عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 81 السبت يونيو 01, 2013 1:51 am | |
| وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) قولُه ـ عزَّ من قائل: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ}. يُظْهِرُ لَكَ هَؤُلاءِ المُنَافِقُونَ الخُضُوعَ لأَمْرِكَ، وَالاسْتِعْدَادَ وَالانْقِيَادَ، لِيَأمَنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَإذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ، وَتَوَارَوْا عَنْ أَنْظَارِكَ، اسْتَسَرُّوا فِيمَا بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ مَا أَظْهَرُوهُ لَكَ، فـالضمير في "يَقُولُونَ" للمُنافقين كما رُوي عن الحَسَنِ والسُدِّيِّ وابْنِ عبَّاسٍ ـ رَضي اللهُ تعالى عنهم، وقيل: يَعودُ للمسلمين الذين حُكي عنهم في الآيةِ السابقة أنَّهم يَخشَوْنَ الناسَ كَخَشْيَةِ اللهِ، أي ويقولون إذا أمرتَهم بشيءْ "طَاعَةٌ" أيْ أَمرُنا وشأنُنا طاعةٌ. قولُه {فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الذى تَقُولُ} أيْ خَرَجوا مِنْ مَجلِسِكَ وفارَقوكَ "بَيَّتَ طَائِفَةٌ" أي جماعة "مِنْهُمْ" وهم رؤساؤهم، والتبييتُ مِن البَيْتوتةِ لأنَّه تَدبيرُ الفعلِ ليْلاً والعزمُ عليه، ومِنْهُ تَبييتُ نيَّةِ الصيامِ، والْعَرَبُ تَقُولُ: أَمْرٌ بُيِّتَ بِلَيْلٍ إِذَا أُحْكِمَ. وَإِنَّمَا خُصَّ اللَّيْلُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ وَقْتٌ يُتَفَرَّغُ فِيهِ. قَالَ الشَّاعِرُ الحارثُ بنُ حِلِّزَة:أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فَلَمَّا ................. أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ وقيل هو مِنْ بَيْتِ الشِعْرِ لأنَّ الشاعرَ يُدَبِّرُه ويُسَوِّيه، وقيل مِن البَيْت المَبْنِيِّ لأنَّه يُسوَّى ويُدَبَّرْ، وفي هذا بُعد وإنْ أثبَتَه الرَّاغِبُ لُغَةً، وَالتَّبْيِيتُ وَالْبَيَاتُ أَنْ يَأْتِيَ الْعَدُوُّ لَيْلًا. وَبَاتَ يَفْعَلُ كَذَا إِذَا فَعَلَهُ لَيْلًا، كَمَا يُقَالُ: ظَلَّ يَفعلُ كذا إذا فعلَه بِالنَّهَارِ. ووَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي ابْتِدَائِهِ بِذِكْرِ جُمْلَتِهِمْ "يقولون" ثُمَّ قَالَ: "بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ" أنَّه عَبَّرَ عَنْ حَالِ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَى كُفْرِهِ وَنِفَاقِهِ، وَصَفَحَ عَمَّنْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَرْجِعُ عَنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ حَالِ مَنْ شَهِدَ وَحَارَ فِي أَمْرِهِ، وَأَمَّا مَنْ سَمِعَ وَسَكَتَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. "غَيْرَ الذى تَقُولُ" أيْ خِلافَ ما قلتَ لهم أو ما قالوا لكَ مِنَ القَبولِ وضمانِ الطاعةِ، والعُدولِ عنِ الماضي لِقصْدِ الاستمرارِ، وإسْنادِ الفِعلِ إلى طائفةٍ منهم لِبيان أنَّهم المُتَصَدُّون له بالذات؛ والباقون أتْباعٌ لهم في ذلك لا لأنَّهم ثابتون على الطاعةِ. قولُه: {والله يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي يُثْبِتُه في صحائِفِهم لِيُجازيهمْ عليه، أو فيما يوحيه إليك فيُطْلِعُكَ على أَسرارِهم ويَفضَحُهم والقصد على الأول: لِتهديدِهم، وعلى الثاني: لِتَحذيرِهم "فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ" أي تَجافَ عنْهم ولا تَتَصَدَّ للانْتِقامِ منهم، أو لا تبالِ بهم، ولا تذكر أسماءهم وثِقْ بأنّ اللهَ سوف ينصرُكَ عليهم، وَيُقَالُ: إِنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ واغلُظْ عليهم} التوبة: 73. قولُه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وكفى باللهِ وَكِيلاً} أيْ فوِّضْ أمرَك إليه وثِقْ بِهِ في جميعِ أُمورك لا سيَّما في شأنِهم، وإظهارُ الاسْمِ الجليلِ للإشعارِ بِعِلَّةِ الحُكمِ، وكفى به قائماً بما فُوِّضَ إليْه مِنَ التَدبيرَ فَيَكفيكَ "مضرتهم" ويَنتقم لك منهم.قولُه تعالى: {طَاعَةٌ} خبرُ مبتدأٍ مُضمَرٍ وجوباً تقديرُه: "أَمْرُنا طاعةٌ" أو "طاعتُك طاعةٌ" ولا يجوز إظهارُ هذا المبتدأِ لأنَّ الخَبَرَ مصدرٌ بدلٌ مِنَ اللفظَ بفعلِه. ويجوزُ القولُ بأنَّه مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ، أي: مِنَّا طاعةٌ، أو "عندنا طاعةٌ". ويجوزُ فيها النصبُ على المَصدَرِ أَيْ نُطِيعُ طَاعَةً، وَهِيَ قِرَاءَةُ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ وَالْحَسَنِ وَالْجَحْدَرِيِّ. وأَدْغَمَ أبو عَمْرٍو وحمزةٌ تاءَ "بَيَّتَ" في طاء "طائفة" لِتَقارُبِهما، ولم يَلْحَقِ الفعلَ علامةُ تأنيثٍ لكونِه مَجازياً. وقولُه: {منهم} صفةٌ لـ "طائفة"، والضميرُ في "تقول" يُحتَمَلُ أنْ يكون ضميرَ خطابٍ للرسول عليْه الصلاةُ والسلامُ. أي: غيرَ الذي تَقولُ وتَرْسُمُ بِه يا مُحمَّدُ. ويؤيِّدُه قراءةُ عبدِ اللهِ: "بَيَّتَ مُبَيِّتٌ منهم" وأنْ يِكونَ ضميرَ غَيْبةٍ للطائفةِ أي: تقولُ هي. وقرأ يَحيى ابْنُ يَعْمُر: "يقول" بياءِ الغيبةِ، فيُحتَمَلُ أنْ يَعودَ الضميرُ على الرسول بالمعنى المُتَقَدِّمِ، وأنّْ يَعودَ على الطائفةِ. ولم يُؤنِّثِ الضميرَ لأنَّ الطائفةَ في معنى الفريقِ والقومِ. و"ما" في "ما يبيِّتون" يَجوزُ أنْ تكونَ مَوْصولةً أو مَوصوفةً أوْ مَصدَرِيَّةً. | |
|