روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة هود، الآية: 113

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة هود، الآية: 113 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة هود، الآية: 113 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة هود، الآية: 113   فيض العليم ... سورة هود، الآية: 113 I_icon_minitimeالأحد مارس 13, 2016 9:08 am

فيض العليم .... سورة هود، الآية: 113


وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)


قولُهُ ـ سبحانَهُ وتعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} بَعْدَ أَنْ نَهَى اللهُ تعالى عبادَهُ المؤمنينَ عَنِ الطُّغْيَانِ، نَهَاهُمْ عَنِ التَّقَارُبِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِئَلَّا يُضِلُّوهُمْ وَيُزِلُّوهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ. والَّذِينَ ظَلَمُوا هُمُ الْمُشْرِكُونَ. فقد أَخْرَجَ الطَبَرِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قولُهُ تعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" يَعْنِي الرُّكونَ إِلى الشِّرْكِ. وَأَخْرَجَ هو وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنهُ أيضًا فِي قَوْلِهِ: "وَلَا تَرْكَنُوا" قَالَ: لَا تَميلوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْهُ رضيَ اللهُ عنهُ: "وَلَا تركنوا" قَالَ: لَا تَذْهَبُوا. وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رضي اللهُ عنه، فِي قَوْلِهِ تعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ" أَنْ تُطيعوهمْ، أَوْ تَوَدُّوهم، أَوْ تَصْطَنِعوهم. وَأَخْرَجَ أَيضًا عَنْ أَبي الْعَالِيَةَ الرياحيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا" قَالَ: لَا تَرْضَوْا أَعْمَالَهم. وَأَخْرَجَ أَيضًا عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: خَصْلَتانِ إِذا صَلحَتا للْعَبْدِ صَلحَ مَا سِواهُمَا مِنْ أَمْرِهِ: الطُغْيانُ فِي النِّعْمَةِ، والرُّكونُ إِلَى الظُّلمِ. ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَةَ الكريمةَ: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ".
والرُّكونُ: منَ الرُكْنِ وهو الجَانِبُ، ورَكنَ الشَّيءَ: إذا نَحَّاهُ جانِبًا، والركونُ إلى الشَّيْءِ: يَعْني مَيْلَ القَلْبِ إِلَيْهِ، والسُّكونَ إليهِ، والتَوَدُّدَ لَهُ، والشعورَ بالراحةِ تجاهَهُ، ومُجامَلَتَهُ، وإعانَتَهُ والرِّضا عَمَّا يَفْعَلُ، وتَزْيينَهُ.
وأَدْنَى مَرَاتِبِ الرُّكونِ إلى الظالِمِ أنْ ترى ظلمَهُ فتُعجبَ بِهِ أو تَسْكُتَ عَنْهُ فلا تُحاوِلُ مَنْعَهُ أَوْ نَصيحَتَهُ والأَخْذَ عَلى يَدَيْهِ، رِضًى مِنْكَ بِصُنْعِهِ، لأَنَّ الإنْكارَ بالقَلْبِ هوَ أَدْنى المَراتِبِ وأَضْعَفُ الإيمانِ كَمَا قالَ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، فيمَا أَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ ماجَةَ، عَنْ أَبي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ رَأَى مِنْكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَّمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ)). مُسْنَدُ أَحْمَدٍ: (22/196)، وصَحيحُ مُسْلِمٍ: (1/167)، وصحيحُ ابْنِ حِبَّان: (2/103)، وسُنَنُ ابْنِ ماجَهْ: (12/17) وغيرُهم كَثيرٌ.
أَمَّا أَعْلَى مَراتِبِ الرُّكونِ إِلى الظالِمِ أَنْ تُزَيِّنَ لَهُ هذا الظُلْمَ؛ وأَنْ تُزَيِّنَه للنَّاسِ، وهذا مِنَ المُؤْمِنِ ذنْبٌ يَسْتَوْجِبُ غَضَبَ اللهِ وعُقوبَتَهُ لِقَوْلِهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ وَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ)). وفي روايةٍ ((بعقاب)). أَخْرَجَهُ الأئمَّةُ: أَحْمَدُ بْنُ حنبلٍ في مُسْنَدِهِ: (1/33)، والتِرْمِذِي في سُنَنِهِ: (8/73)، وقال فيهِ: حديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ، وأخرجَهُ أيضًا أَبو داودَ في الملاحم: (برقم: 4338)، وابْنُ ماجَةَ: في الفِتَنِ: (برقم: 4005). وأَخْرَجَهُ أيضًا كثيرٌ غيرُهم.
قولُهُ: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} مِنْ دُونِ اللهِ: مُتَعَلِّقٌ بِ "أَوْلِيَاءَ" لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى الْحُمَاةِ وَالْحَائِلِينَ المناصرين. أَيْ: وَلَا تَجِدُونَ مَنْ يَنْصُرُكُمْ مِنَ اللهِ تَعَالى إِنْ أَنْتُمْ رَكَنْتُمْ إِلى الظَّالِمينَ، ولا مَنْ يخرجُكم مِنَ النَّارِ، أَوْ مَنْ يُخَفِّفُ عَنْكُمْ شَيْئًا مِنْ مَسِّها والعَذَابِ فيهَا. وثُمَّ لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ.
وَقَدْ جَمَعَ قَوْلُهُ قبلَ ذَلِكَ في الآية: 112: {وَلا تَطْغَوْا} وَقَوْلُهُ في هذه: "وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا" أَصْلَيِ الدِّينِ، وَهُمَا: الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ، وقال الحَسَنُ البَصْرِيُّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: جَعَلَ اللهُ الدَّين بَين لائين: {وَلا تَطْغَوْا} و "وَلَا تركنوا". وعَنِ الإمامِ الأُوزاعِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ما مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضُ إلى اللهِ مِنْ عَالِمٍ يَزُورُ ظَالِمًا. عَنْ أَوْسِ بْنِ شُرَحْبِيلَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((مَنْ مَشَى مَعَ ظَالِمٍ لِيُقَوِّيَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ ظَالِمٌ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ)). مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (8/3206)، وعَنْ أَبي هُريرةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقولُ: أنَّ الظالِمَ لا يَضُرُّ إلَّا نَفْسَهُ. فقالَ أبو هُرَيرَةَ: بَلَى واللهِ حَتَّى الحُبَارَى لَتَموتُ في وَكْرِها هُزْلًا بِظُلْمِ الظَّالِمِ. روى الحديثيْنِ الإمامُ البيهقيُّ في شُعَبِ الإيمانِ: (16/27) عَنْ أَبي سَلَمَةَ. وروى عَنْ مُجاهِدٍ، قال: مَرَّ نُوحٌ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، بالأَسَدِ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، فخَمَشَهُ الأَسَدُ، فباتَ ساهِرًا، فَشَكَا نُوحٌ ذَلِكَ إِلى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، فأَوْحى اللهُ إِلَيْهِ: إِنِّي لا أُحِبُّ الظُلْمَ. وَعَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِيَّاكَ وَدَعْوَةَ الْمَظْلُومِ)) أَيْ: وَلَوْ ذِمِّيًّا ((فَإِنَّمَا يَسْأَلُ اللهَ حَقَّهُ)) أَيْ: سُؤَالَ مُحَاسَبَةٍ وَمُطَالَبَةٍ ((وَإِنَّ اللهَ لَا يَمْنَعُ ذَا حَقٍّ حَقَّهُ)) أَيْ: بَلْ يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ حَقٌّ وَوَعْدُ صِدْقٍ وَفِعْلَهُ عَدْلٌ، ثُمَّ بَعْدَهُ فَضْلٌ. مرقاة المفاتيح، شرح مِشكاةِ المَصابيح: (8/3206) للإمام الطيبي.
وَهَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي سَدِّ ذَرَائِعِ الْفَسَادِ الْمُحَقَّقَةِ أَوِ الْمَظْنُونَةِ. فإنَّ آفَةَ الدُنْيا وفسَادَ المجتمعِ إنَّما هوَ الرُّكونُ للظَّالِمِ؛ لأَنَّ ذَلِكَ يُشَجِّعُهُ عَلى التَّمادي في ظُلْمِهِ، لِذَلِكَ يَأْمُرُنا رَبُّنا سُبْحانَهُ بأَلا نُعينَ الظالِمَ وأَلَّا نَسْتَعِينَ بِه، وَأَلَّا نَعْتَزَّ بِهِ، وَلاَ نَسْتَحْسِنَ طَرِيقَتَهُ ولا نرْضى بِمَا يَعملَ، وأنْ نُعَالِجَ هذه الظاهرةَ الهدَّامةَ، بالأُسْلوبِ المُلائمِ وبما نَسْتَطيعُ، وإلَّا عرَّضنا أَنْفُسَنَا لِغَضَبِ مَوْلانَا وعِقابِهِ، في الدنيا والآخرة، وأَصابَنا مِنَ النارِ، بقدرِ ما أصَبْنا من الركونِ إلى الظالِمِ وظُلْمِهِ. واللهُ أعلم.
قولُهُ وتعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} الوَاو: حرفُ عطفٍ، و "لَا" ناهيةٌ جازِمَةٌ، و "تَرْكَنُوا" فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بها، وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النونِ من آخرِهِ لأنَّهُ من الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعة ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والألفُ الفارقةُ، والجملةُ معطوفَةٌ على جملةِ قولِهِ: {وَلَا تَطْغَوْا} من الآيةِ السابقةِ لها. و "إِلَى" جرفُ جَرٍّ، مُتَعَلِّقٌ بِـ "تَرْكَنُوا"، و "الَّذِينَ" اسمٌ موصولٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجرِّ. و "ظَلَمُوا" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضمِّ لاتَّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجماعة ضميرٌ متَّصلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والأَلِفُ الفارقةُ، والجملةُ صِلَةُ الاسْمِ الموصولِ. و "فَتَمَسَّكُمُ" الفاءُ: عاطِفَةٌ سَبَبِيَّةٌ. و "تَمَسَّكم" فِعْلٌ مضارعٌ منصوبٌ، بِ "أَنْ" مُضْمَرَةً وُجُوبًا بَعْدَ الفَاءِ السَّبَبِيَّةِ الواقعةِ في جَوابِ النِّهْيِ، و "النَّارُ" فاعِلُهُ مرفوعٌ، و "ضميرُ المخاطَبينَ "كم" متَّصلٌ به في محلِّ نصبِ مفعولِهِ، والجملةُ الفِعلِيَّةُ هذه صِلَةُ "أَنْ" المُضْمَرَةِ، و "أن" مَعَ صِلَتِها في تَأْويلِ مَصْدَرٍ في محلّ رفعٍ عَطْفًا عَلى مَصْدَرٍ مُتَصَيَّدٍ مِنَ الجُمْلَةِ التي قبلَها مِنْ غَيْرِ سابِكٍ، لإصْلاحِ المَعْنَى تَقْديرُهُ: لا يَكُنْ مِنْكمْ رَكُونٌ إِلَى الذينَ ظَلَمُوا، فَمَسُّ النَّارِ إِيَّاكم.
قولُهُ: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} الواوُ: حالِيَّةٌ أَوِ اسْتِئْنافِيَّةٌ. و "ما: نَافِيَةٌ لا عَمَلَ لها. و "لَكُمْ" اللامُ حرُ جَرٍّ، و ضميرُ المخاطَبينَ "كم" ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ بحرفِّ الجرِّ، والجارُّ والمجرورُ في محلِّ رفعِ خبرٍ مُقَدَّمٍ، و "مِنْ دُونِ اَللهِ" جارٌّ ومجرورٌ مضافٌ، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" اسمٌ مجرورٌ بالإضافةِ إليهِ، والجارُّ والمجرورُ هذا في محلِّ نصبِ حالٍ مِنَ الضَّميرِ المُسْتَكِنِّ في الخَبَرِ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ زائدٍ، و "أَوْلياءَ" مَجْرورٌ لفظًا بحرفِ الجرِّ الزائدِ، وعلامةُ جرِّهِ الفتحةُ بدلًا منَ الكسرةِ لأنَّه ممنوعٌ من الصرفِ، وهو مرفوعٌ محَلًّا على أنَّهُ مُبْتَدَأٌ مؤخَّرٌ، والتقديرُ: وما أَوْلياء كائنونَ لَكمْ حالَةَ كَوْنِهِمْ مِنْ دونِ اللهِ تَعالى، وهذه الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ "كاف المخاطبين) في "تمسكم"؛ أَيْ: فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ حالَ انْتِفاءِ نَاصِرِكُم، أَوْ تكونُ الجملةُ مُسْتَأْنَفَةً لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و هذه الجملةُ. و "ثُمَّ" حَرْفُ عَطْفٍ وتَراخٍ تَنْبيهًا عَلى تَبَاعُدِ الرُّتْبَةِ، و "لا" نافيةٌ عملَ لها. و "تُنْصَرُونَ" فِعْلٌ مضارعٌ مبنيٌّ للمجهولِ مَرْفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأَفْعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجماعة ضميرٌ متَّصلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ رَفعِ نائبِ فاعِلِهِ، والجُمْلَةُ مَعْطوفَةٌ عَلى الجُمْلَةِ التي قَبْلَهَا، عَطْفَ جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ عَلَى جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ.
قرَأَ العامَّةُ: {ولا تَركَنوا} بِفَتْحِ التاءِ والكافِ، والماضي مِنْ هَذا رَكِنَ ك "عَلِمَ" بِكَسْرِ العَيْنِ. قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهذِهِ هيَ الفُصْحَى. وقالَ غَيْرُهُ: وهيَ لُغَةُ قُرَيْشٍ.
وقرَأَ أَبو عَمْرٍو ـ في روايةٍ عنه، "تِرْكَنوا"، وقَرَأَ قَتَادةُ وطَلْحَةُ والأَشْهَبُ بْنُ رميلَةٍ، ورُوِيَتْ عَنْ أَبي عَمْرٍو "تَرْكُنوا" بِضَمِّ العَيْنِ، وهوَ مُضارعُ رَكَنَ، بِفَتْحِها ك "قَتَل يَقْتُل". وقالَ بَعْضُهم: هوَ مِنَ التَدَاخُلِ. يَعْنِي أَنَّ مَنْ نَطَقَ بِ "رَكِنَ" (بِكَسْرِ العَيْنِ) قال: "يَرْكُن" بِضَمِّها، وكانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَفْتَحَ، فلَمَّا ضَمَّا عَلِمْنا أَنَّه اسْتَغْنَى بِلُغَةِ غَيْرِهِ في المُضارِعِ عَنْ لُغَتِهِ، وأَمَّا في هذِهِ القِراءَةِ فلا ضَرُورَةَ بِنَا إِلى ادِّعاءِ التَدَاخُلِ بَلْ نَدَّعي أَنَّ مَنْ فَتَحَ الكافَ أَخَذَهُ مِنْ "رَكِن" بالكَسْرِ، ومَنْ ضَمَّها أَخَذَهُ مِنْ "ركَن" بالفَتْحِ، ولذلكَ قالَ الرَّاغِبُ: والصحيحُ أنْ يُقالَ رَكِنَ يَرْكَن، وركَنَ يَرْكُن، بالكَسْرِ في الماضي مَعَ الفَتْحِ في المُضَارِعِ، وبالفَتْحِ في الماضِي مَعَ الضَّمِّ في المُضَارِعِ. وشَذَّ أَيْضًا قولُهُم "رَكَن يَرْكَن" بالفتحِ فيهِما، وهوَ مِنَ التداخُلِ، فتَحَصَّل مِنْ هذا أَنْ يُقَالَ: "رَكِنَ" بِكَسْرِ العَيْنِ وهِيَ اللُّغَةُ العالِيَةُ. كَمَا تَقَدَّمَ، و "رَكَنَ" بِفَتْحِها، وهيَ لُغَةُ قَيْسٍ وتَميم، وزادَ الكِسائيُّ" و "نَجْد"، وفي المُضارِعِ ثلاثٌ: الفتحُ والكسرُ والضمُّ.
وقرأَ ابْنُ أَبي عَبْلَةَ: "تُرْكَنوا" مَبْنِيًّا للمفعولِ مِنْ أَرْكَنَهُ: إذا أَمالَهُ، فهوَ مِنْ بابِ "لا أُرَيَنَّكَ هَهُنَا" كقولِهِ في الآية الثانيةِ مِنْ سُورَةِ الأَعْراف: {فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ}.
قَرأ العامَّةُ: {فَتَمَسَّكُمُ} مَنْصوبًا بِإِضْمارِ "أنْ" في جوابِ النَّهْيِ. وقَرَأَ يحيَ بْنُ وَثَّابٍ وعَلْقَمَةُ والأَعْمَشُ في آخَرينَ: "فتِمَسَّكم" بِكَسْرِ التاءِ.
قرأَ العامَّةُ: {ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} بثُبوتِ نُونِ الرَّفْعِ لأَنَّهُ فِعْلٌ مَرْفوعٌ، إذْ هو مِنْ بابِ عَطْفِ الجُمَلِ، عَطَفَ جملةً فِعْلِيَّةً عَلَى جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ. وقرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، بِحَذْفِ نُونِ الرَّفْعِ، عَطَفَهُ عَلَى "تَمَسَّكم".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة هود، الآية: 113
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: