وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ.
(92)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا} تَأْكِيدٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَتَشْدِيدٌ فِي الْوَعِيدِ، أيْ أطيعوهُما في جميعِ ما أَمرا بِه ونَهيا عنه ويَدخُلُ فيه أَمْرُهُما ونَهْيُهُما في الخَمرِ والمَيسِرِ دُخولًا أوليًّا، وَحُسْنُ عَطْفُ "وَأَطِيعُوا اللهَ" لَمَّا كَانَ فِي الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ مَعْنَى انْتَهُوا. وَكَرَّرَ "وَأَطِيعُوا" فِي ذِكْرِ الرسولِ تأكيدًا.
قولُه: {واحذروا} أي مخالَفَتَهُما في ذلك وهذا مؤكِّدٌ للأمرِ الأوَّل، وجُوِّزَ أنْ يَكونَ المُرادُ أَطيعوا اللهَ ورسولَه فيما أَمَرا به واحذروا ما نَهيا عنه فلا تأكيد. وجُوِّزَ أيْضًا أنْ لا يُقدَّرَ مُتَعلَّقٌ للحذَرِ أيْ وكونوا حاذرينَ خاشينَ، وأُمِروا بذلك لأنَّهم إذا حَذِروا دعاهم الحذَرُ إلى اتِّقاءِ كلِّ سيئةٍ وعَمَلِ كلِّ حَسَنَةٍ.
قولُه: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فاعلموا أَنَّمَا على رَسُولِنَا البلاغ المبين} تَوَلَّيْتُمْ: أي أعْرضْتُم ولم تَعملوا بما أُمِرتم بِه "فاعلموا أَنَّمَا على رَسُولِنَا البلاغ المبين" أيْ أنَّ الرسولَ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ لم يَأْلُ جُهْدًا في ذلك فقامت عليكم الحُجَّةُ وانتهتِ الأَعذارُ وانْقَطَعَتِ العِلَلُ ولم يَبْقَ بعدَ ذلك إلَّا العِقابُ. وفيه مِنَ التَهديدِ وشِدَّةِ الوعيدِ ما لا يخفى.
قولُهُ تعالى: {وَأَطِيعُواْ الله} هذه الجملةُ معطوفةٌ على جملةِ {فاجْتِنِبوهُ} في الآيةِ السابقة، وقولُه: {وَأَطِيعُواْ الرسول } عطفٌ عليها.
قولُه: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فاعلموا} إنْ: شرطِيَّةُ، و"توليتم" فعلُ الشرطِ، وجوابُ الشرطِ وجزاؤه محذوفٌ، والتقديرُ: يا أيها المؤمنون أطيعوا اللهَ ورسولَه في كُلِّ ما أَمَرَكم بِه ونَهاكم عنْه، فإنْ توليتم وأعرضتم عن طاعة الله ورسولِهِ، فقد وقعتمْ في الخطيئةِ التي سَتُعاقَبون عليها عقابًا شديدًا.