الموسوعةُ القُرآنيَّةُ فيضُ العليمِ مِنْ مَعاني الذكرِ الحكيم
نأليف: عبد القادر الأسود
الجزء: 18
المُجَلَّد: 36
سورةُ النُّور الآيةَ: 64
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
(64)
قوْلُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} مِنَ الْمَوْجُوداتِ جميعِهَا إِنْ مِنْ حَيْثُ الْخَلْقِ بِدْءً وَإِعادَةً، إِيجادًا وَإِعْدامًا، وَإنْ مِنْ حَيْثُ الْمُلْكِ وَالتَّصَرُّف، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ للهِ وَحْدَهُ، لَا شَريكَ لَهُ.
قوْلُهُ: {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} مِنَ أَحْوالِكُمْ ـ أَيُّهَا الْمُكَلَّفُونَ، وَأَوْضَاعِكُمُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا مُوَافَقَتُكُمْ للهِ وَرَسُولِهِ وَمُخالَفَتُكمْ لَهُمَا، وَإِخْلَاصُكُمْ الإِمانَ والعَمَلَ الصَّالِحَ للهِ ـ تَعَالى، وَيَعْلمُ كَذَلِكَ نِفاقَ مَنْ نافَقَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ، وَسَيُجَازِيكُمْ بِهِ، كُلٌّ بِمَا قَدَّمَ. فَهُوَ عَالِمٌ بِهِ مُشَاهِدٌ لَهُ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ، كَمَا قَالَ مِنْ سُورةِ مِنْ سورةِ الآنْعام: {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ} الآيةَ: (59)، وكما قالَ مِنْ سُورةِ يُونُسَ ـ علَيْهِ السَّلامُ: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ} الآيةَ: (61)، وَقَالَ مِنْ سُورَةِ هودٍ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ} الآيةَ: (5)، ثمَّ قَالَ في الآيةِ: (6) منها: {وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ}، وَكَمَا قَالَ في الآيَةِ: (10) مِنْ سورةِ الرَّعْدِ: {أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ}، ثمَّ قَالَ في الآيةِ: (33) مِنْها: {سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ}، وَكَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ السَّجْدَةِ: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} إِلَى أَنْ قَال: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الآيَاتِ: (217 ـ 220)، أَيْ أَنَّهُ ـ سُبْحانَهُ، شَهِيدٌ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا هُمْ فَاعِلُونَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قالَ فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" الْآيَةَ. قَالَ: مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ عَلَى أَمْرٍ، وَلَا عَلَى حَالٍ، إِلَّا كانُوا بِعَينِ اللهِ، وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ شَاهِدٌ مِنْ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ. وأخرجَهُ ابْنُ أَبي حاتِمٍ في تفسيرِهِ: (8/2658). وَالْآيَاتُ الكَريمةُ، وَالْأَحَادِيثُ الشَّريفةُ الواردَةُ فِي هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَةٌ جِدًّا يَصْعُبُ حَصْرُها.
وَالْفِعْلُ الْمُضارعُ "يَعْلَمُ" هُوَ هُنَا بِمَعْنَى الفِعْلِ الْمَاضِي "عَلِمَ"، في تَحَقُّقِهِ وَثُبُوتِ حُصُولِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنْ ذَكَرْنا فِي تَفْسيرِ الْآيَةِ الَّتي قَبْلَهَا أَنَّ "قَدْ" مَعَ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ تَدُلُّ عَلَى التَّقْلِيلِ إِلَّا فِي أَفْعَالِ اللهِ ـ تَعَالَى، فَإِنَّها تَدُلُّ عَلَى التَّكْثيرِ وَالتَّحْقِيقِ ـ كَمَا هِيَ هَهُنَا فِي هَذِهِ الآيَةِ الْكَريمَةِ. قَالَ: الزَّمَخْشَرِيُّ في كَشَّافِهِ: "أَدْخَلَ "قد" لِيُؤَكِّدَ عِلْمَهُ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ النِّفَاقِ وَالْمُخالَفَةِ عَنِ الدينِ، وَيَرْجِعُ تَوْكِيدُ الْعِلْمِ إِلَى تَوْكيدِ الْوَعِيدِ: وَذَلِكَ أَنَّ "قَدْ" إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُضارعِ كَانَتْ بِمَعْنَى "رُبَّما" فَوَافَقَتْ "رُبَّما" في خُرُوجِها إِلَى مَعْنَى التَّكْثِيرِ فِي نَحْوِ قَوْلِ أَبي عَطَاءٍ السِّنْدِيِّ يَرْثي يَزيدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ هُبَيرَةَ لَمَّا قُتِلَ بِوَاسِطَ مِنْ أرضِ الْعِرَاقِ:
فَإِنْ تُمْسِ مَهْجُورَ الْفِناءِ فَرُبَّما ......................... أَقَامَ بِهِ بَعْدَ الْوُفُودِ وُفُودُ
فإِنَّكَ لم تَبْعُدْ على مُتعَهِّدٍ ....................... بَلَى كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ بَعِيدُ
ونحوٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أَبي سُلْمَى:
أَخي ثِقَةٍ لَا تُهْلِكُ الْخَمْرُ مَالَهُ ...................... وَلَكِنَّهُ قَدْ يُهْلِكُ الْمَالَ نائِلُهْ
الكشَّاف: (4/421). وردَّهُ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ الأنْدَلُسِيُّ في تَفْسيرِهِ "البَحْرُ المحيطُ" فقالَ: وَكَوْنُ "قَدْ" إِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْمُضارِعِ أَفَادَتِ التَّكْثيرَ قَوْلٌ لِبَعْضِ النُّحاةِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّما التَّكْثِيرُ مَفْهُومٌ مِنَ السِّيَاقِ. وَالصَّحيحُ: أَنَّ "رُبَّ" لِتَقْلِيلِ الشَّيْءِ، أَوْ لِتَقْلَيلِ نَظيرِهِ. وَإِنْ فُهِمَ تَكْثِيرٌ فَمِنَ السِّيَاقِ لَا مِنْهَا. البحرُ المُحيطُ: (8/240).
قوْلُهُ: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهٍ: "مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ" أَيْ: وَيَعْلَمُ اللهُ ـ تَعَالى، يَوْمَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ الجَميعُ لِلْجَزَاءِ والثَّوَابِ، أَوِ الْعِقَابِ والعَذابِ، يعلمُ الْمُنَافِقِينَ الَّذينَ خَالَفُوا أَمْرَ اللهِ، وَأَمْرَ رسُولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ.
أَيْ وَيَوْمَ تُرْجَعُ الْخَلَائِقُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا، أَيْ يُخْبِّرُهُمْ بِمَا فَعَلُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ جَلِيلٍ الأعمالِ وخيِّرِها، أَو حَقِيرِها وَصَغِيرِها وَكَبِيرِها وَسَيِّئِها، كَمَا قَالَ ـ تَعَالَى، مِنْ سورةِ الكهفِ: {وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} الْآيةَ: (49)، وكما قال مِنْ سُورَةِ الْقِيامَةِ: {يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ} الْآيَة: (13). وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: "وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ".
قوُلُهُ: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أَيْ: عَلِيمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ، فَلَا يَخْفي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا، والإِشارةُ إلى أَنَّهُ سيُحاسِبُهُمْ علَيْها ويجْزِيَهُم ويُجازيهم بها، إِنْ خَيْرًا فخيْرٌ، ولإنْ شَرًّا فشَرٍّ.
وَأخرج أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، عَنْ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ فِي خَاتِمَةِ النُّورِ، وَهُوَ جَاعِلٌ أُصْبُعَيْهِ تَحْتَ عَيْنَيْهِ، يَقُولُ: ((بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ)). الْمُعْجَمُ الكبيرُ للطَّبَرَانِيِّ: (12/248)، وَالله أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أَلَا: حَرْفُ اسْتِفْتاحٍ وَتَنْبِيهٍ. و "إِنَّ" حَرْفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بِالْفِعْلِ للتَّأْكيدِ. و "لِلَّهِ" اللامُ حَرْفُ جَرٍّ مُتَعلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقَدَّمٍ لِـ "إِنَّ"، ولفظُ الْجَلَالَةِ "اللهِ" مَجْرورٌ بحَرْفِ الجَرِّ. و "مَا" اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمُ "إِنَّ" الْمُؤَخَّرُ. و "فِي" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِصِلَةٍ لِـ "مَا" الْمَوْصُولَةِ، وَ "السَّمَاوَاتِ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرٍّ. وَ "الْأَرْضِ" مَعْطوفٌ عَلَى السَّمَاواتِ مجرورٌ مِثلُهُ، وَجُمْلَةُ "إِنَّ" مِنِ اسْمِها وَخَبَرِها مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {قَدْ يَعْلَمُ مَا} قَدْ: حَرْفٌ للتَّكْثِيرِ بِمَعْنَى "رُبَّ" التَّكْثيرِيَّةِ وقدْ تقدَّمَ تفصيلُ إِعْرابِهِ في مَبْحَثِ التَّفْسيرِ. و "يَعْلَمُ" فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ. وَفَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يَعُودُ عَلَى اللهِ ـ تَعَالَى. و "ما" اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على الْمَفْعُوليَّةِ. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على الحاِل مِنْ لَفظِ الجَلَالَةِ.
قولُهُ: {أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أَنْتُمْ: مَرْفوعٌ بالابْتِدَاءِ. و "عَلَيْهِ" حرفُ الجَرِّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِ المُبْتَدَأِ، والهاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرْفِ الجَرِّ. وَالْجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "ما" الْمَوْصُولَةِ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعْرابِ.
قولُهُ: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} الوَاو: للعَطْفِ. وَ "يَوْمَ" مَنْصوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمَانِيَّةِ مُتَعلِّقٌ بِمَحْذوفٍ، أوْ مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى "مَا" أَيْ: يَعْلَمُ الَّذي أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ أَحْوَالِكُمْ، وَيَعْلَمُ يَوْمَ يُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَيْهِ، وهوَ مُضافٌ. و "يُرْجَعُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والْجازمِ، وَعَلَامَةُ رَفعِهِ ثباتُ النُّونِ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخمسَةِ، وواوُ الْجَمَاعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهَ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الررَّفعِ بالنيابةِ عن فاعِلِهِ. و "إِلَيْهِ" حرفُ جَرٍّ مُتُعُلِّقٌ بِـ "يُرْجَعُونَ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. وَالْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ هذه في مَحَلِّ الْجَرِّ بإِضَافَةِ "يوم" إِلَيْهَا.
قولُهُ: {فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا} الفاءُ: عَاطِفَةٌ. و "يٌنَبِّئُهُمْ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هوَ) يَعُودُ عَلَى اللهِ ـ تعالى. والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مُفْعُولُهُ الأوَّلُ، والميمُ للجمعِ المُذَكَّرِ. وَ "بِمَا" الباءُ حَرْفُ جَرِّ مُتعلِّقٌ بالْمَفْعُولِ الثَّاني لِـ "يُنَبِّئُهُمْ"، وَ "مَا" اسْمٌ مَوصولٌ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكةنِ في مَحَلِّ الجرِّ بحرْفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذه في مَحَلِّ النَّصْبِ، عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "قَدْ يَعْلَمُ".
قولُهُ: {عَمِلُوا} فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضَّمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجَماعَةِ، وواوُ الْجَمَاعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهَ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الررَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والألِفُ للتفريقِ. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ الْمَوْصُولِ "ما" لَا مَحَلَّ لها مِنَ الإِعربِ، وَالعائدُ مَحْذوفٌ، والتَّقْديرُ: بِمَا عَمِلُوهُ.
قولُهُ: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الوَاوُ: للاسْتِئْنافِ، ولفظُ الجلالةِ "اللَّهُ" مَرْفوعٌ بالابتِداءِ. و "بِكُلِّ" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "عَلِيمٌ"، و "كلَّ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ. و "شَيْءٍ" مجرورٌ بالإِضافةِ إِلَيْهِ. و "عَلِيمٌ" خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ مرفوعٌ. والْجُمْلَةُ اسْميَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَعْلِيلِ مَا قَبْلَها لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعراب.
قرأ العامَّةُ: {يُرْجَعون} بالبناءِ لِلْمَفْعُولِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرِو ابْنُ العَلاءِ فِي آخَرينَ "يَرْجِعون" بالبناءِ للفَاعِلِ. وَفي القِرَاءَتَيْنِ وَجْهَانِ، الأَوَّلُ: أَنْ يَكونَ فِي الْكَلَامِ الْتِفاتٌ مِنَ الْخِطابِ فِي قَوْلِهِ: {مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} إِلَى الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ: "يُرْجَعُون". وَالثاني: أَنَّ "مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ" خِطَابٌ عامٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ. وَالضَّميرُ في "يُرْجَعُون" لِلْمُنافِقِينَ خَاصَّةً، وَعَلَيْهِ فَلَا الْتِفاتَ.
تمَّتْ بِجمدِهِ ـ تباركَ وَتَعالى، ومِنَّتِهِ وتوفيقِهِ، سُورَةُ النُّورِ ويليها سورةُ الفُرقانِ بمعونةِ الرّحيمِ الرّحمن.