روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 66

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 66 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 66 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 66   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 66 I_icon_minitimeالسبت يونيو 13, 2020 9:22 pm

قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)


قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا} لَقَدْ تَأَدَّبَ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ مَعَ سَيِّدِنَا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، حِينَ قَالُوا: {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} الآيةَ: السَّابقةَ، أَيْ مَنْ يَبْدَأُ المُبارَزَةَ، كَمَا بَيَّنَّا فِي تَفَسيرِ تِلْكَ الآيَةِ، فقابَلَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَدَبَهُمْ بأَحْسَنَ مِنْهُ حَينَ قدَّمَهمْ عَلَيْهِ فَقَالَ لهم: "بَلْ أَلْقوا" أَنْتُمْ.
وَفِي قَوْلِهِ هَذَا الكَثِيرُ مِنَ الحِكْمَةِ والكثيرُ مِنَ الحِنْكَةِ أَيْضًا ـ إِضَافَةً إلَى التَّوَاضُعِ وَحُسْنِ الأَدَبِ، فإِنَّ إِبْطالَ سِحْرِهِمْ، وَتَفْنِيدِهُ، وِإِزْهاقِهِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ إِبْهَارًا مِنْ تَفَنُّنِهِمْ فيهِ بَعْدَ أَنْ يَكونُوا قَدِ اسْتَفْرَغُوا أَقْصَى جُهْدِهِمْ، واسْتَنْفَدُوا قُصَارَى مَا بِوِسْعِهُمْ، فَبَهَرَوا النَّاسَ بِهِ، أَشَدُّ تَأْثيرًا في النُّفُوسِ، وأَبْقَى أَثَرًا فِي الضَمَائرِ.
قَوْلُهُ: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} عِصِيٌّ: ـ بِكَسْرِ العَيْنِ، وَبِضَمِّهَا أَيْضًا، هوَ جَمْعُ الْعَصَا. وَثمَّةَ إِضْمَارٌ هُنَا، أَيْ: فَأَلْقَوْا، فَإِذَا حِبَالُهُمْ، وَعِصِيُّهُمْ يُخيَّلُ إِلَيْهِ ـ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعَى. قالَ أَبُو إِسْحاقٍ الزَّجَّاجُ: (وَتُرِكَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ تَعَالَى فِي الآيَةِ: 44، مِنْ سُورَةِ الشُّعَراءِ: {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ}. "مَعَانِي القرآنِ وإِعْرابُهُ" لَهُ: (3/365).
إِذًا فَقَدْ سَارَعَ السَّحَرَةُ بإلْقَاءِ مَا بِأَيْديهمِ مِنْ حِبَالٍ وَعِصِيٍّ، هَذَا مَا أَفَادَتْهُ فَاءُ التَّعقيبِ مَعَ "إِذَا" الفُجَائِيَّةِ هُنَا. وَالْمُفَاجَأَةُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْهَا دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُمْ أَعَدُّوا حبالَهُمْ وَعِصِيَّهم لِلْإِلْقَاءِ، وَكَانُوا يَخْشَوْنَ أَنْ يَمُرَّ وَقْتٌ طويلٌ فَتَزُولُ خَاصِّيَّاتُهَا، فَلِذَلِكَ أَسْرَعُوا بِإِلْقَائِهَا. وَلِشِدَّةِ سِحْرِهِمْ، وإِتْقانِهم هَذا الفَنَّ، فَقَدْ خُيِّلَ لِلْمُشَاهِدينِ بِمَا فِيهِمْ سَيِّدُنا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَأَنَّ الْأَرْضَ امْتَلَأَتْ حَيَّاتٍ، وَأَنَّ هَذِهِ الحِبَالَ وَالعِصِيَّ قَدْ تَحَوَّلَتْ إِلى ثَعَابِينَ، وَأَنَّها تقصُدُهُمْ. فَقَدْ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ ـ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى في الآيَةِ: 116، مِنْ سُورَةِ الأَعْرافِ: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤوا بِسِحْرٍ عَظِيم}.
لَقَدْ أَرْهَبُوا النَّاسَ بحيلَتِهِم هَذِهِ، لِأَنَّ الثَّعَابِينَ تَبْعَثُ الرَّعْبَ في النَّفْسِ لا سيَّما إِذَا كانَتْ بهَذِهِ الكَثْرَةِ، وخافَ سَيِّدُنَا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، وإِنَّما كانَ خَوْفُهُ أَنْ يَسْتوْلِيَ الرُّعْبُ عَلى نُفُوسِ الحاضِرينَ مِنَ النَّاسِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ التَّمْيِيزَ بَيْنَ هَذَا السِّحْرِ وَمَا سَيُظْهِرُهُ اللهُ عَلى يَدِهِ مِنْ آياتٍ مُعْجِزَةٍ، وَذَلِكَ لِتَثْبِيتِ اللهِ لَهُ، وَلِثِقَتِهِ بِتَأْيِيدِ مَوْلَاهُ ونَصْرِهِ لَهُ، وَلِأَنَّهُ يَعْرِفُ حَقِيقَةَ المَعْرِفةِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ السَّحَرَةُ هُوَ مُجَرَّدُ تَخْيِيلٍ وإِيهامٍ لأَعْيُنِ النَّاسِ، فَهُوَ بَعِيدٌ عَنِ الحَقِيقَةِ. فالسِّحْرُ لا يغيِّرُ جوهَرَ الأشْياءِ وإنَّما هو لأَعْيُنَ النَّاسِ وحَسْبُ كَمَا جَاءَ في الآيةِ: 116، مِنْ سَورَةِ الأَعْرَاف: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ}.
وَ "خُيِّلَ"، يُقَالُ: خُيَّل عَلَى الرَّجُلِ تَخْيِيلًا: إِذَا أُدْخِلتْ عَلَيْهِ الشُّبْهَةُ والتُّهْمَةُ، وَأَصْلُهُ: مِنَ الشَّبَهِ، وَالاشْتِبَاهِ الذي يُنَافِي الحَقيقَةَ وَالحَقَّ، وَمِنْ ذِلِكَ خَيَالُ الشَّيْءِ الذي يُشْبِهُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ، كَخَيَالِ الإِنْسَانِ الذي يظْهَرُ في المِرْآةِ، وما يَكُونُ فِي حُلْمِهِ وهوَ نائِمٌ، وَيُقالُ: أَخَالَ الشَيْءُ، إِذَا اشْتَبَهَ وَأَشْكَلَ فَهُوَ مَخِيلٌ، قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
والحَقُّ أَبْلَجُ لا يُخِيلُ سَبِيلُهُ .............. والصَّدقُ يَعْرِفُهُ ذَوُو الأَلبَابِ
وَقيلَ إِنَّ هَذَا التَّخْيِيلَ مِنْ سِحْرِ السَّحَرَةِ هُوَ أَثَرُ عَقَاقِيرَ يُشْرِبُونَهَا تِلْكَ الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ، وَتَكُونُ الْحِبَالُ مِنْ صِنْفٍ خَاصٍّ، وَالْعِصِيُّ مِنْ أَعْوَادٍ خَاصَّةٍ فِيهَا فَاعِلِيَّةٌ لِتِلْكَ الْعَقَاقِيرِ، فَإِذَا لَاقَتْ شُعَاعَ الشَّمْسِ اضْطَرَبَتْ تِلْكَ الْعَقَاقِيرُ فَتَحَرَّكَتِ الْحِبَالُ وَالْعِصِيُّ.
قِيلَ: إِنَّ السَّحرةَ لَطَّخوا حِبَالَهُمْ وعِصِيَّهمْ بِالزِّئْبَقِ، فَلَمَّا وَقَعْتْ عَلَيْهَا أَشِعَّةُ الشَّمْسِ اهْتَزَتْ وَاضطَّرَبَتْ، فَخُيِّل إِلَى أَعْيُنِ النَّاسِ أَنَّهَا تَتَحَرَّكُ وَتَسْعَى، فبُهِرُوا بِذَلِكَ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: خُيِّلَ إِلَى مُوسَى أَنَّ الْأَرْضَ حَيَّاتٌ وَأَنَّهَا تَسْعَى عَلَى بَطْنِهَا.
قَوْلُهُ تَعَالى: {قَالَ} فِعْلٌ مَاضٍ فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيُّ عَلى الفتْحِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هوَ) يَعودُ عَلى سيِّدِنا موسَى ـ عليْهِ السلامُ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفةٌ لَا مَحَلَّ لهَا مِنَ الإعْرابِ.
قوْلُهُ: {بَلْ أَلْقُوا} بَلْ: حَرْفُ ابْتِدَاءٍ وَإِضْرَابٍ إِضْرابًا إِبْطَالِيًّا أَوْ انْتِقاليًّا. وَ "أَلْقُوا" فِعْلُ أَمْرٍ مبنيٌّ على حذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، وَواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفْعِ بالفَاعِلِيَّةِ، والأَلِفُ فَارِقَةٌ، وَالجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مقولُ القولِ لِـ "قَالَ".
قوْلُهُ: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ} الفَاءُ: للتَّعْقيبِ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذوفٍ، والتَّقْديرُ: فَأَلْقَوْا فَإِذا .. . وَ "إذا" هيَ الفُجَائِيَّةُ مبنيَّةٌ على السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمَانِيَّةِ، وَقِيلَ: هيَ ظرفُ مكانٍ، وَقيلَ: هيَ حَرْفٌ لَا مَحَلَّ لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (وَالتَّحْقِيقُ فِيهَا أَنَّهَا الكَائِنَةُ بِمَعْنَى الوَقْتِ الطَّالِبَةُ نَاصِبًا لَهَا، وَجُمْلَةً تُضَافُ إِلَيْهَا خُصَّتْ في بَعْضِ المَوَاضِعِ بِأَنْ يَكونَ النَّاصِبُ لَهَا فِعْلًا مَخْصُوصًا، وَهُوَ فِعْلُ المُفَاجَأَةِ، وَالجُمْلَةُ ابْتِدَائِيَّةٌ لَا غَيْرَ. فَتَقْديرُ قَوْلِهِ تَعَالَى "فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ" فَفَاجَأَ مُوسَى وَقْتَ تَخْيِيلِ سَعْيِ حِبَالِهِمْ وَعِصِيِّهِمِ، وَهَذَا تَمْثِيلٌ. وَالمَعْنَى: عَلَى مُفَاجَأَتِهِ "حِبَالُهُمْ وعصيُهم" مُخَيِّلَةً إِلَيْهِ السَّعْيَ). وقد رَدَّ عليْهِ الشَّيْخُ أبو حيّان الأنْدَلُسيُّ فَقال: (قولهُ: "إِنَّها زَمَانِيَّةٌ" مَرْجُوحٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّياشِيِّ. وَقَوْلُهُ: "الطَّالِبَةُ نَاصِبًا" صَحِيحٌ. وَقَوْلُهُ: "وجُمْلَةٌ تُضافُ إِلَيْهَا" لَيْسَ صَحِيحًا عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، لِأَنَّها: إِمَّا أَنْ تَكونَ هِيَ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ، وَإِمَّا أَنْ تَكونَ مَعْمُولَةً لِخَبَرِ المُبْتَدَأِ. وَإِذَا كانَ كَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ تُضَافَ إِلَى الجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهَا: إِمَّا أَنْ تَكونَ بَعْضَ الجُمْلَةِ، أَوْ مَعْمُولَةً لِبَعْضِها، فَلَا يُمْكِنُ الإِضَافَةُ. وَقَوْلُهُ: "خُصَّتْ في بَعْضِ المَوَاضِعِ .. إِلَى آخِرِهِ" قَدْ بَيَّنَّا النَّاصِبَ لَهَا. وَقَوْلُه: "والجُمْلَةُ بَعْدَهَا ابْتِدائِيَّةٌ لَا غَيْرَ" هَذَا الحَصْرُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ قَدْ جَوَّزَ الأَخْفَشُ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّ الجُمْلَةَ الفِعْلِيَّةَ المُقْتَرِنَةَ بـ "قَدْ" تَقَعُ بَعْدَهَا نَحْوَ "خَرَجْتُ فإِذَا زَيْدٌ قَدْ ضَرَبَهُ عَمْرٌو" ـ بِرَفْعِ "زَيْد" وَنَصْبِهِ عَلَى الاشْتِغَالِ. وَقَوْلُهُ: "والمَعْنَى: عَلَى مُفَاجَأَتِهِ حِبَالُهُمْ وعِصِيُّهُمْ مَخَيِّلَةً إِلَيْهِ السَّعْيَ"، فَهَذَا عَكْسُ مَا قُدِّرَ، بَلِ المَعْنَى: عَلى مُفَاجَأَةِ حِبَالِهمْ وَعِصِيِّهِمْ إِيَّاهُ. فَإِذَا قُلْتُ: "خَرَجْتُ فِإذَا السَّبُعُ" فَالمَعْنَى: أَنَّهُ فَاجَأَنيَ السَّبُعُ، وَهَجَمَ ظُهُورُهُ). انتهى مَا رَدَّ بِهِ الشَّيخُ أَبو حيَّان على الزَّمَخشَرِيِّ. قَالَ السَّمينُ الحَلَبيُّ مُعقِّبًا عَلَى الشَّيْخِ أبي حيَّان: (مَا رَدَّ بِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ، لِأَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ بَعْضِ النُّحَاةِ، وَهُوَ لَا يَلْتَزِمُ ذَلِكَ القَوْلَ حَتَّى يُرَدَّ عَلَيْهِ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ المَشْهُورُ غَيْرَهُ، وَمَقْصُودُهُ تَفْسِيرُ المَعْنَى).
وَقَالَ العُكْبُريُّ أَبُو البَقَاءِ: الفَاءُ جَوَابُ مَا حُذِفَ، تَقْديرُهُ: فَأَلْقَوْا فإِذَا، فَـ "إذا" في هَذَا ظَرْفُ مَكَانٍ، العَامِلُ فِيهِ "أَلْقَوْ". فَقَالَ الشَّيْخُ أبو حَيَّان: وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ "أَلْقَوْا" هَذَا المُقَدَّرَ لَا يَطْلُبُ جَوَابًا حَتَّى يَقَولَ: الفاءُ: جَوَابُهُ، بَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: الفاءُ عَاطِفَةٌ هَذِهِ الجُمْلَةَ الفُجَائِيَّةَ عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى مُقَدَّرَةٍ. وَقَوْلُهُ "ظَرْفُ مَكانٍ"، هَذَا مَذْهَبُ المُبَرِّدِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ المَشْهُورَ بَقاؤُها عَلَى الزَّمَانِ. وَقَوْلُهُ: "إِنَّ العَامِلَ فِيهَا "فَأَلْقَوا" لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الفَاءَ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَلِأَنَّ "إِذَا" هَذِهِ إِنَّمَا هِيَ مَعْمُولَةٌ لِخَبَرِ المُبْتَدَأِ الذي هُوَ "حِبَالُهُمْ وعِصٍيُّهُمْ" إِن لَمْ يَجَعَلْهَا هِيَ فِي مَوْضِعِ الخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكونَ الخَبَرُ "يُخَيَّلُ"، وَيَجُوزُ أَنْ تَكونَ "إِذَا" وَ "يُخَيَّلُ" فِي مَوْضِعِ الحَالِ. وَهَذَا نَظِيرُ قولِكَ: (خَرَجْتُ فَإِذَا الأَسَدُ رَابِضٌ، وَرَابَضًا)، فإِذا رَفَعْتَ "رَابِضًا" كَانَتْ "إِذَا" مَعْمُولَةً لَهُ، وَالتَقْديرُ: فَبالْحَضْرَةِ الأَسَدُ رَابِضٌ، أَوْ فِي المَكانِ. وَإِذَا نَصَبْتَ كَانَتْ "إِذَا" خَبَرًا. وَلِذَلِكَ يُكْتَفَى بِهَا وَبِالْمَرْفُوعِ بَعْدَهَا كَلامًا، نَحْوَ: "خَرَجْتُ فَإِذَا الأَسَدُ". وَ "حِبَالُهُمْ" مَرْفوعٌ بالابْتِداءِ، وهوَ مُضافٌ. والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ لتَذْكِيرِ الجَمعِ. و "وَعِصِيُّهُمْ" الواوُ: حرفُ عَطْفٍ، وَ "عِصِيُّهُمْ" مَعْطوفٌ عَلَى "حِبَالُهُمْ" ولَهُ مِثلُ ما لَهُ مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ} يُخَيَّلُ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مُغَيَّرُ الصِّيغَةِ مَبْنِيٌّ للمَجْهولِ. و "إِلَيْهِ" إلى: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يُخَيَّلُ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يُخَيَّلُ" أَيْضًا، و "سِحْرِهِمْ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ، مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ علامةُ الجمعِ المُذكَّرِ. وَالجُمْلَةُ مِنْ "يُخَيَّل" يُحْتَمَلُ أَنْ تَكونَ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرًا لِـ "هِيَ" عَلَى أَنَّ "إِذا" الفُجَائِيَّةَ فَضْلَةٌ، وَيُحتَمَلُ أَنْ تَكونَ فِي مَحَلِّ النَّصْبٍ عَلَى الحَالِ، عَلَى أَنَّ "إِذَا" الفُجَائِيَّةَ هِيَ الخَبَرُ. وَالظاهرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي "إِلَيْهِ" عَلَى مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، بِدليلِ قَوْلُهِ تَعَالَى في الآيَةِ التي بَعْدَهَا: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} الآيةَ: 67. وَقِيلَ: يَعُودُ عَلى فِرْعَوْنَ.
قوْلُهُ: {أَنَّهَا تَسْعَى} أَنَّها: "أَنَّ" حرفٌ ناصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفِعلِ يُفِيدُ التَّوْكيدَ، وَ "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمُهُ، و "تَسْعَى" فعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ على آخِرِهِ لِتَعَذُّرِ ظهورِها عَلى الأَلِفِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هي) يعودُ على حِبَالِ السَّحَرَةِ وعِصِيِّهِمْ، وَجُمْلَةُ "تَسْعَى" خَبَرُ "أَنَّ" في محلِّ الرَّفْعِ. وَجُمْلَةُ "أَنَّ" مِنِ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا، فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَرْفوعِ، عَلَى كَوْنِهِ نَائِبَ فَاعِلٍ لِـ "يُخَيَّلُ" والتَّقْديرُ: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ سَعْيُهَا بِسَبِبِ سِحْرِهِمْ، وَجَوَّزَ أَبُو العُكْبُرِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكونَ القائِمُ مَقامَ الفاعِلِ ضَميرَ الحِبَالِ والعِصِيِّ، وَإِنَّمَا ذُكِّرَ وَلَمْ يَقُلْ ِ "تُخَيَّلُ" بالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَ الحِبَالِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ. وَالثاني: أَنَّ القائمَ مَقَامَ الفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى المُلْقَى، وَلِذَلِكَ ذُكِّرَ. وَعَلى الوَجْهَيْنِ فإِنَّ فِي قَوْلِهِ "أَنَّهَا تَسْعَى" وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ ذَلِكَ الضَّمِيرِ المُسْتَتِرِ فِي "يُخَيَّل". وَالثاني: أَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَتِرِ أَيْضًا. وَالمَعْنَى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ هِيَ أَنَّهَا ذَاتُ سَعْيٍ. وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا، وَأَيْضًا فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ المَصْدَرَ المُؤَوَّلَ لَا يَقَعُ مَوْقِعَ الحَالِ. فَلوْ قُلْتَ: "جاءَ زَيْدٌ أَنْ يَرْكُضَ" تُريدُ "جاءَ رَكْضًا"، بِمَعْنَى "ذَا رَكْضٍ"، لَمْ يَجُزْ. وَجُمْلَةُ "تَسْعَى" الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ على أَنَّها خَبَرُ المُبْتَدَأِ، والتقديرُ: فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ مُخَيَّلٌ إِلَيْهِ سَعْيُهَا مِنْ سِحْرِهِمْ، وَهُوَ خَبَرٌ سَبَبِيٌّ، وَهذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ: فِي مَحَلِّ الجَرِّ بإِضَافَةِ "إذَا" الفُجَائِيَّةِ إلَيْها، والظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مَحْذوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْديرُ: فَأَلْقَوْا فَفَاجَأَ مُوسَى وَقْتُ تَخْييلِ سَعْيِ حِبَالِهِمْ وَعِصِيِّهِمْ، وَالمَعْنَى عَلَى مُفَاجَأَتْهِ حِبَالهُمْ وَعِصِيّهُمْ مُخَيِّلَةً إِلَيْهِ السَّعْيَ، أَوْ فَاجَأَ مُوسَى ـ عليْهِ السَّلامُ، تَخْيِيلُ سَعْيِ حِبَالِهِمْ وَعِصِيِّهِمْ.
قَرَأَ العامَّةُ: {عِصِيِّهِم} بِكَسْرِ العَيْنِ والياءِ، وَقَرَأَ الحَسَنُ، وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ: "عُصِيُّهُمْ" بِضَمِّهِمَا حَيْثُ وَقَعَتا، وَهُوُ الأَصْلُ.
وَإِنَّمَا كُسِرَتِ العَيْنُ إِتْبَاعًا للصَّادِ، وكُسِرَتِ الصَّادُ إِتْبَاعًا لليَاءِ. وَالأَصْلُ عُصُوْوٌ ـ بِوَاوَيْنِ، فَأُعِلَّ ـ كَمَا تَرَى، بِقَلْبِ الوَاوَيْنِ يَاءَيْنِ اسْتِثْقَالًا لَهُمَا، فَكُسِرَتِ الصَّادُ لِتَصِحَّ، وكُسِرَتِ العَيْنُ إِتْبَاعًا.
وَنُقِلَ أَنَّ قِراءَةَ الحَسَنِ هِيَ "عُصْيهُمْ" بِضَمِّ العَيْنِ، وسُكونِ الصَّادِ، وَتَخْفِيفِ اليَاءِ، مَعَ الرَّفْعِ، وَهُوَ أَيْضًا جَمْعٌ كَقراءةِ العَامَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ عَلَى وزنِ "فُعْلٍ" كَ "حُمْرٍ"، وَالأَوَّلُ عَلَى وزنِ "فُعُوْلٍ" كَ "فُلُوسٍ".
قَرَأَ العَامَّةُ: {يُخَيَّل} ـ بِضَمِّ الياءِ الأُولَى وَفَتْحِ الثانِيَةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وقَرَأَ ابْنُ ذَكْوان: "تُخَيَّلُ" بالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ. وَفِيهِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ هِيَ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هذا الفِعْلَ مُسْنَدٌ لِضَمِيرِ الحِبَالِ وَالعِصِيِّ، أَيْ: تُخَيَّلُ الحِبَالُ وَالعِصِيُّ، وَ "أَنَّهَا تَسْعَى" بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ ذَلِكَ الضَّمِيرِ.
الثاني: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ قولَهُ: "أَنَّهَا تَسْعَى" حَالٌ، أَيْ: ذَاتَ سَعْيٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْريرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
الثالثُ: أَنَّ الفِعْلَ مُسْنَدٌ لِقَوْلِهِ: "أَنَّهَا تَسْعَى" كَقِرَاءَةِ العامَّةِ فِي أَحَدِ الأَوْجُهِ لَهَا، وَإِنَّما أَنَّثَ الفِعْلَ لِاكْتِسابِ المَرْفُوعِ التَّأْنِيثَ بِالإِضافَةِ؛ إِذِ التَّقْديرُ: تُخَيَّلُ إِلَيْهِ سَعْيُها، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الأَنْعَام: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} الآيَةَ: 160. وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ الأَعْشَى:
وتشْرَقُ بالْقَوْلِ الَّذي قد أَذَعْتُهُ ............ شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّمِ
وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ: "تَخَيَّلُ" بِفَتْحِ التَّاءِ وَاليَاءِ مَعًا على أَنَّهُ مَبْنِيٌّ للفَاعِلِ، وَالأَصْلُ "تَتَخَيَّلُ" فَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ مِنْهُ نَحْوَ قولِهِ تعالى مِنْ سُورةِ القَدْرِ: {تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ} الآيَةَ: 4، وَ "أَنَّهَا تَسْعَى" بَدَلُ اشْتِمَالٍ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ الضَّميرِ. وَجَوَّزَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَيْضًا أَنَّهُ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ جُبَارَةَ الهُذَلِيُّ قِراءَةَ أَبي السَّمَّالِ "تُخَيِّل" بِضَمِّ التَّاءِ مِنْ فَوْقُ، وَكَسْرِ الياءِ، فَالْفِعْلُ مُسْنَدٌ لِضَمِيرِ "الحِبَالِ"، وَ "أَنَّهَا تَسْعَى" مَفْعُولٌ، أَيْ: تُخَيِّلُ الحِبَالُ سَعْيَهَا. وَنَسَبَ ابْنُ عَطِيَّةَ هَذِهِ القِرَاءَةَ للْحَسَنِ وَعِيسَى الثَّقَفِيِّ.
وَقَرَأَ أَبُو حَيَوَةَ: "نُخَيِّلُ" بِنُونِ العَظَمِةِ، فالضَّميرُ للهِ تَعَالى، وَجُملةُ "أَنَّهَا تَسْعَى" مَفْعَولٌ بِهِ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ القِراءَةِ، واللهُ أَعْلَمُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 66
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: