روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 16

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 16 Jb12915568671



الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 16 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 16   الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 16 I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 17, 2019 5:05 am

وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16)

قَوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ} أَيْ: وَقَدْ فَارَقْتُم قوْمَكمْ فِي الاعْتِقَادِ، وابتعَدْتُمْ عَنْ عَبادَةِ الأَوْثانِ التي يَعْبُدُونَها مِنْ دونِ اللهِ، فإِذا أَرَدْتُمْ أَنْ تَبْتَعِدُوا عنهمْ بِأَجْسَادِكُمْ كما ابْتَعدْتُمْ عنهُمْ بِقلوبِكم وأَفْكارِكم. أَيْ: قالَ ذَلِكَ بَعْضُ الفِتْيَةِ أَهْلِ الكَهْفِ لِبَعْضٍ، وَقِيلَ: القائلُ هُوَ (يَمْلِيخَا) رَئِيسُهم الذي كانَ مُوَكَّلًا عَلَى نَفَقَتِهم، كَمَا كانَ عَيْنَهم عَلى عَدُوِّهم. وَرَدَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما.
وقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: "إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ" لِلتَّعْلِيلِ، عَلَى التَّحْقِيقِ، وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى: وَلِأَجْلِ اعْتِزَالِكُمْ قَوْمَكُمُ الْكُفَّارَ وَمَا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ، سَنُكافِئُكْمْ، "فَأْووا إِلَى الكَهْفِ" أَيْ: فَاتَّخِذُوا الْكَهْفَ مَأْوًى لكمْ وَمَكَانَ اعْتِصَامٍ، " يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا"، وَفي هَذَا دليلٌ عَلَى أَنَّ اعْتِزَالَ الْمُؤْمِنِ قَوْمَهُ الْكُفَّارَ مِنْ أَسْبَابِ لُطْفِ اللهِ بِهِ وَرَحْمَتِهِ لَهُ. وَفي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ عَنْ نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}، الآياتِ: (48 ــ 50). وَاعْتِزَالُهُمْ إِيَّاهُمْ هُوَ مُجَانَبَتُهُمْ لَهُمْ، وَفِرَارُهُمْ مِنْهُمْ بِدِينِهِمْ.
والاعْتِزَالُ: هُوَ تَجَنُّبُ الشَّيْءِ بِالْبَدَنِ أَوِ بالقَلبِ، وكِلَاهما مُحْتَمَلٌ هُنَا، فَالعِزْلَةُ عَنْ غَيرِ اللهِ تُوجِبُ الوُصولَ إليْهِ تَعَالى. بَلْ لَا تَحْصُلُ الوَصْلَةُ بِهِ ـ سُبْحانَهُ، إِلَّا بَعْدَ العُزْلَةِ عَنْ غَيْرِهِ ـ تَبَارَكَ وتعالى. فَلَمَّا اعْتَزَلُوا قومَهم، ومَا كانوا يَعَبُدونَ مِنْ دونِ اللهِ آواهُمُ الحَقُّ إِلى كَنَفِ رِعَايَتِهِ، وَمَهَّدَ لَهُمْ مَثْوًى فِي كَهْفِ عِنَايَتِهِ. والاعْتِزَالُ والتَعَزُّلُ بَمَعْنَى، وَمِنْ ذلكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ سَعِيدٍ الأَحْوَص:
يا بَيْتَ  عَاتِكَةَ الذي أَتَعَزَّلُ ................ حَذَرَ العِدَا وَبِهِ الفُؤادُ مُوَكَّلُ
أَخْرَجَ سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وأبو نُعَيْمٍ عَنْ عَطاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ـ رضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَإِذِ اعْتَزَلْتُموهُمْ وَمَا يَعْبدُونَ إِلَّا اللهَ" قَالَ: كَانَ قَوْمُ الْفِتْيَةِ يَعْبُدُونَ اللهَ، ويَعْبُدونَ مَعَهُ آلِهَةً شَتَّى، فَاعَتَزَلَتِ الْفِتْيَةُ عِبَادَةَ تِلْكَ الْآلِهَةِ وَلَمْ تَعْتَزِلْ عِبَادَةَ اللهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، "وَإِذ اعتزلتموهم وَمَا يعْبدُونَ إِلَّا اللهَ" قَالَ: هِيَ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ، فَهَذَا تَفْسِيرُهَا.
ويُحْتَمَلُ في "مَا" أَنْ تَكونَ مَوْصُولَةً، ويُحْتَمَلُ أَنْ تَكونَ مَصْدَرِيَّةً، وعَلَى الاحْتِمالَيْنِ فَالعَطْفُ عَلَى الضَّميرِ المَنْصُوبِ، والاسْتِثْناءُ فِيهِمَا مُتَّصِلٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَبناءً عَلَيْهِ فالقَوْمُ عَابِدونَ للهِ تَعَالَى وَعَابِدونَ لِغَيْرِهِ، وَهُوُ مَا جَاءَ في بَعْضِ الآثارِ. أَمَّا عَلَى الثاني فيُقَدَّرُ مُضافٌ فِي جانِبِ المُسْتَثْنَى لِيَتَأَتَّى الاتِّصالُ، أَيْ: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَاعْتَزَلْتُمُ الذينَ يَعْبُدونَهم إِلَّا اللهَ تَعَالَى، أَوْ إِذَا اعْتَزَلْتُمُوهُمْ واعْتَزَلْتُمْ عِبَادَتَهمْ إِلَّا عِبَادَةَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وعَلَيهِ فيَجِبُ تَقْديرُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ لِذَلِكَ الاحتمالِ، نَحْوَ عِبادَتِهم لِمَعْبُوديهمْ تَكَلُّفٌ، وَعَلَيْهِ يَكونونَ عَابِدينَ غَيْرَهُ تَعَالى فَقَطْ، وهَذَا هُوَ الأَوْفَقُ بِقَولِهِ تَعَالى مِنَ الآيَةِ التي قَبْلَها: {هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ ءَالِهَةً}، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يِكونَ الاسْتِثْناءُ هُنَا مُنْقَطِعًا. وَيجُوزً أَنْ تَكونَ "ما" هِيَ النافِيَة، ويَجُوزُ أَنْ يَكونَ الاسْتِثْناءُ مُفَرَّغًا، فَالجُمْلَةُ إِذًا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ "إِذْ" وجَوابِهِ، للإِخْبارِ عَنِ الفِتْيَةِ مِنَ اللهِ تَعَالَى بالتَوْحِيدِ، أَعْنِي قوْلَهُ تَعَالى: "فَأْوُواْ إِلَى الكَهْفِ"، وَوَجْهُ الاعْتِراضِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالى: "وَإِذِ اعْتَزَلْتُموهم فَأْوُوا" مَعْنَاهُ، وَإِذَا اجْتَنَبْتُمُوهمْ وَمَا يَعْبُدونَ فَأَخْلِصُوا لَهُ العِبَادَةَ فِي مَكانٍّ تَتَمَكَّنُونَ فيهِ مِنْ ذَلِكَ، فَدَلَّ الاعْتِراضُ عَلَى أَنَّهُمْ كانُوا صَادِقِينَ، وَأَنَّهم قامُوا بِمَا وَصَّى بِهِ بَعْضُهم بَعْضًا، فُهُوَ يُؤكِّدُ مَضْمُونَ هَذهِ الجُمْلَةِ.
قَوْلُهُ: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ: أَيْ اجْعَلوهُ مَأْوًى لَكَمْ، وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ" قَالَ: كَانَ كَهْفُهُمْ بَيْنَ جَبَلَيْنِ. وَ "يَنْشُرْ لَكُمْ مِنْ رَّحْمَتِهِ": أَيْ يَبْسُطْ لَكُمْ في الدَّارَيْنِ، وَيُوَسِّعْ عَلَيْكُمْ في الرِّزْقِ، رَبُّكمُ الذي هو مَالِكُ أَمْرِكُم، فقدْ خَلَقَكمْ، وَتَعَهَّدَكمْ بالتَرْبِيَةِ والعنايَةِ والحِفْظِ، وهَداكُمْ للإيمانِ، وكلُّ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ وَرحْمَتِهِ ـ سْبْحانَهُ وَتَعَالَى، وهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالى مِنْ سُورَةِ الشُّورَى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} الْآيَةَ: 28.
قولُهُ: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} وَيُهَيّئْ: يُسَهِّلْ ويُيَسِّرْ "لَكُمْ مّنْ أَمْرِكُمْ" أَيْ مِنْ أَمْرِكمْ الذي أَنْتُمْ بِصَدَدِ الإقدامِ عليْهِ مِنَ الفِرَارِ مِنْ قومِكمْ بِدينِكم، مِنَ الانْقِطاعِ إِلى اللهِ ـ تَعَالى، والتَوَجُّهِ التَّامِ إِلَيْهِ، وَ "مِرْفَقًا" مَا تَرْتَفِقُونَ بِهِ، أَيْ: مَا تَنْتَفِعُونَ بِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ السُّدِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ ـ جَلَّ وعَلا: "ويُهَيِّئْ لَكم مِنْ أَمْرِكُم مِرْفَقًا" قالَ: غِذَاءً. وَزَعَمَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ أَنَّ "مِنْ" هُنَا فيها مَعْنَى الْبَدَلِيَّةِ، أَيْ يُهَيِّئْ لَكُمْ بَدَلًا مِنْ "أَمْرِكُمْ" الصَّعْبِ مِرْفَقًا، وَهَذَا كقَوْلِهِ تَعَالَى في الآيةِ: 38، مِنْ سُورَةِ التوبةِ: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}، أَيْ بَدَلًا مِنْهَا، وَعِوَضًا عَنْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الأَحْوَلِ الكِنْدِيِّ، يَعْلى بْنُ مِسْلِمِ بْنِ قَيْسٍ:
فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً ................. مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى طَهَيَانِ
وفي رِوايةٍ (عَلَى شَدَوانِ) أَيْ بَدَلًا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قولُهُ تَعَالى: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ} الواوُ: عَاطِفَةٌ، و "إِذِ" مَنْصُوبٌ بِمَحْذُوفٍ عَلَى الظَرْفيَّةِ لِمَا مَضَى مِنَ الزَّمانِ، مُتَعَلِّقٌ بِالجَوابِ الآتي بَعْدَهُ، أَيْ: وَقَالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ وَقْتَ اعْتِزَالِهم. وَجَوَّزَ بَعْضُهم أَنْ تَكونَ "إذْ" للتَعْليلِ، أَيْ: فَأْوُوا إِلى الكَهْفِ لاعْتِزاِلِكمْ إِيَّاهُمْ، وَهُوَ غيرُ صحيَحٍ. وَ "اعْتَزَلْتُمُوهُمْ" فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ هو تاءُ الفاعِلِ، وَتاءُ الفاعِلِ ضَمِيرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الرفعِ فاعِلُهُ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ، وَ "هُم" ضَميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مَفْعولٌ بِهِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ الجرِّ مُضَافٌ إِلَيْهِ، لِـ "إِذِ". و "وَما" الواوُ: عَاطِفَةٌ، و "مَا" اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ في مَحلِّ النَّصبِ عَطْفًا عَلَى الهاءِ فِي "اعْتَزَلْتُمُوهُمْ"، أَوْ هِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، ويَصِحُ أَنْ تَكونَ مَصْدَرِيَّةً، والتَقْديرُ: وإذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَعِبَادَتَهُمْ. وَ "يَعْبُدُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفُوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رَفعِهِ ثباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وَواوُ الجَمَاعَةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرفعِ فاعِلُهُ، وَالجُمْلَةُ صِلَةٌ لِـ "مَا" لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ إِنْ أُعرِبتْ موصولةً، أَوْ صِفَةٌ لَهَا في محلِّ النَّصْبِ إِنْ أُعرِبتْ نَكِرةً موصوفةً، والعائدُ، أَوِ الرَّابِطُ مَحْذُوفٌ، والتَقْديرُ: وَمَا يَعْبُدونَهُ. و "إِلَّا" أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ، ولفظُ الجَلالَةِ "اللهَ" مُنْصوبٌ على الاسْتِثْنَاءِ، مُتَّصِلٌ مِنَ "ما" أَوْ مِنَ العَائِدِ المَحذوفِ عَلى تَقْديرِ: كَوْنِهِمْ مُشْرِكِينَ، وَمُنْقَطِعٌ عَلى تَقْديرِ تَمَحُّضِهِمْ فِي عِبادَةِ الأَوْثَانِ. وَيَجوزُ في "مَا" أَنْ تَكونَ نافيَةً، وأَنَّهُ مِنْ كَلامِ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَى هَذَا فَهَذِهِ الجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ أَثْنَاءِ القِصَّةِ، وَإلى ذلكَ ذَهَبَ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَيَكونُ "إِلَّا اللهُ" اسْتِثْنَاءً مُفَرَّغًا أَخْبَرَ اللهُ عَنِ الفِتْيَةِ أَنَّهم لا يَعْبُدونَ غَيْرَهُ. وَقَالَ أَبُو البَقاءِ: بِأَنَّهَا حَرْفُ نَفْيٍ فَيَخْرُجُ في الاسْتِثْنَاءِ وَجْهانِ، أَحَدُهُمَا: هوَ مُنْقَطِعٌ، والثاني: هوَ مُتَّصِلٌ، والمَعْنَى: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ إِلَّا اللهَ وَمَا يَعْبُدونَ إِلَّا اللهَ، قالَ السَّمِينُ: فَظَاهِرُ هَذَا الكَلَامِ: أَنَّ الانْقِطاعَ وَالاتِّصالَ في الاسْتِثْنَاءِ مُتَرَتِّبانِ عَلَى القَوْلِ بِكَوْنِ "مَا" نافِيَةً، وَلَيْسَ الأَمْرُ كَذَلِكَ.
قولُهُ: {فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ} فَأْوُوا: الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوَابِ "إِذِ" الشَّرْطِيَّةِ، وُجوبًا، وَهُوَ كَمَا لَوْ أَنَّكَ قُلْتَ: إِذْ فَعَلْتَ فَافْعَلَ كَذَا. و "أْوُوا" فِعُلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأَنَّ مُضارعَهُ مِنَ الأَفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ. و "إِلَى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، و "الْكَهْفِ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ جَوَابُ "إِذِ" لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعرَابِ، وَهوَ ما ذَهَبَ إلَيْهِ الفَرَّاءُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ دَليلُ الجَوَابِ، والمَعْنَى: وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ اعْتِزَالًا اعْتِقَادِيًّا، فَاعْتَزِلُوهُمْ اعْتِزالًا جِسْمانِيًّا، أَوْ: وإِذْ أَرَدْتُمُ الاعْتِزَالَ الجِسْمَانِيَّ فَافْعَلُوا ذَلِكَ. وَاعْتُرِضَ عَلَى كِلَا القَوْلَيْنِ بِأَنَّ "إِذْ" بِدونِ "مَا" لَا تَكونُ للشَّرْطِ. وَقِيلَ إِنَّ القَوْلَ بِأَنَّ "ما" قدْ تَكُونُ للشَّرطِ هو قَوْلٌ ضَعيفٌ لِبَعْضِ النُّحاةِ، أَوْ هو تَسَامُحٌ مِنْهُمْ، لِأَنَّهَا بِمَعْنَاهُ، فَهِيَ هُنَا تَعْلِيلِيَّةٌ أَوْ ظَرْفِيَّةٌ، وَقِيلَ تَعَلُّقُها بِـ "أْوُوا" مَحْذُوفًا دَلَّ عَلَيْهِ المَذْكُورُ، لا بِهِ، وذلكَ لِمَكانِ الفاءِ، أَوْ إِنَّ التعلُقَ بِـ "أْووا" المَذْكُورِ، والظَّرْفُ يُتَوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ، وَقالَ العُكْبُريُّ أَبُو البَقَاءِ: "إِذْ" ظَرْفٌ لِفِعْلٍ مَحْذوفٍ، والمعنى: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَظاهِرُ قولِهِ أَنَّهُ عَنَى بِالفِعْلِ المَحْذوفِ "قالَ"، وقولُهُ هَذَا مِنْ أَعْجَبِ العُجابِ. وَفِي مُصْحَفِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،  في مَا أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ" وأَيْضًا فإنَّ في بَعْضِ المَصَاحِفِ: "وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِنَا" وَهَذَا يُؤيِّدُ الاعْتِرَاضَ، وَفِي البَّحْرِ للشَّيْخِ أَبيِ حيَّانَ أَنَّ مَا فِي المُصْحَفَيْنِ تَفْسيرٌ لَا قِراءَةٌ، وذلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ سَوادَ الأَئِمَّةِ. وَجُمْلَةُ "إِذِ" الشَّرْطِيَّةُ مِنْ شَرْطِهَا وَجَوَابِهَا فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَطْفًا عَلى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "هؤُلاءِ قَوْمُنَا" عَلَى كَوْنِهَا مَقُولًا لِـ "قَالُوا".
قوْلُهُ: {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} يَنْشُرْ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِالطَّلَبِ السَّابِقِ. و "لَكُمْ" اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "يَنْشُرْ"، وَكافُ الخِطابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجرِّ بحرفِ الجَرِّ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ، و "رَبُّكُمْ" فَاعِلُ "يَنْشُرُ" مرفوعٌ بِهُ، وهوَ مُضافٌ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإِضافةِ إليْهِ، والميمُ للجمعِ المُذَكَّرِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ جَوابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ غَيْرُ مُقْتَرِنَةٍ بِالفاءِ، أَيْ: إِنْ تَأْوُوا يَنْشُرْ، لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ. ويُعْرِبُ بَعْضُهُمْ مِثْلَ هَذِهِ الجُمْلَةِ اسْتِئْنافًا بَيَانِيًّا للأَمْرِ المُتَقَدِّمِ. و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ لِمَفْعُولٍ مَحْذوفٍ، والتَقْديرُ: نَجَاةً مِنْ رَحْمَتِهِ، و "رَحْمَتِهِ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ.
قولُهُ: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} الوَاوُ" للعَطْفِ، و "يُهَيِّئْ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجزومٌ بالطَّلَبِ السابقِ عَطْفًا عَلَى "يَنْشُرْ". و "لَكُمْ" اللامُ حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يُهَيِّئْ"، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحَرْفِ الجَرِّ، والميمُ: علامةُ الجمعِ المُذكَّرِ. وَ "مِنْ" حرْفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِحالٍ مِنْ "مِرْفَقًا" لأَنَّهُ صِفَةُ نَكِرَةٍ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهَا، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ قَبْلَهُ، وَ "مِنْ" لابْتِداءِ الغايةِ أَوْ للتَّبْعيضِ. وَقِيلَ: هِي بِمَعْنَى بَدَلَ، قَالهُ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ كما تقدَّمَ. و "أَمْرِكُمْ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ مُضافٌ، وكافُ الخِطابِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإِضافَةِ إِلَيْهِ، والميمُ: عَلامةُ الجَمْعِ المُذَكَّرِ. و "مِرْفَقًا" مَفْعُولٌ بِهِ لـ ""يُهَيِّئْ" مَنْصوبٌ.
قَرَأَ الجُمْهُورُ: {مِرْفَقًا} بِكَسْرِ المِيمِ وَفَتْحِ الفاءِ. وقرأَ نافعٌ وابْنُ عامِرٍ "مَرفِقًا" بالعَكْسِ، وفيهما اخْتِلافٌ بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى واحِدٍ، وَهُوَ مَا يرْتَفَقُ بِهِ، وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ. وَقِيلَ: هوَ بِالكَسْرِ فِي المِيمِ لمرفقِ اليَدِ، وَبِفَتْحِها للرِّفقِ بالأَمْرِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الآخَرِ، حَكَى ذلكَ الأَزْهَرِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَأَنْشَدَ الفَرَّاءُ جَمْعًا بَيْنَ اللُّغْتَيْنِ في الجَارِحَةِ قولَ الراجِزِ:
بِتُّ أُجافي مِرْفقاً عن مَرْفقِ
وَحَكَى الزَّجَّاجُ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلانِ مَعًا في الأَمْرِ وَفِي الجَارِحَةِ. وحَكَى مَكِّيٌ، عَنِ الفَرَّاءِ أَنَّهُ قالَ: لا أَعْرِفُ فِي الأَمْرِ، وَلَا فِي اليَدِ، وَلَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا كَسْرَ المِيمِ. وَتَوَاتَرُ قِراءَةِ نَافِعٍ والشَّامِيِّينَ يَرُدُّ عَلَيْهِ. وَأَنْكَرَ الكِسائيُّ كَسْرَ المِيمِ فِي الجارِحَةِ، وقالَ: لا أَعْرِفُ فِيهِ إِلَّا الفَتْحَ، وهُوَ عَكْسُ قَوْلِ تِلْمِيذِهِ، وَلَكِنَّ أَبا حاتمٍ خالَفَهُ وَقَالَ: هوَ بِفَتْحِ المِيمِ: المَوْضِعُ كالمَسْجِدِ. وقَالَ أَبُو زَيْدٍ: هوَ بِفَتْحِ المِيمِ مَصْدَرٌ جَاءَ عَلَى وَزْنِ "مَفْعَل". وقالَ بَعْضُهم: هُمَا لُغَتَانِ فِيمَا يُرْتَفَقُ بِهِ، فَأَمَّا الجارِحَةُ فَبِكَسْرِ المِيمِ فَقَطْ. وحُكِيَ عَنِ الفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ: أَهْلُ الحِجَازِ يَقولونَ: "مَرْفِقًا" (بِفَتْحِ المِيمِ وَكَسْرِ الفاءِ) فِيما ارْتَفَقْتَ بِهِ، وَيَكْسِرونَ "مِرْفَق" لِيَدِ الإِنْسانِ، والعَرَبُ بَعْدُ يَكْسِرونَ الميمَ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وأَجازَ مُعاذُ فَتْحَ المِيمِ والفاءِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ كَالمَضْرَبِ والمَقْتَلِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 16
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: