قالَ الإمامُ القرطُبيُّ في تفسيرِهِ: (10/ 245):
رُوِينَا بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصاريِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَ أَبِي أَخَذَ مَالِي. فَقَالَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلرَّجُلِ: "فَأْتِنِي بِأَبِيكَ" فَنَزَلَ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لك: إذا جاءك الشيخ فاسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ قَالَهُ فِي نَفْسِهِ، مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ". فَلَمَّا جَاءَ الشَّيْخُ قَالَ لَهُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَالُ ابْنِكَ يَشْكُوكَ، أَتُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ مَالَهُ"؟. فَقَالَ: سَلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أُنْفِقُهُ إِلَّا عَلَى إِحْدَى عَمَّاتِهِ أَوْ خَالَاتِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِي! فَقَالَ لَهُ رسولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِيهِ، دَعْنَا مِنْ هَذ،ا أخبرْني عَنْ شَيْءٍ قُلْتَهُ فِي نَفْسِكَ مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَاكَ"؟. فَقَالَ الشَّيْخُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا زَالَ اللَّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ، يَزِيدُنَا بِكَ يَقِينًا، لَقَدْ قُلْتُ فِي نَفْسِي شَيْئًا مَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ. قال: "قُلْ وَأَنَا أسْمَعُ" قالَ قُلْتُ:
غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَمُنْتُكَ يَافِعًا .......... تَعِلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ
إِذَا لَيْلَةٌ ضَافَتْكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبِتْ .......... لِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُ
كَأَنِّي أَنَا الْمَطْرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِي ..... طُرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنِي تَهْمُلُ
تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَا ..... لَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّلُ
فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي ....... إِلَيْهَا مَدَى مَا كُنْتُ فِيكَ أُؤَمِّلُ
جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً ........ كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ
فَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أبوتى ..... فَعَلْتَ كَمَا الجَارُ المُصَاقِبُ يَفْعَلُ
فأَوْلَيْتَنِي حَقَّ الْجِوَارِ وَلَمْ تَكُنْ ....... عَلَيَّ بِمَالٍ دُونَ مَالِكَ تَبْخَلُ
قَالَ: فَحِينَئِذٍ أَخَذَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِتَلَابِيبِ ابْنِهِ وَقَالَ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ".
المصاقب: القريب.

أنا روح تضم الكون حباً وتطلقه فيزدهر الوجود