روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 13

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 13 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 13 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 13   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 13 I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 06, 2012 6:50 am

قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا
فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ
مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ

(13)


إذا
أرادَ اللهُ إمضاءَ أمرٍ قلَّل الكثيرَ في أَعيُنِ قومٍ، وكثَّرَ القليلَ في أعيُن
قومٍ، وإذا لبَّس على بَصيرةِ قومٍ لم يَنفعْهم نَفَاذُ أَبصارِهم.



قولُه
سبحانه: {
قَدْ
كَانَ لَكُمْ آيةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا
}
آية: أَيْ عَلَامَةٌ. والْفِئَةُ الْفِرْقَةُ، مَأْخُوذَةٌ مِنْ فَأَوْتُ
رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ ـ وَيُقَالُ: فَأَيْتُهُ ـ إِذَا فَلَقْتُهُ وَلَا خِلَافَ
أَنَّ الْإِشَارَةَ بِهَاتَيْنِ الْفِئَتَيْنِ هِيَ إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ.
وَاخْتُلِفَ مَنِ الْمُخَاطَبُ بِهَا، فَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُخَاطَبَ بِهَا
الْمُؤْمِنُونَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخَاطَبَ بِهَا جَمِيعُ الْكُفَّارِ،
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُخَاطَبَ بِهَا يَهُودُ الْمَدِينَةِ. وَفَائِدَةُ الْخِطَابِ
لِلْمُؤْمِنِينَ تَثْبِيتُ النُّفُوسِ وَتَشْجِيعُهَا حَتَّى يَقْدَمُوا عَلَى
مِثْلَيْهِمْ وَأَمْثَالِهِمْ كَمَا قَدْ وَقَعَ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
يَرَوْنَهُمْ
مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ
فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ
}
الرُّؤْيَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ رُؤْيَةُ عَيْنٍ، وَلِذَلِكَ تَعَدَّتْ إِلَى
مَفْعُولٍ وَاحِدٍ. يَدُلُّ عَلَيْهِ "
رَأْيَ الْعَيْنِ". وجَرَى الْكَلَامُ عَلَى
الْخُرُوجِ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذا
كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَما آتَيْتُمْ
مِنْ زَكاةٍ} فَخَاطَبَ ثُمَّ قَالَ: {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} فَرَجَعَ
إِلَى الْغَيْبَةِ. فَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي "
مِثْلَيْهِمْ" يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْرِكِينَ، أَيْ
تَرَوْنَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ مِثْلَيْ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ
الْعَدَدِ، وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ
يُكَثِّرِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَعْيُنِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ أَعْلَمَنَا أَنَّهُ
قَلَّلَهُمْ فِي أَعْيُنِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى تَرَوْنَ أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ الْمُشْرِكِينَ مِثْلَيْكُمْ فِي الْعَدَدِ وَقَدْ كَانُوا
ثَلَاثَةَ أَمْثَالِهِمْ، فَقَلَّلَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ فِي أَعْيُنِ
الْمُسْلِمِينَ فَأَرَاهُمْ إِيَّاهُمْ مِثْلَيْ عِدَّتِهِمْ لِتَقْوَى
أَنْفُسُهُمْ وَيَقَعَ التَّجَاسُرُ، وَقَدْ كَانُوا أُعْلِمُوا أَنَّ الْمِئَةَ
مِنْهُمْ تَغْلِبُ الْمِئَتَيْنِ مِنَ الْكُفَّارِ، وَقَلَّلَ المسلمين في أعيُنِ
المُشركين ليجترئوا عَلَيْهِمْ فَيَنْفُذُ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِمْ. وَيَحْتَمِلُ
أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي "
مِثْلَيْهِمْ"
لِلْمُسْلِمِينَ، أَيْ تَرَوْنَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَيْ
مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدَدِ، أَيْ تَرَوْنَ أَنْفُسَكُمْ مِثْلَيْ
عَدَدِكُمْ، فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِمْ لِتَقْوَى أَنْفُسُهُمْ عَلَى لِقَاءِ
الْمُشْرِكِينَ. وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
تَعَالَى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا} وَقَوْلُهُ: {وَإِذْ
يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا} وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِي: أَتَرَاهُمْ سَبْعِينَ؟
قَالَ: أَظُنُّهُمْ مِئَةً فَلَمَّا أَخَذْنَا الْأُسَارَى أَخْبَرُونَا أَنَّهُمْ
كَانُوا أَلْفًا. وَإِنَّمَا أَرَاهُمُ اللَّهُ عَلَى غَيْرِ عِدَّتِهِمْ
لِجِهَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ رَأَى الصَّلَاحَ فِي ذَلِكَ، لتَقْوَى
قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ. وَالْأُخْرَى أَنَّهُ آيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.



قوله
تعالى: {
قَدْ
كَانَ
} جوابُ قسمٍ محذوفٍ، و"آيةٌ" اسمُ كان، ولم يؤنِّث الفعلَ لأنَّ تأنيثَ الآيةِ
مجازيٌّ، ولأنَّها بمعنى الدليل والبرهان، ولوجودِ الفصلِ بـ "
لكم"، فإنَّ الفصلَ مُسَوِّغٌ لذلك مع كونِ التأنيث
حقيقيًّا كقولِه:



إنَّ امرَأً غَرَّه منكنَّ واحدةٌ
................ بَعْدي وبعدكِ في الدنيا لمغرورُ



وفي
خبر "
كان" وجهان أحدُهما: أنَّه "لكم" و "في فئتين"
في محلِّ رفعٍ نعتًا لـ "
آية".
والثاني: أنَّه "
في فئتين".
وفي "
لكم" حينئذٍ وجهان، أحدهما: أنَّه متعلِّقٌ بمحذوفٍ
على أنَّه حالٌ من "
آية"
لأنَّه في الأصلِ صفةٌ لـ "
آية
فلمّا قُدِّمَ نُصِبَ حالاً. والثاني: أنَّه مُتعلِّقٌ بكان، وهذا عند مَنْ يَرى
أنّها تعملُ في الظرف وحرف الجر، ولكنْ في جَعْلِ "
في فئتين" الخبرَ إشكالٌ، وهو أنَّ حكمَ اسْمِ "كان" حُكْمُ المَبتَدَأِ فلا يَجوزُ أنْ يكونَ اسْمًا
لها إلاَّ ما جاز الابتداءُ به، وهنا لو جُعِلَتْ "
آية" مبتدأً وما بعدها خَبَراً لم يَجُزْ، إذْ لا مُسَوِّغَ
للابتداء بهذه النَكِرَةِ، بخِلافِ ما إذا جَعلْتَ "
لكم" الخبرَ فإنَّه جائزٌ لوُجودِ المُسَوِّغِ وهو
تقدُّمُ الخبَرِ حرفَ جَرٍّ. قولُه: "
التقتا"
في محلِّ جَرٍ صِفةً لفِئتيْنِ أي: فِئتيْن مُلْتقِيَتَيْن.



قوله:
{
فِئَةٌ تُقَاتِلُ} العامة على رفعِ "فئة" وفيها أوجهٌ، أحدُها: أنْ يَرتفِعَ على البدلِ من
فاعلِ "
التقتا"، وعلى هذا فلا بُدَّ مِن ضميرٍ مَحذوفٍ يعودُ على
"
فئتين" المتقدمتيْن في الذكر، لِيَسُوغَ الوَصْفُ بالجُملةِ،
إذْ لو لم يُقَدَّرْ ذلك لَما صَحَّ، لِخُلُوِّ الجُملةِ الوَصفيَّةِ مِن ضَميرٍ،
والتقديرُ: في فئتيْن التقَتْ فئةٌ منهما وفئةٌ أُخرى كافرة. والثاني: أنْ يَرتفِعَ
على خبرِ ابتداءٍ مضمَرٍ تقديرُه: إحداهما فئةٌ تقاتِلُ، فقَطَعَ الكلامَ عن أوَّلِه،
واستأنفه. ومثلُه ما أنشده الفراءُ على ذلك:



إذا مِتُّ كان الناسُ صِنْفَيْنِ
شامتٌ ......... وآخرُ مُثْنٍ بالذي كنتُ أصنعُ



أي:
أحدُهما شامتٌ وآخرٌ مُثْنٍ، أي: وصنفٌ آخرُ مُثْنٍ، ومثلُه في القطع أيضاً قولُ
الآخر:



حتى إذا ما استقلَّ النجمُ في
غَلَسٍ ........ وغُودر البقلُ مَلْوِيٌّ ومَحْصودُ



أي:
بعضُه مَلْوِيٌّ وبعضُه مَحْصودٌ. فإنْ قلت: فإذا قَدَّرْتَ في الأولى "إحداهما"
مبتدأً كان القياسُ أنْ يكون والأخرى، أي: والفئةُ الأخرى كافرةٌ. قيل: لَمَّا
عُلِم أنَّ التفريقَ هنا لنفس الشيءِ المقدَّمِ ذكرُه كان التعريفُ والتنكير
واحداً. ومثلُ الآية الكريمة في هذا السؤال وجوابه البيتُ المتقدم: "شامتٌ
وآخرُ مُثْنٍ" فجاء به نكرةً دون "أل". الثالث: أنْ يَرتفعَ على
الابتداءِ وخبرُه مضمرٌ تقديرُه: منهما فئة تقاتل، وكذا في البيت أي: منهم شامتٌ
ومنهم مُثْنٍ، ومثلُه قولُ النابغة:



تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرَفْتُها .................
لستةِ أعوامٍ وذا العامُ سابعُ



رمادٌ ككحل العينِ لأْياً أُبينُه ...........
ونُؤْيٌ كجِذْمِ الحَوْضِ أثلمُ خاشع



تقديره:
منهنَّ أي: ومن الآيات رمادٌ، ومنهن نؤيٌ، ويَحْتَمل البيتُ



أن يكونَ
كما تقدم من تقديره مبتدأً، و"رمادٌ" خبرُه كما تقدَّم في نظيره.



وقرأ
الحسن ومجاهد وحميد: "فئةٍ تقاتل" بالجر على البدل من "
فئتين"، ويسمّى هذا البدلُ بدلاً تفصيلاً كقولِ كثِّير
عزة:



وكنتُ كذي رجلين رجلٍ صحيحةٍ .........
ورجلٍ رَمَى فيها الزمانُ فَشلَّتِ



وهو
بدلُ بعضٍ من كلٍّ، وإذا كان كذلك فلا بُدَّ من ضميرٍ يعودُ على المبدل منه تقديره:
فئةٍ منهما.



وقرأ
ابنُ السَّمَيْفَع وابنُ أبي عَبْلَةَ "فئةً" نصباً. وفيه أربعة أوجه،
أحدها: النصبُ بإضمارِ أعني. والثاني: النصبُ على المدح. وتحريرُ هذا القول أن
يُقال على المدح في الأوَّل، وعلى الذم في الثاني، وكأنّه قيل: أَمْدَحُ فئةً
تقاتل في سبيل الله، وأذمُّ أخرى كافرةً. الثالث: أن ينتصبَ على الاختصاص. الرابعُ
: أن تنتصِبَ "فئةً" على الحالِ من فاعل "التقتا" كأنّه قيل:
التقتا مؤمنةً وكافرةً، فعلى هذا يكون "فئةً" و"
أخرى" توطئةً للحال، لأنَّ المقصودَ ذِكْرُ وصفها، وهذا
كقولهم: جاءني زيدٌ رجلاً صالحاً، ومثلُه في باب الإِخبار: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ
مُّسْرِفُونَ} الأعراف: 81 ونحوُه. قوله: {
وأخرى كَافِرَةٌ}
"
أُخْرى": صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ تقديره: "وفئةٌ أخرى
كافرةٌ". وقُرِئَتْ "
كافرة"
بالرفعِ والجَرِّ على حَسَبِ القراءتين المذكورتين في "
فئة تقاتل"، وهذه منسوقَةٌ عليها، وكان من حقِّ مَن قرأ "فِئَةً
تقاتل" نصباً أنْ يَقرأ: "وأخرى كافرةً" نصباً عطفاً على الأولى.



والعامَّةُ
على "تقاتل" بالتأنيثِ لإِسنادِ الفعلِ إلى ضميرِ المؤنث،



ومتى
أُسْنِدَ إلى ضميرِ المؤنث وَجَبَ تأنيثُه، سواءً كان التأنيثُ حقيقةً أم مجازاً
نحو: "الشمس طَلَعَت" هذا جمهورُ الناسِ عليه، وخالَفَ ابنُ كيسان فأجاز:
"الشمس طَلَع" مستشهداً بقول الشاعر:



فلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها ............................
ولا أرضَ أبقلَ إبقالَها



فقال: "أبقل"
وهو مسندٌ لضميرِ الأرض ولم يَقُلْ: أبقلَتْ، وغيرُه يَخُصُّهُ بالضرورةِ. وقال هو:
"لا ضرورةَ إذ كان يمكنُ أن يَنْقُلَ حركةَ الهمزةِ على تاءِ التأنيثِ
الساكنة فيقول: ولا أرضَ أبقلتِ إبْقالَها. وقد رَدُّوا عليه بأنَّ الضرورةَ ليس
معناها ذلك، ولئن سَلَّمْنا ذلك فلا نُسَلِّم أنَّ هذا الشاعرَ كان مِن لُغتِه
النقلُ، لأنَّ النقلَ ليس لغةً لكلِّ العرب.



وقرأ
مُجاهِدٌ ومُقاتِلٌ: "يقاتل" بالياء، وهي مُخَرَّجةٌ على مذهب ابنِ
كيسان ومُقوِّيةٌ له. قالوا: والذي حَسَّن ذلك كونُ "فئة" في معنى
القومِ والناس؛ فلذلك عاد الضميرُ عليها مذكَّراً.



قوله:
{
يَرَوْنَهُمْ} قَرَأَ نافعٌ وحدَه مِن السبعةِ ويعقوب وسهل: "تَرَوْنهم"
بالخطابِ، والباقون من السعبة بالغَيْبة. فأمَّا قراءةُ نافع ففيها ثمانيةُ أوجه،
أحدُها: أنَّ الضميرَ في "
لكم"
والمرفوعَ في "تَرَوْنهم" للمؤمنين، والضميرَ المنصوب في "تَرَوْنهم"
والمجرورَ في "
مِثْلَيْهم"
للكافرين. والمعنى: قد كان لكم أيها المؤمنون آيةٌ في فئتين بأَنْ رأيتم الكفارَ
مثلي أنفسهم في العدد وهو أبلغُ في القدرةِ حيث رأى المؤمنون الكافرين مثلي عددِ
الكافرين، ومع ذلك انتصروا عليهم وغَلَبوهم وأَوْقَعوا بهم الأفاعيلَ. ونحُوه: {كَم
مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله} البقرة: 249
واستبَعَدَ بعضُهم هذا التأويلَ لقوله تعالى في الأنفالِ: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ
إِذِ التقيتم في أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً} الآية: 44، فالقصةُ واحدةٌ، وهناك تَدُلُّ
الآية على أن الله تعالى قَلَّل المشركين في أعين المؤمنين لئلا يَجْبُنوا عنه،
وعلى هذا التأويلِ المذكور هنا يكون قد كَثَّرهم في أعينهم. ويمكنُ أن يُجابَ عنه
باختلافِ حالَيْنِ، وذلك أنه في وقتٍ أراهم إيَّاهم مثلي عددهم ليمتحنهم ويبتليهم،
ثم قَلَّلهم في أعينهم ليقدُموا عليهم، فالإِتيانُ باعتبارين ومثلُه: {فَيَوْمَئِذٍ
لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ} الرحمن: 39 مع: {فَوَرَبِّكَ
لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} الحجر: 92، {وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً}
النساء: 42 مع: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} المرسلات: 35. وقال الفراء: المرادُ
بالتقليل التهوينُ كقولِك: رأيتُ كثيرَهم قليلاً. لهوانِهِم عندكَ، وليس من تقليلِ
العدد في شيء. الثاني: أن يكونَ الخطاب في "تَرَوْنهم" للمؤمنين أيضاً،
والضميرُ المنصوبُ في "ترونهم" للكافرين أيضاً، والضميرُ المجرورِ في "مِثْلَيْهم"
للمؤمنين، والمعنى: تَرَوْن أيّها المؤمنون الكافرين مِثْلَيْ عددِ أنفسكم، وهذا
تقليلٌ للكافرين عند المؤمنين في رأيِ العين، وذلك أنَّ الكفارَ كانوا ألفاً ونَيِّفاً
والمسلمونُ على الثلث منهم، فأراهم إياهم مِثْلَيْهم، على ما قَرَّر عليهم من
مقاومةِ الواحدِ للاثنين في قوله تعالى: {فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ
يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} الأنفال: 66 بعد ما كُلِّفوا أن يقاومَ واحدٌ العشرةَ في
قوله تعالى: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ}
الأنفال: 65. الثالث: أن يكونَ الخطاب في "
لكم"
وفي "
تَرَوْنَهم" للكفار، وهم قريش، والضميرُ المنصوبُ والمجرور
للمؤمنين، أي: قد كان لكم أيها المشركون آيةٌ حيث تَرَوْن المؤمنين مِثْلَي
أنفسِهم في العدَدِ، فيكون قد كَثَّرهم في أعينِ الكفار ليجبنُوا عنهم، فيعودُ
السؤالُ المذكور بين هذه الآية وآية الأنفال، وهي قوله تعالى: {وَيُقَلِّلُكُمْ في
أَعْيُنِهِمْ} الأنفال: 44، فكيف يقال هنا إنه كَثَّرهم فيعودُ الجواب بما تقدَّم
من اختلافِ حالتين، وهو أنه قَلَّلهم أولاً ليجترئ عليهم الكفارُ، فلمَّا التقى
الجمعان كَثَّرهم في أعيِنِهم ليحصُل لهم الخَورُ والفَشَلُ. الرابع: كالثالث،
إلاَّ أنَّ الضميرَ في "مِثْلَيْهم" يعودُ على المشركين فيعودُ ذلك
السؤال، وهو أنَّه كان ينبغي أن يُقال "مِثْليكم" ليتطابق الكلامُ
فيعودَ الجوابان وهما: إمَّا الالتفاتُ من الخطاب إلى الغَيْبة، وإمَّا عودُه على
لفظِ الفئة الكافرة، لأنّها عبارةٌ عن المشركين، كما كان ذلك الضميرُ عبارةً عن
الفئةِ المقاتلَةِ، ويكونُ التقديرُ: تَرَوْنَ أيها المشركون المؤمنين مِثْلَيْ
فئتِكم الكافرة، وعلى هذا فيكونون قد رَأَوا المؤمنين مِثْلَي أنفسِ المشركين ألفين
ونيفاً، وهذا مَدَدٌ من الله تعالى، حيث أرى الكفارَ المؤمنينَ مِثْلَي عددِ
المشركين حتى فَشِلوا وجَبُنوا، فَطَمِعَ المسلمون فيهم فانتصروا عليهم، ويؤيِّده:
{والله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ} فالإراءة هنا بمنزلة المَدَدِ
بالملائكةِ في النصرةِ بكليهما، ويعودُ السؤالُ حينئذٍ بطريق الأَوْلى: وهو كيف
كثَّرهم إلى هذه الغايةِ مع قولِهِ في الأنفال: { وَيُقَلِّلُكُمْ في
أَعْيُنِهِمْ}؟ ويعود الجواب. الخامس: أنَّ الخطابَ في "
لكم" و"تَرَوْنهم"
لليهود، والضميران المنصوبُ والمجرورُ على هذا عائدان على المسلمين على معنى: تَرَوْنَهم
لو رأيتموهم مِثْلَيْهم، وفي هذا التقدير تكلُّفٌ لا حاجةً إليه، وكأن هذا القائلَ
اختار أن يكونَ الخطابُ في الآية المنقضية وهي قولُه: {قَدْ كَانَ لَكُمْ} لليهود،
فَجَعَلهُ في "تَرَوْنَهم" لهم أيضاً، ولكنَّ الخروجَ من خطاب اليهود
إلى خطاب قوم آخرين أَوْلى من هذا التقدير المتكلَّفِ، لأنَّ اليهود لم يكونوا
حاضري الوقعةِ حتى يُخاطَبوا برؤيتِهم لهم كذلكَ. ويجوز على هذا القولِ أن يكونَ
الضميرانِ المنصوبُ والمجرورُ عائِدَيْنِ على الكفار، أي: إنهم كَثَّر في أعينِهم
الكفارَ حتى صاروا مِثْلي عددِ الكفارِ، ومع ذلك غلبَهم المؤمنون وانتصروا عليهم،
فهو أَبْلَغُ في القدرةِ. ويجوزُ أنْ يعودَ المنصوبُ على المسلمين والمجرورُ على
المشركين، أي: تَرَوْنَ أيها اليهودُ المسلمينَ مِثْلَي عددِ المشركين مهابةً لهم
وتهويلاً لأمرِ المؤمنين، كما كان ذلك في حق المشركين فيما تقدَّم من الأقوال.
ويجوز أن يعودَ المنصوبُ على المشركين والمجرورُ على المسلمين، والمعنى: تَرَوْنَ
أيها اليهودُ لو رأيتم المشركينَ مِثْلَي عددِ المسلمين، وذلك أنهم قُلِّلُوا في
أعينهم ليحصُل لهم الفزعُ والغَمُّ؛ لأنه كان يَغُمُّهُم قلةُ الكفارِ ويعجبُهم
كثرتُهُم ونصرتُهم على المسلمين حسداً وَبَغْياً فهذه ثلاثة أوجهٍ مترتبةٌ على
الوجه الخامسِ، فتصيرُ ثمانية أوجهٍ في قراءة نافع.



وأمَّا
قراءةُ الباقين ففيها أوجه، أحدُها: أنها كقراءةِ الخطاب، فكلُّ ما قيل في المراد
به الخطابُ هناك قيل به هنا، ولكنه جاء على بابِ الالتفاتِ أي: التفاتٌ من خطاب
إلى غيبة. الثاني: أن الخطاب في "لكم" للمؤمنين، والضميرُ المرفوعُ في "يَرَوْنَهم"
للكفار، والمنصوبُ والمجرورُ للمسلمين، والمعنى: يَرَى المشركون المؤمنين مِثْلَي
عدد المؤمنين ستمئة ونيفاً وعشرين، أراهم الله مع قِلَّتهم إياهم ضِعْفَيْهم
ليَهَابُوهم ويَجْبُنوا عنهم. الثالث: أنَّ الخطاب في "لكم" للمؤمنين
أيضاً، والمرفوعُ في "يَرَوْنَهم" للكفار، والمنصوبُ للمسلمين والمجرورُ
للمشركين، أي: يرى المشركونَ المؤمنين مِثْلَي عددِ المشركين، أراهم الله
المؤمنينَ أضعافَهم لِما تَقدَّم في الوجه قبله. الرابع: أن يعودَ الضميرُ المرفوع
في "يَرَونهم" على الفئةِ الكافرة؛ لأنها جَمْعٌ في المعنى، والضميرُ
المنصوب والمجرورُ على ما تقدم من احتمالِ عودِهما على الكافرينَ أو المسلمين أو
أحدِهما لأحدِهم. والذي تَقَوَّى في هذه الآيةِ من جميعِ ما قَدَّمْتُهُ من حيِث
المعنى أَنْ يكونَ مَدارُ الآيةِ على تقليلِ المسلمينَ وتكثيرِ الكافرين، لأنَّ
مقصودَ الآية ومساقَها الدلالةُ على قُدْرَةِ الله الباهرةِ وتأييدِهِ بالنصر
لعبادِه المؤمنين مع قلةِ عددِهم وخذلانِ الكافرين مع كثرةِ عددِهم، وتحزُّبهم،
ليُعْلَمَ أنَّ النصرَ كلَّه من عند الله، وليس سببُه كثرتَكم وقلةَ عدوكم، بل
سببُه ما فعلَه تبارك وتعالى من إلقاءِ الرعبِ في قلوبِ أعدائِكم، ويؤيِّده قولُه
بعد ذلك: {والله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ} وقال في موضع آخر: {وَيَوْمَ
حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً}
التوبة: 25. فالهاءُ في تَرَوْنَهم للكفارِ سواءً قُرئ بالغَيْبَةِ أم بالخطاب
والهاءُ في "مثليهم" للمسلمين. فإنْ قلت: إنْ كان المرادُ هذا فهلا قيل:
يَرَونْهَم ثلاثةَ أمثالهم. فكان أبلغَ في الآية، وهي نصرُ القليلِ على هذا
الكثيرِ، والعُدَّةُ كانت كذلك أو أكثرَ. قلت: أخبرَ عن الواقعِ، وكان آيةً أخرى
مضمومةً إلى آية البصرِ، وهي تقليلُ الكفارِ في أعينِ المسلمين وقُلِّلُوا إلى
حدٍّ وُعِدَ المسلمونَ النصرَ عليهم فيه، وهو أن الواحدَ من المسلمين يَغْلِبُ
الاثنين، فلم تكن حاجةٌ إلى التقليلِ بأكثرَ من هذا، وفيه فائدةٌ: وقوعُ ما ضَمِنَ
لهم من النصر فيه. والجملةُ على قراءةِ نافع تَحْتَمِلُ أن تكونَ مستأنفةً لا
محلَّ لها من الإِعراب، ويُحتُمل أن يكونَ لها محلٌّ، وفيه حينئذٍ وجهان، أحدُهما:
النصبُ على الحال من "
كم"
في "
لكم" أي: قد كان لكم حالَ كونِكم تَرَوْنهم. والثاني:
الجرُّ نعتاً لفئتين، لأنَّ فيها ضميراً يَرْجِع عليهما. وأمَّا على قراءةِ الغَيْبةِ
فتحتملُ الاستئنافُ، وتحتملُ الرفعَ صفةً لإِحدى الفئتين، وتحتمل الجرَّ صفةً
لفئتين أيضاً، على أَنْ تكونَ الواوُ في "يَرَوْنَهم" تَرْجِعُ إلى
اليهود، لأنَّ في الجملة ضميراً يعودُ على الفئتين. وقرأ ابنُ عباس وطلحة "تُرَوْنَهم"
مبنيّاً للمفعول على الخطاب. والسلمي كذلك، إلَّا أنّه بالغيبة. وهما واضحتان مما
تقدَّم تقريره، والفاعل المحذوفُ هو الله تعالى. وللناسِ في الرؤية هنا رأيان،
أحدُهما: أنّها البصريّة، ويؤيِّد ذلك تأكيدُهُ بالمصدرِ الذي هو نصٌّ في ذلك. فهو
مصدرٌ مؤكِّدٌ. و"
مثلَيْهم"
نصبٌ على الحال. والثاني: أنّها من رؤيةِ القلب، فعلى هذا يكون "
مِثْليهم" مفعولاً ثانياً.


ومن
إطلاقِ العلمِ على الاعتقادِ قولُه تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}
الممتحنة: 10؛ إذ لا سبيلَ إلى العلمِ اليقيني في ذلك، إذ لا يَعْلَمُهُ كذلك إلا
اللهُ تعالى، فالمعنى: فإنْ اعتقدتموهن، والاعتقادُ قد يكونُ صحيحاً، وقد يكون
فاسداً، ويَدُلُّ على هذا التأويلِ قراءةُ مَنْ قرأ: "
تُرَوْنَهم" أو "يُرَوْنَهم" بالتاء أو الياء
مبنياً للمفعول؛ لأنَّ قولَهم "أُرِيَ كذا" بضمِّ الهمزة يكون فيما عند
المتكلمُ فيه شكٌّ وتخمينٌ لا يقينٌ وعلم، ولمَّا كان اعتقادُ التضعيف في جمع
الكفار أو في جمع المؤمنين تخمينًا وظنًّا لا يقيناً دَخَلَ الكلاَم ضربٌ من الشك،
وأيضاً كما يَستحيلُ حَمْلُ الرؤيةِ هنا على العِلْمِ يَستحيلُ أيضًا حَمْلُها على
رؤيةِ البَصَرِ بِعيْنِ ما ذَكَرْتُم من المُحالِ، وذلك كما أنَّه لا يَقع العلمُ
غيرَ مُطابقٍ للمعلوم كذلك لا يَقَعُ النظرُ البصريُّ غيرَ مطابقٍ لذلك الشيءِ
المُبْصَرِ المنظورِ إليه، فكان المرادُ التخمينَ والظَّنَّ لا اليقينَ والعلمَ.
كذا قيل، وفيه نظرٌ لأنا لا نُسَلِّم أنَّ البصر لا يخالِفُ المُبْصَرَ، لجوازِ
أَنْ يَحْصُلَ خَلَلٌ فيه وسوءٌ في النظرِ فيتخيلُ الباصرُ الشيءَ شيئين فأكثرَ
وبالعكس.



وفي
انتصابِ "
رأيَ العين"
ثلاثةُ أوجهٍ تقدَّم منها اثنان: النصبُ على المصدر التوكيدي أو النصبُ على المصدر
التشبيهي كما عَرَفْتَ تحقيقَه. والثالث: أنه منصوبٌ على ظرفِ المكان، قال الواحدي:
كما تقول: تَرَوْنَهُم أمامَكم ومثلُه: هو مني مَزْجَرَ الكلب ومناطَ العَيُّوق،
وهذا إخراجٌ للفظ عن موضوعِهِ مع عدمِ المساعدِ معنًى وصناعةً. و"رأى"
مشتركٌ بين "رأى" بمعنى أَبْصَرَ، ومصدرُهُ الرَّأْي والرؤيةُ، وبمعنى
اعتقد وله الرأي، وبمعنى الحُلْم وله الرؤيا كالدنيا، فوقع الفرقُ بالمصدر،
فالرؤيةُ للبصرِ خاصة، والرؤيا للحُلْم فقط، والرأيُ مشترك بين البصريةِ
والاعتقاديةِ يقال: هذا رأيُ فلان أي: اعتقادُهُ، قال:



رَأَى الناسَ إلا مَنْ رَأَى مثلَ
رأيِهِ ........... خوارجَ تَرَّاكِين قَصْدَ المَخَارِجِ



قلت:
وهذه الآية قد أكثرَ الناسُ فيها القولَ فتتبَّعْته وقَرَنْتُ كُلَّ شيء بما
يُلاَئِمُهُ.



قوله:
{
مَن يَشَآءُ} مفعولُ "يشاء"
محذوفٌ أي: مَنْ يشاء تأييدَهُ، والباء سببية، أي: بسببِ تأييدِه وهو تفعيلٌ من
الأَيْدِ وهو القوة. وقرأه ورش "يُوَيِّدُ" بإبدالِ الهمزةِ واواً محضة
وهو تسهيلٌ قياسي قال أبو البقاء وغيره: "ولا يجوز أن تُجْعَلَ بينَ بينَ
لقربِها من الألف، والألفُ لا يكون ما قبلَها إلا مفتوحاً، ولذلك لم تُجْعَلِ
الهمزةُ المبدوءُ بها بينَ بينَ لاستحالةِ الابتداءِ بالألِفِ". ومذهبُ
سيبويهِ وغيرِه في الهمزةِ المفتوحةِ بعد كسرةٍ قَلْبُها ياءً محضةً وبعد الضمةُ
قلبُها واواً محضةً للعلة المذكورة، وهي قُرْبُ الهمزةِ التي بينَ بين مِن الألِفِ،
والألفُ لا تكونُ ضمةً ولا كسرةً.



و{لأُوْلِي الأبصار} صفةً لـ "عبرةً"
أي: عبرةً كائنةً لأولي الأبصار. والعِبْرة: فِعْلة من العُبورِ كالرِّكبة
والجِلْسة، والعُبورُ: التجاوزُ، ومنه: عَبَرْتُ النهرَ، والمَعْبَرُ: السفينةُ
لأنَّ بها يُعْبَرُ إلى الجانبِ الآخر، وعَبْرَةُ العينِ: دمْعُها لأنَها تُجاوِزُهَا،
وعَبَّرَ بالعِبْرَة عن الاتِّعاظِ والاستيقاظِ لأنَّ المُتَّعِظَّ يَعْبُرُ مِن الجهلِ
إلى العِلمِ ومِن الهلاكِ إلى النجاةِ. والاعتبارُ افتعالٌ منه، والعِبارة:
الكلامُ الموصِلُ إلى الغرضِ لأنَّ فيه مُجاوَزةً، وعَبَرْتَ الرؤيا وعَبَّرْتَها
مخفَّفاً ومثقَّلاً، لأنَّك نَقَلْتَ ما عِندكَ مِن تَأويلِها إلى رائيها.






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 13
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: