روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 36

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 36 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 36 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 36   فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 36 I_icon_minitimeالأحد يوليو 24, 2016 3:09 pm

فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 36


وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)


قولُهُ ـ تَبَارَكَتْ أَسْماؤُهُ: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ} ثمَّةَ محذوفٌ هَهُنَا، تَقْدِيرُهُ: (فلَمَّا حَبَسُوهُ) فاخْتُصِرَ إيجازًا وهي بَلاغَةٌ قُرآنِيَّةٌ نَوَّهْنَا بها غَيْرَ مرَّةٍ. وَقد حُذِفَ ذَلِكَ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: "وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ" عَلَيْهِ. وَهَذَا مِنْ إِيجَازِ الْقُرْآنِ الْخَاصِّ بِهِ. والفَتَيان، قِيلَ: هُمَا غُلَامَانِ كَانَا لِلْمَلِكِ الْأَكْبَرِ الرَّيَّانِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ شروان العَمْلِيقيِّ مَلِكِ مِصْرَ الْأَكْبَرِ، أَحَدُهُمَا خَبَّازُهُ وَصَاحِبُ طَعَامِهِ وَالْآخَرُ سَاقِيهِ وَصَاحِبُ شَرَابِهِ، غَضِبَ الْمَلِكُ عَلَيْهِمَا فَحَبَسَهُمَا. وَالسَّبَبُ فِي ذلكَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَرَادُوا الْمَكْرَ بِالْمَلِكِ وَاغْتِيَالَهُ فَضَمَّنُوا لِهَذَيْنَ مَالًا لِيَسُمَّا الْمَلِكَ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَأَجَابَاهُمْ ثُمَّ إِنَّ السَّاقِيَ نَكَلَ عَنْهُ، وَقَبِلَ الْخَبَّازُ الرِّشْوَةَ فَسَمَّ الطعامَ، فلَمَّا أَحْضَرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، قَالَ السَّاقِي: لَا تَأْكُلْ أَيُّهَا الْمَلِكُ فَإِنَّ الطَّعَامَ مَسْمُومٌ، وَقَالَ الْخَبَّازُ: لَا تَشْرَبْ فَإِنَّ الشَّرَابَ مَسْمُومٌ، فَقَالَ الْمَلِكُ للسَّاقي: اشْرَبْ منه فشَرِبَ فلمْ يَضُرَّهُ، وقالَ للخَبَّازِ: كُلْ مِنَ الطَعَامِ، فَأَبَى، فَجَرَّبَ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى دَابَّةٍ فَأَكَلَتْهُ فَهَلَكَتْ، فَأَمَرَ الْمَلِكُ بِحَبْسِهِمَا. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ" قَالَ: أَحدُهُمَا خَازِنُ الْمَلِكِ عَلى طَعَامِهِ وَالْآخَرُ سَاقيهِ عَلى شَرَابِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ مثلَهُ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّه قَالَ فِي قَوْلِهِ ـ تباركَ وتعال: "وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ" قَالَ: غُلامانِ كَانَا للْمَلِكِ الْأَكْبَرِ: (الرَّيَّانِ بْنِ الْوَلِيدِ) كَانَ أَحدُهُمَا عَلَى شَرَابِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى بَعْضِ أَمِرِهِ، فِي سَخْطَةٍ سَخِطَها عَلَيْهِمَا، اسْمُ أَحَدِهِمَا (مُجْلِبٌ) وَالْآخَرِ (نَبْوا) الَّذِي كَانَ عَلى الشَّرَاب، فَلَمَّا رأَيَاهُ قَالَا: يَا فَتى وَاللهِ لَقَدْ أَحْبَبْنَاك حِينَ رَأَيْنَاكَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَقَ: فَحَدَّثَني عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ لَهُمَا حِينَ قَالَا لَهُ ذَلِك: أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ أَنْ لَا تُحِبَّانِي، فوَ اللهِ مَا أَحَبَّنِي أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا دَخَلَ عَليَّ مِنْ حُبِّهِ بَلَاءٌ، قدْ أَحَبَّتْني عَمَّتي فَدَخَلَ عَليَّ مِنْ حُبِّها بَلَاءٌ، ثمَّ أَحَبَّنِي أَبي فَدَخَلَ عَليَّ بِحُبِّهِ بَلَاءٌ، ثمَّ أَحَبَّتْني زَوْجَةُ صَاحِبي فَدَخَلَ عَليَّ بِمَحَبَّتِها إيَّايَ بلَاءٌ، فَلَا تُحِبَّاني بَارَكَ اللهُ فِيكُما، فأَبَيَا إِلَّا حُبَّهُ وإلْفَهُ حَيْثُ كَانَ، وَجَعَلَ يُعْجِبُهُمَا مَا يَرَيانِ مِنْ فَهْمِهِ وعَقْلِهِ. وَقدْ كَانَا رَأَيَا حِينَ أُدْخِلَا السِّجْنَ رُؤْيا، رَأَى (مُجْلِب) أَنَّ فَوقَ رَأْسِهِ خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ، وَرَأَى (نَبْوا) أَنَّهُ يَعْصُرُ خَمْرًا، فاسْتَفْتَيَاهُ فِيهَا وَقَالا لَهُ "نَبِّئْنا بِتَأْويلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ" إِنْ فَعَلْتَ. فَقَالَ لَهُمُا: {لَا يَأْتيكُما طَعَامٌ تُرْزَقانِهِ} يَقُولُ فِي نَوْمِكُمُا {إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْويلِهِ قبْلَ أَنْ يَأْتيكُما} ثمَّ دَعَاهُما إِلَى اللهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ: {يَا صَاحِبي السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ القَهَّارُ} أَيْ: خَيْرٌ أَنْ تَعبُدوا إِلَهًا وَاحِدًا أَمْ آلِهَةً مُتَفَرِّقَةً لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا. ثمَّ قَالَ لِ "مُجْلِبٍ": أَمَّا أَنْتَ فَتُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِكَ. وَقَالَ لِ "نَبوا" أَمَّا أَنْتَ فَتُرَدُّ عَلَى عَمَلِكَ، ويَرْضَى عَنْك صَاحبُكَ {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}.
قولُهُ: {قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} لَعَلَّهُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لاحَظَ عَلاماتِ الحُزْنِ عَلَى وَجْهَيْهِما، فسَأَلَهُمَا عَنْ حُزْنِهِمَا وَغَمِّهِمَا، فَقالا لَهُ: إِنَّا رَأَيْنَا فِي الْمَنَامِ هَذِهِ الرُّؤْيَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ وَقَدْ أَظْهَرَ مَعْرِفَتَهُ بِأُمُورٍ مِنْهَا تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَصَّ كلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ رُؤياهُ. ويجوزُ أَنَّ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَمَّا دَخَلَ السِّجْنَ قَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي أُعَبِّرُ الْأَحْلَامَ، وَكَانَ تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا مِنْ فُنُونِ عُلَمَائِهِمْ فَلِذَلِكَ أَيَّدَ اللهُ بِهِ نبيَّهُ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَيْنَهُمْ. وفِي ذلك إِظْهَارٌ لمُعْجِزَةِ النُّبُوَّةِ، وَتَمْهِيدٌ لِدَعْوَةِ الرِّسَالَةِ. فَقَالَ أَحَدُ الْفَتَيَيْنِ للآخَرِ: هَلُمَّ فَلْنَخْتَبِرْ هَذَا الْعَبْدَ الْعِبْرَانِيَّ بِرُؤْيَا نَخْتَرِعُهَا لَهُ فَسَأَلَاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَا رَأَيَا شَيْئًا. لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: ما كانَا رَأَيَا شَيْئًا وإنَّما أَرادا اخْتِبَارَ عِلْمِهِ. قالَ أَحَدُهُما، وَهُوَ صَاحِبُ الشَّرَابِ، إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا، أَيْ: عِنَبًا سَمَّى الْعِنَبَ خَمْرًا بِاسْمِ ما يؤولُ إِلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَطْبُخُ الْآجُرَّ، أَيْ: يَطْبُخُ اللَّبِنَ لِلْآجُرِّ. وَقِيلَ: الْخَمْرُ الْعِنَبُ بِلُغَةِ عَمَّانَ، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "إِنِّي أَرَانِي أَعْصُرُ خَمْرًا" قَالَ: عِنَبًا. وَأخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبي حَاتِم عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا" يَقُولُ: أَعْصُرُ عِنَبًا وَهُوَ بِلُغَةِ أَهْلِ "عُمان" يُسَمُّونَ الْعِنَبَ خَمْرًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "إِنِّي أَرَانِي أَعْصُرُ خَمْرًا" قَالَ: عِنَبًا. وَأخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبي حَاتِم عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا" يَقُولُ: أَعْصُرُ عِنَبًا وَهُوَ بِلُغَةِ أَهْلِ "عُمان" يُسَمُّونَ الْعِنَبَ خَمْرًا. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي رَأَيْتُ كأني في بُسْتَانٍ، فإذا أَنَا بِأَصْلٍ عَلَيها ثلاثَةُ عَنَاقِيدَ مِنْ عِنَبٍ فَجَنَيْتُهَا وَكَانَ كَأْسَ الْمَلِكِ بِيَدِي فَعَصَرْتُهَا فِيهِ وَسَقَيْتُ الْمَلِكَ فَشَرِبَهُ.
قولُهُ: {وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} أَيْ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ فَوْقَ رَأْسِي ثَلَاثَ سِلالٍ فيها الخُبْزُ والأَلْوانُ مِنَ الأَطْعِمَةِ، وسِبَاعُ الطَّيْرِ يَنْهَشْنَ ويَنْهَبْنَ مِنْهُ.
قولُهُ: {نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ، أَخْبِرْنَا بِتَفْسِيرِهِ وتَعْبيرِهِ، وما يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُ هَذِهِ الرُّؤْيَا. وقد عَلَّلُوا سُؤَالَهُمْ عَنْ أَمْرٍ يَهُمُّهُمْ وَيَعْنِيهِمْ دُونَهُ، بِرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ـ بِمُقْتَضَى غَرِيزَتِهِمْ، الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْخَيْرَ وَالنَّفْعَ لِلنَّاسِ، وَهَذَا مِنْ إِيجَازِ الْقُرْآنِ الْخَاصِّ بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ خَاصَّةٌ وَلَا هَوًى، وَقِيلَ: "مِنَ الْمُحْسِنِينَ" لِتَأْوِيلِ الرُّؤَى، وَمَا قَالَا هَذَا الْقَوْلَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ رَأَيَا مِنْ سَعَةِ عِلْمِهِ وَحُسْنِ سِيرَتِهِ مَعَ أَهْلِ السِّجْنِ مَا وَجَّهَ إِلَيْهِ وُجُوهَهُمَا، وَعَلَّقَ بِهِ أَمَلَهُمَا. وقيلَ "إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ" أَيِ: الْعَالِمِينِ بِعِبَارَةِ الرُّؤْيَا، وَالْإِحْسَانُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ. وَرُوِيَ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، مَا كَانَ إِحْسَانُهُ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا مَرِضَ إِنْسَانٌ فِي السِّجْنِ عَادَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ بالتعَهُّدِ، وَإِذَا ضَاقَ عَلَيْهِ الْمَجْلِسُ وَسَّعَ لَهُ وإذا احْتَاجَ إلى شَيْءٍ جَمَعَ لَهُ شَيْئًا، وَكَانَ مَعَ هَذَا يَجْتَهِدُ فِي الْعِبَادَةِ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ لِلصَّلَاةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ السِّجْنَ وَجَدَ فِيهِ قوما قد اشْتَدَّ بَلَاؤُهُمْ وَانْقَطَعَ رَجَاؤُهُمْ وَطَالَ حُزْنُهم، فَجَعَلَ يُسَلِّيهم وجَعَلَ يَقولُ: أَبْشِرُوا وَاصْبِرُوا تُؤْجَرُوا، فَيَقُولُونَ: بَارَكَ اللهُ فِيكَ يَا فَتَى مَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ وَخُلُقَكَ وَحَدِيثَكَ، لَقَدْ بُورِكَ لَنَا فِي جِوَارِكَ فَمَنْ أَنْتَ يَا فَتَى؟ وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَأَبُو الشَّيْخ، عَن مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "نَبِّئْنا بِتَأْويلِهِ" قَالَ: عِبَارَتِهِ.
قولُهُ تَعَالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ} الواوُ: عاطفةٌ. و "دَخَلَ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظاهرِ. و "مَعَهُ" مَنْصوبٌ عَلى الظَّرْفيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، مُضافٌ، والهاءُ ضَميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ مضافٌ إِلَيْهِ. و "السِّجْنَ" مفعولٌ بِهِ منصوبٌ. و "فَتَيَانِ" فاعِلٌ مَرْفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الأَلِفُ لأنَّهُ مثنّى والنونُ عوضٌ عن التنوين في الاسمِ المُفْرَدِ، والجُمْلَةُ مَعْطوفَةٌ عَلَى مَحْذوفٍ، والتقديرُ: فَسَجَنُوهُ، ودَخَل مَعَهُ السِّجْنَ.
قولُهُ: {قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} قَالَ: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظاهِر، و "أَحَدُهُمَا" فاعِلٌ مرفوعٌ مضافٌ و "هما" ضميرُ المُثنّى الغائبِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لا محلَّ لها مِنَ الإعْرابِ، ولا يَجوزُ أَنْ يَكونَ حَالًا؛ لأنَّهُما لَمْ يَقولا ذَلِكَ حالَ الدُخُولِ. وليس جائزًا أَنْ تَكونَ مُقَدَّرَةً؛ لأَنَّ الدُخولَ لا يَؤُولُ إلى الرُؤْيا. و "إِنِّي" حرفُ ناصِبٌ ناسِخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، وياءُ المتكلِّمِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نصبِ اسْمِهِ. و "أَرَانِي" فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وعلامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ المُقدَّرةُ على آخرِهِ لِتَعَذُّرِ ظهورِها عَلَى الأَلِفِ، وياءُ المُتَكَلِّمِ ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في محلِّ نصبِ مفعولِهِ الأَوَّلِ، والنوُنُ للوِقايَةِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه وجوبًا تقديرُهُ، "أنا" يَعودُ عَلَى "أَحَدُهُمَا". و "أَعْصِرُ" فِعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وفاعله ضَميرٌ مستترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "أنا" يَعودُ عَلَى "أَحَدُهُمَا"، و "خَمْرًا" مفعولٌ بهِ منصوبٌ، وجُمْلَةُ "أَعْصِرُ" الفعليَّةُ هذه في محلِّ النَّصْبِ مَفْعولٌ ثانٍ لِـ "أَرَى" الحُلْمِيَّةِ، و "أراني" هُنَا مُتَعَدِّيَةٌ لِمَفْعولَيْنِ عِنْدَ بَعْضِهم إِجْراءً للحُلُميَّة مَجْرَى العِلْمِيَّة، أوْ في محلِّ النصبِ على الحالِ عند مَنْ مَنَعَ. وقد جَرَتْ "أرى" الحُلُمية مَجْرى العِلْميَّةِ أَيْضًا في اتِّحادِ فاعِلِها ومَفْعُولِها ضَميريْنِ مُتَّصِلَيْنِ، ومِنْهُ الآيةُ الكريمَةُ هذه؛ فإنَّ الفاعلَ والمفعولَ مُتَّحِدان في المعنى؛ إذْ هُمَا للمُتَكَلِّمِ، وهُمَا ضَميرانِ مُتَّصِلانِ. ومِثْلُهُ قولُكَ: (رَأَيْتُكَ في المَنَامِ قائِمًا) و (زيدٌ رآهُ قائمًا)، ولا يَجُوزُ ذَلك في غَيْرِ مَا تقدَّمَ ذِكْرُهُ. وإذا دَخَلَتْ هَمْزَةُ النَّقْلِ عَلى هذِهِ الرؤيةِ الحُلُمِيَّة تعدَّتْ لِثالثٍ، وقدْ تَقَدَّم هذا في الآية: 43 من سورةِ الأنفال عِنْدَ قولِهِ تَعَالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا} و {ولَوْ أَراكَهُمُ كَثْيرًا}. وجُمْلَةُ "أَرَانِي" في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إنَّ"، وجُمْلَةُ "إِنَّ" في مَحَلِّ النَّصْبِ بِ "قَالَ".
قولُهُ: {وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} الواو: للعطفِ، وَ "قَالَ" تقدم إعرابُهُ. و "الْآخَرُ" فاعِلُهُ مرفوعٌ به. و "إِنِّي أَرَانِي" تقدَّمَ إعرابُهما أيضًا. و "أَحْمِلُ" فعلٌ مُضَارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "أنا" يَعودُ عَلَى "الآخر". و "فَوْقَ" منصوبٌ على الظرفيَّةِ متعلِّقٌ ب "أحملُ" وهو مُضافٌ، ويَجوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذوفِ حالٍ مِنْ "خُبْزًا" لأَنَّه في الأَصْلِ صَفَةٌ لَهُ. و "رأسي" مجرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ مُضافٌ، وياءُ المُتَكَلِّمِ ضَميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ. و "خُبْزًا" مَفعُولٌ بِهِ لِـ "أَحْمِلُ" منصوبٌ. و "تَأْكُلُ" فِعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، و "الطيرُ" فاعِلُهُ مرفوعٌ. و "مِنْهُ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وجُمْلَةُ "تَأْكُلُ" صِفَةٌ لِـ "خُبْزًا" في محلِّ النَّصبِ، ولكنَّها صِفَةٌ سَبَبِيَّةٌ، وجُمْلَةُ "أَحْمِلُ" في مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعولٌ ثانٍ لـِ "أَرَانِي"، وجُمْلَةُ "أَرَانِي" في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إِنِّي"، وجُملةُ "إِنِّي" في مَحَلِّ النَّصْبِ بِ "قَالَ".
قولُهُ: {نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} نَبِّئْنَا" فِعْلُ أمرٍ مبنيٌّ على السكونِ، وضميرُ المُتكلِّمين "نا" متصِلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نَصْبِ مَفْعولِهِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه وُجوبًا تقديرُهُ "أنت" يَعودُ عَلى يُوسُفَ عليه السلامُ. و "بِتَأْوِيلِهِ" حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِ "نبِّئْ"، ومجرورٌ بجرفِ الجرِّ مضافٌ، والهاءُ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ جرِّ مُضافٍ إليه، والجُمْلةُ مُستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعراب. و "إِنَّا" إنَّ: حرفٌ ناصِبٌ ناسخٌ مشبَّهٌ بالفِعلِ، للتوكيد، و "نا" ضميرُ جماعةِ المتكلِّمينَ متَّصِلٌ به في محلِّ نصبِ اسْمِهِ. و "نَرَاكَ" فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المقدَّرةُ على آخرِهِ لتعذُّرِ ظهورِها على الألِفِ، والكافُ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ نَصْبِ مفعولٍ به، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مستَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ "نحنُ" يَعودُ عَلَى الفَتَيَيِنِ. و "مِنَ الْمُحْسِنِينَ" جارٌّ متعلقٌ ب "نرى" ومَجرورٌ به وعلامةُ جرِّهِ الياءُ لأنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السالمُ والنونُ عِوَضٌ عن التنوينِ في الاسمِ المُفْرَدِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعولٌ به ثانٍ ل "نرى"، أَوْ حالٌ مِنَ الكافِ، في محلِّ النَّصبِ أيضًا، وجُمْلَةُ "نَرَاكَ" في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إنَّ"، وجُمْلَةُ "إنَّ" مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَعْليلِ ما قَبْلَها.
وقَرَاءةُ أُبَيٍّ وعَبْدِ اللهِ بْنِ مسعودٍ ـ رضي اللهُ عنهما، "أَعْصِر عِنَبًا" لا تَدُلُّ على التَرادُفِ لإِرادَتِها التَفْسيرَ لا التِلاوَةَ، وهذا كَمَا في مُصْحَفِ عَبْدِ اللهِ "فوقَ رَأْسِي ثَريدًا" فإنَّهُ أَراد التَفْسيرَ فَقَطْ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 36
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: