أقطاب المؤامرة يكشفون خيوطها
يوماً بعد يوم تتكشَّف خطوط المؤامرة على يد أقطابها ، بالأمس كان الحشد الطائفي على الشعب السوري يرفع يافطة الدفاع عن النهج المقاوم والممانع لأنه يتعرض إلى مؤامرة إسرائيلية أمريكية ، لضرب محور الممانعة في منتصفه ، وانطلت هذه الفرية على الكثيرين من المغفلين أو البهاليل ـ إذا أحسنا الظن ـ وكأن الشعب السوري ضد المقاومة والممانعة ، متناسين تاريخ هذا الشعب الأعلى وطنية وأكثر تضحية في سبيل نصرة الحق ودحر المحتلين ، وإن كل ما أراده يوم قام باحتجاجاته ، هو الانتصار لكرامته المداسة من بعض رموز النظام ، ووضع حد للفساد الذي وعد الرئيس بمكافحته منذ أكثر من عشر سنين ولم يزد هذا الفساد إلاّ تغوّلاً . لكن الحشد الطائفي الذي تم عليه لإسكاته والجرائم التي لم تعرف البشرية لها نظيراً ، فتحت عيونه على حقيقة هؤلاء الذين يحكمونه منذ أكثر من أربعين عاماً تحت راية الوحدة الوطنية والإخاء اليعربي ونبذ العصبيات المذهبية والطائفية .
فجأة اكتشف الشعب كله أنه إنما يحكم بنظام طائفي متعصب تعصباً أعمى حين انبرى رافضة المنطقة كلّهم لقتله وإذلاله وإهانته ، وعندها أيقن بأن ما بين دفتي كتب هؤلاء الرافضة ، ليس كلاماً لا معنى له ، وأنهم فعلاً يؤمنون بهذا الكلام ويسعون إلى تطبيقه على أرض الواقع ، فتكشفت له بعض خيوط تلك المؤامرة .
ثم وقفت روسيا مواقفها المعروفة بحجة الحفاظ على النظام الوطني والوفاء بالمعاهدات ، إلى آخر ما هنالك من حجج ملفقة ، في حين كانت مواقف الدول الغربية الأخرى ـ التي تنصّب من نفسها مدافعاً عن الديموقراطية وحامياً لها ـ مواقف مريبة ذكرتني بشجار نشب يوماً بين اثنين عندما كنّا صغاراً ، ودخل بينهما قريب لأحد الخصمين ـ بحجة الفصل بينهما ـ فأمسك بالآخر ، وقريبه ينهال عليه لكماً ركلاً ، وهو يصيح به أن لا يفعل ويشير له بيده أن تابع ..
هكذا كان موقف الغرب كلّه ، أضف إلى ذلك أصوات النشاز التي كانت تنطلق بين الحين والحين من هنا وهناك ، تارة من البطرك الراعي ، وتارة من الجنرال عون وتياره و ..... وأخذت خيوط المؤامرة تتكشف يوماً بعد يوم ، حتى خرج علينا بالأمس لافروف وزير خارجية روسيا بتصريحه الصريح ، أنهم ضد قيام دولة سنيّة في سوريا ....
إذاً هي مؤامرة محكمة ضد الأكثرية السنية في سوريا لتبقى محكومة من قبل الأقليّة ، وهو تحالف بين تلك الأقليات التي لا يجمع بينها سوى عداؤها للأكثرية السنية .
ونحن الذين نسينا سنيَّتنا عقودَ طويلةً مادّين يدَنا للجميع بإخلاص وتفان مخدوعين تارة بشعارات الاشتراكية ، وتارة بشعارات العلمانيّة ، وتارة بالأخوة العربيّة ، وأخرى بالوحدة الوطنية ، وإذا بكل هذه الشعارات تسقط دفعة واحدة ، ويتبين الشعب أنها شعارات زائفة لاستغفاله وخديعته والمكر به.
وكما ذكرنا في مقالنا بالأمس ، حتى ميشيل كيلو الشيوعي العلماني والذي عانى الكثير من عسف هذا النظام وجوره ، يريد من حسن نصر الله أن يضحي ببشار الأسد لينقذ النظام الطائفي ، كما رأينا برهان غليون العلماني الذي لم نرَ وجهَه ولا سمعنا صوتَه ، ولا لمسنا له ، أو لمجلسه ، أثراً في نصرة شعبه منذ شهور ، بل سمعنا منه مواقف مخزية من تسليح الثورة لتدفع عن نفسها القتل والاغتصاب والدمار ، ظهر البارحة على شاشة الأورينت ، بعد أن سمع هتافات الشارع ضدّه وأحسّ بأن الأمور ستخرج من يده ، ليقول بأنّه يعمل على استدرار عواطف المانحين ليؤمن مساعدات غذائية وطبية وإنسانية ، متزامناً بذلك مع تصريحات لا فروف بأنه سيرسل المساعدات الإنسانية أيضاً ، فهل الشعب السوري بحاجة إلى الغذاء أم إلى وقف آلة القتل والدمار؟ وهل سيخدع الشعب بهؤلاء من جديد ؟؟؟؟؟
أخيراً أقول لكل أولئك الطائفيين ومن يدعمهم ، هل ترضى إيران بأن تحكمها الأقلية العربية السنية في بلادها ؟ أم هل ترضى موسكو أن تحكم بالأقلية السنية الشيشانية ؟؟