[size=37]بسم الله الرحمن الرحيم[/size]
الحمد لله رب العالمين والعاقبةُ للمتقين وبعد. لقد تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث مُؤَكدَة عذابَ القبرِ مِنْ رِوَايَة أنسِ بْنِ مالِكٍ، والبراءِ بْنِ عازبٍ، وَتَمِيم الدَّارِيّ، وَبشيرِ بْنِ الْكَمَالِ، وثوبان، وَجَابِرِ بْنِ عَبدِ الله، وَعبدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَة، وَعُبادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ اليماني، وضَمْرَةَ بْنِ حَبيبٍ، وعبد الله ابْنِ عَبَّاسٍ، وعبد اللهِ ابْنِ عُمَرَ، وعبد اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ، وَعمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، ومعاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبي أُمَامَةَ، وَأبي الدَّرْدَاءِ، وَأَبي رَافعٍ، وَأَبي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبي قَتَادَةَ، وَأَبي هُرَيْرَةَ، وَأَبي مُوسَى الأشْعَرِيِّ، وَأَسْمَاءَ الصديقةِ، وَعَائِشَةَ الصّدِّيقَةِ أُمِّ المؤمنينَ، رَضِي اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِينَ، وقد بَلَغَتْ هذه الأحاديثُ حدَّ الكثرةِ، وعلى ذلك جمهور العلماء والمفسرين، ومن هذه الأحاديث ما أخرج الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس قَالَ، قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه إِنَّه يسمع قرع نعَالهمْ قَالَ يَأْتِيهِ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل وَعند ابْن مِرْدُوَيْهِ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ بَين أظْهركُم لذِي يُقَال لَهُ مُحَمَّد قَالَ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله فَيُقَال لَهُ أنظر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك الله بِهِ مقْعداً من الْجنَّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَة وَذكر لنا أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعاً ويملأ عَلَيْهِ خَضِرٌ وَأَمَّا الْمُنَافِق وَالْكَافِر فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي كنتُ أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَا دَريتَ وَلَا تليتَ وَيضْرَبُ بِمِطْراقٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ إِلَّا الثقلَيْن.
2 ـ وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ ثُمَّ قَالَ بَلَى أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ قَالَ ثُمَّ أَخَذَ عُودًا رَطْبًا فَكَسَرَهُ بِاثْنَتَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبْرٍ ثُمَّ قَالَ لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا)) أخرجه البخاري (1/464 ، رقم 1312) ، ومسلم (1/240 ، رقم 292).
3 - وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر وابنُ مِرْدُوَيْهِ عَن أنس قَالَ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها وَإِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فَسَأَلَهُ مَا كنت تعبد فَإِن يكن الله قد هداه قَالَ كنت أعبد الله فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول هُوَ عبد الله وَرَسُوله فَمَا يسْأَل عَن شَيْء بعْدهَا فَينْطَلق بِهِ إِلَى بَيت كَانَ لَهُ فِي النَّار فَيُقَال لَهُ هَذَا بَيْتك كَانَ لَك فِي النَّار وَلَكِن الله عصمك ورحمك فأبدلك بِهِ بَيْتا فِي الْجنَّة فَيَقُول دَعونِي حَتَّى أذهب فأبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ اسْكُنْ، وَإِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فينتهره فَيَقُول لَهُ مَا كنت تعبد فَيَقُول لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيَضْرِبُونَهُ بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا الْخلق إِلَّا الثقلَيْن
4 ـ كمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ «أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذِّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» أخرجه البُخَارِيّ (1/439) (1242) ، وَمُسلم (2/642) (930) بِنَحْوِهِ
5 ـ ويقول العلامة الشنقيطي في كتابه المسمَّى الجموع البهية للعقيدة السلفية (2/ 602) وَمَعْلُومٌ صِحَّةُ حَدِيثِ الْقَبْرِ «إِنَّمَا الْقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ» رواه الترمذيُّ (4/639) (2460) مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مطولا بِهِ وحسَّنه كما رواه جمع غفير من أئمَّة الحديث. في روايات يقوي بعضها بعضاً
وقد جمع الإمامُ السيوطي في كتابه المسمَّى شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور أربعةً وستين حديثاً كلُّها في عذاب القبر وبعد ذلك كله يأتي رجل زنديق معتوه لينفي عذاب القبر في جملة ما يخالفُ فيه هذا الدينَ القويمَ في جملة ما يخالف بفهمه السقيم لنصوص القرآن الكريم، والمستغرب أن العديد من وسائل الإعلام في الدول المسلمة تستضيفه وتروج لإلحاده، فيغرُّ به الكثيرُ من المسلمين الذين ليس لهم تضلع من الدين ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.