(ابْدَأْ بِنَفْسِكَ)
الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فيقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ) رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه.
أيها الإخوة الكرام: ها نحن نستقبل عاماً هجرياً, بعد أن ودَّعنا عاماً مثله, فهل جعلنا هدَفَنا في بداية هذا العام حديثَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (ابْدَأْ بِنَفْسِكَ), وأقبلنا على إصلاح أنفسنا؟ (ومن إصلاح أنفسنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
ومن أقبل على نفسه وأصلحها, لا شكَّ أنَّه صار قدوةً صالحة, وإماماً للمتقين, كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِين}.
ومن بدأ بنفسه:
أولاً: كان صادقاً, ومن كان صادقاً سلك طريق الصِدِّيقين, ونال شرف المعية معهم.
ثانياً: حاز على رضا الله تعالى.
ثالثاً: سَلِمَ يوم القيامة عند العرض والحساب.
رابعاً: وجد قبولاً عند سامعيه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (جاء رجل فقال: يا بن عباس، إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.
قال: أوَ بلَّغت؟
قال: أرجو.
قال: فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله عز وجل فافعل.
قال: وما هُنَّ؟
قال: قوله عز وجل: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ}. أَحْكَمْتَ هذه الآية؟
قال: لا.
قال: فالحرف الثاني؟
قال: قوله عز وجل: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون}. أَحْكَمْتَ هذه الآية؟
قال: لا.
قال: فالحرف الثالث؟
قال: قول العبد الصالح شعيب عليه السلام: {مَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}. أَحْكَمْتَ هذه الآية؟
قال: لا.
قال: فابدأ بنفسك) رواه البيهقي.
ورحم الله من قال:
يا أيهَا الرجلُ المـعلِّمُ غيرَه *** هلاَّ لنفسِك كانَ ذا التعليمُ
تَصِف الدواءَ لِذي السَّقامِ وذي الضَّنَا *** ومِن الضَّنَا وجَواهُ أنتَ سقيمُ
وأراكَ تلقحُ بالرشادِ عقُولَنا *** نُصْحاً، وأنت مِن الرشادِ عديمُ
أبدأ بنفسِك فانْهَهَا عَن غَيِّها *** فإذا انتهتْ عنه فأنتَ حكيمُ
فَهُناك يُقْبَلُ إن وَعَظْتَ، ويُقتدَى *** بالقولِ منكَ، وينفعُ التعليمُ
لا تَنْهَ عن خُلقٍ وتأتيَ مثلَه *** عارٌ علَيكَ إذا فعلتَ عظيمُ
ونرجو الله تعالى أن يكشف الغمَّة عن هذه الأمة عاجلاً غير آجل, وأن يحقن دماء المسلمين, ويستر أعراضهم, ويؤمِّن روعاتهم, آمين. وكلُّ عامٍ وأنتم بألف خير.
**********
بقلم الشيخ ابو شريف حفظه الله
فلا تنسوني وإياه بدعوة صالحة
تقبلوا تحياتي