روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 9

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 9 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 9 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 9   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 9 I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 02, 2021 9:59 am

ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ
(9)
قوْلُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {ثَانِيَ عِطْفِهِ} هوَ نَصْبٌ على الحالِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالى في الآيةِ التي قَبَلَهَا: {ومِنَ النَّاسِّ مَنْ يُجَادلُ في اللهِ .. ثانيَ عِطْفِهِ} أَيْ: لَاوِيًا عُنْقِهِ كِبْرًا، أَوْ مُنْحَرِفًا بِشِقِّهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. وعنْ سماعِ كلامِ اللهِ وَوَلَّى مُعْرِضًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: "ثَانِيَ عِطْفِهِ"، قَالَ: مُتَكَبِّرًا فِي نَفْسِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْن عَبَّاس ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا "ثَانِيَ عِطْفِهِ"، يَقُولُ: يُعْرِضُ عَنْ ذِكْرِي.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما، فِي قَوْلِهِ: "ثَانِيَ عِطْفِهِ" قَالَ: لَاوِيَ رَأْسِهِ، مُعْرِضًا مُوَلِّيًا، لَا يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ مَا قيلَ لَهُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "ثَانِيَ عِطْفِهِ" قَالَ: هُوَ المُعْرِضُ مِنَ العَظَمَةِ، إِنَّمَا يَنْظُرُ فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "ثَانِيَ عِطْفِهِ" قَالَ: لَاوِيَ عُنُقُهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "ثَانِيَ عِطْفِهِ"، قَالَ: يُعْرِضُ عَنِ الْحَقِّ.
وَثَنْيُ الشَّيْءِ: لَيُّهُ. يُقَالُ: ثَنَى عِنَانَ فَرَسِهِ، إِذَا لَوَاهُ لِيُدِيرَ رَأْسَ فَرَسِهِ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُوَجِّهَهُ إِلَيْهَا. وَالثَّنْيُ أَيْضًا هُوَ الْإِمَالَةُ. و "ثانِيَ عِطْفِهِ" تَمْثِيلٌ لِلتَّكَبُّرِ وَالْخُيَلَاءِ. وَيُقَالُ: لَوَى جِيدَهُ، إِذَا أَعْرَضَ تَكَبُّرًا. وَهَذِهِ الصِّفَةُ تَنْطَبِقُ عَلى حَالَةِ أَبِي جَهْلٍ فَلِذَلِكَ قِيلَ إِنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا. وَالْعِطْفُ: يُقَالُ للْمَنْكِبُ وَالْجَانِبُ. وَهوَ مَا يَعْطِفُهُ الرَّجُلُ مِنْهُ عِنْدَما يُريدُ الانْعِطَافَ فِي الطَّريقِ وتَغْيِيرِ وِجْهَةِ سَيَرِهِ، أَوْ عِنْدَمَا يُعْرِضُ عَنْ أَمْرٍ لا يُعْجِبُهُ ولا يريدُ رُؤيتَهُ أو سَماعَهُ، فَالعِطْفُ هُوَ الطَّرَفُ الشِّقُّ أَوِ الجَانِبُ مِنَ المِنَعَطِفِ، الَّذي يَعْطِفُهُ المَرْءُ، أَيْ يَلْوِيِهِ وَيُمِيلُهُ عِنْدَ الإِعْرَاضِ عَنِ الشَّيْءِ، وَللرَّجُلِ عِطْفَانِ: أَي: جَانِبَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. وَ "ثَنَى عِطْفَهُ" مَالِ بِهِ إِعْرَاضًا وَتكبُّرًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى منْ سُورَةِ "المُنَافِقُونَ": {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤوسَهُمْ} الآيَةَ: 5، وَكَقَولِهِ مِنْ سُورَةِ لُقْمَانَ: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا}. و "ثَانِيَ عِطْفِهِ" أَيْ: أَعْرَضَ وَمَضَى مُتَبَخْتِرًا مُتَكَبِّرًا، فإِنَّ ثَنْيَ العِطْفِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ التَّكَبُّرُ عَلَى الحقِّ والإعراضُ عَنْهُ، وهوَ منْ صفاتِ المشركينَ المُعاندينَ، المُعرضِينَ صَلَفًا وتَكَبُّرًا وتَجَبُّرًا.
وَقَالَ التابعِيُّ عَطِيَّةُ بْنُ الحارِثِ الهَمَدانيُّ، أَبو رَوْقٍ الكُوفِيُّ صاحِبُ التَّفْسيرِ، وَابْنُ زَيْدِ بْنِ عليٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: المَعْنَى: وَلَّى مُعْرِضًا عَمَّا يُدْعَى إِلَيْهِ تَكَبُّرَا.
وَقُرَئَ "ثانِيَ عَطْفِهِ" بِفَتْحِ العَيْنِ، فَيَكونُ المَعْنَى: مانِعًا تَعَطُّفَهُ، وَهُوَ مِنَ العَطْفِ، الَّذي هُوَ مَيْلُ القَلْبِ، وَإِشْفَاقُهُ، وَبابُهُ "ضَرَبَ"،  تَقُوَلُ: تَعَاطَفَ القَوْمُ: إِذَا عَطَفَ بَعْضُهُمِ عَلَى بَعْضِهِمُ الآخَرَ.
وَعكْسُهُ يقالُ في المَعَارِكِ والحَرْبِ والطِّعانِ، فإِذا قيلَ: عَطَفَ البطَلُ عَلَى عَدُوِّهِ فالمعنى أَنَّهُ هَاجَمَهُ وكَرَّ عَلَيْهِ، يُريدُ قتلَهَ.
والعِطافُ والمِعْطَفُ: الرِّداءُ، لأَنَّهُ يُعْطَفُ عَلَى لَابِسِهِ، أَوْ عَلَىَ ما يكونَ تحتَهُ مِنْ ثيابٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَ السَّيْفُ عِطَافًا، لأَنَّهُ يُعْطَفُ عَلَى حامِلِهِ، أوْ لأنَّ الفارِسَ يعطِفُ بهِ على خَصْمِهِ.
قولُهُ: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} اللَّامُ هنا للتَّعليلِ، أَيْ: لِيُضِلَّ نَفْسَهُ بما يَسُوقُهُ مِنْ حُجَجٍ باطِلَةٍ، ويَذْهَبُ بِهَا بَعِيدًا عَنْ طريقِ الهدايةِ فيُضَيِّعَها ويهْلِكها، أَوْ ليُقْنِعِ غَيْرَهُ بحُجَجِهِ الباطلةِ وبراهينِهِ الزائفةِ وَيبْعِدَهُ عَنِ الهُدَى فيُضَيِّعُهُ ويُهْلِكُهُ، هُوَ مِنْ: ضَلَّ الشَّيْءُ يَضِلُّ ضَلَالًا: إِذا ضَاعَ وَهَلَكَ وتَلاشَى.
والاسْمُ "الضُلُّ" ـ بالضَّمِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هُوَ ضُلُّ بْنُ ضُلٍّ، إِذَا كَانَ لَا يُعْرفُ وَلَا يُعْرَفُ أَبُوهُ. فهوَ ضائعُ النَّسَبِ، وكذلِكَ يُقالُ: هُوَ الضَلاَلُ بْنُ الضَلاَلُ. وَالضَّالَّةُ: مَا ضَلَّ مِنَ البَهِيمَةِ، الذَّكَرِ وَالأُنْثَى سواءٌ. وَرَجُلٌ ضِلِّيلٌ ومُضَلَّلٌ، أَيْ كثيرُ التَتَبُّعِ للضَّلالِ. وَبِهِ سُمِّي امْرُؤ القَيْسِ، فَقَالُوا: المَلِكُ الضِلِّيلُ، وذلكَ لِكَثْرَةِ تَتَبُّعِهِ مَوَاطِنَ الفِسْقِ وَالضَّلالِ وَبَحْثِها عَنْهَا لمُقَارَفَتِها، فهوَ مُنْهَمكٌ في الضَّلالِ، أَوِ الضَّلَالةِ وَتُجْمَعُ عَلَى أَضَالِيلٍ وتعني الأَكاذيبَ أَيضًا، ومِنْهُ قَولُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ مِنْ قَصِيدَتِهِ التي قالَهَا يَعْتَذُرُ بِهَا إِلَى سيِّدِنا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَمْدَحُهُ فِيهَا:
كانت مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا ............ وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلَّا الأَضَالِيلُ
فَالضَّلاَلَةُ وَالضَّلالُ: ضِدُّ الهدايةِ وَالهُدَى، وَاللُّغَةُ الفَصِيحَةُ في ذَلِكَ أَنْ يُقالَ: ضَلَّ يَضِلُّ ضَلالًا وَضَلَالةً، وَهِيَ لُغَةُ الحِجَازِ. وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ: ضَلَّ يَضَلَّ. وَأَضَلَّ فُلَانٌ فُلانًا: ضَيَّعَهُ وَجَعَلَه ضَالًّا، قَالَ تَعَالَى مِنْ سُورةِ إبراهيمَ ـ عليْهِ السَّلامُ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} الآيَةَ: 36، وَقَالَ مِنْ سُورَةِ غَافِر: {وَمَا كَيْدُ الكَافِرينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} الآيةَ: 25، أَيْ: أَنَّ كَيْدَهُمْ يَذْهب باطِلًا، وَيُحِيقُ بِهِمْ مَا يُريدُهُ اللهُ، قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ والهُذَلِيُّ:
رَآهَا الفُؤَادُ فَاسْتُضِلَّ ضَلَالُهُ ........... نِيَافًا مِنَ البِيضِ الكِرامِ العَطَابِلِ
وأَضَلَ فُلَانٌ بَعِيرَهُ، أَوْ فَرَسَهُ: ذَهَبَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْهُ. وَقَوْلُهُ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورَةِ سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} الآيةَ: 8، مَعْنَاهُ أَغْفَلَ اللهُ أَعْمَالَهُمُ وأَبْطَلَ ثَوَابَهَا فَلَمْ يُجْزِهِمْ عَلى مَا عَمِلُوهُ مِنْ خَيْرٍ بِسَبَبِ كُفْرِهِم وَشِرْكِهم، وَعَدَمِ إِخْلاصِهِمُ العَمَلَ لِوَجْهِهِ الكَريم. وَكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ نَفْعُهُ فَقَدْ ضَلَّ سَعْيُهُ كالَّذينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ في سُورَةِ الكَهْفِ فقال: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} الآياتِ: (103 ــ 106).
وَضَلَّ الشَّيْءُ يَضِلُّ ضَلالًا ضَاعَ، وَالتَّضْليلُ تَصْيِيرُ الإِنْسانِ إِلَى الضَّلَالِ، ومِنْهُ قَولُ الرَّاعِي النُّمَيْريِّ:
وما أَتَيْتُ نُجَيْدَةَ بنَ عُوَيْمِرٍ ............... أَبَغِي الهُدَى فَيزيدُني تَضْليلَا
وَذَهَبَ دَمُهُ ضِلَّةً: ضَاعَ فَلَمْ يُثْأَرْ بِهِ. وَيَقُولونَ: ضَلَّ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ إِذا غَابَ فِيهِ، وَفِي الآيةِ: 10، مِنْ سُورةِ السَّجْدَةِ: {وقالوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَديدٍ}. أَيْ غُيِّبْنَا في الأَرضِ. وَمِنْهُ قَولَ النَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ:
فآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلَيَّةٍ ................... وغُودِرَ بالجَوْلاَنِ حَزْمٌ ونَائِلُ
قوْلُهُ: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ" قَالَ: القَتْلُ يَوْمَ بَدْرٍ. وَهِيَ أُولَى العُقوباتِ الَّتي يَنْتَقِمُ اللهُ بِهَا مِنْ ذَلِكَ المُعانِدِ المُجادِلِ في اللهِ بغيرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ، المُعْرِضِ عَنْ دعوةِ الحقِّ المتكبِّرِ عَلَيْهَا. فإِنَّ لَهُ عقوبةً عاِجِلَةً في الحياةِ الدُّنيا بِأَنْ يُخْزِيَهِ اللهُ ويُذِلَهُ، ويفضَحَهُ ويُهِينَهُ. وَهُوَ الذي أَصَابَ المُشْركينَ يَوْمَ بَدْرٍ وَبَعْدَهُ مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ. كَالَّذي حَصَلَ لِأَبِي جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ حَيْثُ قُتِلَ بِيَدِ غُلَامَيْنِ مِنْ شَبَابِ الْأَنْصَارِ وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ. وَاعْتِلَاءِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَلَى صَدْرِهِ وَذَبْحِهِ، وَكَانَ فِي عَظَمَتِهِ لَا يَخْطُرُ أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بِخَاطِرِهِ. وَكالذي حَلَّ بِالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ مِنَ الْأَسْرِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَتْلِهِ صَبْرًا فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: الْأُثَيْلُ قُرْبَ الْمَدِينَةِ عَقِبَ وقْعَة بَدْرٍ. وقد وَصَفَتْ ذَلِكَ أُخْتُهُ قُتَيْلَةُ مِنْ قَصِيدَةِ رَثَتْهُ بِهَا فَقَالَتْ:
يَا رَاكبًا إِنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ................. مِنْ صُبْحِ خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفَّقُ
أَبْلِغْ بِهَا مَيْتًا بِأَنَّ تَحِيَّةً .................. مَا إِنْ تَزَالُ بِهَا النَّجَائبُ تَخْفِقُ
مِنِّي إِلَيْكَ وَعَبْرَةً مَسْفُوحَةً ............... جَادَتْ بِوَاكِفِهَا وَأُخْرَى تَخْنُقُ
هَلْ يَسْمَعَنَّ النَّضْرُ إِنْ نَادَيْتُهُ ............ أَمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لَا يَنْطُقُ أَمُحَمَّدٌ يَا خَيْرَ ضَيْءِ كَرِيمَةٍ ............. فِي قَوْمِهَا وَالفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّما ........... مَنَّ الفَتَى وَهُوَ المَغِيظُ المُحْنَقُ
فَالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ أَسَرْتَ قَرَابَةً ............. وأَحَقُّهُمْ إِنْ كَانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ
ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ .................... للهِ أَرْحامٌ هُنَاكَ تُشَقَّقُ
صَبْرًا يُقادُ إِلَى المَنِيَّةِ مُتْعَبًا ............... رَسْفُ المُقَيَّدِ وَهُوَ عَانٍ مُوثَقُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا الشعرَ قَالَ: لَوْ بَلَغَنِي قَبْلَ قَتْلِهِ مَا قَتَلْتُهُ.
وأَخْزَيْتُهُ: فَضَحْتُهُ أَيْضًا. قَالَ ـ تَعَالى، في الآيَةِ: 78، مِنْ سُورةِ هُودٍ. حِكَايَة عَنْ نَبِيِّهِ لُوطٍ ـ علَيْهِ السَّلامُ: {فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِيَ} يَقُولُ مُخَاطبًا قَوْمَهُ: لَا تَفْضَحُونِي. وَالْخِزْيُ أَيْضًا: الذُّلُّ والهَوَانُ، وَأَخْزَاهُ اللهُ: أَهَانَهُ. فَخِزْيُ المُؤْمِنِينَ الحَيَاءُ، وَخِزْيُ الكَافِرِ الذُّلُّ وَالخُلُودُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ. وَالْخِزْيُ: السُّوءُ. يُقَال: خَزِيَ يَخْزَى خِزْيًا. وَأَخزَاهُ اللهُ، وأَقَامَهُ عَلى خِزْيَةٍ، وَعَلَى مَخْزَاةٍ. وَخَزِيَ يَخْزَى خَزَايَةً اسْتَحْيا. وهُوَ مِنَ الخَزَايَةِ: الَّتي هِيَ الاسْتِحْيَاءُ. فَـ: خَزِيتُ فُلاَنًا: اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.
قَالَ ذُو الرُّمّة ـ يَصِفُ ثَوْرًا فَرَّ مِنَ الكِلاَبِ ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهَا:  
خَزَايَةً أَدْرَكَتْهُ بَعْدَ جَوْلَتِهِ ........ مِنْ جَانِبِ الْحَبْلِ مَخْلُوطًا بهَا الْغَضَبُ
وَقَالَ القُطَامِيُّ أَيضًا يِذْكُرُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا كَرَّ بَعَدَ فَرَارِهِ:
حَرِجًا وَكَرَّ كُرُورَ صَاحِبِ نَجْدَةٍ ............ خَزِيَ الحَرَائرُ أَنْ يَكونَ جَبَانَا    
والرَّجُلُ خَزْيانٌ، وَهُوَ الَّذِي عَمِلَ عَمَلًا قَبِيحًا، فَاشْتَدَّ حَياؤهُ لذَلِكَ وَخَزَايَتُهُ. وَالْمَرْأَةُ خَزْيَا. والجَمْعُ: خَزَايَا. وَجاءَ فِي الدُّعاء: اللهُمّ احْشُرْنَا غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نادِمِينَ، أَيْ: غَيْرَ مُسْتَحْيِينَ مِنْ أَعْمَالِنَا.
قوْلُهُ: {وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} فإِنَّ ما رَأَوْهُ مِنْ خِزْيٍ في الحياةِ الدُّنْيَا لَنْ يُعْفِيَهُمْ مِنْ خِزْيِ الآخِرَةِ وَعَذابِها، ومعنى "عَذابَ الحَريقِ" أَيْ: التَّعْذيبُ بِالْحَرْقِ فِي نارِ جهَنَّمَ.
فَيَجُوزُ في هَذَا التركيبِ أَنْ يَكُونَ مِنْ بابِ إِضَافَةِ المَوْصُوفِ إلى صِفَتِهِ، إِذِ الأَصْلُ فيهِ أَنْ يُقَالَ: العَذَابَ الحَريقَ، أَيْ: المُحْرِقَ كَ "السَّميعِ" بمَعْنَى المُسْمِعِ.
وَأَخْرج ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَحَدَهُمْ يُحْرَقُ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ أَلَف مَرَّة. والعياذُ باللهِ ـ تَعَالَى.
وقدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ: "ثَانِيَ عِطْفِهِ"، قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "ثَانِيَ عِطْفِهِ"، قَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ. قُلْتُ: شَيْبَةَ؟. قَالَ: لَا. واللهُ أَعْلَمُ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} ثانيَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الحَالِ مِنْ فَاعِلِ "يُجَادِلُ"، وهُوَ مُضافٌ، وَجَازَ نَصْبُهُ عَلَى الحَالِ، مَعَ إِضَافَتِهِ؛ لِأَنَّ إِضَافَتَهُ لَفْظِيَّةً لَا تُفِيدُ التَّعْريفَ؛ لِأَنَّها فِي نِيَّةِ الانْفِصَالِ، نَحْوَ قَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورَةِ الأَحْقافِ: {مُّمْطِرُنَا} الآيَةَ: 24. و "عِطْفِهِ" مجرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ. و "لِيُضِلَّ" اللَّامُ: هِيَ لامُ "كي" حَرْفُ جَرٍّ وَتَعْلِيلٍ. و "يُضِلَّ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِـ "أَنْ" مُضْمَرَةً بَعْدَ لَامِ "كَيْ"، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جَوازًا تقديرُهُ (هوَ) يَعُودُ عَلَى المُجَادِلِ في اللهِ بغيرِ عِلْمٍ. و "عَنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يُضِلَّ"، و "سَبِيلِ" مَجْرُورٌ بحرفِ الَرِّ مضافٌ، ولَفْظُ الجلالةِ "اللهِ" مجرورٌ بالإضافةِ إِلَيِه، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ، مَعَ "أَنْ" المُضْمَرَةِ، فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِاللَّامِ، والتَّقْديرُ: لِإِضْلَالِهِ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، الجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يُجَادِلُ"، أَوْ يتعلَّقُ بـ "ثانِيَ عِطْفِهِ".
قوْلُهُ: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} لَهُ: اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقدَّمٍ، وَ "الهاءُ" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "فِي" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِحالٍ مِنْ "خِزْيٌ"؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ نَكِرَةٍ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا، و "الدُّنْيَا" مَجْرُورٌ بِحَرفِ الجَرِّ، وعَلَامَةُ جَرِّهِ كَسْرَةٌ مُقدَّرةٌ عَلَى آخِرِهِ لتَعَذُّرِ ظهورِها على الأَلِفِ. وَ "خِزْيٌ" مَرْفوعٌ بالابْتِداءِ مُؤَخَّرٌ، وَهذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ يَجُوزُ أَنْ تَكونَ حَالًا مَقَارِنَةً، أَيْ: مُسْتَحِقًّا ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكونَ حالًا مُقَدَّرَةً، وَيجوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعْرابِ.
قوْلُهُ: {وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} الوَاوُ: للعَطْفِ. و "نُذِيقُهُ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِم، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجُوبًا تقديرُهُ (نحنُ) يَعُودُ عَلَى اللهِ ـ تَعَالَى، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مَفْعُولُهُ الَأَوَّلُ. و "يَوْمَ" مَنْصوبٌ على الظَّرْفِيَّةِ الزَّمانِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وهُوَ مُضافٌ، وَ "الْقِيَامَةِ" مجرورٌ بالإِضافةِ إِلَيْهِ. و "عَذَابَ" مَفْعُولُهُ الثَّاني مَنْصوبٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، وَ "الْحَرِيقِ" مجرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ. وَالجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ" عَلَى كَوْنِها في محلِّ النَّصْبِ عَلَى الحالِ أَوْ مُسْتَأْنَفَةً لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {عِطْفِهِ} بِكَسْرِ العَيْنِ، وَهُوَ الجَانِبُ أَوِ الشِّقُ الأيمنُ أَوِ الأيسَرُ مِنَ الإنْسانِ، وَقَدْ كُنِّيَ بِهِ عَنِ التَّكَبُّرِ والتَّجَبُّرِ والغَطرَسَةِ، التي كانَ يَتَّصِفُ بِها المُشْرِكونَ.
وَقرأَ الحَسَنُ "عَطْفِهِ" بِفَتْحِ العَيْنِ، على أَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّعَطُّفِ، وَصَفَهُ بالقَسْوَةِ والصَّلَفِ والعَنْجَهِيَّةِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {يُضِلَّ} بِضَمِّ الياءِ، فَالمَفْعُولُ مَحْذوفٌ، والتقديرُ: لِيُضِلَّ غَيْرَهُ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وأَبُو عَمْرِو بْنِ العلاءِ في رِوَايَةٍ "يَضِلَّ" بِفَتْحِهَا أَيْ: لِيَضِلَّ هُوَ نَفْسُهُ.
قرأَ العامَّةُ: {نُذيقُهُ} بِضَمِيرِ الجَمْعِ للمُتَكَلِّمِ وَهُوَ اللهُ ـ تَعَالَى. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: "وَأُذِيْقُهُ" بِهَمْزَةٍ، والضَّميرُ لِلْمُتَكَلِّمِ أَيْضًا، وإنَّما الفردِ وليسَ الجَمع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 9
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: