روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 270

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 270 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 270 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 270   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 270 I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 13, 2012 1:58 pm

وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار
(270)
قولُه ـ تعالى جَدُّهُ: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ} النَفَقَةُ: هِيَ العَطاءُ العاجِلُ في بابٍ مِنْ أَبوابِ الخَيْرِ. بَيَانٌ لِحُكمٍ كُلِّيٍّ شَامِلٍ لِجَميعِ النَفَقاتِ بعدَ بَيَانِ حُكْمِ مَا كانَ مِنْها في سبيلِ اللهِ تعالى.
وقوله: {أَوْ نَذَرْتُم مّن نَّذْرٍ} مُتَعَلِّقٌ بالمالِ أَوْ بِالأَفعالِ، بِشَرْطٍ، أَوْ بغيرِ شَرْطٍ، في طاعةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ. والنَذْرُ عَقْدُ القَلْبِ عَلى شَيْءٍ، والْتِزامِهِ على وَجْهٍ مَخْصوصٍ. وأَصْلُهُ الخَوْفُ ـ كَما قِيلَ، لأَنَّ الشخصَ يَعقِدُ ذلك على نَفْسِهِ خَوْفَ التَقْصيرِ، أَوْ خَوْفَ وُقوعِ أَمرٍ خطيرٍ. ومِنْهُ نَذْرُ الدَمِ وهو العَقْدُ على سَفْكِهِ للخوفِ مِنْ مَضَرَّةِ صاحبِه. ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يَكرِبَ الزبَيْدِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
هم (يَنْذُرونَ دَمِي) وأَنْـــ ....................... ــذُرُ إنْ لَقيتُ بِأَنْ أَشُدَّا
والبيتُ مِنْ قَصِيدَةٍ جَيدَةٍ له مَطْلِعُها:
لَيْسَ الجَمالُ بِمِئْزَرٍ، ......................... فاعْلَمْ، وإِنْ رُدِّيتَ بُرْدَا
إِنَّ الجَمالَ مَعادِنٌ .............................. ومَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدَا
تَقولُ العربُ: نَذَرَ على نَفْسِهِ نَذْرًا، ونَذَرْتُ مالي أَنْذُرُهُ نَذْرًا. وفعلُهُ: نَذَرَ ـ بالفَتْحِ، يَنْذُرُ ويُنْذِرُ: بالكَسْرِ والضَّمِّ في المُضارِعِ، يُقال: نَذَرَ فهو ناذِرٌ، قالَ عَنْتَرَةُ:
الشاتِمَيْ عِرْضي ولَمْ أَشْتُمهما ........... والنَّاذِرَيْنِ إذا لَم أَلْقَهُما دَمِي
وَقَدْ عَرَفَتِ الْعَرَبُ النَّذْرَ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَدْ نَذَرَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ إِنْ رُزِقَ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ لَيَذْبَحَنَّ عَاشِرَهُمْ قُرْبَانًا لِلْكَعْبَةِ، وَكَانَ ابْنُهُ الْعَاشِرُ هُوَ عَبْدَ اللهِ، ثَانِيَ الذَّبِيحَيْنِ، وَأَكْرِمْ بِهَا مَزِيَّةً، وَنَذَرَتْ نَتِيلَةُ زَوْجُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمَّا افْتَقَدَتِ ابْنَهَا الْعَبَّاسَ عندما كانَ صَغِيراً أَنْ تَكْسُوَ الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ إِنْ وَجَدَتْهُ فَفَعَلَتْ. وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ كَسَا الْكَعْبَةَ الدِّيبَاجَ.
وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَالَ: ((أَوْفِ بِنَذْرِكَ)). صحيح البخاري برقم: (6314 و 6315).
وَقد كَانَ النَّذْرُ فِي الْأُمَمِ السالِفَةِ، فَقَدْ حَكَى اللهُ تعالى ذلك عَنِ امْرَأَةِ عِمْرَانَ فقال في الآية: 35 من سورة آل عمرَان: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}.
قوله: { فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ} قال مُجاهدٌ ـ رضي اللهُ عنهُ: يُحْصيهِ، أَخْرَجَهُ عنهُ عَبْدُ ابْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبي حَاتِم عَنْ مُجَاهِدٍ. وقالَ الزَّجَّاجُ: يُجازي عَلَيْهِ.
يُخبِرُ ـ سُبْحانَه، بِأَنَّهُ عالمٌ بِجميعِ ما يَفْعَلُهُ عبادُه مِنَ النَفَقاتِ في الخيراتِ والمنْذوراتِ، ويَتَضَمَّنُ هذا البيانُ مجازاتَهِ العاملين ابْتِغاءَ وَجْهِهِ، ورَجاءَ مَوْعودِهِ أَوْفرَ الجَزاء ِ على ذلكَ، فهو كنايةٌ عن مُجازاتِه ـ سبحانَه ـ عل العملِ وإلَّا فَهْوَ مَعْلومٌ.
وقولهُ: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار} قالَ مُقاتِل: المُرادُ بالظالمينَ، المُشْرِكونَ، وقالَ أَبو سُلَيْمانَ الدِمَشْقِيُّ: المُرادُ المُنْفِقونَ بالمَنِّ والأَذَى والرياء، والنْاذِرونَ بِما فيهِ مَعْصِيَةٌ للهِ تعالى. وأَخرْجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ القاضي شُرَيْحٍ أنَّهُ قَالَ: الظَّالِم ينْتَظر الْعقُوبَةَ والمَظْلومُ يَنْتَظِرُ النَّصْرَ.
وأَنْصارُ الرجُلِ: هم حُماتُهُ ومانعوهُ من الناسِ. والمعنى: أنَّهُ مالِ للظالمينَ مانِعٌ يَمْنَعُهم مِنْ عَذابِ اللهِ. وفيهِ وَعيدٌ لِمَنْ يُخالِفُ أَمْرَهُ تعالى ويكذِّبَ خَبَرَهُ، ولا يَعْمَلُ بِطاعَتِهِ، ويَعبُدَ مَعَهَ غَيْرَهُ، بِأَشَدِّ العذابِ وشَرِّ العِقابِ. و "الظالمين" هُنا هُمُ الواضعون الأشياءَ في غَيْرِ مَواضِعِها التي يَجِبُ أَنْ تُوضَعَ فيها، فيَشْمَلُ المُنْفقين بالرِّياءِ والمَنِّ والأَذَى والمُتَحرِّينَ للخَبيثِ في الإنْفاقِ إذا ما أنفقوا، والمنفقين في الباطلِ، والناذرين في المعصيَة، والمُمْتَنِعينَ عنْ أَداءِ ما نَذَروهُ في حَقٍّ، والباخلين بالصَدَقَةِ مِنْ فضلِه تَعالى الذي آتاهمُ إيَّاهُ. وال "أَنْصَار" أي أعوان يَنصُرونَه مِنْ بأسِ اللهِ تعالى لا شفاعةً ولا مُدافعةً.
وقد توعَّدَ اللهُ تعالى الظالمين بالعذابِ الشديدِ، وحذَّرَ مِنْهُ رَسُولُ الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فقالَ: ((الظُّلمُ ظُلُماتٌ يَوْمَ الْقِيَامَة)) وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.
وَأخرج الأئمَّةُ: البُخَارِيُّ فِي كتابِ الْأَدَبِ المُفْرَدِ، وَمُسْلِمٌ في الصحيحِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمانِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُول اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ، قَالَ: ((اتَّقوا الظُّلم فَإِن الظُّلم ظُلُماتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قبلَكُمْ، حَمَلَهمْ على أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ)) أَخْرَجَهُ الإمامُان مُسلِمٌ في البِرِّ والصِلَةِ والآدَابِ، بابِ تحريمِ الظُلْمِ من صحيحِهِ بِرَقَم: (2578، 4/1996)، والبَغَوِيُّ في كتابِهِ شَرحِ السُنَّةِ: 14/357، كما أَخرجَهُ غيرهم.
وَأخرج البُخَارِيُّ فِي الْأَدَب برقم: (483)، وَابْنُ حبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإيمانِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رضي اللهُ عنه، عن النَّبِيِّ ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنَّه قَالَ: ((إيَّاكُمْ وَالظُّلمُ فَإِنَّ الظُّلمَ هُوَ الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَة وَإِيَّاكُم وَالْفُحْشُ فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبًّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ، وَإِيَّاكُم وَالشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ دَعَا مَنْ كَانَ قبلكُمْ فسَفَكوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهمْ وَقَطعُوا أَرحامَهم)). وأخرجه الإمامُ أحمد: (3/323، برقم: 14515)، وعَبدُ بْنُ حُمَيْدٍ برقم: (1143) ومسلم: (8/18، رقم: 6668).
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشُّعَبِ عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِيَّاكُمْ والظُّلمَ فَإِنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِيَّاكُم وَالْفُحْشَ والتَفَحُّشَ، وَإِيَّاكُم وَالشُّح فَإِنَّمَا هَلَكَ مِنَ كَانَ قبلكُمْ بالشُّحِ، أَمَرَهمْ بالقَطيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهمْ بالبُخلِ فبَخِلوا، وَأمرهمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا)). ورواه أيضًا الإمامُ أحمد في مُسْنَدِه: (2/159، رقم: 6487)، ورَوَاهُ أيضًا أَبُو دَوادَ في السُّنَنِ برقم: (1698)، وابنُ حِبَّانَ في صَحيحِهِ برقم: (1580) وغيرُهم.
وَأخرج الطَّبَرَانِيُّ في جامعِهِ الكبيرِ: (22/204، رقم: 538)، وفي الأَوْسَطِ: (1/197، رقم: 629) عَنِ الهِرْماسِ بْنِ زِيَادٍ ـ رضي اللهُ عنه، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى نَاقَتِهِ فَقَالَ: ((إيَّاكُمْ والخِيانَةَ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ البِطانَةُ، وَإِيَّاكُم وَالظُّلم فَإِنَّهُ ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَإِيَّاكُم وَالشح فَإِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ الشُّح حَتَّى سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَقَطعُوا أرحامهم)). وَأخرج الْأَصْبَهَانِيُّ مثلَهُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رضي اللهُ عنه. قالَ ابنُ حَجَرٍ الهَيْثَمِىيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ: (5/235): فيهِ عبدُ اللهِ بْنُ عبدِ الرَّحمنِ بْنِ مليحة، وهوَ ضعيف. وقالَ العلَّامةُ المُنْذِرِيُّ ـ رَحِمَهُ اللهُ: (3/127): لَهُ شَواهِدُ كَثيرَةٌ.
وَأخرج الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لَا تَظْلِمُوا فَتَدْعُوا فَلَا يُسْتَجَابُ لَكم، وتَسْتَسْقُوا فَلَا تُسْقَوْا، وتَسْتَنْصِروا فَلَا تُنْصَرُوا)).
وَقد دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَرَجَاءِ ثَوَابِهِ، لِعَطْفِهِ عَلَى مَا هُوَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ سَوَاءٌ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا أَمْ مُعَلَّقًا، لِأَنَّ الْآيَةَ أَطْلَقَتْ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ تعالى: "فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ" مُرَادٌ بِهِ الْوَعْدُ بِالثَّوَابِ.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهمْ جَميعًا، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الشَّحِيحِ)). صحيحُ مسلم: (1639). وأخرجه أيضًا عنِ ابنِ عمرَ الإمامُ أَحمدُ، والحاكمُ، وقال العلامَةُ المَنَاويُّ: إسنادُ جَيِّدٌ.
ومَنْ نَذَرَ نذرًا فيه طاعةٌ للهِ تَعالى نَفَّذَهُ وأَتَمَّهُ، ومَنْ نَذَرَ نَذْرًا فيما لا يَمْلُكُ، أَوْ كانَ فيهِ مشقَّةٌ لنفسِهِ، أَو مَعْصِيَةٌ للهِ تَراجَعَ عَنْ نَذْرِهَ وكفَّرَ عَنْهُ كَما لَوْ أَنَّهُ حَنَثَ بِيَمينٍ. فقدْ وَأخرج ابْنُ أبي شَيْبَةَ وَمُسلمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ ماجةَ عَن عمرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ـ رضي اللهُ عنه، قَالَ: أُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فأُصيبَتِ العَضْباءُ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثمَّ زَجَرَتْها فَانْطَلَقَتْ، ونَذَرَتْ إِنْ نَجَّاها اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّها. فَلَمَّا قدِمَتْ الْمَدِينَة، رَآهَا النَّاسُ فَقَالُوا: العضباءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلمَ، فَقَالَت: إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاها اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّها فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: ((سُبْحَانَ اللهِ، بِئْسَ مَا جَزَتْها. نَذَرَتْ للهِ إِنْ نَجَّاها اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّها! لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلُكُ العَبْدُ)). ورواهُ مُسلمٌ في الصَّحيحِ عَن اسحاقَ بْنِ إبراهيمَ، السُنَنُ الكُبْرَى للبَيْهَقِيِّ: (9/109).
وأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسلمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى شَيْخًا يُهادى بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ: ((مَا بَالُ هَذَا؟)) قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشي إِلَى الْكَعْبَةِ. قَالَ: ((إِنَّ اللهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ)) وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. صحيحُ البُخاري: (6701)، وصحيح مسلم: (1642)، فلم يَرَ لَهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، قُرْبَةً في الطوافِ ماشيًا مَعَ عَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَن ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما، أَنَّ أُخْتَ عُقبَةَ ابْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، وأَنَّها لَا تُطِيقُ ذَلِك، فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلَّم: ((إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ مَشْيِ أُخْتِكَ فَلْتَرْكَبْ، ولْتُهْدِ بَدَنَةً)). رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ: قَالَ الْحَافِظُ فِي "التَّلْخِيصِ": إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَأَخرج مَالكٌ وَابْنُ أَبي شَيْبَةَ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ ماجةَ عَنْ السيِّدةِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِيهِ)).
وأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ ماجةَ عن السيِّدةِ عائشةَ أمِّ المؤمنين ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَّةٍ، وكَفَّارَتُه كَفَّارَةُ يَمِينٍ)). صَحيحِ سُنَنِ التِرْمِذِيِّ: (1524). وصَحيحُ سُنَنِ النَّسائيِّ: (3835). وصحيحُ سُنَنِ أَبي داودَ: (3290). وصحيح سُنَنِ ابْنِ ماجَةَ: (2125).
وَأَخرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ ماجةَ عَن عُقبَةَ بْن ِعَامِرٍ ـ رضي اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذا لم يُسَم َّكَفَّارَةُ الْيَمينِ)). أخرجهُ الأئمَّةُ: أَحمدُ: (4/144، رقم: 17339)، ومسلم: (3/1265، رقم: 1645)، والترمذيُّ: (4/106، رقم: 1528)، وقال: حَسَنٌ صَحيحٌ غريبٌ. وأخرجه أيضًا النَّسائيُّ: (7/26، رقم: 3832). والطبرانيُّ: (17/273، رقم: 747)، وأَبو عُوانَةَ: (4/15، رقم: 5862)، والبَيْهقيُّ في الشُّعبِ: (10/45، رقم: 19697)، والطَّحَاوِيُّ في مشكلِ الآثار: (3/130).
وَأخرج عبدُ الرَّزَّاقِ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ الطُّفَيْلِ، وَهُوَ ابْنُ أَخي السيِّدةِ عَائِشَةَ لأُمِّها، أَنَّ أُمَّ المؤمنينَ السيِّدةَ عائشةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حَدَّثتْ: أَنَّ ابْنَ أُخْتِها عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ـ رضي اللهُ عنهما، قَالَ فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ ـ رَضِيَ اللهُ عنها: وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: أَهُوَ قَالَ هَذَا قَالُوا نَعَمْ قَالَتْ: هُوَ للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا. فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حِينَ طَالَتْ الْهِجْرَةُ فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا، وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَقَالَ لَهُمَا أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَإِنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى السيدةِ عَائِشَةَ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ: ادْخُلُوا. قَالُوا كُلُّنَا؟ قَالَتْ: نَعَم، ادْخُلُوا كُلُّكُمْ. وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ فَاعْتَنَقَ السيدةَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي وَطَفِقَ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إِلَّا مَا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولَانِ إِنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنْ الْهِجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ. فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيها مِنْ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ، طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا نَذْرَهَا وَتَبْكِي وَتَقُولُ: إِنِّي نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ. فَلَمْ يَزَالَا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها وأَرْضاها. صحيحُ البُخاريِّ: (5725).
قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ} الواوُ: عاطفةٌ أو اسْتِئْنافِيَّةٌ، و "ما" شَرْطِيَّةٌ مبنيَّةٌ على السكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على أَنَّهُ مفعولٌ به مُقَدَّمٌ وُجُوبًا، أَوْ هي اسمٌ موصولٌ في مَحَلِّ الرَفعِ بالابتداء. و "أَنْفَقْتُمْ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ هوَ تاءُ الفاعلِ، في محلِّ جزمِ فعلِ الشَّرْطِ، وتاءُ الفاعلِ ضميرٌ متَّصلٌ مَبْنِيٌّ على الضَمِّ في محلِّ رفعِ فاعِلٍ، والميمُ علامةُ الجمعِ المذكَّر، و "مِنْ نَفَقَةٍ" جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بِالفعلِ "أَنْفَق" أَوْ يتعلَّقُ بمَحذوفِ حالٍ مِنْ "ما" تقديرُهُ: حالَ كَونِهِ كائِنًا مِنْ نَفَقَةٍ.
قولُهُ: {أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ} أَوْ: حَرْفُ عَطْفٍ وتَنْويعٍ و "نَذَرْتُمْ" فعلٌ مجزومٌ عطفًا عَلَى "أَنْفَقْتُمْ" وفاعِلُهُ. و "مِنْ نَذْرٍ" مُتَعَلِّقٌ بِـ "نَذَرْتُمْ". أَوْ يتعلَّقُ بمَحذوفِ حالٍ مِنْ "ما" تقديرُهُ: حالَ كَونِهِ كائِنًا مِنْ نَذْرٍ. وفي قولِهِ: "مِنْ نَذْرٍ" دَلالَةٌ عَلَى حَذْفِ مَوْصولٍ قَبْلَ قولِهِ: "نَذَرْتُمْ" والتَقْديرُ. أَوْ مَا نَذَرْتم مِنْ نَذْرٍ؛ لأَنَّ "مِنْ نَذْرٍ" تَفْسيرٌ وتَوضيحٌ لِذَلِكَ المَحذوفِ، وقد حُذِفَ للعِلْمِ بِهِ، ولِدَلالَةِ "ما" في قولِهِ: "وَمَا أَنْفَقْتُمْ" عليه؛ كَمَا حُذِفَ في قولِ حَسَّانٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
أَمَنْ يَهْجُوْ رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ ................. وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهْ سَوَاءُ؟!
قولُهُ: {فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ} الفاءُ رابِطَةٌ لِجَوابِ "ما" الشَرْطِيَّةِ وُجُوبًا أَوْ رابِطَةٌ للخَبَرِ بالمُبْتَدَأِ جَوازًا، و "إنَّ" حَرْفُ نَصْبٍ وتوكيدٍ مشبَّهٌ بالفعلِ "اللهَ" اسْمُها مَنْصوبٌ بِها، و "يَعْلَمُهُ" فعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِه مِنَ النَّاصِبِ والجازمِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلى اللهِ تعالى، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذه في مَحَلِّ رَفْعِ خَبَرِ "إنَّ" وجُمْلَةُ "إنَّ" مِنِ اسْمِها وخَبَرِها في مَحَلِّ الجَزْمِ جَوابًا ل "ما" الشَرْطِيَّةِ، أَوْ في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرًا للمُبْتَدَأِ، وجُمْلَةُ "ما" الشَرْطِيَّةِ، أَوْ جُمْلَةُ المُبْتَدَأِ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قولُهُ: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} الواو: اسْتِئْنافِيَّةٌ، و "ما" نافيَةٌ لا عملَ لها. و "لِلظَّالِمِينَ" جارٌّ ومَجرورٌ في محلِّ رفعِ خبرٍ مُقَدَّمٍ، وعلامةُ الجرِّ الياء لأنَّهُ جمع المذكَّرِ السالمُ، والنونُ عوضٌ عن التنوينِ في الاسْمِ المفردِ. و "مِنْ أَنْصَارٍ" مِنْ: حرفُ جرٍّ زائدٍ، و "أَنْصَارٍ" مجرورٌ لفظًا بحرفِ الجرِّ الزائدِ، مرفوعٌ محلًا على أنَّهُ مبتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، والتَقديرُ: وما أَنْصارٌ كائنونَ للظالمين، والجُمْلَةُ الإسْمِيَّةُ هذه مُستأنفةٌ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 270
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: