الموسوعةالقرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ قراءات ـ أحكام ـإعراب ـ تحليل لغة
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزء الثامن عشر ـ المجلد السادس والثلاثون
سورةُ النّور (24)
الآية: 8
وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} يَدْرَأُ: يَدْفَعُ، وَ "الْعَذابَ" الْحَدَّ كَمَا قَالَ فِي الآيةِ: 2، مِنْ هَذِهِ السُّورةِ المُباركةِ: {وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أَيْ: ولْيَشْهدْ إِقامةَ الحَدِّ عليْهما طائفةٌ مِنَ المُؤمنينَ، فإذا لَاعَنَ الزَّوْجُ زوجتَهُ وَجَبَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَدُّ الزِّنَا.
قولُهُ: {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا بِلِعَانِهِ، وَأَرَادَتْ دفعَهُ عَنْ نَفْسِهَا فَإِنَّهَا تُلَاعِنُهُ، فَتَشْهَدُ بَعْدَ تَلْقينِ الحاكِمِ لها أَرْبَعَ شهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ.
قولُهُ تَعَالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الواوُ: عَاطِفَةٌ، أو استئنافيَّةٌ. و "يدرأُ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مرفوعٌ لتجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ. و "عَنْهَا" عنْ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "يدرأُ"، و "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الجرِّ بحرْفِ الجَرِّ. و "الْعَذَابَ" مفعولُهُ منصوبٌ بِهِ. والجملةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قولِهِ: {فشهادَةُ} مِنَ الآيةِ: 6، عَلَى كونِها في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالابتداءِ. ويجوزُ أنْ تكونَ مُسْتَأْنَفةً لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعراب.
قولُهُ: {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} أَنْ: حَرْفُ نَصْبٍ مَصْدَرِيٌّ. و "تَشْهَدَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِـ "أَنْ" المَصْدَرِيَّةِ، وَفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هيَ) يَعُودُ عَلَى الزَّوجةِ المُلَاعِنَةِ. وَ "أَرْبَعَ" مَنْصُوبٌ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ، مُضافٌ. وَ "شَهَادَاتٍ" مجرورٌ بالإضافةِ إلَيْهِ. و "بِاللَّهِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعلِّقٌ بِـ "شَهَادَاتٍ" أَوْ بِـ "تَشْهَدَ"، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" مَجْرورٌ بالإضافةِ إليْهِ. والجملةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَرْفُوعٍ عَلَى كونِهِ فَاعِلًا بِـ "يدرَأُ". والتقديرُ: وَيَدْرَأُ عَنْها العَذَابَ شَهَادَةُ أَرْبَعِ شَهَادَاتٍ بِاللهِ.
قولُهُ: { إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} إِنَّهُ: حرفٌ ناصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفِعْلِ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمُهُ. و "لَمِنَ" اللامُ: المُزحلقةُ للتَّوكيدِ (حرفُ ابتِداءٍ)، و "مِن" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بخبرِ "إنَّ" المُقدَّرِ. و "الْكَاذِبِينَ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأنَّهُ جَمْعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ. وَجُمْلَةُ "إنَّ" وَمَعْمُولَيْهَا اسمُها وخبرُها في مَحْلِّ النَّصْبِ بِـ "تَشْهَدَ"، وَلَكِنَّهُ عُلِّقَ عَنْهُ بِالَّلامِ: وَلذَلِكَ كُسِرَتْ هَمْزَةُ "إِنْ"، وَالْأَصْلُ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَاداتٍ، عَلَى أَنَّهُ لَمِنَ الكاذبينَ.