لا غرابة
وجهت لي صحيفة السياسة الكوتية سؤالًا فيما يتعلق باستغراب لغة الحوار الجديدة بين أمريكا فأجبت:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد.
لا غرابة فيما يجري اليوم من غزل بين الدولتين وحكومتي إيران والويلات المتحدة، إذا علمنا الحقائق الآتي:
1 ـ أمريكا والعالم الصليبي والإلحادي من ورائها من الصين واليابان والهند مروراً بروسيا وأوربا، كلُّهم أعداء للإسلام.
2 ـ سياسة هؤلاء جميعاً تتقاطع مع سياسة إيران وتتلاقى معها في نقاط كثيرة وإن اختلفوا فيما بينهم بعض الشيء، لكن عداءهم جميعاً للإسلام، وخوفهم من أن تقوم للمسلمين دولة قوية موحدة يجعلهم يتناسون ما بينهم من خلاف. وقد تجلى ذلك في مساعدة إيران للغرب وتسهيلها أمر احتلال كل من أفغانستان والعراق وتآمرهم اليوم على تدمير الشام واحتلالها، وتطلعهم المشترك لاحتلال الخليج العربي وهدم الكعبة قبلة المسلمين التي تجمعهم حولها كل عام وللسيطرة على النفط العربي.
3 ـ إنَّ سياسة العدو تقوم دائماً على سياسة إنشاء عدوٍّ داخلي وصراعات وفتن داخلية وقد بدأ هذه السياسة اليهودي عبد الله بن سبأ منذ فجر الإسلام حيث رسم للمجوس الحانقين على المسلمين لتقويضهم عرش الدوالة الساسانية، ورسم لهم مخطَّط التَشيُّعِ ووَضَعَ لهم مبادئه ليكونوا هذا العدوَّ الداخلي للمسلمين، وما زال مخطَّطُه مِعولَ هدمٍ في بناء صرحِ الإسلام وما زال خِنجرُ أبي لؤلؤة اللعين ينتقل من يد للغدر إلى يد أخرى. ليطعن عمراً بعد عمر، وقد تبنى هؤلاء الصهاينة تربية الخميني في فرنسا وتدريبَه ليُتابعَ مُهِمَّةَ أبي لُؤلُؤةَ، وكان ما كان.
4 ـ إنّ من شأن كلَّ عدوٍّ أنْ يَدعَم الأقليَّات الموجودةِ في صفوفِ عدوِّه لأنَّ مِنْ شأن ذلك أنْ يَخلُقَ ظُروفاً غيرَ طبيعيَّةٍ عندما تَحْكُمُ أَقلِيَّةٌ أَكْثَرِيَّةً فيبقى ذلك الوضعُ غيرُ الطبيعيِّ مصدَرَ قلقلة واضطرابات دائمة وخلخلةٍ لصفوفِ عدوِّه.
فإذا وضح لنا ذلك كلَّه، اتَّضحتْ لنا الرؤيا وقرأنا سياسات هذه الدول جيداً ولم نستغرب شيئاً من تصرفاتها، لكن المصيبة أنَّ أكثرنا ـ لا سيما حكامنا واصحاب القرار السياسي ـ لا يعيون هذه الحقيقة ويتعلقون بأوهام الصداقات والعلاقات الحسنة المتبادلة وما يرفعه أعداؤنا من شعارات تبدو إنسانيةً كالوحدة الوطنية واليموقراطيَّةِ وحقوقِ الإنسانِ وغيرِ ذلك، فإذا قارنوا تصرفات هؤلاءِ الأعداء مع مبادئهم المعلنة وشعاراتهم المزيفة ودعواتهم الملغومة صُدموا واستغربوا وتملكتهم الدهشةُ، وربَّما نَدموا على غفلتهم واغترارهم وخديعتهم ولكن بعد فوات الأوان، ولات مندم