فيض العليم ... سورة هود، الآية: 38
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ
(38)
قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ} يَصْنَعَ نُوحٌ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، الفُلْكَ تَنْفِيذًا للأمْرِ الذي صَدَرَ إِلَيْهِ مِنَ ربِّهِ ـ سُبحانَهُ وتَعالى، في الآيةِ التي قبلَها حينَ قال: {واصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}. وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ صُنْعِهِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ، لِتَخْيِيلِ السَّامِعِ أَنَّ نُوحًا ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِصَدَدِ الْعَمَلِ، كَقَوْلِهِ تعالى في سورة فاطر: {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحابًا} الآية: 9. وَكقَوْلِهِ في الآية: 74 من هذه السورة: {يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ}.
ومما جاءَ في كيفيَّةِ صُنْعِ هذِهِ السّفينَةِ ما أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أبي حَاتِم، وَأَبُو الشَّيْخ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ وضَعَّفَهُ الذهبيُّ، وَأخرجهُ كذلكَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ أُمِّ المُؤمِنينَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ نُوحٌ ـ عَلَيْهِ السَّلَام، مَكَثَ فِي قومِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسينَ عَامًا يَدعُوهُم إِلَى اللهِ، حَتَّى كَانَ آخرُ زَمَانِهِ غَرَسَ شَجَرَةً فَعَظُمَتْ وَذَهَبَتْ كُلَّ مَذْهَبٍ، ثمَّ قَطَعَهَا، ثمَّ جعلَ يَعْمَلُها سَفينَةً، ويَمُرُّونَ فَيَسْأَلونَهُ، فَيَقُولُ: أَعْمَلُها سَفينَةً فيَسْخَرونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ: تعْملُ سَفينَةً فِي الْبَرِّ! وَكَيفَ تَجْرِي؟ قَالَ: سَوفَ تَعْلَمُونَ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا وفارَ التَّنّورُ، وَكَثُرَ المَاءُ فِي السِّكَكِ، خَشِيَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، فَخَرَجتْ إِلَى الْجَبَلِ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهَا المَاءُ خَرَجَتْ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلى الْجَبَلِ، فَلَمَّا بَلَغَ المَاءُ رَقْبَتَهَا رَفَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهَا حَتَّى ذَهَبَ بِهَا المَاءُ فَلَو رَحِمَ اللهُ مِنْهُم أَحَدًا لَرَحِمَ أُمَّ الصَّبِيِّ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِي ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كَانَتْ سَفينَةُ نُوحٍ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَهَا أَجْنِحَةٌ وَتَحْتَ الأَجْنِحَةِ إِيوَانٌ.
وَأَخْرَجَ ابْن الْمُنْذرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ طُولُ سَفينَةِ نُوحٍ ثلاثَ مِئة ذِرَاع وطولُها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا.
وَأخرج عبدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذرِ، وَابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ لنا أَنَّ طُولَ السَّفِينَةِ ثَلَاثُ مِئَةِ ذِرَاعٍ، وعَرْضُها خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وطولُها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا، وبابُها فِي عَرْضِهَا وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهَا اسْتَقَلَّتْ بِهم فِي عَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ، وَكَانَتْ فِي المَاءِ خَمْسينَ وَمِئَةَ يَوْمٍ ثُمَّ اسْتَقَرَّتْ بِهِمْ على الجُودِيّ، واُهْبِطُوا إِلَى الأَرْضِ فِي عَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ.
وَأخرجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنِ الْحَسَنِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ طولُ سَفينَةِ نُوحٍ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَلْفَ ذِرَاع ومئَتَيْ ذِرَاعٍ وعَرْضُها سِتُّ مِئَةِ ذِرَاعٍ. واللهُ أعلمُ.
وليسَ ثمَّةَ حاجةٌ إلى مثلِ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ لِأَنَّهَا أُمُورٌ لَا حَاجَةَ إِلَى مَعْرِفَتِهَا الْبَتَّةَ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَعْرِفَتِهَا فَائِدَةٌ أَصْلًا، وَكَانَ الْخَوْضُ فِيهَا مِنْ بَابِ الْفُضُولِ لَا سِيَّمَا مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ هاهُنا مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَانِبِ الصَّحِيحِ وَالَّذِي نَعْلَمُهُ أَنَّها كَانَ مِنَ السَّعَةِ بِحَيْثُ تَتَّسِعُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْمِهِ وَلِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَلِزَوْجَيْنِ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ، لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَغَيْرُ مَذْكُورٍ، وإنَّما نقلنا هنا بعضَ ما ذكرَهُ المفسِّرون، وليس هو من العلم الضروريِّ، كما لا يَضُرُّ الاطِّلاعُ عليهِ، ومعرفتُه.
قولُه: {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ} قيلَ المقصودُ بالْمَلَأِ هُنا الجَمَاعَةُ، وَقِيلَ طَبَقَةُ أَشْرَافِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ، وَاخْتُلِفَ فِيمَا لِأَجْلِهِ كَانُوا يَسْخَرُونَ فقيلَ: بأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: يَا نُوحُ كُنْتَ تَدَّعِي رِسَالَةَ الله تَعَالَى فَصِرْتَ بَعْدَ ذَلِكَ نَجَّارًا. وَقيلَ: بأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَهُ: لَوْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ لَكَانَ إِلَهُكَ يُغْنِيكَ عَنْ هَذَا الْعَمَلِ الشَّاقِّ. وَقيلَ: كَانُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ وَيَسْخَرُونَ لأنَّهُمْ مَا رَأَوُا السَّفِينَةَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمَا عَرَفُوا كَيْفِيَّةَ الِانْتِفَاعِ بِهَا. وَقيلَ: إِنَّ تِلْكَ السَّفِينَةَ كَانَتْ كَبِيرَةً، وَهُوَ كَانَ يَصْنَعُهَا فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ عَنِ الماءِ جِدّا، وكانوا يَقولونَ: ليسَ هاهُنا مَاءٌ، وَلَا يُمْكِنُكَ نَقْلُهَا إِلَى الْأَنْهَارِ الْعَظِيمَةِ أوَ الْبِحَارِ، فَكَانُوا يَعُدُّونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ السَّفَهِ وَالْجُنُونِ. وَقيلَ: إِنَّهُ لَمَّا طَالَتْ مُدَّتُهُ مَعَ الْقَوْمِ، وَكَانَ يُنْذِرُهُمْ بِالْغَرَقِ، وَمَا شَاهَدُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى خَبَرًا وَلَا أَثَرًا، غَلَبَ عَلَى ظُنُونِهِمْ أَنَّه كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ الْمَقَالِ، ولا ريْبَ, وَكُلُّهُ مُحْتَمَلٌ.
قولُهُ: {قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} فِي قولِهِ هذا وَجْانِ: الْأَوَّلُ منهما: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا اليومَ فَسَنَسْخَرُ مِنْكُمْ غَدَا عندما يُعَذِّبُكمُ اللهُ بالْغَرَقِ فِي الدُّنْيَا، وَيومَ يُخِزْيكم فِي الْآخِرَةِ. أمّا الثَّانِي: فإِذا كُنْتُمْ حَكَمْتُمْ عَلَيْنَا بِالْجَهْلِ فِيمَا نَصْنَعُ، فَإِنَّا نَحْكُمُ عَلَيْكُمْ بِالْجَهْلِ فِيمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِسُخْطِ الله تَعَالَى وَعَذَابِهِ بِكُفْرِكم بهِ سبحانَه، فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِالسُّخْرِيَةِ مِنَّا.
قولُهُ تعالى: {وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ} الواوُ: للاسْتِئْنافِ، و "يَصْنَعُ" فِعْلٌ مضارعٌ مَرْفوعٌ لتجرُّدهِ من الناصبِ والجازمِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلى نُوحٍ ـ عليه السلامُ، و "الْفُلْكَ" مَفْعولٌ به منصوبٌ، والجملةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها من الإعراب.
قولُه: {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ} الواوُ: حالِيَّةٌ، و "كلما" اسْمُ شَرْطٍ غَيْرِ جازِمٍ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى الظَرْفِيَّةِ الزَمانِيَّةِ، مَبْنِيٌّ عَلى السُكونِ، وهذِهِ الكَلِمَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ "كُلَّ" وَ "مَا" الظَّرْفِيَّةِ الْمَصْدَرِيَّةِ، وَانْتَصَبَتْ "كُلَّ" عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّهَا اكْتَسَبَتِ الظَّرْفِيَّةَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الظَّرْفِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقُ سَخِرُوا، وَهُوَ جَوَابُهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. وَالْمَعْنَى: وَسَخِرَ مِنْهُ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ فِي كُلِّ زَمَنِ مرورهم عَلَيْهِ. و قد أشربت "لما" فِي "كُلَّمَا" مِنَ الْعُمُومِ مَعَ الظَّرْفِيَّةِ مَعْنَى الشَّرْطِ مِثْلُ "إِذَا" فَاحْتَاجَتْ إِلَى جَوَابٍ وَهُوَ سَخِرُوا مِنْهُ. و "مَرَّ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح، و "عَلَيْهِ" جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بِ "مرَّ"، و "مَلَأٌ" فاعلُهُ مرفوعٌ، و "مِنْ قَوْمِهِ" جارٌّ ومجرورٌ مضافٌ في محلِّ رفعِ صفةٍ لِـ "ملأ"، والهاء: ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرِّ مضافٍ إليه. وهذه الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ "مرَّ" فعْلُ شَرْطٍ لِـ "كُلَّما" لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ. و "سَخِرُوا" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ وهوَ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والألفُ الفارقةُ وجُمْلةُ "سخروا" الفعليَّةُ هذه جوابُ "كلما"، و "مِنْهُ" جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بِهِ، وجُمْلَةُ "كلَّما" مع فعلها وجوابِها في مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ فاعِلِ :يصنع". أيْ: يَصْنَعُ الفُلْكَ والحالُ أَنَّهُ كُلَّما مَرَّ .. .
قولُهُ: {قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا} قَالَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ على نُوحٍ ـ عليه السلامُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ إذْ هي جَوابٌ لِسُؤالِ سائِلٍ. وقيلَ: بَلِ العاملُ في "كلما" هو "قال"، و عليه ف "سخروا" إمَّا صفة لَمَلأ، وإمَّا بَدَلٌ مِنْ "مرّ"، وهوَ بَعيدٌ جِدًّا، إذْ ليسَ "سَخِرَ" نوعًا مِنَ المُرورِ ولا هوَ هوَ فكيفَ يُبْدَلُ مِنْهُ ؟. و "إِنْ" حرفُ شرطٍ جازمٌ، و "تَسْخَرُوا" فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بِ "إنْ" وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النونِ من آخرِهِ لأنَّهُ من الأفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السُكونِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والألفُ الفارقةً، و "مِنَّا" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بِ تسخروا.
قولُهُ: {فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ} الفاءُ: رَابِطَةٌ لجواب الشرطِ، و "إِنَّا" هي "إنَّ" حرفٌ ناصبٌ ناسخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ للتأكيدِ، و "نا" ضميرُ جماعة المتكلمينِ المتَّصِلُ به في محلِّ نصبِ اسْمِهِ، و "نَسْخَرُ" فعلٌ مُضارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ من الناصبِ والجازمِ، وفاعلُهُ ضميرٌ مستترٌ فيه وجوباً تقديرُهُ "نحنُ" يَعودُ على نُوحٍ ـ عليهِ السلامُ، ومَنْ مَعَهُ، و "مِنْكُمْ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وهذه الجُمْلَةُ الفعليَّةُ في محلِّ رَفعْ خَبَرِ "إنَّ" وجملةُ "إنَّ" مع اسمها وخبرها في مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "إنْ" الشرطيَّةِ عَلى أنَّها جُوابُ شرطٍ لها، وجُملةُ "إنْ" الشَرْطِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصبِ ب "قال"
قولُهُ: {كَمَا تَسْخَرُونَ} الكافُ: حَرْفُ تَشْبيهٍ و جَرٍّ، و "ما" مَصْدَرِيَّةٌ، و "تَسْخَرُونَ" فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ النِّاصِبِ والجازمِ، وعلامةُ رفعِهِ ثباتُ النونِ في آخرِهِ لأنَّهُ من الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ رفعِ فاعِلِ، وجُملَةُ "تسخرون" صِلَةُ "ما" المَصْدَرِيَّةِ لا محلَّ لها من الإعرابِ، و "ما" مَعَ صِلَتِها في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرورٍ بالكَافِ تَقْديرُهُ: كَسِخْرِيتِكم مِنَّا.