عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 148 الأربعاء مارس 20, 2013 4:07 am | |
| فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) قولُه جلَّ ذِكْرُه: {فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا} فاتاهم اللهُ: بسببِ قولِهِمُ السابقِ كما تُؤذِنُ به الفاءُ "ثَوَابَ الدنيا" وثوابُ الدنيا النصرُ والغنيمةُ وقيل: الفتحُ والظُهورُ والتَمَكُّنُ والنَّصرُ على عدوِّهم، وقيل: القناعةُ ثمَّ الرِضا ثمَّ العيشُ معه ثمَّ الأُنسُ في الجُلوسِ بيْنَ يَديْه، ثمَّ كمالُ الفرحِ بلقائه، ثمَّ استقلالُ السِرِّ بوجوده. وسببُ تسميةِ ذلك ثواباً لأنَّه مُتَرَتِّبٌ على طاعتِهم، وفيه إجلالٌ لَهم وتَعظيمٌ. وقيلَ: تسميةُ ذلك ثواباً مَجازٌ لأنَّه يُحاكيه. واسْتَشْكَلَ ابنُ جُرَيْجٍ بأنَّ الغنائمَ لَم تَحُلَّ لأحدٍ قبلَ الإسلام بل كانتِ الأنبياءُ إذا غَنِموا مالاً جاءت نارٌ منَ السماءِ فأخذتْه، فكيف تكون الغَنيمةُ ثواباً دُنْيَويًّا ولم يَصلْ للغانِمين منها شيءٌ؟ وأُجيبَ بأنَّ المالَ الذي تَأخُذُه النارُ غيرُ الحيوان، وأمّا الحيوانُ فكان يَبْقى للغانمين دون الأنبياءِ ـ عليهمُ الصلاةُ والسلامُ ـ فكان ذلك هو الثوابُ الدنيويُّ {وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخرةِ} أيْ وثوابِ الآخرةِ الحَسَنِ، وهو عندَ ابنِ جُريجٍ رُضوانُ اللهِ ـ تعالى ـ ورحمتِه، وعندَ قَتادة هي الجَنَّةُ، وتَخصيصُ الحُسْنِ بهذا الثوابِ للإيذان بفضلِهِ ومَزيَّتِه وأنَّه المُعتَدُّ به عندَه ـ تعالى، ولَعلَّ تقديمَ ثوابِ الدُنيا عليْه مُراعاةً للترتيبِ الوُقُوعِيِّ، أو لأنَّه أَنْسَبُ بِما قبلَه مِنَ الدُعاءِ بالنصرِ على الكافرين.وقرأ الجَحدرِيُّ: {فأثابهم} من لَفظِ الثوابِ. وقرأ العامَّةُ "فَآتَاهُمُ".وقولُه: {وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} يَعني دُخولُهم الجَنَّةَ مُحررَّين عنها، غيرَ داخليْن في أَسْرِها. ويُقالُ ثوابُ الدنيا والآخرةِ الغيبةُ عن الدارين بِرُؤيَةِ خالِقِهِما. ولَمَّا قال: "ثَوَابَ الدُّنْيَا" قال في الآخرة "وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ" فوَجَبَ أنْ يكونَ لِثوابِ الآخرةِ مَزِيَّةٌ على ثوابِ الدُنيا حيثُ خَصَّه بِوَصْفِ الحُسْنِ، وتلك المَزِيَّةُ دوامُها وتَمامُها وثِمارُها، وأنَّها لا يَشوبُها ما يُنافيها، ويُوقِعُ آفةً فيها. وهو تَذييلٌ مُقَرِّرٌ لِما قبلَه فإنّ محبَّةَ اللهِ ـ سبحانه ـ للعبدِ مبدأُ كلِّ خيرٍ وسعادةٍ، واللامُ إمَّا للعهدِ ووضعِ الظاهرِ مَوضِعَ المُضمَرِ إيذاناً بأنَّ ما حُكيَ عنهم مِن بابِ الإحسانِ، وإمَّا للجِنسِ وهمْ داخلون فيه دُخولاً أَوَّلياً وفيه على كِلا التَقديريْن تَرغيبٌ للمؤمنين في تحصيلِ ما حكى من المناقب الجليلة. | |
|