لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
(38)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} أَيْ: ليَجْزِيَهُم أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا في ذَلِكَ اليَومِ الَّذي: {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} الآيَةَ: (37) السَّابِقَةِ، أَيْ: ثَوَابَ أَحْسَنِ مَا عَمِلُوا، أَوْ أَحْسَنَ جَزَاءِ مَا عَمِلُوا. ويجوزُ أَنْ يكونَ المعنى: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ جَزَاءَ إِحْسَانِهِمْ، وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ مَسَاوئَهُمْ، فَلَا يُجازيهِمْ بِهَا، كَقَوْلِهِ في الآيَةِ: 35، مِنْ سُورَةِ الزُّمَرِ: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وكَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الأَحْقافِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}، الآيَةَ: (16).
قولُهُ: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} هُوَ كمَا قالَ ـ عَزَّ مِنْ قائلٍ، في الآيةِ: (245) مِنْ سورةِ البقرةِ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَة}، وَقَالَ في الآيَةِ: (261) مِنْها: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، وكَمَا قَالَ مِنْ سُورَةِ النِّساءِ: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} الآيَةِ: (40) ، وَقَالَ مِنْ سُورةِ الأَنْعامِ: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} الْآيَةَ: (160). لِأَنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَتْ أَسْماؤُهُ يُعامِلُنا عَلَى السَّيِّئَةِ بالعَفْوِ أَوْ بِالْعَدْلِ، وعلى الحَسَنَةِ بالجودِ والفَضْلِ، قَالَ ـ تَعَالَى، مِنْ سورةِ النِّساءِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} الآيَةَ: (40)، وقالَ مِنْ سُورةِ يُونُسَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} الآيتانِ: (26 و 27). وقالَ مِنْ سُورةِ الشُّورى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} الآيةَ: (30). وجاءَ في الحديثِ القُدْسِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: ((إِنَّ اللهَ تَعَالَى كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً)) أَخْرَجَهُ أحمدُ في المُسْنَدِ: (5/148) والبُخارِيُّ، واللفظُ لَهُ: (31/2435). وَمُسْلِمٌ بِرَقَم: (207)، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما. وَقَالُوا: إِنَّ مَعْنَى "كَتَبَهَا اللهُ لَهُ": أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِذَلِكَ. وَقد أَخَذُوا هَذَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ مِنَ صحيحِ الْبُخَارِيِّ مَرْفُوعًا، قَالَ: ((يَقُولُ اللهُ إِذَا أَرَادَ عَبْدِي أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ حَتَّى يَعْمَلَهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَلَمْ يَعْمَلْهَا، فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ)).
وَقيلَ الزِّيَادَةُ: مِنْ فَضْلِهِ هِيَ زِيَادَةُ أَجْرِ الرُّهْبَانِ إِنْ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَمَا تَبْلُغُهُمْ دَعْوَتُهُ، وهَذا لِلرَّاسِخِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِرَسُولِهِمْ وَبِسيِّدِنا مُحَمَّدٍ عليْه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِمَا جاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَبي مُوسَ الأشْعَريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَهُ أَجْرَانِ. وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ. وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ يَطَؤُهَا، فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أخْرَجَهُ البُخاريُّ صحيحِهِ: (ج:1، ص: 48، ح: 97)، وَفي الأَدَبِ المُفْرَدِ: (صَ: 80). وأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِرَقَم: (154). وَأَخْرَجَهُ ـ أَيْضًا، الحُمَيْدِيُّ في مُسْنَدِهِ: (768). وأحمدُ في المُسْنَدِ ـ أَيْضًا: (4/395)، وَأَبُو دَاوُدَ: (2053)، وابْنُ مَاجَةَ: (1956)، والتِّرْمِذِيُّ: (1116)، والنَّسَائِيُّ: (6/115) في سُنَنِهِم.
قيلَ: وَهذا صحيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَرَبِ ـ أَيْضًا، لِأَنَّهُمْ سَبَقُوا غَيْرَهُمْ بِالْإِيمَانِ. أَوْ هِيَ زِيَادَةُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْبُيُوتِ مَسَاجِدَ الْإِسْلَامِ.
ويجوزُ أنْ تكونَ الزيادةُ هي النَّظَرُ إلى وَجههِ الكريمِ، كَمَا قَالَ المُفَسِّرونَ في قولِهِ ـ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} الآيتانِ: (26 و 27)، مِنْ سُورَةِ يُونُسَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قولُهُ: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} أَيْ: لَا يَخَافُ أَنْ يُحَاسِبَهُ أَحَدٌ لِأَنَّهُ لَيَسْ فَوْقَهُ مَنْ يُحَاسِبُهُ، وِلِذَلِكَ فهُوَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ ـ تَعالى، مِنْ سُورةِ الأَنْبِياءِ: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الآيةَ: (23). وَالْحِسَابُ هُنَا بِمَعْنَى التَّحْدِيدِ فَهُوَ كَمَا قَالَ فِي الآيةَ: (37)، مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: {إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ}. وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْ سُورَةِ النَّبَأِ: {جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِسابًا} الآيةَ: 36، فَهُوَ بِمَعْنَى التَّعْيِينِ وَالْإِعْدَادِ للِاهْتِمَامِ بِهِمْ.
وَيُحْتَمِلُ قوْلُهُ ـ عَزَّ وجَلَّ: "بِغَيْرِ حِسَابٍ" أَيْ: يُعْطِيهِمْ بِلَا حِسَابٍ فَلَا يُحَاسِبُهُمْ، وَإنَّما يُدْخِلُهُمُ الجَنَّة بِلَا مُحَاسَبَةٍ.
وَجَائِزٌ أَيْضًا أَنْ يَكونَ قولُهُ: "بِغَيْرِ حِسَابٍ" أَيْ: يُعْطيهِمْ بِلَا حِسَابٍ مَا لَا يُحْصَى، أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، ولَيْسَ عَلَى قَدْرِ أَعْمالِهِمْ، واللَّهُ أَعْلَمُ بمًرادِهِ.
قولُهُ تَعَالَى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا} لِيَجْزِيَهُمُ: اللامُ: هِيَ لَامُ "كَيْ" حَرْفُ جَرٍّ للّتَعْليلِ، مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذوفٍ، والتَّقْديرُ: فَعَلُوا مَا ذُكِرَ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكاةِ لِجَزَاءِ اللهِ ـ سُبْحَانَهُ إِيَّاهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا، أَيْ: رَجَاءَ الفوزِ بِجَزائِهِ ـ سُبْحَانَهُ وتَعالى. وَيَجُوزُ أنْ يَتعَلَّقَ بـ "يُسَبِّح" أَيْ: يُسَبِّحونَ لِأَجْلِ الجَزَاءِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الإِعْمَالِ فَإِنَّهُ قَالَ: "وَالمَعْنَى: يُسَبِّحونَ، ويَخافونَ لِيَجْزِيَهم"، وَيَكونُ عَلَى إِعْمَالِ الثاني للحَذْفِ مِنَ الأَوَّلِ. وَ "يَجْزِيَ" فعلٌ مُضارعٌ مَنْصُوبٌ بـ "أَنْ" مُضْمَرةٍ بعدَ لامِ "كي"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ على كونِهِ مفعولَهُ الأوَّلُ، والمِيمُ: عَلَامَةُ تذْكيرِ الجَمعِ. ولفظُ الجلالةِ "اللهُ" فاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ. و "أحسَنَ" مفعولُهُ الثَّاني مَنْصُوبٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ. وَ "مَا" اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ. ويجوزُ أَنْ تكونَ "مَا" مَصْدَرِيَّةً. وجُمْلَةُ "يجزيهم" مَعَ "أَنْ" المُضْمَرَةِ في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِاللَّامِ.
قولُهُ: {عَمِلُوا} فعلٌ ماضٍ، مَبْنيٌّ عَلَى الضَّمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِه، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِليَّةِ، والألِفُ للتَّفريقِ، والجملَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ الاسْمِ المَوصولِ "مَا" لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.
قولُهُ: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} الواوُ: حرفٌ للعطْفِ، و "" مِثْلُ "يَجْزِيَهم" مَعطوفٌ علَيْهِ ولهُ مِثْلُ إعرابِهِ. وَ "مِنْ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَزِيدَهُمْ". وَ "فضْلِهِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ، مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ. والجُمْلَةُ الفعْلِيَّةُ هَذِهِ، معطوفةٌ على جملةِ "يَجْزِيَهُمْ" ولها ما لها مِنْ إعْرابٍ.
قولُهُ: {وَاللَّهُ} الواوُ: للاسْتِئْنافِ، ولفظُ الجلالةِ "اللهُ" مرفوعٌ بالابْتِداءِ، خبَرُهُ جُمْلَةُ "يَرْزُقُ" بعدَهُ، وهذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {يَرْزُقُ مَنْ} يَرْزُقُ: فعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يعودُ على "اللهُ" ـ تعالى. و "مَنْ" اسمٌ مَوْصولٌ بمعنى "الذي"، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ النَّصِبِ عَلَى المَفْعولِيَّةِ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذِهِ خَبَرُ المُبْتَدَأِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ.
قولُهُ: {يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} يشاءُ: فعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يعودُ على "اللهُ" ـ تَعَالى. و "بِغَيْرِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتعلِّقٌ بـ "يَرْزُقُ" أَوْ بِحالٍ مِنْ فاعِلِهِ، و "غَيْرِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ، وهوَ مُضافٌ. وَ "حِسابٍ" مجرورٌ بالإضافةِ إلَيْهِ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصولِ "مَنْ" فلا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.