بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين
ليس الخـلائـقُ كلـُهـم أكـفـــــــاءُ * لايستوي الجهّال والعـــلـمــــــاءُ
لايستـوي نبـعٌ تـرقرقٍ مـائُــــــهُ * يروي الأنامَ وصخرة صـمــــــّاءُ
"موعدنا اليوم مع لمحة بسيطة عن حياة رمز وعلم من أعلام أمتنا"
عالم حمص وعالمها وعلّامة بلاد الشام التي تكاد تكون لم تشهد بزهده وورعه وغزارة علمه على الإطلاق هو الشيخ الذي انفرد بالإفتاء على المذاهب الأربعة في عصره . الشيخ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ولد الشيخ في العقد الأول من القرن الماضي ( العشرين )
كان يتيم الأب ترعرع في بيت عُرف بالزهد والورع وقد أخذ الشيخ صفاته عن والده وجده رحمهما الله تعالى الذين عُرفا بالتواضع والسيرة الحسنة وقد تربَّى في حجر والدته رحمها الله تعالى .
أصيب بالشلل وهو طفل لم يبلغ العاشرة من عمره , لكن مرضه لم يمنعه من حفظ القرآن الكريم وعرف رحمه الله بالفطنة والذكاء كما عرف عنه صوته الرخيم الذي كان يسمع منه أثناء تلاوة القرآن الكريم .
لكنّ الله وهب له الشفاء بعد سنوات من المرض حيث كان شفاءه معجزة وعبرة ففي أحد الأيام خطر على بال والدته أن تأخذه إلى المسجد وذات ليلة وبعد أن قرأ آيات من الذكر الكريم شعر أنَّ الحياة والحركة بدأت تدبُّ وتعود لنصفه العليل،وكان وقت الفجر قد اقترب فلمّا وجد قدرة على الحركة، تحرَّك نحو المئذنة القصيرة وصار يُسبِّح الله ويحمده .
حصل الشيخ رحمه الله على كثير من العلوم وركز على الفقه والسلوك في جميع دروسه وفتاويه ومجالسه، وكانت عنده براعة في تطعيم الدرس الفقهي بحكايات الصَّالحين، حتى إنه إذا كان يتكلم في الطهارة أو الوضوء، أو الاغتسال يأتي بحكايات الصَّالحين مما يُعطي لدرسه روحانيَّة خاصَّة .
اشتغل ببيع الأقمشة وتجارة خيوط الغزل،وكان حريصاً على مساعدة المحتاجين من الأيتام والأرامل والعجزة،وسد رمق العائلات المستورة.
كان محباً لنشر العلم وقد بدأ مبكراً في تدريس القرآن الكريم، والعربية والفقه، كان يعودُ المرضى ويشهد الجنائز، ويشارك الناس في أفراحهم، ولو أدّى به هذا إلى السهر الطويل حتى إنه كان له دروس بعد العشاء مع مشيخته ثم لما صار شيخاً صار يدير هذه الدروس، وبسبب إيجابيته في الأمور الاجتماعية صارت له محبَّه عظيمة في قلوب الكثيرين.
كلُّ هذا العمل وهذا النشاط وهذه الدروس، والشيخ ربُّ أسرة مكوَّنة من أربعة عشر شخصاً، ربَّاهم على العفَّة والقناعة والزهد والورع ومن هذا البيت البسيط و المتواضع نشأ علماء ومشايخ.
إلى جانب هذه الصفات الحميدة كان الشيخ يتذوّق الشعر، ويحفظ القصائد الوجدانيّة، ويطرب لقصائد مدح الرسول عليه الصلاة والسلام
كانت آخر حياة الشيخ ابتلاء وامتحاناً، حيث أصابته هموم عامَّة وخاصَّة كان لها أثرها على الشيخ فمرض عدَّة أمراض وتغيَّر وضعف، لكن ذلك لم يثنيه عن متابعة ما يستطيع متابعته من المهام حتى وافته المنيه عام 1993م .
لم تشهد حمص جنازة كجنازته حيث غصّت شوارع المدينة على رحبها بالناس وامتلأت السطوح والشرفات واغلقت كل محلات المدينة ومنها محلات الاخوة النصارى احتراما لمرور الجنازة و اجتمع الآلاف في التشييع المهيب لإعلان الوفاء لدينهم وعالمهم وكانت حرقة الفراق واضحة على الوجوه لدرجة أن السيارات المركونة على جانبي طريق الجنازة تم رفعها بأيدي المشيعين على أكتافهم لإبعادها عن الطريق . دفن رحمه الله في مقبرة الكثيب.
اللهم ابدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة .