روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 125

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية:  125 Jb12915568671



الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية:  125 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 125   الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية:  125 I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 05, 2018 7:57 am

ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
(125)
قولُهُ ـ جَلَّ وَعَزَّ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} ادْعُ: بِمَثَابَةِ البَيَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى قَبْلَ ذَلِكَ في الآيَةِ: 123، السَّابِقَةِ: {اتَّبِعْ} فَإِنَّ الْمُرَادَ بِمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ مِنَ اتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ الْمَبْنِيُّ عَلَى قَوَاعِدِ (الْحَنِيفِيَّةِ)، فَلَا جَرَمَ كَانَ الرَّسُولُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَاعِيًا إِلَى اتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، بِدَعْوَتِهِ النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ. وَمُخَاطَبَةُ اللهِ رَسُولَهُ ـ عَلَيْهِ صَلاةُ اللهِ وَسَلامُهُ، بِهَذَا الْأَمْرِ فِي حِينِ أَنَّهُ كانَ يَدعوا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَمُوَافِقٌ لِأَصُولِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ـ علَيْهِ السَّلامُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي طَلَبِ الدَّوَامِ عَلَى الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْهِدَايَةِ إِلَى طَرَائِقِ الدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ الحنيفِ. فَقد تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الكريمةُ تَثْبِيتَ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى دَعْوَتِهِ، وَأَنْ لَا يُيْأَسَ بوصْفِ الْمُشْرِكِينَ بالكَذِبِ والافتراءِ بقَوْلِهمْ لَهُ: {إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ} الآيةَ: 101، السابقةِ. وَقَوْلُهُمْ: {إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} الآيةَ: 103، بعدَها وَأَنْ لَا يَصُدَّهُ عَنِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ تعالى أَنَّهُ ـ سُبْحانَهُ: {لَا يَهْدِي الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللهُ} الآيةَ: 104. ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يَتْرُكُوا وسِيلَةً يَحْسَبُونَها تُثَبِّطُّ هِمَّةَ النّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وترُدُّهُ عَنْ دَعْوَتِهِ إِلَّا أَتَوْهَا، مِنْ تَكْذِيبٍ وَبُهْتَانٍ وَاخْتِلَاقٍ، وَسُخْرِيَةٍ وازْدِراءٍ وَبَذَاءَةٍ، وإِيذاءٍ وَتَهْدِيدٍ ووعيدٍ. مِمَّا هُوَ مَحْكِيٌّ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الكريمةِ، وفِي تَضَاعِيفِ  الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُمْ يَجْهَلُونَ مَرَاتِبَ أَهْلِ الِاصْطِفَاءِ وَيَزِنُونَهُمْ بِمِعْيَارِ مَوَازِينِهِمْ، فَحَسِبُوا مَا يَأْتُونَهُ مُثَبِّطًا لَهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وَكافيًا لِأَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ متابعَةِ دَعْوَتِهِ. و "سَبِيلِ رَبِّكَ" طَرِيقُهُ. وَهُوَ مِنَ المَجَازِ، ويَشْمَلُ كُلَّ عَمَلٍ يُبَلِّغَ عَامِلَهُ رِضَوانَهُ ـ سُبحانَهُ وتَعَالَى، لِأَنَّ الْعَمَلَ المُوصِلَ إِلَى غايَةِ عاملِهِ يُشْبِهُ الطَّرِيقَ الْمُوصِلَ إِلَى مَكَانٍ مَّا، فاسْتُعَيرُ اسْمُ السَّبِيلِ لِهَذا السَبَبِ. وإِضَافَتُهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى بقولِهِ: "رَبِّكَ" لأَنَّه هُوَ الذي أَرْشَدَ إِلَيْهِ وَأَمَرَ بِالْتِزَامِهِ.
وقدْ أَصْبَحَ اسْمُ (سَبيلُ اللهِ) و (سَبِيلُ رَبِّكَ) عَلَمًا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ بِالْغَلَبَةِ، كَمَا هوَ فِي قَوْلِهِ هُنَا: "إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ" وكَمَا هُوَ في قولِهِ تَعَالى مِنْ سُورةِ الْأَنْفَال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ} الآيةَ: 36، أَيْ: ليصدُّوا عَنْ دينِ اللهِ الذي هو الإسلامُ. كما يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى نُصْرَةِ الدَّيْنِ بِالْقِتَالِ: قَالَ تَعَالَى مِنْ سُورَة التَّوْبَة: {وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ} الآيةَ: 41. فَسَبِيلُ اللهِ أَيضًا نُصْرةُ دِينِهِ.
قولُهُ: {بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} الْحِكْمَةُ: الْمَعْرِفَةُ الْمُحْكَمَةُ، الصَّائِبَةُ، الْمُجَرَّدَةُ عَنِ الْخَطَأِ، وَلَا تُطْلَقُ إِلَّا عَلَى الْمَعْرِفَةِ الْخَالِصَةِ عَنْ شَوَائِبِ الْأَخْطَاءِ، وَبَقَايَا الْجَهْلِ فِي تَعْلِيمِ النَّاسِ وَفِي تَهْذِيبِهِمْ. وَعُرِّفتْ أَيضًا بِأَنَّهَا: مَعْرِفَةُ حَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ الْبَشَرِيَّةِ، بِحَيْثُ لَا تَلْتَبِسُ عَلَى صَاحِبِهَا الْحَقَائِقُ الْمُتَشَابِهَةُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. وَهِيَ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ كَلَامٍ، وعِلْمٍ يُرَاعَى فِيهِ إِصْلَاحُ حَالِ الأَنامِ وَاعْتِقَادِهِمْ إِصْلَاحًا مُسْتَمِرًّا لَا يَتَغَيَّرُ. وَتُطْلَقُ الْحِكْمَةُ عَلَى الْعُلُومِ الْحَاصِلَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ، وَيُرَادِفُهَا الْحُكْمُ.
والْمَوْعِظَةِ: هي الْقَوْلُ الَّذِي يُلَيِّنُ نَفْسَ الْمُخاطَبِ بها لِعَمَلِ الْخَيْرِ. وَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الْحِكْمَةِ، فهِيَ حِكْمَةٌ فِي أُسْلُوبٍ خَاصٍّ لِإِلْقَائِهَا. وَقَدْ وَصَفَهَا بِالْحُسْنِ أَيْ أَنَّها حَسَنَةٌ فِي جِنْسِهَا، وذَلِكَ للتَحْرِيضِ عَلَى أَنْ تَكُونَ لَيِّنَةً مَقْبُولَةً عِنْدَ النَّاسِ، وَإِنَّمَا تَتَفَاضَلُ الْأَجْنَاسُ بِتَفَاضُلِ الصِّفَاتِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهَا. وَعَطْفُها عَلَى الْحِكْمَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُما تَتَغَايِرَا بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْلُكُ بِالْمَوْعِظَةِ مَسْلَكَ الْإِقْنَاعِ، فَمِنَ الْمَوْعِظَةِ حِكْمَةٌ، وَمِنْهَا خَطَابَةٌ. وَقُيِّدَتِ الْمَوْعِظَةُ بِالْحَسَنَةِ وَلَمْ تُقَيَّدِ الْحِكْمَةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْعِظَةَ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا رَدْعَ الْمَوْعُوظِ عَنْ أَعْمَالِهِ السَّيِّئَةِ، أَوْ عَنْ تَوَقُّعِ ذَلِكَ مِنْهُ، كَانَتْ مَظِنَّةَ صُدُورِ غِلْظَةٍ مِنَ الْوَاعِظِ، وَلِحُصُولِ انْكِسَارٍ فِي نَفْسِ الْمَوْعُوظِ، أَرْشَدَ اللهُ تَعَالى رَسُولَهُ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، إلى إِلَانَةِ الْقَوْلِ، وَتَرْغِيبِ الْمَوْعُوظِ فِي الْخَيْرِ، وأَنْ تَكُونَ مَوْعِظَتُهُ حَسَنَةً، كما خاطَبَ نَبِيَّهُ مُوسَى وَأَخاهُ هَارُونَ فقَالَ: {اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى * فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} الآيتانِ: (43 و 44) مِنْ سُورةِ طَهَ. وَفِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ» الْحَدِيثَ أَخرجهُ التِّرْمِذِيِّ. وَأَمَّا الْحِكْمَةُ فَهِيَ تَعْلِيمٌ لِمُتَطَلِّبِي الْكَمَالِ مِنْ مُعَلِّمٍ يَهْتَمُّ بِتَعْلِيمِ طُلَّابِهِ فَلَا تَكُونُ إِلَّا فِي حَالَةٍ حَسَنَةٍ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّنْبِيهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ حَسَنَةً.
وأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ أَبي لَيْلَى الْأَشْعَرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((تَمَسَّكوا بِطَاعَةِ أَئِمَّتِكمْ، وَلَا تُخَالِفُوهم، فَإِنَّ طَاعَتَهم طَاعَةُ اللهِ، ومَعْصِيَتَهُمْ مَعْصِيَةُ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ إِنَّمَا بَعَثَنِي أَدْعُو إِلَى سَبيلِهِ بِالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَمَنْ خَالَفَنِي فِي ذَلِكَ، فَهُوَ مِنَ الهَالِكينَ، وَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ، وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، وَمَنْ وَلِي مِنْ أَمْرِكُم شَيْئًا فَعَمِلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَسَيَلِيكُمْ أُمَرَاءُ إِنِ اسْتُرْحِمُوا لَمْ يَرْحَمُوا، وَإِنْ سُئِلُوا الْحُقُوقَ لَمْ يُعْطُوا، وَإِنْ أُمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ أَنْكَرُوا وَسَتُجَافُونَهُمْ وَيَتَفَرَّقُ مَلأُكُمْ حَتَّى لا يَحْمُلُوكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِلا احْتَمَلْتُمْ عَلَيْهِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَأَدْنَى الْحَقِّ لَكُمْ أَنْ لا تَأْخُذُوا لَهُمْ عَطَاءً وَلا تَحْضُرُوا لَهُمْ فِي الْمَلأِ)). المُعْجَمُ الكَبيرِ للطَبَرانيِّ: (16/230). وأَبو نُعيمٍ الأصبهاني في (مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ): (20/491). والهيثَميُّ في مجمعِ الزوائدِ ومنبعِ الفوائد: (2/365). وأَخْرَجَ بعضَهُ ابْنُ أَبي عَاصِمٍ، في الآحاد والمثاني: (7/139).
قولُهُ: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الْمُجَادَلَةُ: الِاحْتِجَاجُ وإنَّما تكونُ لِتَصْوِيبِ رَأْيٍ وَإِبْطَالِ مَا يُخَالِفُهُ. وقد أَمَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ، بِأَنْ يُجَادِلَ خصومَهَ مِنْ مُشركيِّ مكَّةَ وغيرِهم، بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. لَمَا لَقِيَهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَذَاهم، فقَدْ يَبْعَثُهُ ذلكَ عَلَى الغِلْظَةِ عَلَيْهِم فِي الْمُجَادَلَةِ. وَالْمعْنَى: إِذا ألجأتك الدَّعْوَةُ إِلَى مُحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ فَحَاجِجْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" قَالَ: أَعْرِضْ عَنْ أَذَاهمْ إِيَّاكَ.
والمُجَادَلَةُ مِنْ حَيْثُ مَاهِيَّتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحِكْمَةِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ مِنْ وَجْهٍ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا مَا لَا يَخْرُجُ عَنِ الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ بِقَرِينَةِ تَغْيِيرِ الْأُسْلُوبِ، إِذْ لَمْ يَعْطِفْ مَصْدَرَ الْمُجَادَلَةِ عَلَى الْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ بِأَنْ يُقَالَ: وَالْمُجَادَلَةُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، بَلْ جِيءَ بِفِعْلِهَا، تَنْبِيها عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ تَقْيِيدُ الْإِذْنِ فِيهَا بِأَنْ تَكُونَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن، كَمَا قَالَ في الآيةِ: 46 مِنْ سُورَةِ العَنْكَبُوتِ: {وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. وَ "أَحْسَنُ" صيغةُ تَفْضِيلٍ، والْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ الْمُحَاجَّةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُمْ، فَإِنَّ الْمُجَادَلَةَ تَقْتَضِي صُدُورَ الْفِعْلِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ أَنْ تَكُونَ الْمُحَاجَّةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ أَشَدَّ حُسْنًا مِنَ الْمُحَاجَّةِ الصَّادِرَةِ مِنْهُمْ، وهذا كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَة الْمُؤْمِنُونَ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَيِّئَةَ} الآيةَ: 96. وقالَ مِنْ سورةِ فُصِّلتْ: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} الآيةَ: 34. وَلَمَّا كَانَتِ الْمُجَادَلَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْمُعَارِضِينَ، فقد صَرَّحَ فِي الْمُجَادَلَةِ بِضَمِيرِ جَمْعِ الْغَائِبِينَ، والْمُرَادُ مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ، فَإِنَّهم مُتَفَاوِتُونَ فِي كَيْفِيَّاتِ مُحَاجَّتِهِمْ، مِنْهُمْ مَنْ يُحَاجُّ بِلِينٍ، كمَا جاءَ فِي الْحَدِيثِ الشريفِ: أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ثُمَّ قَالَ لَهُ: ((هَلْ تَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا؟)) قَالَ: لَا والدِماءِ. وأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ في المغازي والسِّيَرِ  مِنْ حديثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ بْنِ حارِثَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، قَرَأَهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولٍ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ، فَقَالَ ابْنُ أُبَيٍّ: يَا هَذَا إِنَّهُ لَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِكَ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَحَدِّثْهُ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِكَ فَلَا تَغُتَّهُ بِهِ. سِيرَةُ ابْنِ هِشَامٍ: (1/586) وتاريخُ المدينَةِ لِعُمَرَ بْنِ شَبَّةَ النُمَيْرِيِّ: (1/356). والرَّوْضُ الأُنُفُ في شرح سيرةِ ابْنِ هشامٍ للإمامِ السُهيْلي: (3/21). وَقد تَكَرَّرَ تَصَدِّي الْمُشْرِكِينَ لِمُجَادَلَةِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ مَرَّةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ (النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قالَ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَة الْأَنْبِيَاء: {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} الآيةَ: 98، قَالَ عَبْدُ اللهِ الزِّبَعْرَى: لَأَخْصِمَنَّ مُحَمَّدًا، فَجَاءَهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قَدْ عُبِدَ عِيسَى، وَعُبِدَتِ الْمَلَائِكَةُ، فَهَلْ هُمْ حَصَبٌ لِجَهَنَّمَ؟. فَقَالَ النَّبِيُّ الكريمُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْرَأْ مَا بَعْد: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ} الآية: 101، مِنْ سُّورَةِ الْأَنْبِيَاء.
وَلَمَّا كَانَتْ الْمُجَادَلَةُ مُحَاجَّةً فِي فِعْلٍ أَوْ رَأْيٍ لِقَصْدِ الْإِقْنَاعِ بِوَجْهِ الْحَقِّ فِيهِ فَهِيَ لَا تَعْدُو أَنْ تَكُونَ مِنَ الْحِكْمَةِ أَوْ مِنَ الْمَوْعِظَةِ، وَلَكِنَّهَا جُعِلَتْ قَسِيمًا لَهُمَا هُنَا بِالنَّظَرِ إِلَى الْغَرَضِ الدَّاعِي إِلَيْهَا. وَلمَّا كَانَتْ مُجَادَلَةُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُمْ مِنْ ذُيُولِ الدَّعْوَةِ وُصِفَتْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَمَا وُصِفَتِ الْمَوْعِظَةُ بِالْحَسَنَةِ. وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُجَادِلُونَ النَّبِيَّ قَصْدًا لِإِفْحَامِهِ، وَتَمْوِيهًا لِتَغْلِيطِهِ نَبَّهَ اللهُ عَلَى أُسْلُوبِ مُجَادَلَةِ النَّبِيِّ إِيَّاهُمْ اسْتِكْمَالًا لِآدَابِ وَسَائِلِ الدَّعْوَةِ كُلِّهَا. فَالضَّمِيرُ فِي "وَجادِلْهُمْ" عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يُجَادِلُونَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْهُ تَلَقِّيَ الْمُسْتَفِيدِ وَالْمُسْتَرْشِدِ. وَهَذَا مُوجِبُ تَغْيِيرِ الْأُسْلُوبِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُجَادَلَةِ إِذْ لَمْ يَقُلْ: وَالْمُجَادَلَةُ الْحَسَنَةُ، بَلْ قَالَ: وَجادِلْهُمْ، وَقَالَ تَعَالَى أَيْضًا: {وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} سُورَة العنكبوت: 46.
وَيَنْدَرِجُ فِي "الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" رَدُّ تَكْذِيبِهِمْ بِكَلَامٍ غَيْرِ صَرِيحٍ فِي إِبْطَالِ قَوْلِهِمْ مِنَ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ، كقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَة سبأ: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الآية: 24، وَكَقَوْلِهِ مِنْ سُورَة الْحَجّ: {وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} الآيةَ: 68. وَالْآيَةُ تَقْتَضِي أَنَّ الْقُرْآنَ مُشْتَمِلٌ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ مِنْ أَسَالِيبِ الدَّعْوَةِ، وَأَنَّ الرَّسُولَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَعَا النَّاسَ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ مِنْ خُطَبِهِ وَمَوَاعِظِهِ وَإِرْشَادِهِ يَسْلُكُ مَعَهُمْ هَذِهِ الطُّرُقَ الثَّلَاثَةَ. وَذَلِكَ كُلُّهُ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ مِنْ مَعَانِي الْكَلَامِ وَمِنْ أَحْوَالِ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ خَاصَّةٍ وَعَامَّةٍ. وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ لُزُومُ كَوْنِ الْكَلَامِ الْوَاحِدِ مُشْتَمِلًا عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْكَلَامُ حِكْمَةً مُشْتَمِلًا عَلَى غِلْظَةٍ وَوَعِيدٍ وَخَالِيًا عَنِ الْمُجَادَلَةِ. وَقَدْ يَكُونُ مُجَادَلَةً غَيْرَ مَوْعِظَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ البَقَرَة: {ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} الآيةَ: 85. وَكَقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطائيِّ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ لمَّا يُسْلِمْ بَعْدُ: ((إِنَّكَ لَتَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ وَهُوَ حَرَامٌ فِي دِينِكَ))
قولُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالِاسْتِمْرَارِ عَلَى الدَّعْوَةِ، بَعْدَ الْإِعْلَامِ بِأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللهُ، وَبَعْدَ وَصْفِ أَحْوَالِ تَكْذِيبِهِمْ وَعِنَادِهِمْ. فَلَمَّا كَانَ التَّحْرِيضُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى اسْتِدَامَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى الدِّينِ مُحْتَاجًا لِبَيَانِ الْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ، بَيَّنَتِ الْحِكْمَةُ بِأَنَّ اللهَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَصِيرِ النَّاسِ جميعِهِم، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ اللهِ تَعالى، فَمَا عَلَيْكَ أَيُّها النَّبِيُّ إِلَّا الْبَلَاغُ، أَيْ فَلَا تَيْأَسْ مِنْ هِدَايَتِهِمْ، وَلَا تَحْزَنْ عَلَى عَدَمِ اهْتِدَائِهِمْ، لِأَنَّنا أَعْلَمُ بِمَنْ يَهْتَدِي وَمَنْ يَضِلُّ وَإِنَّمَا عَلَيْكَ التَّبْلِيغُ فِي كُلِّ حَالٍ. وَقَدَّمَ الْعِلْمَ بِمَنْ ضَلَّ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّعْلِيلِ فإِنَّ دَعْوَتَهُمْ أَوْكَدُ، وَاللِّينُ بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ لهم وَالْمُجَادَلَةِ الْحُسْنَى أَهَمُّ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْعِلْمِ بِالْمُهْتَدِينَ عَلَى وَجْهِ التَّكْمِيلِ. وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، لَا يَدْرِي فرُبَّما يَكُونُ بَعْضُ مَنْ أَيِسَ مِنْ إِيمَانِهِ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ. وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ "هم" لِلِاهْتِمَامِ. وَأَمَّا "إِنَّ" فَهِيَ فِي مَقَامِ التَّعْلِيلِ، لَيْسَتْ إِلَّا لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ، وَهِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ فَاءِ التَّفْرِيعِ ـ عَلَى مَا أَوْضَحَهُ الإمامُ عَبْدُ الْقَاهِرِ الجُرجانيُّ فِي كتابِهِ (دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ)، فَإِنَّها مُسْتَغْنًى عَنْهَا هُنَا إِفَادَتَهَا التَّأْكِيدَ بِوُجُودِ ضَمِيرِ الْفَصْلِ فِي الْجُمْلَةِ الْمُفِيدَةِ، لِقَصْرِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، فَإِنَّ الْقَصْرَ تَأْكِيدٌ عَلَى تَأْكِيدٍ. وَإِعَادَةُ ضَمِيرِ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ: "وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" لِلتَّنْصِيصِ عَلَى تَقْوِيَةِ هَذَا الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ: وَأَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةِ "هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ" عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ "إنَّ" غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَيِّزِ التَّقْوِيَةِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ، فَأُعِيدَ ضَمِيرُ الْفَصْلِ لِدَفْعِ هَذَا الِاحْتِمَالِ. وَلَمْ يَقُلْ: وبِالمُهْتَدينَ، تَصْرِيحًا بِالْعِلْمِ بِهِمْ، لِيَكُونَ صَرِيحًا فِي تَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِهِ ـ سُبْحانَهُ. وَهَذَانِ الْقَصْرَانِ إِضَافِيَّانِ، أَيْ رَبُّكَ أَعْلَمُ بِالضَّالِّينَ وَالْمُهْتَدِينَ، لَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ وَأَنَّكُمْ ضَالُّونَ. وَالتَّفْضِيلُ فِي قَوْلِهِ: "هُوَ أَعْلَمُ" تَفْضِيلٌ لعِلْمِهِ تعالى عَلَى عِلْمِ غَيْرِهِ بِذَلِكَ. فَإِنَّهُ عِلْمٌ مُتَفَاوِتٌ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ الْعَالِمِينَ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقَائِقِ. وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى وُجُوبِ طَلَبِ كَمَالِ الْعِلْمِ بِالْهُدَى، وَتَمْيِيزِ الْحَقِّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَالإِمعانِ بِالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ، وَتَجَنُّبِ التَّسَرُّعِ فِي الْحُكْمِ دُونَ قُوَّةِ ظَنٍّ بِالْحَقِّ، وَالْحَذَرِ مِنْ تَغَلُّبِ تَيَّارَاتِ الْأَهْوَاءِ حَتَّى لَا تَنْعَكِسَ الْحَقَائِقُ وَلَا تَسِيرَ الْعُقُولُ فِي بِنْيَاتِ الطَّرَائِقِ، فَإِنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى كَرِّ الزَّمَانِ، وَالْبَاطِلُ تُكَذِّبُهُ الْحُجَّةُ وَالْبُرْهَانُ.
وَالتَّخَلُّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ هُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَقُومُ مَقَامًا مِنْ مَقَامَاتِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي إِرْشَادِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ سِيَاسَتِهِمْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ سَالِكًا لِلطَّرَائِقِ الثَّلَاثِ: الْحِكْمَةُ، وَالْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ، وَالْمُجَادَلَةُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَإِلَّا كَانَ مُنْصَرِفًا عَنِ الْآدَابِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَغَيْرَ خَلِيقٍ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ سِيَاسَةِ الْأُمَّةِ، وَأَنْ يَخْشَى أَنْ يُعَرِّضَ مَصَالِحَ الْأُمَّةِ لِلتَّلَفِ، فَإِصْلَاحُ الْأُمَّةِ يَتَطَلَّبُ إِبْلَاغَ الْحَقِّ إِلَيْهَا بِهَذِهِ الْوَسَائِلِ الثَّلَاثِ. وَالْمُجْتَمَعُ الإِسْلامِيُّ لَا يَخْلُو عَنْ مُتَعَنِّتٍ، أَوْ مُلَبِّسٍ، وَكِلَاهُمَا يُلْقِي أَشْواكَ الشُّبَهِ فِي طَرِيق المُصلحينَ، بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ. فَسَبِيلُ تَقْوِيمِ سُلُوكِهِ، هُوَ الْمُجَادَلَةُ بالتي هيَ أَحٍنُ، فَهِيَ أَدْنَى لِإِقْنَاعِهِ وَكَشْفِ قِنَاعِهِ.
وقد جاءَ فِي مُوَطَّأِ الإمامِ مالكٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا آخِرَ عُمْرِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ سُنَّتْ لَكُمُ السُّنَنُ، وَفُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ، وَتُرِكْتُمْ عَلَى الْوَاضِحَةِ، إِلَّا أَنْ تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى. (لَعَلَّهُ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى الْمُمْسِكَةِ السَّيْفَ أَوِ الْعَصَا فِي حَالِ الْخُطْبَةِ). وَهَذَا الضَّرْبُ عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ وَرَاءَ مَا ذَكَرَ مَطْلَبٌ لِلنَّاسِ فِي حُكْمٍ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ بَيَانٌ فِي الشَّرِيعَةِ.
قولُهُ: {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} قَدَّمَ عليهِ ذِكْرَ عِلْمَهُ تَعالى بِمَنْ "ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ"، لِأَنَّ الْمَقَامَ تَعْرِيضٌ بِالْوَعِيدِ لِلضَّالِّينَ، وَلِأَنَّ التَّخْلِيَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّحْلِيَةِ، فَالْوَعِيدُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَعْد.
وَمِنَ الْإِعْجَازِ الْعِلْمِيِّ فِي الْقُرْآنِ الكريمِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ جَمَعَتْ أُصُولَ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ الْحَقِّ، وَهِيَ: الْبُرْهَانُ، وَالْخَطَابَةُ، وَالْجَدَلُ، وهيَ الأمورُ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا فِي عِلْمِ الْمَنْطِقِ بِالصِّنَاعَاتِ، وَهِيَ الْمَقْبُولَةُ مِنَ الصِّنَاعَاتِ. وَأَمَّا السَّفْسَطَةُ، وَالشِّعْرُ، فَيَرْبَأُ عَنْهُمَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلونَ، والْحُكَمَاءُ الحاذقُونَ.
قَالَ الإمامُ الفَخْرُ الرَازِيُّ: إِنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الْمَذْهَبِ، وَالْمَقَالَةِ، لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى حُجَّةٍ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذِكْرِ الْحُجَّةِ إِمَّا تَقْرِيرُ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ الِاعْتِقَادِ فِي قُلُوبِ السَّامِعِينَ، وَإِمَّا إِلْزَامُ الْخَصْمِ وإِفْحَامُهُ.
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَيَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ لِأَنَّ تِلْكَ الْحُجَّةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ حُجَّةً حَقِيقِيَّةً يَقِينِيَّةً مُبَرَّأَةً مِنِ احْتِمَالِ النَّقِيضِ، وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ، بَلْ تَكُونَ مُفِيدَةً ظَنًّا ظَاهِرًا وَإِقْنَاعًا، فَظَهَرَ انْحِصَارُ الْحُجَجِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ:
أَوَّلُهَا: الْحُجَّةُ الْمُفِيدَةُ لِلْعَقَائِدِ الْيَقِينِيَّةِ وَذَلِكَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْحِكْمَةِ.
وَثَانِيهَا: الْأَمَارَاتُ الظَّنِّيَّةُ وَهِيَ الْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ.
وَثَالِثُهَا: الدَّلَائِلُ الَّتِي الْقَصْدُ مِنْهَا إِفْحَامُ الْخَصْمِ وَذَلِكَ هُوَ الْجَدَلُ.
وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ، لِأَنَّهُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ مُقَدِّمَاتِ مُسَلَّمَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْجَدَلُ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَحْسَنِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا مِنْ مُقَدِّمَاتٍ بَاطِلَةٍ يُحَاوِلُ قَائِلُهَا تَرْوِيجَهَا عَلَى الْمُسْتَمِعِينَ بِالْحِيَلِ الْبَاطِلَةِ. وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِأَهْلِ الْفَضْلِ.
وَهَذَا هُوَ الْمَدْعُوُّ فِي الْمَنْطِقِ بِالسَّفْسَطَةِ، وَمِنْهُ الْمُقَدِّمَاتُ الشِّعْرِيَّةُ وَهِيَ سَفْسَطَةٌ مُزَوَّقَةٌ.
وَالْآيَةُ جَامِعَةٌ لِأَقْسَامِ الْحُجَّةِ الْحَقِّ جَمْعًا لِمَوَاقِعِ أَنْوَاعِهَا فِي طُرُقِ الدَّعْوَةِ، وَلَكِنْ عَلَى وَجْهِ التَّدَاخُلِ، لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَايُنِ وَالتَّقْسِيمِ كَمَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْمَنْطِقِيِّينَ، فَإِنَّ الْحُجَجَ الِاصْطِلَاحِيَّةَ عِنْدَهُمْ بَعْضُهَا قَسِيمٌ لِبَعْضٍ، فَالنِّسْبَةُ بَيْنَهَا التَّبَايُنُ. أَمَّا طُرُقُ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَالنِّسْبَةُ بَيْنَهَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ أَوِ الْوَجْهِيُّ. وَتَفْصِيلُهُ يَخْرُجُ بِنَا إِلَى تَطْوِيلٍ، وَذِهْنُكَ فِي تَفْكِيكِهَا غَيْرُ كَلِيلٍ.
فَإِلَى الْحِكْمَةِ تَرْجِعُ صِنَاعَةُ الْبُرْهَانِ لِأَنَّهُ يَتَأَلَّفُ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ الْيَقِينِيَّةِ وَهِيَ حَقَائِقُ ثَابِتَةٌ تَقْتَضِي حُصُولَ مَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ.
وَإِلَى الْمَوْعِظَةِ تَرْجِعُ صِنَاعَةُ الْخَطَابَةِ لِأَنَّ الْخَطَابَةَ تَتَأَلَّفُ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ ظَنِّيَّةٍ لِأَنَّهَا مُرَاعًى فِيهَا مَا يَغْلِبُ عِنْدَ أَهْلِ الْعُقُولِ الْمُعْتَادَةِ. وَكَفَى بِالْمَقْبُولَاتِ الْعَادِيَّةِ مَوْعِظَةً. وَمِثَالُهَا مِنَ الْقُرْآنِ العظيمِ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سورةِ النساء: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا} الآية: 22، فَقَوْلُهُ: "وَمَقْتًا" أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا فَعَلُوهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَهُ نِكَاحَ الْمَقْتِ، فَأُجْرِيَ عَلَيْهِ هَذَا الْوَصْفُ لِأَنَّهُ مُقْنِعٌ بِأَنَّهُ فَاحِشَةٌ، فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ خَطَابِيٌّ.
وَأَمَّا الْجَدَلُ فَمَا يُورَدُ فِي الْمُنَاظَرَاتِ وَالْحِجَاجِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمُسَلَّمَةِ بَيْنَ الْمُتَحَاجِّينَ، أَوْ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْمَشْهُورَةِ، فَأُطْلِقَ اسْمُ الْجَدَلِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ الَّذِي يَرُوجُ فِي خُصُوصِ الْمُجَادَلَةِ، وَلَا يَلْتَحِقُ بِمَرْتَبَةِ الْحِكْمَةِ. وَقَدْ يَكُونُ مِمَّا يُقْبَلُ مِثْلُهُ فِي الْمَوْعِظَةِ لَوْ أُلْقِيَ فِي غَيْرِ حَالِ الْمُجَادَلَةِ. وَقد سَمَّاهُ حُكَمَاءُ الْإِسْلَامِ جَدَلًا: تَقْرِيبًا لِلْمَعْنَى الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي اللُّغَةِ الْيُونَانِيَّةِ.
قولُهُ تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} ادْعُ: فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ مِنْ آخِرِهِ، وفاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يعودُ على سيِّدِنا محمَّدٍ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أَوْ على كلِّ مَنْ هُوَ أَهْلٌ للخِطابِ، ومَفْعُولُهُ مَحْذوفٌ، تَقْديرُهُ: ادْعُ النَّاسَ، وَحُذِفَ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ، أَوْ يكونُ الْفِعْلُ قد نُزِّلَ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الدَّوَامُ عَلَى الدَّعْوَةِ لَا بَيَانُ الْمَدْعُوِّينَ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مِنْ حَالِ الدَّعْوَةِ. والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. و "إِلَى" حرفُ جَرٍّ متعلق بـ "ادْعُ"، و "سَبِيلِ" مَجْرورٌ بحرفِ الجَرِّ مُضافٌ، و "رَبِّكَ" مجرورٌ بالإضافةِ إليْهِ مضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ أيضًا. و "بِالْحِكْمَةِ" الْبَاءُ: حَرْفُ جَرٍّ لِلْمُلَابَسَةِ، مُتَعَلِّقٌ بحالٍ مِنْ فاعِلِ "ادْعُ"، أَيْ: حالَ كونِكَ مُلْتَبِسًا بِالحكمةِ. كَمَا هَيَ فِي قَوْلِكَ لِلْمُعَرِّسِ: (بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ)، بِتَقْدِيرِ: أَعْرَسْتَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ، وَهِيَ إِمَّا مُتَعَلِّقَةٌ بِـ "ادْعُ" أَوْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ "ادْعُ"؛ أَيْ: حالَةَ كَوْنِكَ مُتَلَبِّسًا بالحِكْمَةِ، و "الحِكْمَةِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. و "وَالْمَوْعِظَةِ" حرفُ عَطْفٍ ومعْطوفٌ عَلى "الحِكْمَةِ" مجرورٌ مثلُها، و "الْحَسَنَةِ" صِفَةٌ لِـ "المَوْعِظَةِ" مجرورةٌ مثلها.
قولُهُ: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} الوَاوُ: حرفُ عطفٍ، و "جَادِلْهُمْ" فِعْلُ أمْرٍ مبنيٌّ على السكوِ الظاهِرِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "أنتَ" يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ عليهِ صلاةُ اللهِ وسلامُهُ، أو على كلِّ مِنْ هو أهلٌ للخِطابِ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مفعولٌ بِهِ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ، والجُمْلَةُ معطوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "ادْعُ" عَلَى كَوْنِها مُسْتَأْنَفَةً لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. و "بِالَّتِي" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "جادِلْ" و "التي" اسمٌ موصولٌ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "هِيَ" ضميرٌ منفصِلٌ مبنيٌّ علَىَ الفتْحِ في محلِّ الرَّفْعِ بالابْتِداءِ، و "أَحْسَنُ" خَبَرُهُ مرفوعٌ، والجُمْلَةُ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصُولِ "التي" لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} إِنَّ: حرفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفِعلِ للتوكيدِ. وَ "رَبَّكَ" اسْمُهُ منصوبٌ بِهِ مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليْهِ. "هُوَ" ضَميرُ فَصْلٍ للتوكيدِ، و "أَعْلَمُ" خَبَرُ "إِنَّ" مرفوعٌ بها، ويجوزُ أنْ نُعربِ "هو" مبتدأً و "أعلمُ" خبرُهُ، والجملةُ خبرٌ لـ "إنَّ"، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَعْليلِ ما قَبْلَها لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "بِمَنْ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ متعلق بالخَبَرِ "أَعْلَمُ"، وَ "مَنْ" اسْمٌ مَوصولٌ بِمَعْنَى "الذي" مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "ضَلَّ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى الاسْمِ الموصولِ "مَنْ"، والجُمْلَةُ صِلَةُ المَوْصُولِ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "عَنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "ضَلَّ"، و "سَبِيلِهِ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ.
قولُهُ: {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} الواوُ: حرفُ عطفٍ، و "هو" ضميرٌ منفصِلٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ. و "أَعلمُ" خَبَرُهُ مرفوعٌ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلى خَبَرِ "إِنَّ"، و "بِالْمُهْتَدِينَ" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَعْلَمُ"، و "الْمُهْتَدِينَ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأَنَّهُ جمعُ المُذكَّرِ السَّالمُ، والنونُ عِوَضٌ مِنَ التنوينِ في الاسْمِ المُفرد.   
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 125
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: