روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 36 (2)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 36 (2) Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 36 (2) Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 36 (2)   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 36 (2) I_icon_minitimeالجمعة مارس 19, 2021 6:55 pm

واخْتَلَفَ قَوْلُ الأَئِمَّةِ الفُقَهَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُمْ، في هَذَا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَلَا يَأْكُلُ مِنَ الْوَاجِبِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْحَاجُّ عِنْدَ إِحْرَامِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ مِنْ لُحُومِ الْهَدَايَا الْوَاجِبَةِ، وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ فِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ الْهَدَايَا بِحَالٍ مُسْتَنِدًا إِلَى الْقِيَاسِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُهْدِيَ أَوْجَبَ إِخْرَاجَ الْهَدْيِ مِنْ مَالِهِ فَكَيْفَ يَأْكُلُ مِنْهُ. وبهِ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَلَفْظُ الْقُرْآن يُنَافِيهِ لَا سِيمَا وَقَدْ ثَبَتَ ِأَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَكْلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ لُحُومِ الْهَدَايَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: يُؤْكَلُ مِنَ الْهَدَايَا الْوَاجِبَةِ إِلَّا جَزَاءَ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ مِنْ شَيْءٍ جَعَلُوهُ للهِ ثُمَّ رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنَ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِي وَأَشْبَاهِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنْهُما، أَنَّهُ: كَانَ يُطْعِمُ مِنْ بَدَنَةٍ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيَقُولُ: "فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا"، هُمَا سَوَاءٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: لَا يُؤْكَلُ مِنَ النَّذْرِ وَلَا مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَلَا مِمَّا جُعِلَ للْمَسَاكِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: لَا يُؤْكَلُ مِنَ النَّذْرِ، وَلَا مِنَ الْكَفَّارَةِ، وَلَا مِمَّا جُعِلَ للْمَسَاكِينَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جبَلٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نُطْعِمَ مِنَ الضَّحَايَا الْجَارَ وَالسَّائِلَ والمُتَعَفِّفَ.
قوْلُهُ: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ} القانِع: مَعْنَاهُ المُتَذَلِّلُ، وَهُوَ الْمُتَّصِفُ بِالْقُنُوعِ، الَّذي هُوَ الذُّلُّ. مِنْ قَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعًا، إِذَا سَأَلَ بِتَذَلُّلٍ، وَقالَ العُكْبُريُّ أبو البقاءِ القَنِعُ: بِغَيْرِ أَلِفٍ هُوَ السَّائلُ. وَهوَ مِنْ بَابِ "سَأَلَ". وَأَمَّا الْقَنَاعَةُ فَفِعْلُهَا قَنِعَ يَقْنَعُ وَبَابُهُ "تَعِبَ" وَقَدْ أَحْسَنَ الْخَفَاجِيُّ إِذْ جمعَ بينَهما حينَ قالَ:
الْعَبْدُ حُرٌّ إِنْ قَنَعْ ................................. وَالْحُرُّ عَبْدٌ إِنْ قَنِعْ
فَاقْنَعْ وَلَا تَقْنَعْ فَمَا ......................... شَيْءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعْ
وَالْمُعْتَرُّ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنِ اعْتَرَّ، إِذَا تَعَرَّضَ لِلْعَطَاءِ، أَيْ دُونَ سُؤَالٍ بَلْ بِالتَّعْرِيضِ وَهُوَ أَنْ يَحْضُرَ مَوْضِعَ الْعَطَاءِ، يُقَالُ: اعْتَرَّ، إِذَا تَعَرَّضَ. وقيلَ هُوَ الزَّائِرُ، مِنْ قولِهِمْ: عَرَا فلانٌ صاحِبَهُ إِذَا زَارَه، وَالْمَعْنى أَنَّ بِزِيَارَتِه تَعَرَّضَ لِلْعَطَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المُعْتَرُّ: المُتَعَرِّضُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ. فَيُقَالَ: عَرَّهُ، واعتَرَّهُ، وَعَراهُ، واعْتَرَاهُ، أَيْ: أَتَاهُ طَالِبًا مَعْرُوفَهُ، قَال أَبو الوليدِ الأَنْصاريُّ:
لَعَمْرُك ما المُعتَرُّ يَغْشى بلادَنا ............... لِنَمْنَعَه بالضائعِ المُتَهَضِّمِ
وقالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ:
سَلي الطارِقَ المُعْتَرَّ يا أُمَّ مالِكٍ ... إِذَا مَا اعْتَراني بَيْنَ قِدْرِي وَمَجْزَرِي
أَأَبْسُطُ وَجْهِي أَنَّهُ أَوَّلُ الْقِرَى .......... وَأَبْذُلُ مَعْرُوفي لَهُ دُونَ مُنْكَرِي
وَممَّا يُرَجِّحُ هَذَا التَّفْسِيرَ وَيُحَسِّنُهُ، أَنَّهُ ـ سُبْحانَهُ، عَطَفَ الْمُعْتَرَّ عَلَى الْقانِعَ، فَدَلَّ الْعَطْفُ عَلَى الْمُغَايَرَةِ، فَلَوْ أَنَّهما فِي مَعْنًى وَاحِدٍ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ القارئِ ـ رَضِيَ اللهُ ـ تَعَالى عنْهُ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ الكريمةِ، مَا الَّذِي آكُلُ؟، وَمَا الَّذِي أُعْطِي القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ؟ فقَالَ لَهُ: اقْسِمْهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاء. قِيلَ: مَا القَانِعُ؟ قَالَ: مَنْ كَانَ حَوْلَكَ. قِيلَ: وَإِنْ ذَبَحَ؟ قَالَ: وَإِنْ ذَبَحَ. والمُعْتَرُّ: الَّذِي يَأْتِيكَ وَيَسْأَلُكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: القانِعُ الَّذِي يَقْنَعُ إِلَيْكَ بِمَا فِي يَدَيْكَ، وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَتَصَدَّى إِلَيْكَ لِتُطْعِمَهُ. وَلَفْظُ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ: وَالْمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَريكَ، وَيُريكَ نَفْسَهُ وَلَا يَسْأَلُكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما: أَنَّهُ كَانَ بِمِنًى فَتَلَا هَذِه الْآيَةَ: "فَكُلُوا مِنْهَا وأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالمُعْتَرَّ"، وَقَالَ: لِغُلَامٍ مَعَهُ هَذِا القَانِعُ الَّذِي يَقْنَعُ بِمَا آتَيْتَهُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: القانعُ الطّامِعُ بِمَا قِبَلَكَ، وَلَا يَسْأَلُكَ، والمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَريكَ وَلَا يَسْأَلُكَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: أَمَّا القانِعُ فَـ "الْقانِعُ" بِمَا أُرْسِلَتْ إِلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، وَ "المُعْتَرُّ" الَّذِي يَعْتَرِيكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، مِثْلَهُ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: البائِسُ هو الَّذِي يَسْأَلُ بِيَدِهِ، إِذا سَأَلَ، والقَانِعُ الطَّامِعُ الَّذِي يَطْمَعُ فِي ذَبِيحَتِكَ مِنْ جِيرَانِكَ، والمُعْتَرَّ الَّذِي يَعْتَريكَ بِنَفسِهِ وَلَا يَسْأَلُكَ، يَتَعَرَّضُ لَكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: القانِعُ أَهْلُ مَكَّةَ. وَالمُعْتَرُّ سَائِرُ النَّاسِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، مِثْلَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: القانِعُ الْمُتَعَفِّفُ، والمُعْتَرُّ السَّائِلُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ في مُصَنَّفِهِ: (8:516، 10:475)، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: القانِعُ السَّائِلُ الَّذِي يَسْأَلُ ثُمَّ أَنْشَدَ قَوْلَ الشَّماخِ بْنِ ضِرارٍ الغَطَفَانيِّ:
لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيَبْقَى .................... مُعَاقِرُهُ أَعَفُّ مِنَ القَنُوعِ
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: القَانِعُ السَّائِلُ، والمُعْتَرُّ مُعْتَرُّ الْبَدَنَ.
وَأَخْرَج الطَّسْتِيُّ فِي مسَائِلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما: أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: "القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ" قَالَ: القَانِعُ الَّذِي يَقْنَعُ بِمَا أُعْطِيَ، والمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرُّ مِنَ الْأَبْوَابِ. قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَم، أَمَا سَمِعْتَ قَولَ الشَّاعِرِ (هُوَ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى) وَهُوَ يَقُولُ:
عَلَى مُكْثريهمُ حَقُّ مَنِ يَعتَرِيهِم ......... وَعِنْدَ المُقِلِّينَ السَّمَاحَةُ وَالبَذْلُ
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: القَانِعُ الَّذِي يَجْلِسُ فِي بَيْتِهِ.
وَأَخَرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، القانِعُ الَّذِي يَقْنَعُ بِمَا أُوتِيَ، والمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرِضُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: القَانِعُ الَّذِي يَسْأَلُ، وَالمُعْتَرُّ الَّذي يَعْتَرِضُ وَلَا يَسْأَلُ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: القانِعُ الَّذِي يَسْأَلُ فَيُعْطَى فِي يَدَيْهِ، والمُعْتَرُّ الَّذِي يَعْتَرُّ فَيَطُوفُ.
قوْلُهُ: {كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ} يَمْتَنُّ اللهُ ـ تَعَالَى، عَلَى الحُجَّاجِ مِنْ عِبَادِهِ المُؤْمِنينَ، وَعَلى النَّاسِ أَجْمَعينَ، بِمَا خَلَقَ لهم مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وسَخَّرَهَا لَهُمْ لِيَنَفْعِ بها النَّاسِ. بِدَلالةِ أَنَّهُ سَخَّرَهَا لَهُم مَعَ قُوَّتِها وَضَعْفِ الْإِنْسَانِ في كَثيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ، فتَرَى الرَّجُلَ ـ بَلِ الطِّفلَ الصَّغيرَ أَحْيانًا يَسُوقُ عَدَدًا مِنْهَا أَوْ يَقُودُهَا، وربَّما آلَمها بالضَّربِ، أَوْ أَثْقَلَ أحمالها، وهي تُذعِنُ مُنْقَادَةً لِأَمْرِهِ. والمَعْنَى: وَمِثْلُ ذَلِكَ التَّسْخِيرِ الْعَجِيبِ الَّذِي تَرَوْنَهُ في جَمِيعِ هَذِهِ الكائناتِ، سَخَّرْنَا لَكُمْ هَذِهِ الأَنْعَامَ، فَلَهَا تَرْكَبُونَ، وَعَلَيْهَا تَحْمِلُونَ، وَمِنْها تَأْكُلُونَ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورَةِ النَّحْل: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} الآيَتَانِ: (5 و 6).
قولُهُ: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وَلَقَدْ خَلَقْنَا هَذهِ الأَنْعامَ المُسَخَّرَةَ لَكُمُ، لِتَعْرِفُوا عَظَمَةَ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكُمْ، فتقوموا بواجِبِ شُكْرِ اللهَ عَلَى نِعَمِهِ وتُخلصوا لَهُ الْعِبَادَةِ. وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ أَنْ يُكافِئَ مَوْلَاهُ على نِعَمَهِ؟ فليسَ بإمكانِهِ سِوَى الشُّكْر، ومعَ ِذَلِكَ فإنَّ الشّاكِرَ قليلٌ، قالَ ـ تَعَالى، مِنْ سورةِ سَبَأٍ: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور} الآيةَ: 13، وللشَّاكرينَ قالَ: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُون} الآيةَ: 10، مِنْ سُورةِ الأعراف.
قوْلُهُ تَعَالى: {وَالْبُدْنَ} الوَاوُ: اسْتِئْنافِيَّةٌ. وَ "الْبُدْنَ" مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصوبٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وُجُوبًا. يُفَسَّرُهُ المَذْكُورُ بَعْدَهُ، عَلَى سَبِيلِ الاشْتِغَالِ، والتَّقْديرُ: وَجَعَلْنَا الْبُدْنَ، والجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.
قوْلُهُ: {جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} جَعَلْنَا: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لِاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هو "نا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ، و "نا" التَّعظيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفَاعِلِيَّةِ، و "هَا" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ يَعُودُ عَلى "البُدْنَ"، مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ، مَفْعُولُهُ الأَوَّلُ. وَ "لَكُمْ" اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "جَعَلْنَاهَا"، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ، والميمُ علامَةُ الجَمْعِ المُذَكَّرِ. وَ "مِنْ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "جَعَلْنَاهَا"، فِي مَحَلِّ المَفْعُولِ الثَّانَي لِـ "جَعَلْنَا" الَّذي هُوَ بِمَعْنَى التَّصْيِيِرِ، وَ "شَعَائِرِ" مَجْرُورٌ بحرفِ الجَرِّ مُضافٌ، وَلَفْظُ الجَلالةِ "اللهِ" مَجْرُورٌ بِالإِضَافَةِ إِلَيْهِ، وَالْجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ جُمْلَةٌ مُفَسَّرَةٌ لِلمَحْذُوفِ، لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} لَكُمْ: اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقَدَّمٍ. وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ لِكَوْنِ الْمُبْتَدَأِ نَكِرَةً، ولِيُفِيدَ تَنْوِينُهُ التَّعْظِيمَ، وكَافُ الخِطَابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، والميمُ: للجَمعِ المُذَكَّرِ. وَ "فِيهَا" في: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مِنَ الضَّمِيرِ المُسْتَكِنِّ في الخَبَرِ، وَ "ها" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. وَ "خَيْرٌ" مَرْفوعٌ بالابْتِداءِ مُؤَخَّرٌ؛ وَتَقْدِيمُ حرفُ الجرِّ "فِي" عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ "خَيْرٌ" لِلِاهْتِمَامِ بِمَا تَجْمَعُهُ وَتَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ. وَهَذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الحالِ مِنْ "ها" الضَّميرِ في "جَعَلْنَاهَا"، أَوْ مِنْ "شَعَائِرِ الله". وَهَذَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي "فِيها"، عائدٌ عَلَى البَدَنِ، أَوْ عَلَى شَعَائِرِ؟ وَالأَوَّلُ قَوْلُ الجُمْهُورِ.
قولُهُ: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} الفاءُ: هيَ الفَصِيحَةُ؛ أَفْصَحَتْ عَنْ جَوَابِ شَرْطٍ تَقْديرُهُ: إِذَا عَرَفْتُمْ أَنَّ البُدْنَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ، وَأَرَدْتُمْ بَيَانَ مَا هُوَ اللَّازِمُ لَكُمْ .. فَأَقُولُ: اذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا. و "اذكروا" فعلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، وَواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعليَّةِ، والأَلِفُ للتَّفْريقِ. و "اسْمَ" مفعولُهُ مَنْصوبٌ بِهِ مُضافٌ، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" مجرورٌ بالإِضافةِ إِلَيْهِ، و "عَلَيْهَا" عَلَى: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "اذْكُرُوا"، و "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "صَوَافَّ" مَنْصوبٌ عَلَى الحالِ مِنَ الهَاءِ في "عَلَيْهَا"، وَلَمْ يُنَوَّنْ؛ لِأَنَّهُ مَمْنوعٌ مِنَ الصَّرْفِ؛ كَوْنَهُ عَلَى صِيغَةِ مُنْتَهَى الجُمُوعِ. وَالجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، مَقُولٌ لِجَوَابِ "إِذَا" المُقَدَّرَةِ، وَجُمْلَةُ إِذَا المُقَدَّرَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابَ.
قولُهُ: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} الفاءُ: هِيَ الفَصِيحَةُ؛ أَفْصَحَتْ عَنْ جَوَابِ شَرْطٍ تَقْديرُهُ: إِذَا عَرَفْتُمْ أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا، عِنْدَ الذَّبْحِ، وأَرَدْتُمْ بَيَانَ مَا تَفْعَلونَ بِهَا بَعْدَ الذَّبْحِ، فَأَقُولُ لَكُمْ: إِذَا وَجَبَتْ جُنوبُها فكلوا .. . و "إِذَا" ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ مُتَضَمِّنٌ معنى الشَّرْطِ، خافضٌ لِشَرْطِهِ، مُتَعَلِّقٌ بِجَوَابِهِ. و "وَجَبَتْ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ، والتاءُ السَّاكنةُ لِتَأْنِيثِ الفاعِلِ. و "جُنُوبُهَا" فاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، و "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ. والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الخَفْضِ بِإِضَافَةِ "إِذَا" إِلَيْهَا، عَلَى كَوْنِهَا فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا.
قولُهُ: {فَكُلُوا مِنْهَا} الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوابِ "إِذَا". و "كلوا" فعلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، وَواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعليَّةِ، والأَلِفُ للتَّفْريقِ. وَ "مِنْهَا" مِنْ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "كلوا"، و "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مينيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذِهِ جَوَابُ "إِذا" لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ. وَجُمْلَةُ "إِذَا" المُقَدَّرَةِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لهَا مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الوَاوُ: للعطْفِ، و "أَطْعِمُوا" فعلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، وَواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعليَّةِ، والأَلِفُ للتَّفْريقِ. وَ "الْقَانِعَ" مَفْعُولُهُ مَنصوبٌ بِهِ. و "وَالْمُعْتَرَّ" مَنْصوبٌ بالمفعوليَّةِ عَطْفًا "القانِعَ"، والجُمْلَةُ معطوفةٌ على ما قبلَها فلا محلَّ لها مِنَ الإعراب.
قولُه: {كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ} كَذَلِكَ: الكافُ: حرفُ جَرٍّ وتشْبيهٍ، مُتَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ بحَالٍ مِنْ ذَلِكَ المَصْدَرِ. وَ "ذا" اسمُ إِشارةٍ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالكافِ، واللامُ: للبُعْدِ، والكافُ الثانيةُ للخطابِ. و "سَخَّرْنَاهَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لِاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هو "نا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ، و "نا" التَّعظيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفَاعِلِيَّةِ، و "هَا" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ يَعُودُ عَلى "البُدْنَ"، مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ. و "لَكُمْ" اللامُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "سخَّرنا"، والكافُ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بهِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ، والميمُ لتذْكيرِ الجَمْعِ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قوْلُهُ: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} لَعَلَّكُمْ: حرفٌ نَاصِبٌ ناسِخٌ مُشبَّهٌ بالفعلِّ للترجِّي، وكافُ الخطابُ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بهِ في محلِّ النَّصْبِ اسْمُهُ، والميمُ: للجَمْعِ المُذَكَّرِ. وَ "تَشْكُرُونَ" فعلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ وَالجَازِمِ وعلامةُ رَفْعِهِ ثَباتُ النونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والجملةُ خَبَرُ "لَعَلَّ" في مَحَلِّ الرَّفعِ، وَجُمْلَةُ "لَعَلَّ" فِي مَحَلِّ الجَرِّ بِلَامِ تَعْلِيلِ مُقَدَّرَةٍ؛ أَيْ: وَسَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لِكَيْ تَشْكُرُونَا عَلَى ذَلِكَ التَّسْخِيرِ البَديعِ.
قرأَ العامَّةُ: {البُدْنَ} بنَصْبِ النُّونِ عَلَى الاشْتِغَالِ. وَقد رُجِّحَ النَّصْبُ وَإِنْ كانَ مُحْوِجًا لِإِضْمَارٍ، عَلَى الرَّفْعِ الَّذي لَمْ يُحْوِجْ إِلَيْهِ، لِتَقَدُّمِ جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ عَلَى جُمْلَةِ الاشْتِغَالِ. وَقُرِئَ "البُدْنُ" بِرَفْعِهَا عَلَى الابْتِدَاءِ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا خَبَرُها.
وَقَرَأَ العامَّةُ أَيْضًا: {البُدْنَ} بِتَسْكِينِ الدَّالِ. وَقَرَأَ الحَسَنُ، وتُرْوَى عَنْ نافعٍ وَشَيْخِهِ أَبِي جَعْفَرٍ النَّحاسِ بِضَمِّهَا، وَهُمَا جَمْعَانِ لِـ "بَدَنَة" نَحْوَ: ثَمَرةٍ وثُمُرٍ وثُمْرٍ. فَالْتَّسْكينُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكَونَ تَخْفِيفًا مَنَ المَضْمُومِ، وَأَنْ يَكُونَ أَصْلًا. وَقِيلَ: البُدْنُ والبُدُنُ جمعُ بَدَن، والبَدَنُ جمعٌ لبَدَنَة نَحْوَ: خَشَبَةٍ وَخَشَبٍ، ثُمَّ يُجْمَعُ خَشَبًا عَلَى خُشُبٍ وخُشْبٍ. وَقِيلَ: البُدْنُ اسْمٌ مُفْرَدٌ لَا جَمْعٌ يَعْنُونِ اسْمَ جِنِسٍ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبي إِسْحَاقٍ، "البُدُنَّ" بِضَمِّ الباءِ، والدَّالُ وَتَشْديدِ النُّونِ. وَهِيَ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَرَأَ كالْحَسَنِ، فَوَقَفَ عَلَى الكَلِمَةِ وَضَعَّفَ لَامَهَا كَقَوْلِهم: "هَذَا فَرُخّْ" ثُمَّ أَجْرَى الوَصْلَ مُجْرَى الوَقْفِ فِي ذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا عَلى "فُعُلٍّ" كَ "عُتُلٍّ".
قَرَأَ الجُمْهورُ: {صَوَافَّ} بالنَّصْبٌ عَلَى الحَالِ كما قدَمَ في مَبحثِ الإعرابِ. وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَمُجاهِدٌ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، "صَوافي" جمْعَ صافِيَةٍ، أَيْ: خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ ـ تَعَالَى. وَقَرَأَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ "صَوافيًا"، فنَوَّنَ الياءَ. وَاسْتُشْكِلَتْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ جَمْعٌ مُتَنَاهٍ. وَقد خُرِّجَتْ عَلَى وَجْهَيْنِ اثْنَيْنِ، ذَكَرَ أَحَدَهُمَا الزَّمَخْشَرِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّنْوينُ عِوَضًا مِنْ حَرْفِ الإِطْلَاقِ عِنْدَ الوَقْفِ. يَعْنِي أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى "صَوافِيَ" بِإِشْبَاعِ فَتْحَةِ اليَاءِ، فَتَوَلَّدَ مِنْهَا أَلِفٌ يُسَمَّى حَرْفَ الإِطْلَاقِ، ثُمَّ عَوَّضَ عَنْهُ هَذَا التَّنْوينَ، وَهُوَ الَّذي يُسَمِّيهِ أَهْلُ النَّحْوِ تَنْوينَ التَّرَنُّمِ. أَمَّا الثاني: فهوَ أَنَّه ُجاءَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَصْرِفُ مَا لَا يَنْصَرِفُ. وَقَرَأَ الحَسَنُ "صَوَافٍ" بالْكَسْرِ وَالتَّنْوينِ. وَتَوْجِيهُ هذِهِ القراءةِ: أَنَّهُ نَصَبَهَا بِفَتْحَةٍ مُقَدَّرَةٍ، فَصَارَ حُكْمُ هَذِهِ الكَلِمَةِ كَحُكْمِهَا حَالَةَ الرَّفْعِ والجَرِّ فِي حَذْفِ الياءِ وَتَعْويضِ التَّنْوينِ نَحْوَ: "هُؤلاءِ جَوَارٍ"، وَمَرَرْتُ بِجَوَارٍ. وَتَقْديرُ الفَتْحَةِ في الياءِ كَثِيرٌ في لُغتِنا، كَقَوْلِهِمْ: "أَعْطِ القَوْسَ بَارِيْها" وَقَوْلِ
الشَّاعِرِ الراجِزِ رُؤْبةَ بْنِ العجَّاجِ:
كَأَنَّ أَيْدِيهِنَّ بالقَاعِ القَرِقْ .................. أَيْدِيْ جَوَارٍ يَتَعَاطَيْنَ الوَرِقْ
وأَنشَدَ عَلَيْهِ ابْنُ السِّيرافي:
وكَسَوتُ عارٍ لَحْمُهُ، فَتَرَكتُهُ ............ جَذلانَ، يَسحَبُ ذَيلَهُ وَرِدَاءَهُ
يُريدُ: عَارِيًا لَحْمُهُ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قِراءةُ مَنْ قرأَ "صَوافيْ" بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ مِنْ غَيْرِ تَنْوينٍ، نَحْوَ: "رَأَيْتُ القَاضِيْ يَا فَتَى» بِسُكُونِ الياءِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ سَكَّنَ اليَاءَ للوَقْفِ ثُمَّ أَجْرَى الوَصْلَ مُجْرَاهُ في هَذِهِ القِرَاءةِ.
وَقَرَأَ العبادِلَةُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعودٍ، وعبدُ اللهِ بْنُ عبَّاسٍ، وعبدُ اللهِ ابْنُ عمَرَ، وَقرَأَ مُجَاهِدٌ، وقتادَةُ وَالأَعْمَشُ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ جَميعًا: "صَوافِن" بِالنُّونِ جَمْعَ "صَافِنَةٍ" وَهِي الَّتي تَقُومُ عَلى ثَلَاثٍ، وَطَرْفِ الرَّابِعَةِ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ في الخَيْلِ، كَما قَالَ ـ تَعَالى، مِنْ سورةِ ص: {الصَّافِنَاتُ الجِيَادُ} الآيةَ: 31، فَيَكونُ اسْتِعْمَالُهُ في الإِبلِ اسْتِعَارَةً.
قَرَأَ الجُمْهورُ: {القانعَ} وَقَرَأَ أَبو رَجَاءٍ "القَنِع" دُونَ أَلِفٍ. وَفِيهَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُما: أَنَّ أَصْلَهَا "القانِع" فَحَذَفَ الأَلِفَ كَمَا قَالُوا: مِقْوَل في: مِقْوال، ومِخْيَط في: مِخْياط، وجَنَدِل في: وجَنَادل، وَعُلَبِط في: وَعُلابط. والثاني: أَنَّ القانِعَ هُوَ الرَّاضِي بِالْيَسيرِ، وَالقَنِعُ: السَّائلُ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْريرُهُ في مُبْحَثِ التفسير، وقَال الزمخشري: والقَنِعُ: الرَّاضِي لَا غَيْرُ.
قرَأَ الجُمْهورُ: {والمُعْتَرَّ}، وَقَرَأَ الحَسَنُ: وَالمُعْتَرِي، اسْمُ فَاعَلٍ مِنْ اعْتَرى يَعْتَرِي. وَقَرَأَ إِسْماعيلُ، وَتُرْوَى عَنْ أَبي رَجَاءٍ وَالحَسَنِ أَيْضًا، والمُعْتَرِ ـ بِكَسْرِ الرَّاءِ، اجْتِزَاءً بِالْكَسْرَةِ عَنْ لَامِ الكَلِمَةِ.
وقُرِئ: "المُعْتَرِيَ" بِفَتْحِ اليَاءِ. قَالَ أَبُو البَقَاءِ العُكْبُريُّ: وَهُوَ فِي مَعْنَاهُ. أَيْ: فِي مَعْنَى "المُعْتَرَّ" في قراءةِ العَامَّةِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 36 (2)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 1
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 17
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 32
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 47
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 63

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: