روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 43

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 43 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 43 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 43   فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 43 I_icon_minitimeالسبت يوليو 30, 2016 9:47 pm

فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 43


وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)


قولُهُ ـ تعالي شأْنُه: {وَقَالَ الْمَلِكُ} أَيْ: مَلِكُ مِصْرَ. فالتَّعْرِيفُ فِي الْمَلِكُ هنا لِلْعَهْدِ، وقد تقدَّمَ أنَّه كان يسمى ريَّانَ بْنَ الوليدِ. وَأَطْلَقَ عليهِ القرآنُ لقبَ المَلِكِ دون ال "فِرْعَوْن" لِأَنَّ هَذَا الْمَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنَ سلالةِ الْفَرَاعِنَةِ الْقِبْطِ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنَ البدوِ الرُّعاةِ (الْهِكْسُوسُ)، وَهُمُ الْعَمَالِقَةُ الْكَنْعَانِيِّونَ، الذين يسمِّيهِمْ المؤرِّخُون الْإِغْرِيقُ بِالمُلُوكِ الرُّعَاةِ. وَقَدْ مَلَكُوا بِمِصْرَ قريبًا من أربعةِ قرون ما بينْ عَامِيْ: /1900/ و /1525/ قَبْلَ مِيلَادِ السيِّدِ الْمَسِيحِ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وبقي لِفَراعِنَةِ القِبْطِ حُكْمُ مِصْرَ الْعُلْيَا فِي مَدِينَةِ (طِيبَةَ) وَكَانَ حكمُ الفرعونِ فِي تِلْكَ الفترةِ ضَعِيفًا، لِأَنَّ السِّيَادَةَ كَانَتْ لِمُلُوكِ مِصْرَ السُّفْلَى ـ حَسْبَمَا تقدَّمَ. وَفِي التَّوْرَاةِ لُقِّبَ مَلِكُ مِصْرَ زَمَنَ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السّلام، ب "فِرْعَوْنَ" وَمَا هُوَ بِ "فِرْعَوْنَ"، فقد كانتْ أُمَّتَهُ تَتَكلَّمُ كَنْعَانِيَّةً قَرِيبَةً مِنَ الْآرَامِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، ومَا كَانَتْ تَتَكَلَّمُ الْقِبْطِيَّةِ، فَيَكُونُ زَمَنُ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي آخِرِ أَزْمَانِ حُكْمِ مُلُوكِ الرُّعَاةِ، وتَلقيبهُ بِالْمَلِكِ دُونَ فِرْعَوْن هُوَ مِنْ دَقَائِقِ الإِعْجَازِ الْعِلْمِيِّ في الْقُرْآنِ الكريم.
قولُهُ: {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} لَمَّا حانَ وقتُ الفَرَجِ رَأَى الْمَلِكُ رُؤْيَاهُ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى يُوسُفَ ـ عليهِما السلامُ، وَبَشَّرَهُ بِالْفَرَجِ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ مُخْرِجُكَ مِنْ سِجْنِكَ، وَمُمَكِّنٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ، يَذِلُّ لَكَ مُلُوكَهَا، وَيُطِيعُكَ جَبَابِرَتُهَا، وَمُعْطِيكَ الْكَلِمَةَ الْعُلْيَا عَلَى إِخْوَتِكَ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ رُؤْيَا رَآهَا الْمَلِكُ، وَهِيَ كَيْتُ وَكَيْتُ، وَتَأْوِيلُهَا كَذَا وَكَذَا، فَمَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ أَكْثَرَ مِمَّا رَأَى الْمَلِكُ الرُّؤْيَا حَتَّى خَرَجَ، فَجَعَلَ اللهُ الرُّؤْيَا أَوَّلًا لِيُوسُفَ بَلَاءً وَشِدَّةً، وَجَعَلَهَا آخِرًا بُشْرَى وَرَحْمَةً، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلِكَ الْأَكْبَرَ الرَّيَّانَ بْنَ الْوَلِيدِ رَأَى فِي نَوْمِهِ كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ نَهْرٍ يَابِسٍ سَبْعُ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ، فِي أَثَرِهِنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ مَهَازِيلُ، وَقَدْ أَقْبَلَتِ الْعِجَافُ عَلَى السِّمَانِ فَأَخَذْنَ بِآذَانِهِنَّ فَأَكَلْنَهُنَّ، إِلَّا الْقَرْنَيْنِ. رَأَى المَلِكُ رُؤْيَاهُ هَذِهِ فهَالَتْهُ، وَعَرَفَ أَنَّهَا وَاقعَةٌ وَلَمْ يَدْرِ تَأْويلَها فَقَصَّها عَلَى مَنْ حولَهُ مِنْ ذوي العِلْمِ والفَهْم، مِنْ كَهَنَتِهِ ومُسْتَشاريهِ ووُزرائهِ ومُعاونِيهِ وجهابذةِ مملكتِهِ. وقال: "إِنّي أَرَى" أَيْ: رَأَيْتُ، وإيثارُ صِيغَةِ المُضارِعِ لِحِكايَةِ الحَالِ الماضِيَةِ، أَيْ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ رُؤْيَا جَلِيَّةً مَاثِلَةً أَمَامِي كَأَنِّي أَرَاهَا الآنَ، ولم يَذْكُرْ أَنَّهُ رَأَى في مَنَامِهِ ولا في غَيْرِهِ، لِتَعارُفِ العَرَبِ بَيْنَها في كلامِها إِذا قالَ القائلُ مِنْهم: (أَرَى أَنِّي أَفْعَلُ كَذا وكَذَا)، أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ رُؤْيَتِهِ ذَلِكَ في مَنَامِهِ، وإِنْ لمْ يَذْكُرِ النَّوْمَ. وأَخْرَجَ الخَبَرَ ـ جَلَّ ثَنَاؤهُ على ما قَدْ جَرَى بِهِ اسْتِعْمالُ العَرَبِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ.
وَ "سِمانٍ" جَمْعُ سَمِينَةٍ وَسَمِينٍ، جمْعَ تَكْسيرٍ، مِثْلَ: كِرَامٍ، جَمْعُ كَريمَةٍ وكَريمٍ، وحِسَانٍ: جَمْعُ حَسَنٍ وحَسَنَةٍ، وَهُوَ وَصْفٌ لِ "بَقَراتٍ"، "يَأْكُلُهُنَّ" أيْ: أَكَلِهُنَّ، وعَدَلَ إلى المُضارِعِ لاسْتِحْضارِ الصُّورَةِ تَعْجيبًا، و "عِجَافٌ" جَمْعُ عَجْفَاءَ. وَكانَ الْقِيَاسُ فِي جَمْعِ عَجْفَاءَ عُجْفٌ، لَكِنَّهُ صِيغَ هُنَا بِوَزْنِ فِعَالٍ لِأَجْلِ الْمُزَاوَجَةِ ولِمُقَارِنِهِ "سِمانٍ" وموازَاتِها. ومِنْهُ قَولُ الشَّاعِرِ تميمِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلٍ مِنْ بَني عَجلان:
هَتَّاكُ أَخْبِيَةٍ وَلَّاجُ أَبَوِيَةٍ .................. يَخْلِطُ بالجِدِّ مِنْهُ البِرَّ واللِّينَا
فإنَّما قالَ أَبْوِيَةٍ لِمَكَانِ أَخْبِيَةٍ فَجَمَعَ "باب" على: أَبْوِيَةٍ، إذْ كَانِ مُتْبَعًا ل "أَخبية"، حَتَّى يُشاكِلَهُ، ولو أَفْرَدَهُ لمْ يَجُزْ، فَالْقِيَاسُ أَبْوَابٌ لَكِنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى أَخْبِيَةٍ. وزَعمَ ابْنُ الأَعْرابِيِّ واللَّحْيانِيُّ أَنَّ أَبْوِيَةً جَمْعُ بَابٍ مِنْ غَيرِ أَنْ يكونَ إِتْبَاعًا، وهذا نادِرٌ لأَنَّ بَابًا "فَعَلٌ" وفَعَلٌ لا يُكَسَّرُ على أَفْعِلَةٍ. وَالْعَجْفَاءُ: ذَاتُ الْعَجَفِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْهُزَالُ الشَّدِيدُ، وإنَّما لم يَقُلْ سَبْعُ عَجِافٍ بالإضافَةِ لأَنَّ التَمييزَ مَوضُوعٌ لِبَيانِ الجِنْسِ والصِّفَةُ لَيْسَتْ بِصالِحَةٍ لِذَلِكَ فلَا يُقالُ ثَلاثَةُ ضِخَامٍ وأَرْبَعَةُ غِلاظٍ، وأَمَّا قولُكَ ثَلاثَةُ فُرْسانٍ وسِتَّةُ رُكْبَانٍ فَلِجَرَيَانِ الفَارِسِ والرَّاكِبِ مَجْرى الأَسْماءِ.
قولُهُ: {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} وَرَأَى "سَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ" قَدْ أَقْبَلَ قدِ انْعَقَدَ حَبُّها، و "أُخَرَ يابساتٍ" أيْ وسَبْعًا أُخَرَ يابِساتٍ قَدْ أَدْرَكَتْ والْتَوَتْ عَلىَ الخُضْرِ حَتَّى غَلَبَتْها ـ عَلى ما رُوِيَ، ولَعَلَّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ لِذِكْرِهِ للاكْتِفاءِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ حالِ البَقَراتِ. و "سُنْبُلَاتٍ" جَمْعُ سُنْبُلَةٍ، كَ "قُنْفُدَةٍ" مَا يُخْرِجُهُ الزَّرْعُ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فَيَكُونُ فِيهِ الْحَبُّ، وَالْيَابِسُ مِنَ السُّنْبُلِ مَا آنَ حَصَادُهُ. وَقدِ اسْتَغْنَى عَنْ إِعَادَةِ "سَبْعِ" هُنَا بِدَلَالَةِ مُقَابِلِهِ فِي "بَقَرَاتِ" عَلَيْهِ.
قولُهُ: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} خطابٌ للأشرافِ مِنْ قومِهِ والوُزَراءِ مِنْ حاشِيَتِهِ، وللعُلَماءِ والحُكَمَاءِ، والكَهَنَةِ: أنْ أَفْتُونِي فِي رؤيايَ هذِهِ، أَيْ عَبِّروها، وبَيِّنُوا حُكْمَها وما تَؤُولُ إِلَيْهِ مِنْ عاقِبَةٍ وعَبِّروها لي، وقد سمَّى التَّعْبيرَ إِفْتاءً، تشريفًا لهم، وتَفخيمًا لرؤياهُ وتعظيمًا لأَمْرها.
قولُهُ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} عَبَرَ الرُؤيا مِنَ العُبُورِ، أَيْ: المُجاوَزَةِ، يُقالُ عبَرَ النَّهْرَ إذا قطعَهُ وجاوَزَهُ، وحقيقةُ العَبْرِ، أَوِ التَّعبيرِ: الانْتِقالُ مِنَ الصُّوَرِ الخيالِيَّةِ المُشاهَدَةِ في المَنَامِ إلى أَمثِلتِها مِنَ الواقعِ، وعَبَرَ الرُؤْيا عِبارةً أَثْبَتُ مِنْ عَبَّرَها تَعْبيرًا، ونحوَهُ أَوَّلَها، أَيْ: ذَكَرَ مَآلَها والجَمْعُ بَيْنَ الماضِي "كنتم" والمُسْتَقبلِ "تعبرون" للدِّلالَةِ عَلى الاسْتِمرارِ، كَمَا أُشيرَ إِلَيْهِ، واللامُ للبَيان، أَوْ لِتَقْوِيَةِ العامِلِ المُؤَخَّرِ لِرِعايَةِ الفواصِلِ أَوْ لِتَضْمينِ "تعبُرون" مَعْنَى فعْلٍ مُتَعَدٍّ باللامِ كأَنَّهُ قِيلَ إِنْ كُنْتُم تَنْتَدِبون لِعِبارَتِها. ويَجوزُ أَنْ يَكونَ "للرُؤْيا" خَبَرُ "كان" كَمَا يُقالُ فُلانٌ لِهَذا الأَمْرِ، إذا كانَ مُسْتَقِلًّا بِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ، و "تعبرون" خبرٌ آخَر.
قولُهُ تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} الواوُ: للاستئناف، "قَالَ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، و "الْمَلِكُ" فاعِلُهُ مرفوعٌ، والجملةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "إِنِّي" حرفٌ ناصبٌ ناسخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ يفيدُ الوكيدَ، وياءُ المتكلِّم ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نَصبِ اسْمِهِ. و "أَرَى" فعلٌ مُضارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ منَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المقدَّرةُ على آخرِهِ لتَعذُّرِ ظهورِها على الألفِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "أنا" يَعودُ عَلَى المَلِكِ. والجملةُ الفعليَّةُ هذه في محلِّ الرفعِ خبرُ "إنّ"، و "سَبْعَ" مَفْعولٌ بِهِ منصوبٌ مُضافٌ، و "بَقَرَاتٍ" مُضافٌ إِلَيْهِ مجرورٌ، وحُذِفَتِ الْهَاءُ مِنْ "سَبْعَ" فَرْقًا بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، و "سِمَانٍ" صفةٌ لـِ "بَقَرَاتٍ" ويَجوزُ في غيرِ القُرآنِ سِمَانًا، وَمِثْلُهُ. "سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا" سورة نوح، الآية: 15. والمصدرُ: السِّمَنُ، مِنْ سَمِنَ يَسْمَنُ فهوَ سَمينٌ فقد جاء المَصْدَرُ واسْمُ الفاعِلِ عَلى غَيْرِ قِياسٍ، إذْ قِياسُهُما "سَمَنَ" بِفَتْحِ المِيمِ، فهُوَ سَمِنٌ بِكَسْرِها، نَحْوَ فَرِح فَرَحًا فهُوَ فَرِحٌ. فإذا أَوْقَعْتَها صفةً ل "بقرات" فقَدْ قَصَدْتَ إلى أَنْ تُمَيِّزَ السَّبْعَ بِنَوْعٍ مِنَ البَقَرَاتِ وهوَ السِّمَانُ مِنْهُنَّ لا بِجِنْسِهِنَّ، ولَوْ وَصَفْتَ بِهَا السَّبْعَ لَقَصَدْتِ إلى تَمْييزِ السَّبْعِ بِجِنْسِ البَقَرَاتِ لا بِنَوْعٍ مِنْها، ثُمَّ رَجَعْتَ فَوَصَفْتَ المميَّزَ بالجِنْسِ بالسِّمَنِ. ولا يجوزُ أنْ تقولَ: "سَبْعَ عِجَافٍ" على الإِضافَةِ. لأنَّ التَمْييزَ موضوعٌ لِبيانِ الجِنْسِ، و "عِجافٌ" وصفٌ لا يقعُ البيانُ بِهِ وحدَهُ. وجَمَعَ عَجْفاء على عِجاف. والقياس: عُجُفٌ نحوَ: حمراءَ وحُمُرٌ، حَمْلاً له على "سِمان" لأنَّهُ نَقيضُهُ، ومِنْ دَأْبهم حَمْلُ النَّظيرِ عَلى النَّظير والنَّقيضِ على النَّقيضِ.
قولُهُ: {يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ} فَعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِب والجازمِ، و "هنَّ" ضمير الغائباتِ في محلِّ نصبِ مفعولِهِ، و "سبعٌ" فاعلُهُ. و "عِجَافٌ" صفةٌ لِـ "سَبْعٌ" وجُمْلَةُ "يَأْكُلُهُنَّ" في مَحَلِّ النَّصْبِ مَفعولٌ ثانٍ لـِ "أَرَى" وجملةٌ "أَرَى" في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إن"، وجُمْلَةُ "إنَّ" في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقولُ "قَالَ".
قولُهُ: {وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ" معطوفٌ عَلَى "سَبْعَ بَقَرَاتٍ" فلها الإعرابُ ذاتُهُ. و "خُضْرٍ" صِفَةٌ لِـ سُنْبُلَاتٍ". و "أُخَرَ" مَعْطوفٌ عَلَى "سَبْعَ" عطفَ نَسَقٍ لا عَلى "سُنْبُلَاتٍ" ويَكونُ، قَدْ حُذِفَ اسْمُ العَدَدِ مِنْ قولِهِ: "وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} والتقديرُ: وسَبْعًا أُخَرَ، وإِنَّما حذفَ لأَنَّ التَقسيمَ في البَقَرَات يَقْتَضي التَقْسيمَ في ال "سنبلات". و "يَابِسَاتٍ" صِفَةٌ لِـ "أُخر". فالكلامُ مَبْنِيٌّ عَلَى انْصِبابِهِ إِلى هذا العَدَدِ في البَقَرَاتِ السِمانِ والعِجافِ والسنبلاتِ الخُضْر، فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَاوَلَ مَعْنَى الأُخَرَ السَبْعِ، ويكون قوله "وأُخَرَ يابسات" بِمَعْنَى وسَبْعًا أُخَرَ. وإنَّما لم يَجُزْ عَطْفُ "أُخر" على التمييز وهو "سنبلات" فيكون "أُخَر" مجرورًا لا مَنْصوبًا؛ لأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ العَطْفُ عَلَيْهِ يكونُ مِنْ جملة مُمَيَّزِ "سبعَ" ومِنْ جهةِ كونه "أُخَرَ" يَكُونُ مُبايِنًا ل "سَبْعٍ" فَتَدَافَعا، ولو كان تركيبُ الآية الكريمة: (سبع سنبلاتٍ خضرٍ ويابسات) لَصَحَّ العَطْفُ، ويَكونُ مِنْ تَوْزِيعِ السُنْبُلاتِ إِلى هَذَيْنِ الوَصْفَيْنِ، أَعْنِي الاخْضِرارَ واليُبْسَ.
قولُهُ: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ} يا" أداةُ نِداءٍ. و "أيُّ" مُنَادَى نَكِرَةٌ مَقْصُودَةٌ، مبنيٌّ على الضمّ في مجلِّ النَّصبِ على النداء. و الهاءُ للتنبيهِ زائد. و "الْمَلَأُ" بدلٌ مِنْ "أيُّ" أو عطف ُبيانٍ لها، وجُمْلَةُ النِّداءِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ ل "قَالَ". و "أَفْتُونِي" فِعْلُ أمرٍ مبنيٌّ على حذف النونِ من آخرِهِ لأنَّ مضارعَهُ مِنَ الأفعال الخمسِةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ به، مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والنونُ للوقايةِ والياءُ ضميرُ المتكلِّمِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نصب مفعولِهِ. و "فِي" حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، و "رُؤْيَايَ" مجرورٌ بحرف الجرِّ وعلامةُ جَرِّهِ كسرةٌ مقدَّرةٌ على آخرِهِ منع من ظهورها تعذُّرُ ظهورِها على الألفِ، وهو مضافٌ إليه على تقدير حذفِ مُضَافٍ والتقديرُ: أفتوني في تفسيرِ رؤياي، وهو مضافٌ والياءُ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذه في مَحَلِّ النَّصْبِ ب "قَالَ" عَلَى كَوْنِها جَوابَ النِّداءِ.
قولُهُ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} إنْ" حَرْفُ شَرْطٍ جازمٌ. و "كُنْتُمْ" فعلٌ ماضٌ ناقِصٌ مبنيٌّ على السكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ في محل الجَزْمِ بِـ "إنْ" الشَرْطِيَّةِ عَلَى أنَّهُ فعلُ شَرْطٍ لها، والتاءُ ضميرُ رفعٍ متحرِّكٌ متَّصِلٌ به في محلِّ رفعِ اسْمها، والميمُ علامَةُ المُذكَّرِ . و "لِلرُّؤْيَا" اللامُ: فيها أربعةُ وجوهٍ، أوَّلُها: أنَّها مَزيدةٌ فلا تَعَلٌّق لها بِشَيْءٍ، وقد زِيْدَتْ تقْوِيَةً للعامِلِ لِتَقَدُّمِ المَعْمولِ عليه، كما تُزادُ فيه إذا كان العامِلُ فَرْعًا كما في قولِهِ تعالى: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} سورة هود، الآية: 107، ولا تُزادُ فِيما عَدَا ذَيْنَكَ إِلَّا ضَرورَةً كقولِ عَبْدِ الشَّارِق بن عَبْدِ العُزَّى الجُهَني:
فَلَمَّا أَنْ تواقَفْنا قليلًا ......................... أَنَخْنا للكلاكلِ فارْتَمَيْنا
يريد: أنخنا الكلاكل، فزيدت مع فقدان الشرطين، هكذا عبارة بعضهم يقول إلا في ضرورة، وبعضُهم يقول: الأكثر ألاَّ تُزادَ، ويتُحَرَّزُ مِنْ قوله تعالى في سورةِ النملِ: {رَدِفَ لَكُم} الآية: 72، فإنَّ الأصلَ: رَدِفَكم فزيدت فيه اللام، ولا تَقَدُّم ولا فرعية، ومَنْ أَطْلَقَ ذلكَ جَعَل الآيَةَ مِنْ بابِ التَّضْمينِ. الثاني: أنْ يُضَمَّن "تَعْبُرون" معنى ما يَتَعَدَّى باللامِ، والتقديرُ: إنْ كنتم تَنْتَدِبون لِعِبَارَةِ الرُّؤْيا. الثالث: أن يكونَ "للرُّؤْيا" هو خبرُ "كنتم" كما تقول: كان فلان لهذا الأَمرِ، إذا كان مُستقلًّا به متمكِّنًا منه، وعلى هذا فيكون في "تعبرُون" وجهان: أحدهما: أنَّه خبرٌ ثانٍ لِ "كنتم" وثانيهما: أَنَّهُ حالٌ مِن الضَميرِ المُرْتَفِعِ بالجارِّ لِوُقوعِهِ خَبَرًا. الرابع: أنْ تتعلَّقَ اللامُ بمحذوفٍ على أنها للبيانِ كقولِهِ تَعَالى في الآية: 20، من هذه السورةِ: {وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين} والتقديرُ: أعني فيه، وكذلك هذا، تقديرُه: أعني للرؤيا، وعلى هذا فيكون مفعول "تعبُرون" محذوفاً تقديرُه: تعْبُرونها، و "الرؤيا" مجرورٌ بها لفظًا وعلامةُ الجرِّ كسرةٌ مقدَّرةٌ على آخرِهِ لتعَذُّرِ ظهورها على الأَلِفِ، وهو منصوبٌ محلًا مفعولٌ به مقدَّمٌ لِـ "تَعْبُرُونَ". و "تَعْبُرُونَ" فعلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ منَ الناصِبِ والجازِمِ وعلامةُ رفعِهِ ثبوتُ النونِ في آخرِهِ لأنَّهُ من الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ الدالَّةُ على الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعلُهُ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذه في مَحَلِّ النَّصًبِ خَبَرُ "كان" وجوابُ "إنْ" الشَّرْطِيَّةِ مَحذوفٌ مَعْلومٌ مِمَّا قَبْلَهُ والتَقديرُ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْبُرونَ الرُؤْيَا، فَأَفْتُوني في رُؤيايَ، وجُمْلَةُ "إنْ" الشَرْطِيَّةِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مقولَ القولِ لِ "قال".
وقرأ أبو جعفر: "الرُّيَّا" بالإِدغام، وذلك أنه قَلَبَ الهمزةَ واوًا لسكونِها بعد ضمةٍ فاجتمعت ياءٌ وواو، وسَبَقَتْ إحداهما بالسكون، فَقُلِبَتْ الواوُ ياءً وأُدْغِمَتْ الياءُ في الياء. وهذه القراءةُ عندهم ضعيفةٌ؛ لأنَّ البدلَ غيرُ لازمٍ فكأنه لم تُوْجَدْ واو نظراً إلى الهمزة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 43
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 17
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 33
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 49
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 65
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 85

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: