خفايا الدهر
قلِّبْ فؤادَكَ بيْنَ الأَمْنِ والوَجَلِ
ما أَتفهَ العيشَ سهْلًا دونَما جَلَلِ
ما نَشْوةُ النَّصْرِ إِلَّا جِدُّ مُنْجَرِدٍ
بينَ المَخاطِرِ يجلو الحَطْبِ بالنُصُلِ
إنّي بَلَوْتُ خفايا الدهرِ فانْكَشَفَتْ
عنْ سرِّها، وبَدَا المَكنونُ في الأَزَلِ
الضِدُّ بالضدِّ إذْ تُجْلى مَزيَّتُهُ
لولا المَرَارُ جَهِلْنا مِيزةَ العَسَلِ
لولا التَمَنُّعُ ما لذَّ الوِصالُ ولا
لَذَّ التغزُّلُ لولا حُمْرَةُ الخجَلِ
شأْنُ الظِّباءِ إذا ما رُحْتَ تَنْشُدُها
يَنْفُرْنَ، والفوزُ رهْنَ البَأْسِ في الرَّجُلِ
***
يامَنْ يُلَوَّمُ جهلًا لِينَ قافيتي
إنَّ الحَصيفَ عنِ الجُهَّالِ في شُغُلِ
يَمَّمْتَ سَهْمَكَ صرحًا لَسْتَ بالِغَهُ
خابتْ سِهامُكَ والعُتْبَى على الحَوَلِ
لوْ فُزتَ بالصَّيْدِ ما سَفهَتَ قانِصَهُ
ما قُلْتَ مَا قُلْتَ ما قُلْتَ لولا خَيْبَةُ الفَشَلِ
***
هُنَّ الحِسانُ مَرامُ الصِيدِ في الأَزَلِ
دَعُ عَنْكَ ما قِيلَ في الإغْضاءِ مِنْ دَجَلِ
لا تَشْتُمَنَّ الفتى إنْ رحتَ تنصحَهُ
يومًا فشتمُ الورى ضربٌ مِنَ الخَبَلِ
هُمْ قومُكَ القلبُ أو كالعين إنْ رَمِدَتْ
فاحذرْ تُبلْسِمَ سَهْل الداءِ بالعِلَلِ
(والشِّعْرُ إلَّمْ يَكُنْ ذِكْرى وعاطفةً
أَوْ حِكْمَةٍ) فاتْرُكَنَّ الشِّعْرَ واعْتَزِلِ
عبد القادر الأسود