نظرةٌ ناقدةٌ وبصيرةٌ نافذةٌ
ذكرَ الخطابيُّ في (بَيانِ إعجازِ القرآنِ) له: (ص: 25) أنَّ ذا الرُّمَّةِ نحلَها من جريرٍ لمَّا مرَّ بِهِ وقدْ عَمِلَ قَصيدَتَهُ التي أَوَّلُها:
نَبتْ عَيْنَاكَ عن طَلَلٍ بحُزْوى ............... عَفَتْهُ الرِّيحُ وامْتَنَحَ القِطَارَا
فقالَ: أَلَا أُنْجِدُكَ بِأَبْيَاتٍ تَزيدُ فيها! فقالَ: نَعَم. فقال جريرٌ:
يَعُدُّ النَّاسِبُونَ إِلَى تَمِيمٍ ...................... بُيُوتَ الْمَجْدِ أَرْبَعَةً كِبَارَا
يَعُدُّونَ الرَّبَابَ وَآلَ سَعْدٍ .................... وَعَمْرًا ثُمَّ حَنْظَلَةَ الْخِيَارَا
ويَذْهَبُ بَيْنَها الْمَرْئِي لَغْوًا ................ كما أَلْغَيْتَ في الدِّيَةِ الحُوارا
فوَضَعَها ذُو الرُّمَّةِ في قَصيدَتِهِ، ثمَّ مَرَّ بِهِ الفَرَزْدَقُ فَسَأَلَهُ عَمَّا أَحْدَثَ مِنَ الشِّعْرِ، فأَنْشَدَهُ القَصيدَةَ، فلَمَّا بَلَغَ هذِهِ الأَبْيَات قالَ: لَيْسَ هَذا مِنْ بَحْرِكَ، مُضيفُها أَشَدُّ لَحْيَيْنِ مِنْكَ! قالَ: فاسْتَدْرَكَها بِطَبْعِهِ، وفَطِنَ لَها بِلُطْفِ ذِهْنِهِ.