الموسوعة القرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة ـ قراءات
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
سُورَةُ المؤمنونَ، الآية: 95
وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95)
قولُهُ ـ تَعالى شأْنُهُ: {وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ} أي: لو شئنا لأريناك ما نحل بهم من النقم والبلاء والمحن والعَذابِ. ولكنَّنا نُؤخره لِعِلْمِنَا بِأَنَّ بَعْضَهُمْ سيُؤمِنُ أَوْ بَعْضَ ولدِهِم أو ذرِّيَّاتِهم. وَلِأَنَّنا لا نُعَذِّبُهُمُ العَذابَ الشَّديدَ الذي يستأصِلُهُمْ كُلَّهُم عَنْ بَكْرَةِ أبيهِم، كما فعلنا بالأمم المُكَذِّبَةِ مِنْ قبلُ إكْرامًا لَكَ، ولأنَّ أمَّتكَ آخِرُ الأممِ فهي التي ستنشُرُ الدينَ الخاتم، وَقَدْ أَرَاهُ ـ سُبْحانَهُ، بعضَ هَذا العَذابِ الذي أَنْزَلَهَ على بعضٍ منهم يَوْمَ بَدْرٍ ويَومَ فَتْحِ مَكَّةَ ويومَ حُنَيْنٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا يَسْتَحِقُونَهُ مِنَ العَذَابِ المَوْعُودِ هو عَذابٌ هائلٌ شديدٌ مُسْتَأْصِلٌ لِشَأْفَتِهِم ولكنَّ أُمَّتَه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُمَّةٌ مَرْحومةٌ.
قولُهُ تَعَالى: {وَإِنَّا عَلَى} الواوُ: للاسْتِئْنافِ. وَ "إِنَّا" إنَّ: حرفٌ ناصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ الفعلِ للتوكيدِ، و "نَّا" ضميرٌ مُتَّصلٌ بهِ، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمُها. وخبرُها "قادرونَ". وَ "عَلَى" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بالخَبَرِ "قادرونَ" أَوْ بِمَحْذوفٍ على خَلَافٍ فِي أَنَّ اللَّامَ المُزحلقةَ هَذِهِ تَمْنَعُ مَا بَعْدَهَا أَنْ يَعْمَلَ فِيمَا قَبْلَهَا. وجملة "إِنَّ" مِنِ اسْمِها وخبرِها مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {أَنْ نُرِيَكَ مَا} أَنْ" حَرْفُ نَصْبٍ مَصْدَرِيٌّ. و "نُرِيَكَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ منْصوبٌ بِها، وفاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (نَحْنُ) يعودُ على الهِا ـ تَعَالَى، وكافُ الخِطابِ مَفْعُولُ الإراءَةِ الأَّوْلُ، و "مَا" مَوْصولةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعُولُ الإراءةِ الثاني. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "أَن" المَصْدَرِيَّةِ، وَ "أَنْ" المَصْدَرِيَّةُ مَعَ صِلَتِهَا فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِـ "عَلَى"، والتقديرُ: عَلَى إِرَاءَتِكَ مَا نَعِدُهُمْ، والجَارُّ والمَجْرورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ "قادرونَ".
قوْلُهُ: {نَعِدُهُمْ} فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لتجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (نحنُ)، يَعُودُ عَلَى اللهِ ـ تعالى، وَ "هم" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ النَصْبِ على المَفْعوليَّةِ، وَالجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "مَا" المَوْصُولَةِ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، والعائدُ مَحْذوفٌ، تَقْديرُهُ: مَا نَعِدُهُمْ بِهِ.
قوْلُهُ: {لَقَادِرُونَ} اللَّامُ: هِيَ لَامُ الابْتِداءِ زُحْلِقَتْ إِلَى الخَبَرِ تَوْكيدًا لَهُ فسُمِّيَتِ المُزَحْلَقةُ. وَ "قادرون" خَبَرُ "إِنَّ" مَرْفوعٌ بِها، وعلامةُ رَفعِهِ الواوُ لأنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ.