الائتلاف والاعتلاف
طالبني بعض الأصدقاء باعتباري متخصصاً في اللغة العربية قائلاً:
كثيراً ما نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي "ائتلاف" و "اعتلاف" فما الفرق بين المفردتين من حيث اللغة؟
وفي الجواب أقول: الائتلاف، كلمة مشتقةٌ من الأُلفة، وتَعني المحبة ووجود الكثير من الأوصاف المشتركة بين مجموعةٍ ما من البشر، ولأنَّ الله تعالى لم يخلق اثنين متطابقين في جميع الأوصاف فلا بد من بعض اختلاف بين إنسانٍ وآخر، لذلك كان الائتلافُ بين مجموعة ما من البشر يعني التلاقي على ما يجمع بينهم من أوصافٍ مُتَطابقة وتخفيف حدة الإختلاف في غير المتفق.
أمّا الاعتلافُ: فهي من العلف وأكثر ما تطلق على ما يقدم للحيوانت من طعام كالتبن والشعير والفصّة والبرسيم وغير ذلك مما تُعلَفُ بِهِ الحيوانات، وبما أنَّ المال هو ما يشترى به العَلَفُ، فقد تُطلق هذه المفردة على المال تجاوزاً.
والإخوة المدونون على صفحات التواصل الاجتماعي حين يطلقون عبارة الاعتلاف فإنَّما يَعنون الجماعة التي تَسلَّطت على الشعب المَظلومِ في سوريا، وفُرضتْ عليه من خارجٍ، كلٌّ منهم فَرَضَتْه دَولةٌ ما، لها مصالح ما، ليمثل مصالحها، وبالتالي فهم أبعد ما يكونون عن الائتلاف لأنهم من انتماءات مختلفة ومشارب متعدد، ولا يَجْمَعُ بينَهم سوى المالِ الذي يُدفعُ للشَعْبِ مُقابِلَ تَحَمُّلِهِ القتلَ والمَوتَ والدَمارَ. وبما أنَّهم الممثلون للشعب فمن الطبيعي أن ينوبوا عنه في قَبْضِ هَذِه الأَمْوالِ، وهنا الطامَّةُ الكُبرى حَيْثُ يَحِلُّ الاعْتِلافُ مَكانَ الائْتِلافِ، ويَنْشِبُ الشِجارُ ويعلو السُعارُ، ولأنَّ العَلَفَ لا بُدَّ مِنْ أنْ تظهرَ له انعكاسات في سُلوكِ المُعتلفين لذلك غالباً ما يُتَرْجَمُ إلى عضٍّ ولَكْم، وركلٍ ولَطْمٍ. ولا حول ولا قوَّةَ إلا بالله.
ملاحظة:
لا بُدَّ مِنَ الإشارة إلى فرق جوهريٍّ بينَ المعتلفين من البشرِ، والمعتلفةِ من الحيوان، فإن الحيوانات المعتلفة إذا أخذت حاجَتَها من العلف أنِفَتِ العَلَفَ وتركت ما زاد عنها لغيرِها، أمّا المُعتلِفون مِنَ بَني البَشَرِ فإنَّ هِمَّتَهم في جَمْعِ العَلَفِ لا حدودَ لها، وذلك لِبُعْدِ مَرْماهُمْ وعُلوِّ هِمَّتِهم في الاستئثار بالعلف.