عبيرُ حِراء
عَبَقٌ تَضَوَّعَ من عَبيرِ(حِراءِ)
وسَرى يَلُفُّ الكونَ بالسراءِ
لا المِسْكُ في عِطْفِ النسيمِ بلُطفِهِ
طيباً ولا ما رَقَّ من أشْذاءِ
حَمَلَ الهدى وسرى تَحُفُّ به المنى
(جبريـلُ) جاء بها نَدى الأنداءِ
هَبَطَ الأَمينُ على الأَمينِ يضُمُّهُ
بَشِّرْ بها عُلْوِيَّةَ السيمَــــــــاءِ
بُشْرى بها سُرَّ الوُجودُ بأسرِهِ
مِسْكَ الخِتامِ أدِرْ (أبا الزهـراءِ)
رَقَـصَتْ لها وديانُ(مَكَّـــةَ)بهجَةً
وجَبالُها والرملُ في البيداءِ
فَغَداً يُضيءُ النورُ في آفاقِها
فَجْراً يَشُقُّ غَـياهِبَ الظَلْمَاءِ
نورٌ بِهِ تُجلى البصائرُ والنُهى
فإذا الحقائقُ دونَما إخْفاءِ
فَغَداً سَـتَنْعَمُ بالنَدى(أمُّ القُرى)
وتَعيشُ في بُحْبوحةٍ ورَخاءِ
سـَتَؤمُّها من كلِّ صَوْبٍ أنفُسٌ
ولْهى بحُبِّ (الكَـعْـبَـةِ)السَمْراءِ
ظَمْأى تَهيمُ برَشْفَةٍ من(زمزمٍ)
تُطفي الجوى،يا طيبَهُ مِن ماءِ
وتُقَبِّل(الحَجَـرَ) السَعيدَ وتَنْثَني
نَشْوى بكأسِ الخُلْدِ لا الصَهْباءِ
***
هي دعوةٌ رَفَعَ(الخليلُ) أَكُفَّهُ
ورَجا الكريمَ مُجيبَ كلِّ دُعاءِ
أَبْشِرْ خليلَ اللهِ ها قد أثْمَرَتْ
دَعَواتُكَ الخَضِراتُ بالخَضِراءِ
هذا( محـمَّدُ)قـد أتى بمَحِجَّةٍ
ورسالةٍ قُدْسِيَّةٍ بيْضاءِ
وغداً سَتَخفُقُ في الذرا راياتُها
وعلى العِرابِ فَوارسُ الهيجاءِ
أين العُروشُ؟ ازَّلْزَلت أركانُها
أين القِلاعُ؟ تَحَوّلتْ لِهَباءِ
لم يَبْقَ في الدنْيا ظَلومٌ غاشِمٌ
بَطِرٌ يَسوسُ الناسَ بالَّلأْواء
مُتَكَبِّرٌ لا يَهتَدي بِشريعةٍ
مُتَجَبرٌ لا يَرْعَوي لِنِداءِ
***
عَـبَقٌ تَغَشّى الكائناتِ أريجُهُ
في خيرِ شَهرٍ عند ذي الآلاءِ
خيرَ الشُهورِ،وكم أتيتَ مُحَمَّلاً
بالـبِرِّ،بالخيراتِ،بالنَعْماءِ
بالنصرِ،بالفتحِ العظيمِ بمِنْعةٍ
للمُؤمنينَ وعِزَّةٍ قَعْساءِ
يا سَـيدَ الأَزمانِ،حَسْبُكَ رِفْعَةً
بين الشهورِ إغاثةُ الضُعَفاءِ
حُبُّ التَسَلُّطِ في النفوسِ طبيعةٌ
إنْ لم يُرَوِّضْها نظامُ إخاءِ
فالأرضُ،كلُّ الأرضِ،كانت غابةً
والعينُ مُغْمَضَةٌ على الأقْذاءِ
تَركوا تعاليمَ السَمَاءِ وبَدَّلوا
أَحكامَها غَـيّاً بِلا استِحْياءِ
يستعبدون البائسين،فويلَهم
من ثورةِ الضُعَفاءِ والبؤساءِ
جاء النبيُّ ففُتِّحتْ أجفانُهم
وجَلا سبيلَ الرُشْدِ،أَيَّ جَلاءِ
وتَجَمَّع المُسْتَضْعَفون،إذا بهم
أهلُ الريادةِ سادةُ الصحراءِ
رُسُـلَ الحضارةِ،أصبحوا،وبُناتَها
أكْرِمْ بخيرِ مُعلِّمٍ بَنّاءِ
صَقَلَ النبيُّ نُفوسَهم وأعَدَّهم
فَمَضَوْا بموكِبِ فجرِها الوَضّاءِ
حتى استنار الكونُ من لألائها
يا حُسنَهُ من ساطِعٍ لألاءِ
لولاهُ (أوْرُبّا)) تَأَبَّدَ ليلُها
والأرضُ قُطْعانٌ من الدَهْماءِ
لكنّها نُعْمَى السماءِ على الورى
وعِنايةٌ من مُوجِدِ الأشياءِ
شِدْنا بـ(أندلسٍ)مَناراتِ الهُدى
فا سْتَخْرَجَتْهم من جُحورِ عَمَاءِ
لمناهلِ العِرْفانِ،حيثُ تَفَجَّرتْ
وجَرى زُلالُ العِلمِ في الأَرجاءِ
نحن الأولى جاؤوا الأساسَ فشيَّدوا
أركانَ صَرحِ حضارةٍ شَمّاءِ
فتَفَيَّاَ الغَربُ الظِلالَ وتابعوا
خُطْواتِنا فسَمَوا على الجوزاءِ
***
وتَداولُ الأيامِ سُنَّةُ ربِّنا
إرثٌ من الآباءِ للأبناءِ
والناسُ في شرعِ المهيْمِنِ أُسرةٌ
كُبرى،وجسمٌ كاملُ الأعضاءِ
لولا تَحَكَّمَتِ العداوةُ فيهمُ
بتصارُعِ الأطْمَاعِ والأهواءِ
لَتَوحَّدوا؛فالأصلُ منهم واحدٌ
والفَرْقُ في الأَلوانِ والأسْمَاءِ