عملية سيناء في حضرة الفيسبوك الأحد 26 أغسطس 2012 كثيرة هي الصولات
والجولات في حنايا وثنايا جمهورية “فيسبوك” الشعبية، واكثرها زخماً وحضوراً
عملية سيناء، حيث احتلت عبر شواهدها التحليلية كل اروقة الجمهورية بالدفاع
والهجوم والاستنكار والتبرير.
اثناء جلوسي في احد مقاهي الحوار “المتفسبكة” طرحت سؤالاً عن مدى تأثر
العلاقة المصرية الفلسطينية جراء هذه العملية، فانتقلت من حائط الجمهورية
العام (Wall) الى قسم الخصوصية (Chat)، لتدور محادثة بيني وبين الدكتور
حذيفة الخطيب أستاذ الحديث الشريف في جامعة حران التركية، موضحاً لي أن من
وجه التهمة إلى غزة ليس الرئيس مرسي، وإنما فلول النظام السابق، والعلاقة
بين مصر وغزة تتربع على قاعدة قوية ومتينة،،، ولن يستطيع أي احد المساس
بتلك القاعدة. اخذت اتجول في شوارع وساحات حائط الجمهورية لعل وعسى اجد
صديقاً اتحدث معه حول الحدود الشائكة لحادثة سيناء، فعلى ما يبدو ان مساحة
الفيسبوك اكبر من مساحة كامب ديفيد وقواتها الدولية.
فجأة،، وإذ بالكاتب والمحلل السياسي محمد الافرنجي هو الآخر يبحث عني ليقول
لي: نحن احوج لان تحترم انسانيتنا بدلا من احترام اي اتفاقيات اخرى سواء
كانت مع “الاحتلال الاسرائيلي” او غيره،،، ولكن على ما يبدو ان قضيتنا
ستبقى معلقة وسيستمر الجميع بالمد والجزر.
استدار الافرنجي على الجهة اليمنى من الحائط واخذ ينظر الى الشعارات والوان
قوس قزح وهو يقول: لا تنظر الى القضية اقليمياً، بل انظر اليها من زاوية
“من يحكم العالم؟”، حيث لا يستطيع الاخوان او غيرهم ان يكونوا في مواجهة
امريكا واسرائيل، والا ستكون المعادلة مشابهة لدولة التدويل والمداولة،
ولا تتصور ان ما حدث في سيناء خارج نطاق المؤامرة لضرب اربعة عصافير بحجر
واحد!.
استدار الافرنجي مرة اخرى على الجهة اليسرى من الحائط “المتفسبك” وقال:
العلاقة بين مصر وغزة ستعود الى الهدوء خلال فترة وجيزة حينما تتضح معالم
سريالية المؤامرة، واعتقد حينها سيكون الامر افضل مما هو الحال عليه،
خصوصاً بعد هدم الانفاق التي تربط غزة بمصر والتي تستخدم في ادخال كافة
احتياجات القطاع من المواد الغذائية، ولن يكون الامر بعيدا عن انشاء منطقة
تجارة حرة بين الطرفين. عدت مرة اخرى الى القهوة وطلبت “اضافة صديق+”، ورُب
صدفة خير من الف ميعاد، الاستاذ عبد القادر الاسود عضو اتحاد الكتاب
العرب، ورئيس اتحاد الكتاب في محافظة ادلب السورية سابقاً يقبل دعوتي
للجلوس معاً على طاولة تتنزين بالقهوة والشاي.
وعلى الفور قال لي: دعك من كل المقدمات والخاتمات واسئلتك الطويلة، فانا لا
أعتقد أن من قام بهذا العمل له أي ارتباط بأبناء غزة هاشم، ولا أستبعد أن
يكون هذا الاعتماد من عمل الموساد الإسرائيلي مباشرة أو بالوساطة، ويجب ألا
ننسى أنه ما زال لإسرائيل سفارة وعملاء كثر في مصر. أما العلاقة
المستقبلية بين غزة ومصر فيجب ألا تتأثر بعوامل التناقض.
وبعد دقائق من جلوسي مع ابن ادلب السورية رأيت شخصاً انيقاً يسير في شوارع
حائط الجمهورية، فدعوته للجلوس معنا فلبّى الدعوة،،، اخذ يعرف بنفسه: انا
المحامي اشرف الدقامسه من الاردن، اتكلم اللغة العربية والفيسبوكية، وكذلك
اعرف سؤالك المنتشر في اروقة احياء وشوارع وقرى وبلدات ومدن جمهوريتنا.
اذن، انت تحمل في جعبتك اجوبة على سؤالي،،، اجاب قائلاً: المتضرر مما حدث
هو الشعب العربي الفلسطيني المحاصر، وما يجري انما هو تأكيد لتثبيت الحصار،
وكان الاولى بالحكومة المصرية ضبط النفس وان لا تنساق وراء مجموعة مسلحة
هدفها ايجاد ذريعة لتشديد الحصار على الفلسطينيين، الا ان الذي اثر في
قرارة نفسي هو تمزيق الكوفية الفلسطينية على يد بعض الغاضبين من الشعب
المصري، وكأنهم لا يعرفون ان القضيه الفلسطينيه ستبقى مركزية للعرب كافة.
لم اكن اتوقع ان يمر الوقت بسرعة ونحن في ضيافة جمهورية الفيسبوك، فالساعة
تعادل دقيقة من الزمن ونحن في ضيافتها،،، الساعة الآن الرابعة عصراً،
استأذنت ضيوفي وذهبت اتجول في ربوعها، فالصدفة من مزايا هذا الوطن
“المتفسبك” وكأن معالمه تدعوني مرة اخرى الى حائطه.... الـ(Chat) يلاحقني
من جديد، الطالبة سماح غنيم، تدرس العلوم السياسية في جامعة القدس
الفلسطينية، ارسلت لي (Message) تقول فيه: العملية واضحة المعالم وظاهرة
للعقل، ويراد منها بعثرة الاوراق وخلطها، والمستفيد من ذلك هي اسرائيل.
كذلك لم اكن اتوقع ان يخرج عليَّ قسم الـ(Chat) باسلوب جغرافي يحاورني بين
ممرات فقه الجغرافيا وجدلية الحدود السريالية، الطالب خالد وليد غنيم، يدرس
الجغرافيا الاقليمية والسكانية في ذات الجامعة التي تدرس فيها سماح، ،،،
فقد حاورني باسلوب جغرافي واضح المقاييس والمعايير، حيث قال: وقوع العملية
على الحدود الاقليمية لاسرائيل مع مصر تؤكد ان اسرائيل تسعى الى صوغ
اتفاقيات اقليمية جديدة تضمن لها الاستقرار، لانها تعاني من عسر هضم في
حدودها الاقليمية، ما يلزمها وصفة جغرافية جديدة لضمان امنها المستقبلي.
اخذت ابحث عن جواز سفري للخروج من جمهورية “فيسبوك” الشعبية، فلم اجده،
ولكنني تذكرت ان هذا الوطن (Facebook) لا يحتاج الى تلك البطاقة للدخول
والخروج منه.