روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 34

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 34 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 34 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 34   فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 34 I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 01, 2014 9:43 am

[size=29.3333]وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ[/size][size=29.3333] (34)[/size]
[size=29.3333]قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شأنُهُ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} ولكل أمة: مِنَ الأُمَمِ المُهْلَكَةِ "أجل" أَيْ وَقْتٌ مُؤَقَّتٌ، مُعَيَّنٌ، مَحدودٌ، يَنْزِلُ فيه عذابُهم مِنَ اللهِ أَوْ يُميتُهم فيهِ. وأَجَلُ الشيءِ مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الذي يَحِلُّ فيه، وهُوَ مَصْدَرُ أَجِلَ الشيءُ أَجَلاً مِنْ بابِ تَعِبَ، وأَجَلَ أُجولاً مِنْ بابِ قَعَدَ، لُغَةٌ، وأَجَّلْتُهُ تَأجيلاً، جَعلتُ لَهُ أجَلاً، والآجالُ جَمْعُ أَجَلٍ، مثلَ سَبَبٍ وأَسْبابٍ. ويَجوزُ أَنْ تُحْمَلَ الآيةُ على ما هُو أَعَمُّ مِنَ الأَمْريْنِ جَميعاً. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ} أَيِ الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ عِنْدَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ. [/size][size=29.3333]قيلَ المُرادُ بالأَجَلِ وقْتُ نُزولِ العَذابِ، وقيلَ أَجَلُ الحياةِ والعُمْرِ، وعليه فلكلِّ نفسٍ أَجَلٌ لا يَنْفَعُ فيهِ تَقديمٌ ولا تَأْخيرٌ. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {لايستأخرون ساعةً ولَا يَسْتَقْدِمُونَ} دلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إِنَّمَا يُقْتَلُ بِأَجَلِهِ. وَأَجَلُ الْمَوْتِ هُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ، كَمَا أَنَّ أَجَلَ الدَّيْنِ هو وًقْتُ حُلولِهِ. وكُلُّ شيءٍ وُقِّتَ بشيءٍ فَهُوَ أَجَلٌ لَهُ. وَأَجَلُ الْإِنْسَانِ هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَعْلَمُ اللهُ أَنَّهُ يَمُوتُ الْحَيُّ فِيهِ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ وَقْتٌ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ مَوتِهِ عَنْهُ، لا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَيْسَ مَقْدُورًا تَأْخِيرُهُ. إِلَّا أَنَّ السَّاعَةَ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَقَلُّ أَسْمَاءِ الْأَوْقَاتِ. ومثلُ هذِهِ الآيةِ قولُهُ تعالى في سورة الحجر: {ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها ومَا يَسْتَأْخِرون} الآية: 5. وكان الحَسَنُ يَقولُ: ما أَحْمَقَ هَؤلاءِ القومِ، يَقولون: اللَّهمَّ أَطِلْ عُمُرَهُ، واللهُ يَقولٌ "فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون" الآية. وعنِ ابْنِ المسيّبِ قال: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ ـ رضي اللهُ عنه ـ قالَ كَعْبُ الأحبارِ: لو دَعا اللهَ لأَخَّرَ في أَجَلِهِ، فقيلَ لَهُ أَلَيْسَ قد قالَ الله: "فإذا جاء أجلُهم" الآية؟ فقالَ كَعْبٌ ـ رضي اللهُ عنه: وقدْ قالَ اللهُ: {ومَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلاَّ في كِتابٍ}. سورةُ فاطر، الآيةَ: 11. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ: إِنَّ الْمَقْتُولَ مَاتَ بِغَيْرِ أَجَلِهِ الَّذِي ضُرِبَ لَهُ، وَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَحَيِيَ. وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الْمَقْتُولَ لَمْ يَمُتْ مِنْ أَجْلِ قَتْلِ غَيْرِهِ لَهُ، بَلْ مِنْ أَجْلِ مَا فَعَلَهُ اللهُ مِنْ إِزْهَاقِ نَفْسِهِ عِنْدَ الضَّرْبِ لَهُ. فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ مَاتَ بِأَجَلِهِ فَلِمَ تَقْتُلُونَ ضَارِبَهُ وَتَقْتَصُّونَ مِنْهُ؟. قِيلَ لَهُ: نَقْتُلُهُ لِتَعَدِّيهِ وَتَصَرُّفِهِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ، لَا لِمَوْتِهِ وَخُرُوجِ الرُّوحِ إِذْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ. وَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ وَالتَّعَدِّي مِنْ غَيْرِ قِصَاصٍ لَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْفَسَادِ وَدَمَارِ العِبادِ. وهذا واضح. [/size]
[size=29.3333]وقَدْ طالَ كلامُ أَهْلِ العِلْمِ على ما يَظْهَرُ مِنْ تَعارُضٍ بَيْنَ هذِهِ الآياتِ الشَريفةِ وهي قولُهُ تَعالى في سورة نوح: {إنَّ أَجَلَ اللهِ إذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ} الآية: 4. وقولُه تعالى: {وَمَا كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَموتَ إلاَّ بإذْنِ اللهِ} سورة آلَ عمران، الآية: 145. فقيلَ إنَّها مُعارِضَةٌ لِقَوْلِهِ ـ عَزَّ وجَلَّ: {يِمْحو اللهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ وعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ} سورة الرَّعدِ، الآية: 39. وقولُه ـ سُبْحانَه: {ومَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلاَّ في كِتابٍ}. وقولُهُ ـ سُبْحانَهُ: {ثمَّ قَضى أَجَلاً وأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}سورة الأنعام، الآية: 2. فذَهَبَ الجُمهورُ إلى أَنَّ العُمُرَ لا يَزيدُ ولا يَنْقُصُ، اسْتِدْلالاً بالآياتِ المُتَقَدِّمَةِ وبالأحاديثِ الصحيحةِ كَحديثِ ابْنِ مَسعودٍ عَنِ النَبِيِّ ـ صلى اللهُ عليْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ـ قال: ((إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في أَرْبَعين يوماً، ثمَّ يَكونُ عَلَقَةً، ثمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلك، ثمَّ يَبْعَثُ اللهُ إليْهِ مَلَكاً ويُؤْمَرُ بأرْبَعِ كَلِماتٍ، ويُقالُ لَه: اكْتُبْ عَمَلَهُ ورزقَهَ وأَجَلَهُ وشَقِيٌّ أوْ سَعيدٌ)). وهو في الصحيحين: مسلم 2643 والبخاري 1514. وغيرِهِما، وما وَرَدَ في معناهُ مِنَ الأَحاديثِ الصَحيحةِ. وأَجابوا عَنْ قولِهِ ـ عَزَّ وجَلَّ: {يَمْحو اللهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ} بأنَّ المعنى يَمْحو ما يَشاءُ مِنَ الشَرائعِ والفَرائضِ فيَنْسَخُهُ ويُبَدِّلُهُ ويُثبِتُ ما يَشاءُ فلا يَنْسَخُهُ، وجُمْلَةُ الناسِخِ والمَنْسوخِ عِنْدَهُ في أُمِّ الكِتابِ. ولا يَخفى أنَّ هذا تَخصيصٌ لِعُمومِ الآيةِ بِغَيْرِ مُخَصِّصٍ. والقَلَمُ قدْ جَرى بما هو كائنٌ إلى يومِ القيامةِ كما في الأحاديثِ الصَحيحةِ، ومِنْ جُملةِ ذلكَ الشرائعُ والفَرائضُ فهيَ مِثل العُمُرِ إذا جازَ فيها المَحْوُ والإثباتُ جازَ في العُمُرِ المَحْوُ والإثباتُ. وقيلَ المُرادُ بالآيَةِ مَحْوُ ما في ديوانِ الحَفَظَةِ ممّا ليسَ بِحَسَنَةٍ ولا سَيِّئةٍ لأنَّهم مأمورونَ بِكَتْبِ كُلِّ ما يَنْطِقُ بِه الإنسانُ، ويُجابُ عَنْه بمِثلِ الجوابِ الأوَّلِ.[/size]
[size=29.3333]وقيلَ يَغْفِرُ اللهُ ما يَشاءُ مِنْ ذُنوبِ عِبادِهِ ويَتْرُكُ ما يَشاءُ فلا يُغْفَرُ، ويُجابُ عنْهُ بِمِثْلِ الجَوابِ السابِقِ.[/size]
[size=29.3333]وقيلَ يَمْحو ما يَشاءُ مِنَ القُرونِ كَقولِهِ {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُم مِّنَ القُرونِ} سورة يس، الآية: 31. وكقوله تعالى: {ثمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بعدِهم قَرناً آخرين} سورة المؤمنون، الآية: 31. فنَمْحو قَرناً ونُثبِتُ قَرناً، قيل هو الذي يَعْمَلُ بِطاعةِ اللهِ ثمَّ يَعمَلُ بِمَعصيَةِ اللهِ ثمَّ يَتوبُ فيَمحوه اللهُ مِنْ ديوانِ السَيِّئاتِ ويُثْبِتُهُ في ديوانِ الحَسَنَاتِ. وقيلَ يَمْحُو ما يَشاءُ يَعني الدُنيا ويُثبتُ الآخرةَ، وقيلَ غيرَ ذلك وكلُّ هذه الأَقوالُ دَعاوَى، ولا شكَّ أَنَّ آيةَ المَحوِ والإثباتِ عامَّةٌ لكلِّ ما يَشاؤهُ اللهُ سُبحانَهُ فلا يَجوزُ تَخصيصُها إلاَّ بِمَخَصِّصٍ، وإلاَّ كان ذلك مِنَ التَقَوُّلِ على اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِما لَمْ يَقُلْ، وقد تَوَعَّدَ اللهُ تَعالى على ذلك وقَرَنَهُ بالشِرْكِ في الآيةِ السابقةِ فقال: {قُلْ إنَّما حرَّمَ ربّي الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ والإثْمَ والبَغْيَ بغيرِ الحَقِّ وأَنْ تُشْرِكوا باللهِ ما لمْ يُنَزِّلُ بِهِ سُلْطاناً وأَنْ تَقولوا على اللهِ ما لا تعلمون}.[/size]
[size=29.3333]وأمّا قولُه تعالى: {ومَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إلاَّ في كِتابٍ} فقد قيلَ إنَّ المُرادَ بالمُعَمَّرِ الطويلُ العُمُرِ والمُرادُ بالنّاقِصِ القصيرُ العُمُرِ، وفيه نَظَرٌ لأنَّ الضميرَ في قولِهِ {ولا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} يَعودُ إلى قولِه: {مِنْ مُعَمَّرٍ} والمَعنى على هذا وما يُعمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ ولا يُنْقَصُ مِنْ عُمرِ ذلك المُعَمَّرِ إلاّ في كِتابٍ، هذا ظاهرُ مَعنى النَظْمِ القُرآنيِّ. وأَمَّا التأويلُ المَذكورُ فإنَّما يَتِمُّ على إرجاعِ الضَميرِ المَذكورِ إلى غيرِ ما هُو المَرْجِعُ في الآيَةِ وذلك لا وُجودَ لَهُ في النَّظمِ.[/size]
[size=29.3333]وقالَ جَمْعٌ مِنْ أَهلِ العِلْمِ: إنَّ العُمرَ يَزيدُ ويَنقُصُ، واسْتَدَلّوا بالآياتِ المُتَقدِّمةِ فإنَّ المَحْوَ والإثباتَ عامَّانِ يَتَناوَلانِ العُمُرَ والرِزْقَ والسَّعادَةَ والشَّقاوَةَ، وغيرَ ذلكَ وقد ثَبَتَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ السَلَفِ والصّحابةِ ومَنْ بَعدَهم ـ رضي اللهُ عنهم ـ أنَّهم كانوا يَقولونَ في أَدْعِيَتِهم اللَّهُمَّ إنْ كنتَ كَتَبْتَني في أَهْلِ السَّعادَةِ فأثْبِتْني مِنْهم، وإنْ كنتَ كَتَبْتَني مِنْ أَهْلِ الشَّقاوَةِ فأمْحُني وأَثْبِتْني في أَهْلِ السّعادةِ، ولمْ يَأْتِ القائلون بِمَنْعِ زيادةِ العُمرِ ونُقْصانِهِ ونَحوِ ذلك بما يُخصِّصُ هذا العُمومَ. ويدلُّ معنى الآيةُ الثانيةُ على أَنَّهُ لا يَطولُ عُمرُ الإنسانِ ولا يَنْقُصُ إلاّ وهُو في كتابٍ، أيْ في اللّوحِ المَحفوظِ، وكذلك قولُهُ تَعالى {ثمَّ قَضى أَجَلاً وأجلٌ مُسَمًّى عنده} أي أنَّ للإنسانِ أَجَلَيْنِ يَقضي اللهُ ـ سُبحانَه بما يشاءُ منهُما مِنْ زيادةٍ أوْ نَقْصٍ. ويؤيدُ هذا ما في الصَّحيحيْن وغيرِهِما عن جماعةٍ مِنَ الصَّحابةِ عنِ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمرِ، وفي لَفْظٍ في الصَّحيحيْنِ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهْ في رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ في أَثرهِ فَلْيصلْ رَحِمَهُ)) مسلم 2558. وفي لفظ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمُدَّ اللهُ في عُمرِهِ وأَجَلِهِ ويُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ فلْيَتَّقِ اللهَ ولْيَصِلْ رَحِمَهُ)). وفي لفظ: ((صِلَةُ الرَّحِمِ، وحُسْنُ الخُلُقِ، وحُسْنُ الجِوارِ يَعْمُرنَ الديارَ ويَزِدْنَ في الأَعْمارِ)).[/size]
[size=29.3333]ومِنْ أَعْظَمِ الأَدِلَّةِ ما وَرَدَ في الكِتابِ العزيزِ مِنَ الأَمْرِ للعِبادِ بالدُعاءِ كَقَوْلِهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ: {أُدْعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إنَّ الذين يَسْتَكْبِرون عَنْ عِبادَتي سَيَدْخُلونَ جَهَنَّمَ داخِرين} سورةُ غافِر، الآية: 60. وكقولِه: {أَم مَّنْ يُجيبُ المُضطَّرَ إذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُوءَ} سورة النَّمل، الآية: 62. وكقولِهِ في سورة البقرة: {وإذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فإنّي قَريبٌ أُجيبُ دَعْوَةَ الداعِ إذا دَعان} الآية: 186. وكقولِه: {واسْأَلوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ} سورة النساء، الآية: 32. والأحاديثُ المُشْتَمِلَةُ على الأمْرِ بالدُعاءِ مُتواتِرَةٌ، وفيها أَنَّ الدُعاءَ يَدْفَعُ البَلاءَ، ويَرُدُّ القَضاءَ كَما ثَبَتَ عنْهُ ـ صلى الله عليْه وسَلَّمَ ـ في الصحيح أنَّه قال: ((اللّهمَّ إنّي أَعوذُ بِكَ مِنْ سُوءِ القَضاءِ ودَرْكِ الشَّقاءِ وجَهْدِ البَلاءِ وشَماتَةِ الأعداءِ)). مسلم 2707 ـ البخاري 2401. وثَبَتَ في حديثِ قُنوتِ المُوتِرِ أَنَّهُ ـ صلى الله عليه وآلِه وسَلَّمَ ـ قال: ((وقِني شَرَّ ما قَضَيْتَ)) خرَّجه أَبو داوودَ في كتابِ الوِتْرِ باب 5، فلو كان الدعاءُ لا يُفيدُ شَيْئاً وأَنَّهُ لَيس للإنسانِ إلاَ ما قدَ سَبَقَ في القَضاءِ الأَزَلِيِّ، لَكانَ أَمْرُهُ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ لَغْواً لا فائدة فيه، وكذلك وعدُه ـ تعالى ـ عبادَه الداعين بالإجابة.[/size]
[size=29.3333]وكذلكَ أَمْرُه ـ عليْهِ الصلاةُ والسلامُ ـ بالتداوي وأنَّ اللهَ ـ سبحانَه ـ ما أَنْزَلَ مِنْ داءٍ إلاَّ وجَعَلَ لَهُ دَواءٌ فإنَّه يكونُ ـ وحاشا للهِ ـ لَغْواً لا فائدةَ فيه مَعَ ثُبوتِ الأَمْرِ بالتَداوي في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلَّمَ. وبناءً على ما تقدَّمَ فإنَّ هذِهِ الآيةَ مُخْتَصَّةٌ بالأَجَلِ إذا حَضَرَ فإنَّهُ لا يَتَقَدَّمُ، ولا يَتَأَخَّرُ عِنْدَ حُضورِهِ، ويَؤَيِّدُ هذا أَنَّها مُقَيَّدَةٌ بِذلكَ فإنَّهُ قال: "إذا جاء أجلهم" ومثلُ هذا التَقييدِ المَذكورِ في هذِهِ الآيَةِ قولُهُ ـ عَزَّ من قائلٍ: {ولَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إذا جاءَ أَجَلُها}سورة المنافقون، الآية: 11. وقولُهُ ـ سبحانه: {إنَّ أَجَلَ اللهِ إذا جاءَ لا يُؤخَّرُ} سورة نوح، الآية: 4. فقد أمكن الجمعُ بِحَمْلِ هذِهِ الآياتِ على هذا المَعْنى، فإذا حَضَرَ الأَجَلُ لَمْ يَتَأَخَّرْ ولا يَتَقَدَّمْ، وفي غيرِ هذِه ِالحالَةِ يَجوزُ أَنْ يُؤخِّرَهُ اللهُ بالدُعاءِ، أوْ بِصِلَةِ الرَّحِمِ، أوْ بِفِعْلِ الخَيْرِ، ويَجوزُ أَنْ يُقَدِّمَهُ لِمَنْ عَمِلَ شَرّاً أوْ قَطَعَ ما أَمَرَ اللهُ بِه أَنْ يوصَلَ.[/size]
[size=29.3333]قولُه تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أجلٌ} الواو: اسْتِئْنافيَّةٌ، و"لكل" جارٌّ ومَجْرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقدَّمٍ، "أُمَّةٍ" مُضافٌ إليْهِ مَجْرورٌ، "أجل" مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وهذه الجملةُ استئنافيّة لا محلّ لها من الإعراب. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ} الفاء: عاطفةٌ "إذا" ظَرْفٌ للمُسْتَقْبَلِ مَبْنِيٌّ في مَحَلِّ نَصْبٍ مَتَعَلِّقٌ بالجَوابِ يَسْتَأْخِرون، "جاء" فِعْلٌ ماضٍ "أجلُ" فاعلٌ مَرْفوعٌ، وهو مُضافٌ، و"هم" الهاء: ضَميرٌ متّصلٌ في محلِّ جرِّ مُضافٍ إليْه. وجملة: "جاء أجلهم" في مَحَلِّ جَرِّ مُضافٍ إليه.[/size]
[size=29.3333]قالَ بَعضُهم: كلُّ مَوضِعٍ في القُرآنِ مِنْ شِبْهِ هذا التركيبِ فإنَّ الفاءَ داخلةٌ على "إذا" إلاَّ في سورةِ يُونُسَ، لأنَّها عَطَفَتْ جملةً على أُخرى بينَهُما اتِّصالٌ وتَعقيبٌ، فكانَ الموضِعُ موضِعَ الفاء. [/size]
[size=29.3333]قوله: {لاَ يَسْتَأْخِرُونَ} جملة واقعةٌ جَوابَ "إذا" لا محلَّ لها من الإعراب، والمُضارعُ المَنْفِيُّ بـ "لا" إذا وقَعَ جَواباً لـ "إذا" في الظاهِرِ جازَ أَنْ يُتَلقَّى بالفاءِ، وأَنْ لا يُتَلَقَّى بها. ويَنبغي أَنْ يُعْتَقَدَ أنَّ بَيْنَ الفاءِ والفِعْلِ بعدَها اسْماً مُبْتَدَأً فتَصيرُ الجُملةُ اسْمِيَّةً، ومتّى كانتْ كَذلِكَ وَجَبَ أَنْ تُتَلَقَّى بالفاءِ أوْ "إذا" الفُجائيَّةِ. و"ساعة" نَصْبٌ على الظَرْفِ وهيَ مَثَلٌ في قِلَّةِ الزَمانِ.[/size]
[size=29.3333]قولُهُ: {وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} هذا مستأنفٌ، معناهُ الإِخْبارُ بِأَنَّهم لا يَسْبِقونَ أَجَلَهمُ المَضْروبَ لَهُمْ بَلْ لا بُدَّ مِنِ اسْتِيفائهم إيَّاهُ، كَما أَنَّهم لا يَتَأَخَّرونَ عَنْه أَقَلَّ زَمانٍ. وقالَ الحُوفِيُّ وغيرُهُ: إنَّه مَعطوفٌ على "لا يستأخرون" وهذا لا يَجُوزُ، لأنَّ "إذا" إنَّما يَتَرَتَّبُ عَلَيْها وعَلى ما بَعْدَها الأُمورُ المُسْتَقْبَلَةُ لا الماضِيَةُ، والاستقدامُ بالنِسْبَةِ إلى مَجيءِ الأَجَلِ مُتَقَدِّمٌ علَيْهِ فَكيْفَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ؟ ويَصيرُ هذا مِنْ بابِ الإِخْبارِ بالضروريَّاتِ التي لا يَجْهَلُ أَحَدٌ مَعْناها، فيَصيرُ نَظيرَ قولَكَ: "إذا قُمْتَ فيما يَأتي لَمْ يَتَقَدَّمْ قِيامُكَ فيما مَضى" ومعلومٌ أَنَّ قِيامَكَ في المُسْتَقْبَلِ لَمْ يَتَقَدَّمْ قيامَكَ هذا. وقالَ الواحِدِيُّ: "إنْ قِيلَ: ما مَعْنى هذا مَعَ اسْتِحالَةِ التَقديمِ على الأَجَلِ وَقْتَ حُضُورِهِ؟ وكيف يَحْسُن التقديمُ مَعَ هذا الأَجَلِ؟ قيل: هذا على المُقارَبَةِ لأنَّ العَرَبَ تقولُ: "جاء الشيء" إذا قَرُب وقتُهُ، ومَعَ مُقارَبَةِ الأَجَلِ يُتَصَوَّرُ الاسْتِقْدامُ، وإنْ كانَ لا يُتَصَوَّرُ مَعَ الانْقِضاءِ، والمَعْنى: لا يَسْتَأْخِرونَ عَنْ آجالِهِمْ إذا انقضَتْ ولا يَسْتقدَمِونَ عَلَيْها إذا قارَبَتِ الانْقِضاءَ". وهذا مِنه بِناءً على أَنَّهُ مَعْطوفٌ على "لا يستأخرون" وهوَ ظاهِرُ أَقْوالِ المُفَسِّرين.[/size]
[size=29.3333]وقرأ عامَّةُ القُرّاءِ: "أجلَهم" بالإفرادِ، وقَرَأَ الحَسَنُ وابْنُ سِيرينَ "آجالهم" بالجَمْعِ.[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 34
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: