قراءة في الأفق
أرى أنَّ في زيارةَ الأَسَدِ الخاطفة لموسكو بالأمس بوادرُ على قربِ انتهاء الأزمةِ في سوريا وذلك للمعطيات الآتية:
1ـ فشل النظام الحاكم في سوريا من القضاء على الثورة برغم كل ما تلقاه من دعم طائفيِّ استجلبه من كلِّ بقاعِ الأرض.
2 ـ قناعة الكرملن باستحالة الحلِّ العسكري، وأنَّ كلفة الاستمرار بالحرب ستكون عاليةً جدّاً من جهتين: جهة النفقات العسكرية، وجهة الخسارات الاقتصادية الكبيرة إذا ما أوقفت المملكة العربين السعودية وتركيا العقود المبرمة معها أو التي يمكن إبرامها، وهي ضخمةٌ جداً حيث يتم الحديث عن مفاعلات نووية ستبنيها روسيا في كلتا الدولتين، إضافةً إلى عقود أخرى في مختلف وجوه التعاون الاقتصادي، لا سيما وأنَّ الاقتصاد الروسي يعاني من أزمة حادة نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من العرب.
3 ـ كان لروسيا أهدافٌ أخرى من تدخلها، ومنها تحجيم الدور الإيراني في سوريا، لأنَّ إيران وإن كانت صديقة حالياً، إلاَّ أنه ليس من مصلحة الروس أن تكبر إيران أكثر مما هي عليه بحيث تشكل خطراً على مصالح روسيا في المنطقة، ولا شك أنَّ للاختلاف الإيديولوجي بينهما اعتباراته.
4 ـ لقد حصلت روسيا على كلِّ ما كانت تطمع به من النظام، وتريد أن تحصل على مكاسب إضافية ممن سيحكم سوريا مستقبلاً بأن تكون لها يدٌ في حلِّ المشكلة وإيصالهم للحكم. إضافة إلى ما سوف تجنيه من الدول الإقليمية كدول الخليج العربي النفطية وتركيا، حيث تطمع أن تأخذ دور الويلات المتحدة الأمريكية والغرب، خاصَّة وأن أمريكا والغرب قد خسر ثقة السعودية والدول الخليجية حين أطلق يد إيران في المنطقة.
5 ـ كذلك فإنَّ لاستمرار الحرب في سوريا عواقب وخيمة على الداخل الروسي من حيث أنَّ تركيا والسعودية ستضطرُّ مكرهة إلى تقوية الجماعات الإسلامية المُتَشَدِّدَةِ، والتي لا أحد من كل هؤلاء يريد لها أن تقوى شوكتها لأنَّ ذلك سيشكِّلُ خطراً آجلاً أو عاجلاً عليها جميعاً، ولذلك فإنَ الجميع يسعى إلى حلٍّ ما على قاعدة (لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم) واللهُ أعلم.