً وأَسْلوباً مِمَّا لا مَجَالَ للشَكِّ في أَنَّهما مِنْ كَلامِ الرَحْمن، الذي عَلَمَ الإنْسانَ البَيانَ. وفُصُولُ السُورَةِ مُتَرابِطَةٌ ممّا يُسَوِّغُ القولَ إنَّها نَزَلَتْ مُتَتابِعَةً حتّى تَمَّتْ كَسابِقاتِها، والتَشابُهُ بَيْنَها وبيْنَ السُورةِ السابِقَةِ قدْ يَكونُ قَرينَةً على تَتابُعِهِما في النُزولِ. كما تقدَّمَ.
ومِنْ فَضائلِ هذِهِ السُورَةِ المُبارَكَةِ مَا أَسْنَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وأَبو داوودَ في "مَراسيلِهِ"، وأبو الشيخِ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وابْنُ عَساكِرَ، والبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمان" عَنْ كَعْبٍ ـ رضي اللهُ عنه، قَالَ قَالَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْرَؤوا سُورَةَ هُودٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)).
وقالَ أَبو عبدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ ـ رَحِمَهُ اللهُ في كتابِهِ "الناسِخُ والمَنْسُوخ": سورَةُ هُودٍ فيها مِنَ المَنْسوخِ ثلاثُ آياتٍ: أُولاهُنَّ: قولُهُ تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الآية: 15. نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ الإسْراءِ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} الآية: 18. الآية الثانية: قولُهُ تَعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} الآية: 121. نُسِخَتْ بآيَةِ السَيْفِ. والآية: الثالثة: قولُهُ تَعالى: {وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} الآية: 122. مَنْسوخَةٌ بآيَةِ السَيْفِ أَيْضًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة هود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة هود: 2
» فيض العليم ... سورة هود: 3
» فيض العليم ... سورة هود 4
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 13
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 27

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: