روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 54

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 54 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 54 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 54   فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 54 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 01, 2013 9:31 am

وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
(54)
قَوْلُهُ تَعَالَى شأنُه: {وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} أَمرٌ مِنَ اللهُ تَعَالَى لنَبِيَّهُ عليه الصلاةُ والسلامُ، بِأَنْ يُكْرِمَ الذِينَ يَأْتُونَ إلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنِينَ بآياتِه، والمرادُ بالآياتِ هُنا آياتُ القُرآنِ أوِ الحُجَجُ مُطْلَقًا، وَبِأَنْ يُسَلِّمَ عليهم ويَرُدَّ عليهِمُ السَّلاَمَ، وَبِأَنْ يُبَشِّرَهُمْ بِرَحْمَةِ اللهِ الوَاسِعَةِ، الشَّامِلَةِ لَهُمْ، التِي أَوْجَبَهَا اللهُ تعالى عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ تَفَضّلاً وَإِحْسَاناًُ وَامْتِنَانًا وَأنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ سُوْءً وَهُوَ جَاهِلٌ، وكُلُّ مَنْ عَصَى اللهَ فَهُوَ جَاهِلٌ. فالدُّنيا كُلُّهَا جَهاِلَةٌ، ثُمَّ تَابَ وَرَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَأَقْلَعَ عَنِ المَعَاصِي، وَعَزَمَ عَلَى أنْ لاَ يَعُودَ إِليها، وَأَصْلَحَ العَمَلَ فِي المُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّ اللهَ يَعِدُهُ بِالمَغْفِرَةِ. والسَّلامُ وَالسَّلامَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَمَعْنَى "سَلامٌ عَلَيْكُمْ" سَلَّمَكُمُ اللهُ فِي دِينِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ، وقد نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ نَهَى اللهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَنْ طَرْدِهِمْ، فَكَانَ إِذَا رَآهُمْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلامِ وَقَالَ: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مَنْ أَمَرَنِي أَنْ أَبْدَأَهُمْ بِالسَّلامِ)). فَعَلَى هَذَا كَانَ السَّلامُ مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ جِهَةِ اللهِ تَعَالَى، أَيْ أَبْلِغْهُمْ مِنَّا السَّلامُ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهِمْ وَمَكَانَتِهِمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى. وقيلَ إنَّما أمرَهُ بأنْ يَبدَأَهُمْ بالسَّلامِ مَعَ أنَّه في العادَةِ مِنْ واجبِ الداخلِ أوْ الماشي أنْ يُسَلِّمَ على القاعدِ أوِ الواقِفِ حتى يَنْبَسِطَ إليهم بالسَلامِ عليهم فينْبَسِطوا إليْه، هذا في الدنيا، وأَمَّا في الآخرةِ فتُسَلِّمُ عليهِمُ الملائكةُ عندَ دُخولِ الجنَّةِ كما في قولِه تعالى: {سَلامٌ عَليكُم طِبْتُمْ فادْخُلوها خَالدين} الزمر: 73. واللهُ جلَّ شأنُه يبدؤهمُ بالسَلام عليهم في الآخرة بقوله: {سلامٌ قولاً مِنْ رَبٍّ رَحيمٍ} يس: 58. وكان رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم قد سلَّم على جميع الصالحين من عباد اللهِ حين سلّمَ عليه ربُّه في سبحانَه ليلةَ الإسراءِ والمعراجِ فقال: (السلامُ عليكَ أيُّها النَبِيُّ ورَحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُه) فردَّ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ: (السلامُ عليْنا وعلى عِبادِ اللهِ الصالحينَ) فشارك المبعوثُ رحمةً للعالمين عبادَ اللهِ الصالحين جميعًا بهذه النِعمَةَ العُظمَى مِنْ ربِّه السَّلامِ جَلَّ وعَلا.
ومما وردَ في تكريم اللهِ سبحانَه لهؤلاءِ الضُعفاءِ الفُقَراءِ مِنْ أَصحابِ النبيِّ عليه وآلِه وأَصحابِهِ الصَلاةُ والسلامُ، ما جاءَ في صَحِيحِ الإمامِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلالٍ وَنَفَرٍ فَقَالُوا: وَاللهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ؟! فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ)). فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهُ أَغْضَبْتُكُمْ؟ قَالُوا: لا، يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أَخِي، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى رِفْعَةِ مَنَازِلِهِمْ وَحُرْمَتِهِمْ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَعْنَى الآيَةِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا احْتِرَامُ الصَّالِحِينَ وَاجْتِنَابُ مَا يُغْضِبُهُمْ أَوْ يُؤْذِيهِمْ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ غَضَبَ اللهِ، أَيْ حُلُولَ عِقَابِهِ بِمَنْ آذَى أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتِ الآيَةُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: جَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا مِنَ الذُّنُوبِ فَاسْتَغْفِرْ لَنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ. وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِثْلُهُ.
قَوْلُهُ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} أي قضاها وأوْجَبَها على
ذاتِه المُقدَّسةِ بطريقِ التَفَضُّلِ والإحسانِ بِخَبَرِهِ الصِّدْقِ، وَوَعْدِهِ الْحَقِّ، فَخُوطِبَ الْعِبَادُ عَلَى مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ أَنَّهُ مَنْ كَتَبَ شَيْئًا فَقَدْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ. وَقِيلَ: كَتَبَ ذَلِكَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. والرحمةُ من أسماء الجنَّةِ، فقد وَرَدَ في الحديث القدسيِّ أنَّ اللهَ تبارك وتعالى يقولُ مخاطباً الجنة: (إنَّما أنتِ رَحمتي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أشاءُ مِنْ عِبادي). صحيح مُسلمٍ برقم (4848). وخرَّجَه كذلكَ البُخاري وأَحمد وغيرهم من أئمَّةِ الحديث. فيرحَمُ بجَنَّتِهِ مَنْ شاءَ مِنْ عِبادِهِ ويَرْحَمُ بذاتِهِ مَنْ شاءَ مِنْ عِبادِهِ.
قولُه: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ} أَيْ خَطِيئَةً من غير قصدٍ، عَمِلَهُ مُلْتَبِسًا بجَهالةٍ حَقيقةً بأنْ يَفعَلَه وهو لا يَعلَمُ ما يَتَرَتَّبُ عليْه مِنَ المضرَّةِ والعُقوبَةِ، أوْ حُكْمًا بأنْ يَفْعَلَهُ عالماً بسوءِ عاقبَتِهِ، فإنَّ مَنْ عَمِلَ ما يؤدِّي إلى الضَرَرِ في العاقبةِ وهو عالمٌ بذلك أو ظانٌّ فهو في حُكْمِ الجاهلِ. وقَالَ مُجَاهِدٌ: أي لا يَعْلَمُ حَلالاً مِنْ حَرَامٍ وَمِنْ جَهَالَتِهِ رَكِبَ الأَمْرَ، فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ خَطِيئَةً فَهُوَ بِهَا جَاهِلٌ، وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سورةِ "النِّسَاءِ" وَقِيلَ: مَنْ آثَرَ الْعَاجِلَ عَلَى الآخِرَةِ فَهُوَ الْجَاهِلُ. وفي قولِه تعالى: "منكم" إشارة إلى أنَّ عامِلَ السوءِ صِنْفان: صِنْفٌ "منكم" أيُّها المؤمنون المُهتدون، وصِنْفٌ مِنْ غيرِكم وهمْ الكُفَّارُ الضالّون. والجهالةُ جهالتان: جهالةُ الضَلالَةِ، وجهالةُ الجِبِلَّةِ التي جُبِلَ الإنسانُ عليْها، فمَن عَمِلَ مِنَ الكُفَّارِ سُوءً بجهالَةِ الضَلالَةِ فلا تَوبَةَ لَهُ، بخِلافِ مَنْ عَمِلَ سُوءً مِنَ المؤمنينَ فإنَّ لَه توبةً كما قال تعالى: "ثم تابَ" أيْ رَجَعَ عنْه "مِنْ بعدِه" أي مِنْ بعدِ عَمَلِهِ
و"أصلحَ" ما أفْسَدَهُ، والإصلاحُ هو أنْ لا يَعودَ ولا يُفْسِدَ.
وَلَعَلَّ أَقْرَبَ تَفْسِيرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى "مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ" هُوَ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الذِي يَعْمَلُ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ هُوَ الذِي يَرْتَكِبُ الذَّنْبَ فِي لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِ الطَّيْشِ أَوِ الانْفِعَالِ، أَوِ الضَّعْفِ الإِنْسَانِيِّ، أَوِ الهَوَى الجَامِحِ أَو ثَوْرَةِ الغَضَبَ، وَمَا مَاثَلَ تِلْكَ الأَحْوَالِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ إنَّمَا يَرْتَكِبُ إِثْماً وَذَنْبًا، وَيُقْدِمُ عَلَى الذَّنْبِ وَهُوَ يَسْتَشْعِرُ فِي نَفْسِهِ النَّدَامَةَ، ثُمَّ حِينَمَا يَثُوبُ إلى نَفْسِهِ يَنْدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَيَتُوبُ إلَى رَبِّهِ، وَيَسْتَغْفِرَهُ، وَهُوَ يَشْعُرُ بِثِقَلِ الذَّنْبِ عَلَى نَفْسِهِ. وَهَذا غَيْرُ حَالِ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى اقْتِرَافِ الذَّنْبِ وَهُوَ مُسْتَخِفٌّ بِالدِّينِ وَبِحُرُمَاتِ اللهِ، غَيْرُ عَابِئٍ بِهَا وَغَيْرُ مُسْتَشْعِرٍ نَدَمًا عَلَى فِعْلِه.
قولُهُ: {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي فشأنُه سبحانَه وأَمْرُهُ مُبالِغٌ في المَغفرةِ والرَّحمةِ له.كَأَنَّهُ قَالَ: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ، فَلَهُ أَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، أَيْ فَلَهُ غُفْرَانُ اللهِ. أو فَأَمْرُهُ غُفْرَانُ اللهِ لَهُ، والأخيرُ اخْتِيَارُ سِيبَوَيْهِ، وَلَمْ يُجِزِ الأَوَّلَ. وَقِيلَ: أَيْ كَتَبَ رَبُّكُمْ أَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
قولُه تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ} إذا: منصوبٌ بجوابِه أيْ: فقلْ: سَلامٌ عليكم إذا جاءوك، أي وقتَ مجيئِهم إليك.
وقولُهُ: {سَلاَمٌ} مبتدأٌ، وجازَ الابتداءُ بِهِ وإِنْ كان نَكِرَةً لأنَّهُ دُعاءٌ، والدُعاءُ مِنْ مُسَوِّغات الابتداءِ بالنَكِرَةِ. وإليكَ أَهمُّ هذِهِ المُسَوِّغاتِ:
1: أنْ يَتَقَدَّمَ الخَبرُ على النَّكرة وهو ظَرفٌ أو جَارٌّ ومَجرُورٌ نحو: "في الدَّارِ رَجُلٌ" و"عنْدَكَ كِتَابٌ".
2: أنْ يَتَقدَّم على النَّكِرة استِفْهامٌ نحوَ: "هَل شُجَاعٌ فِيكُم" ونحوَ: {أَإِلهٌ مَعَ اللهِ} النمل، الآية: 60.
3: أَنْ يَتَقدَّمَ عَليها نَفْيٌ نحوَ: "مَا خِلٌّ لَنا".
4: أنْ تُوصَفَ نحو: "رَجُلٌ عَالمٌ زَارَنَا" ونحو: {وَلَعَبْدٌ مُؤمِنٌ خَيرٌ مِنْ مُشْرِك} البقرة، الآية: 221. وقد تُحذَفُ الصِّفةُ وتُقَدَّرُ نحو: {وَطَائِفَةٌ قَد أَهَمَّتهُمْ أَنْفُسُهُم} أيْ طائفةٌ مِنْ غَيْرِكُمْ بِدَليلِ قولِهِ: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} آل عمران، الآية: 154.
5: أَنْ تَكونَ النَكِرَةُ عامِلَةً نحو: "رَغْبةٌ في الخيرِ خَيرٌ" .
6: أَنْ تَكونَ مُضافَةً نحو: "عملُ بِرٍّ يَزينُ صَاحِبَه".
7: أَنْ تَكونَ شَرْطًا نحو: "مَنْ يَسْعَ في المعروفِ يُحبَّهُ النَّاسُ".
8: أنْ تَكونَ جَوابًا كأن تُسألَ: مَنْ عِندَكَ؟ فَتقول: "رَجُلٌ"، والتَّقديرُ: عِندي رَجُلٌ.
9: أنْ تَكونَ عَامَّةً نحو "كُلٌّ يموتُ".
10: أنْ يُقْصَدَ بها التَّنويعُ أوِ التَّقسيمُ كقولِ امرِئ القَيس:
فَأقْبَلْتُ زَحفًا على الرُّكْبَتينِ ................... فَثوْبٌ نَسيتُ وثَوبٌ أَجُرّ
11: أنْ تَكونَ دُعَاءً نحو: {سَلامٌ على آل يَاسِينَ} الصافَّات الآية:130. أوْ نحوَ: {وَيْلٌ للمُطَفِّفِين} المطففين، الآية: 1. أو "سَلامٌ عَلَيْكُمْ" الآيةُ.
12: أَنْ يَكونَ فيها مَعنى التَّعَجُّبِ نحو: "مَا أَحْكَمَ الشَّرعَ"! أو نحو: "عَجَبٌ لِزَيد"!.
13: أنْ تَكونَ خَلَفًا عنْ مَوصوفٍ نحو: "مُتَعَلِّمٌ خَيرٌ مِنْ جَاهِلٍ" وأَصْلُها: رجُلٌ مُتَعَلِّمٌ.
14: أنْ تَكونَ مُصَغَّرَةً نحو: "رُجَيلٌ في دَارِكَ" لأنَّ في التَّصغير معنى الوَصْفِ فكأَنَّكَ قلتَ: رَجُلٌ ضَئيلٌ، أو حَقيرٌ في داركَ.
15: أنْ يَقَعَ قَبْلَهَا وَاوُ الحالِ، المُعَوَّل على وُقُوعها في بَدْءِ الحالِ، وإنْ لم يَكُنْ بِواوٍ كقولِ الشاعِرِ وهو مِنْ جيِّدِ الشِعْرِ:
تَرَكتُ ضأني تَوَدُّ الذئبَ رَاعيَها ................ وأنَّها لا تَراني آخِرَ الأَبَدِ
الذئبُ يَطرُقُها في الدهرِ واحدةً ............. وكلَّ يَوْمٍ تَراني: مُدْيَةٌ بِيَدي
يَقْصِدُ أنَّهُ كريمٌ كَثيرُ الذَّبْحِ في غَنَمِه لِيُكْرِمَ أَضيافَه، ولذلك فهي تُفَضِّلُ الذئبَ عليه لأنَّ الذئبَ لا يَفْتكُ بها كما يَفْعلُ هوَ.
فـ "مُدْيَةٌ" مُبتدأٌ سَوَّغَهُ كونُهُ بَدَأَ جُملةٍ حاليَّةٍ من يَاءِ تَراني، ولم تَرْتَبِط بالوَاوِ، بَلْ ارْتَبَطت بالياءِ مِنْ (يدي). وكقولِ الشاعرِ:
سَرَيْنا ونجمٌ قَد أَضاءَ فمُذُ بَدَا ........... مُحيَّاكَ أخْفَى ضَوءُهُ كُلَّ شَارِقِ
16: أَنْ تَكُونَ مَعطُوفةً على معرفةٍ نحو: "عُمَرُ ورَجُلٌ يَتَحَاوَرَان".
17: أَنْ يُعطَفَ عَلَيهَا مَوصوفٌ نحو: "رَجُلٌ وامْرَأةٌ عَجوزٌ في الدَّارِ".
18: أنْ تَكونَ مُبْهَمَةً، أيْ قُصِدَ إلى إبهامِها كقولِ امْرِئِ القيسِ:
مُرَسَّعَةٌ بَيْنَ أَرْساغِهِ ................................ بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغي أرنَبًا
(مُرَسَّعة: على زِنَةِ اسمِ المفعولِ: تَمِيمةٌ تُعَلَّقُ مَخَافَة العَطَبَ على الرّسْغِ، والعَسَمُ: يُبْسٌ في مِفْصَلِ الرّسْغِ تَعْوَجُّ مِنْه اليَدُ، وإنَّما طَلَبَ الأَرنبَ لِزَعمِهم أنَّ الجِنَّ تَجْتَنِبُها لِحَيْضِها فمَنْ عَلَّقَ كَعْبَها لم يُصِبْهُ السِحْرٌ، والشاهدُ في "مُرَسَّعةٍ" حيثُ قَصَدَ إبهامَها تحقيرًا للمَوصوفِ حيثُ يحتَمي بأَدْنى تميمةٍ، و"بين أَرْساغِه" خبرُها.
19: أنْ تَقَعَ بَعْدَ لَولا كَقولِ الشّاعر:
لَولا اصطِبَارٌ لأوْدَى كُلُّ ذي مِقَةٍ ........... لمَّا استقَلَّت مَطَايَاهُنَّ للظَّعَنِ
أوْدى: هَلَكَ، المِقَةُ: كعِدَةٍ مِنْ وَمَقَهُ يَمِقُهُ كوَعَدَهُ يَعِدُهُ إذا أَحبَّه، استقلَّت: مَضَتْ، الظَعْنُ: السَيْرُ، الشاهدُ فيه: "اصطبارٌ" فهي مبتدأٌ، وسَوَّغَها للأبْتِداءِ وهيَ نَكِرَةٌ وُقوعُها بعدَ لولا، وخبرُ المُبتَدأِ محذوفٌ وُجوبًا تقديرُه مَوْجودٌ.
وهُنَاكَ مُسَوِّغَاتٌ أُخرى تَرجعُ جميعًا إلى ما ذُكرِ آنفًا، وقد تجاوزت هذه المُسوِّغاتُ الأربعين عندَ بعضِ المتَأَخِرين، لكنَّ سيبويْهِ لم يَشْتَرِطْ لجَوازِ الابْتِداءِ بالنَّكِرَةِ إلاَّ حصولُ الفائدةِ، وكذلك المتقدِّمون، وقالَ جمعٌ مِنَ المحقّقين كابْنِ هِشامٍ والمُرادِيِّ: إنَّ مَرْجِعَ المُسوِّغاتِ كلِّها إلى التَّعميمِ والتَّخْصيصِ.
ورَأى المتَأَخِّرون أنَّه ليسَ كُلُّ واحدٍ يَهْتَدي إلى مَوَاطِنِ الفائدَةِ فتَتبَّعوها، فمِنْ مُقِلٍّ مُخِلٍّ، ومِنْ مُكثِرٍ مُورِدٍ ما لا يَصلُحُ، أوْ مُعَدِّدٍ لأُمورٍ مُتَداخِلَةٍ.
وقال أبو البَقاءِ: جازَ الابتداءُ بِ "سلامٌ" لما فِيهِ مِنْ مَعنى الفِعْلِ، وهذا ليس مِنْ مَذْهَبِ جمهورِ البَصْرِيينَ إنَّما هو منقولٌ عنِ الأخْفَشِ حيثُ قالَ: إذا كانتِ النَكِرَةُ في معنى الفِعلِ جازَ الابتداءُ بها وجازَ رَفْعُها الفاعلَ وذلك نحو: قائمٌ أَبُواكَ، ونَقَلَ ابْنُ مالكٍ أنَّ سِيبوَيْهِ أَوْمَأَ إلى جَوازِهِ، واسْتَدَلَّ الأخْفشُ بقولِه:
خبيرٌ بنو لِهْبٍ فلا تَكُ مُلْغِيًا ................. مقالةَ لِهْبِيٍّ إذا الطيرُ مَرَّتِ
ولا دليلَ فيه؛ لأنَّ فَعيلاً يَقَعُ بِلَفْظٍ واحدٍ للمُفْرَدِ وغيرِهِ، ف "خبيرٌ" خبرٌ مقدَّمٌ، واسْتُدِلَّ لَه أَيْضًا بقولِ الفرزدق:
فخيرٌ نحنُ عندَ الناسِ مِنْكُمْ ................. إذا الداعي المُثَوِّبُ قالَ يا لا
فخيرٌ مبتدَأٌ، و"نحن" فاعلٌ سَدَّ مَسَدَّ الخبَرِ.
فإن قيل: لِمَ لا يجوزُ أنْ يكونَ "خيرٌ" خبرًا مُقدَّمًا، و"نحن" مبتدأً مؤخَّرًا؟ قيلَ: لِئلاّ يَلْزَمُ الفَصْلُ بين أَفْعَلَ و"مِنْ" بأجْنَبِيٍّ بخِلافِ جَعْلِهِ فاعِلاً، فإنَّ الفاعلَ كالخبرِ بخِلافِ المُبْتَدَأِ و"عليكم" خبرُه، و"سَلامٌ عليكم" أَبلغُ مِنْ "سَلامًا عليكم". بالنَّصْبِ، وقد تقرَّرَ هذا في أوَّلِ الفاتحةِ عندَ قراءةِ "الحمدُ" و"الحمدَ".
وقولُهُ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ} في محَلِّ نَصْبٍ بالقولِ لأنَّه كالتفسيرِ لِقولِهِ "سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ".
قولُهُ: {أنَّه، فأنَّه} قرَأَ ابْنُ عامرٍ وعاصمٌ بالفتحِ فيهِما، وقرأ ابْنُ كثيرٍ وأبو عَمْرٍو وحمزةُ والكِسائيُّ بالكسرِ فيهِما، ونافعٌ بفتحِ الأُولى وكسرِ الثانيةِ، وهذه القراءاتُ الثلاثُ في المتواتِرِ، وقرأ الأعرجُ بكسرِ الأُولى وفتحِ الثانيةِ عكْسَ قراءةِ نافعٍ، هذه روايةُ الزَّهراويِّ عنه وكذا الداني. وأمَّا سِيبَوَيْهِ فَرَوى قراءَتَه كقراءةِ نافعٍ، فيُحْتَمَلُ أنْ يكونَ عنْ رِوايتين. فأمَّا القراءةُ الأُولى فَفَتْحُ الأُولى فيها مِنْ أربعةِ أَوْجُهٍ، أحدُها: أنها بدلٌ مِنْ الرحمةِ بَدلَ شيءٍ مِنْ شيءٍ والتَقديرُ: كَتَبَ على نفسِهِ أنَّه مَنْ عمِلَ .. إلى آخرِه، فإنَّ نفسَ هذهِ الجُمَلِ المُتضمِّنَةِ للإِخبارِ بذلك رحمةٌ. والثاني: أنها في محلِّ رفعٍ على أنها مُبتَدأٌ، والخبرُ محذوفٌ أي: عليهِ أنَّه مَنْ عَمِلَ .. إلى آخره. والثالث: أنها فُتِحتْ على تقديرِ حَذْفِ حَرْفِ الجَرِّ، والتَقديرُ: لأنَّه مَنْ عَمِلَ، فلمَّا حُذِفتِ اللاّمُ جَرى في محَلِّها الخِلافُ المَشهورُ. الرابع: أَنها مفعولٌ ب "كَتَبَ" و"الرحمة" مفعولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أي: كَتَبَ أنَّه مَنْ عَمِلَ لأَجْلِ رحمتِه إيَّاكم. ويَنبغي أنْ لا يجوزَ لأنَّ فيه تهيئةُ العامِلِ للعَمَلِ وقَطْعَهَ مِنْه.
وأمَّا فَتْحُ الثانيةِ فمِنْ خمسةِ أَوْجُهٍ، أًحدُها: أنها في محلِّ رفعٍ على أنها مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ أي: فغُفرانُه ورحمتُه حاصلانِ أوْ كائنان، أو فَعليهِ غفرانُه ورحمتُه . وقد أَجمَعَ القرَّاءُ على فتحِ ما بعدَ فاءِ الجزاءِ في قولِهِ: {أَلَمْ يَعلَموا أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ الله وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} التوبة: 63. {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّه} الحج: 4. كما أجمَعوا على كسرِها في قولِهِ: {وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} الجن: 23. الثاني: أنها في محَلِّ رفْعٍ على أنها خبرُ مُبتَدَأٍ محذوفٍ أي: فأمْرُه أو شأنُه أنَّه غفورٌ رحيم. الثالث: أنها تكريرٌ للأولى كُرِّرتْ لمَّا طالَ الكلامُ وعُطِفتْ عليْها بالفاء، وهذا مَنْقولٌ عن أبي جَعفرٍ النَّحاس. وهذا وهْمٌ فاحشٌ لأنَّه يَلزَمُ منْه أَحدُ محذورين: إمَّا بقاءُ مبتدأٍ بِلا خبرٍ أوْ شَرْطٍ بِلا جَوابٍ، وبَيانُ ذلك أنَّ "مَنْ" في قولِهِ: "أَنَّهُ مَن عَمِلَ" لا تخلو: إمَّا أنْ تَكونَ مَوصُولَةً أوْ شَرْطِيَّةً، وعلى كِلا التَقديريْنِ فهي في محلِّ رفعٍ بالابْتِداءِ، فلو جَعَلْنا "أن" الثانية، معطوفةً على الأُولى لَزِمَ عدمُ خبرِ المُبْتَدَأِ وجَوابِ الشَرْطِ، وهو لا يجوزُ. الرابعُ: أنها بَدَلٌ مِنْ "أنَّ" الأُولى ، وهو قولُ الفَرَّاءِ والزَجَّاجِ، وهذا مردودٌ بشيئين، أَحدُهما: أَنَّ البَدَلَ لا يَدْخُلُ فيه حَرفُ عطفٍ، وهذا مُقتَرِنٌ بحرفِ العَطفِ، فامْتَنَعَ أَنْ يَكونَ بَدَلاً. فإنْ قيلَ: نجعلُ الفاءِ زائدةً. فالجوابُ أنَّ زِيادَتها غيرُ جائزةٍ، وهي شيءٌ قالَ بِهِ الأَخْفَشُ، وعلى تقديرِ التَسليمَ فلا يجوزُ ذلك مِنْ وجهٍ آخرَ: وهو خُلُوُّ المبتدأ أو الشرْطِ عنْ خبرٍ أوْ جَوابٍ. وثاني الشيئين: خُلُوُّ المُبتَدأِ أوِ الشِرْطِ عَنِ الخبرِ أوِ الجَوابِ، كما تقدَّمَ تقريرُه. الخامسُ: أنها مَرْفوعةٌ بالفاعِلِيَّةِ، تقديره: فاسْتَقَرَّ لَهُ أنَّه غَفورٌ أي: اسْتَقَرَّ لَهُ وثَبَتَ غُفرانُه، ويجوزُ أَنْ نُقَدِّرَ في هذا الوَجْهِ جارَّاً رافعاً لهذا الفاعلِ عندَ الأخفشِ تقديرُه: فعَليْه أنَّه غَفورٌ، لأنَّه يُرْفَعُ بِه وإنْ لم يُعتَمَدْ.
وأمَّا القِراءةُ الثانيةُ: فكسْرُ الأُولى مِنْ ثَلاثةِ أَوْجُهٍ، أحدُها: أَنها مُسْتَأْنَفَةٌ وأَنَّ الكلامَ تامٌّ قَبلَها، وجِيءَ بها وبما بعدَها كالتَفسيرِ لِقولِه: {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرَّحمةَ} والثاني: أَنها كُسِرَتْ بعدَ قولٍ مُقدَّرٍ أيْ: قالَ اللهُ ذلك، وهذا في المعنى كالذي قبلَه. والثالث: أنَّه أَجرى "كتب" مُجْرى "قال" فكُسِرَتْ بعدَه كما تُكْسَرُ بعدَ القولِ الصَريحِ، وهذا لا يَتَمَشَّى على أُصولِ البَصْرِيّين. وأَمَّا كَسْرُ الثانيةِ فمِنْ وجْهين، أَحَدُهما: أنها على الاسْتِئنافِ، بمعنى أنها في صَدْرُ جملةٍ وَقَعَتْ خَبراً لِ "مَنْ" الموصولةِ، أوْ جواباً لها إنْ كانتْ شَرْطيَّةً. والثاني: أنها عَطفٌ على الأُولى وتكريرٌ لها، ويُعْتَرَضُ على هذا بأنَّه يَلزَمُ بَقاءُ المُبْتَدأِ بِلا خبرٍ أوِ الشَرْطُ بِلا جَزاءٍ، كما تقدَّمَ ذلك في المفتوحتَين.
وأجابَ أبو البقاءِ هُنا عن ذلك بأنَّ خَبرَ "مَنْ" محذوفٌ دَلَّ عَليْهِ الكلامُ، وقدْ كان يَنْبَغي أنْ يُجيبَ بهذا الجوابِ في المَفْتُوحَتَينِ عندَ مَنْ جَعَلَ الثانيةَ تَكريراً للأُولى أوْ بَدَلاً مِنْها، ثمَّ قال: ويجوزُ أنْ يَكونَ العائدُ محذوفاً أي: فإنَّه غَفورٌ لَهُ. قلتَ: قولُه "ويجوز" ليس بجيدٍ، بَلْ كان يَنْبَغي أنْ يَقولَ ويجبَ، لأنَّه لا بُدَّ مِنْ ضَميرٍ عائدٍ على المُبتَدَأِ مِنَ الجُملةِ الخَبريَّةُ، أوْ ما يَقومُ مَقامَه إنْ لم يَكُنْ نَفسَ المُبْتَدأِ.
وأمَّا القراءةُ الثالثة: فيُؤخَذُ فَتْحُ الأُولى وكَسْرُ الثانية مما تقدَّم مِنْ كسرِها وفتحِها بما يَليقُ مِنْ ذلك، وهو ظاهرٌ.
وأمَّا القراءةُ الرابعةُ فكذلك، وأجازَ الزَجَّاجُ كَسْرَ الأُولى وفَتْحَ الثانية وإنْ لم يُقرأْ بِهِ وقد تقدَّمَ أنَّ هذه قراءةُ الأَعْرجِ وأنَّ الزَّهراوِيَّ وأَبَا عَمْرٍو الداني نَقلاها، عنْه، فكأنَّ الشيخَ لم يَطِّلِعْ عليْها وتقَدَّمَ لك أيضاً أَنَّ سِيبَويْهِ لم يَرْوِ عَنِ الأَعْرَجِ إلاَّ كقراءةِ نافعٍ، فهذا ممَّا يَصْلُحُ أنْ يَكونَ عُذْراً
للزَجَّاجِ.
والهاءُ في "أنَّه" ضميرُ الأَمرِ والقِصَّةِ. و"مَنْ" يجوزَ أنْ تَكونَ شَرْطِيَّةً وأَنْ تَكونَ مَوْصُولَةً، وعلى كلِّ تقديرٍ فهي مُبْتَدَأَةٌ، والفاءُ وما بعدَها في محلِّ جَزْمٍ جَواباً إنْ كانتْ شَرْطاً، وإلاَّ ففي محلِّ رفعٍ خَبراً إنْ كانتْ مَوْصولةً، والعائدُ محذوفٌ أي: غفورٌ له.
والهاء في "بعده" يجوزُ أنْ تَعودَ على "السوءِ" وأَنْ تَعودَ على العملِ المفهومِ مِنَ الفِعْلِ كقولِه: {اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ} المائدة: 8، والأُولى أَوْلى لأنَّه أَصْرَح، و"منكم" مُتعلِّقٌ بمحذوفٍ إذْ هُو حالٌ مِنْ فاعلٍ "عَمِلَ"، ويجوزُ أنْ تَكونَ "مِنْ" للبيانِ فيَعمَل فيها "أعني" مُقَدَّراً.
وقولُهُ: {بِجَهَالَةٍ} الأظهرُ أنها للحالِ أيْ: عَمَلُهُ مُصاحِباً للجَهالَةِ. وقيل إنَّه يَتعلَّقُ ب "عَمِلَ" على أنَّ الباءَ للسببيَّةِ أي: عمَلُه بسببِ الجَهْلِ. وعَبَّرَ أَبو البقاءِ في هذا الوجهِ عن ذلك بالمفعولِ بِه وليسِ بواضحٍ. و"مِنْ" في "مِنْ بعدِه" لابْتِداءِ الغايةِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 54
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 8
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 24
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 41
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 56
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 73

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: