روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم .... سورة يونس الآية: 26

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 26 Jb12915568671



فيض العليم .... سورة يونس الآية: 26 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم .... سورة يونس الآية: 26   فيض العليم .... سورة يونس الآية: 26 I_icon_minitimeالسبت يوليو 04, 2015 3:47 pm

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(26)
قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} للذينَ أحسنوا: وَهُمْ خَوَاصُّ الخَوَاصِّ من عبادِ اللهِ تعالى، "الحسنى" أَيْ: الجنَّةُ وما فيها من نعيمٍ مقيمٍ، و "زِيادةٌ" أيْ: فَوْقَ أُجورِهم، كعادةِ الكُرَماءِ، أَنْ يعطوا أجيرهم فوق ما هو مُتَوافقٌ عَلَيْهِ، وهذِهِ الزِيادةُ التي هيَ النَظَرُ إلى وَجْهِهِ الكريمِ، هي بالكَرَمِ الإلهيِّ، فإنَّ مِنْ شَأْنِ الكَريمِ أَنْ يُقْبِلَ على ضِيفانِهِ ويَلْقاهُمْ بِوَجْهٍ بَشوشٌٍ، وهوَ تمامُ كَرَمِ الضِيافَةِ وكَمالُهُ.
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عبادَهُ أَنَّ الذِينَ يَسْتَجِيبُونَ منهم لِدَعْوَتهِ، وَيُحْسِنُونَ العَمَلَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا على الوَجْهِ اللائقِ، أيْ: حُسْنُها الوَصْفِيُّ المُسْتَلْزِمُ لِحُسْنِها الذاتيِّ، وقدْ فَسَّرَهُ قولُهُ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ: (( .. أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَراهُ فإنْ لم تَكُنْ تَراهُ فإنَّهُ يَراكَ)). وقد تقدَّمَ الحديث عن عمرَ ابنِ الخطاب ـ رضي اللهُ عنه، غير مرَّةٍ. ورَوَى أَنَسٌ عَنْ رَسوُلِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((أَحْسَنُوا العَمَلَ في الدُنْيا)). ورويَ عَنْ نبيِّ اللهِ عِيسى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: (ليسَ الإحْسانُ أَنْ تُحْسِنَ إلى مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ ذَلكَ مُكافَأَةٌ، ولكنَّ الإحْسانَ أَنْ تُحْسِنَ إلى مَنْ أَساءَ إِلَيْكَ). وقالَ حاتمٌ الأَصَمُّ ـ رضي الله عنه: أَحْسَنُوا في كُلِّ ما تُعِبِّدوا بِهِ، أيْ: أَتَوْا بالمَأْمورِ بِهِ كَما يَنْبَغي، واجتنبوا المَنْهِيِّ عنه. وقيل: أَحْسَنوا مُعامَلَةَ النَّاسِ. وقال ابْنُ عبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنه: ذَكَروا كَلِمَةَ لا إِلَهَ إلاَّ الله. وسَيَكُونُ جَزَاؤُهُمُ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ المثوبةَ الحُسْنَى مِنَ اللهِ تعالى، كما قالَ في سُورَةِ الرَّحمنِ: {وَهَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} الآية: 60، وَسَيُضَاعِفُ اللهُ لَهُمْ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ، وَسَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، وَسَيُعْطِيهِمْ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. فإنَّه تَعالى لما دَعا عِبادَهُ إلى دارِ السَّلامِ، ذَكَرَ لهم السَّعاداتِ التي أعَدَّها لهم فيها. و "زِيَادَةٌ" أَيْ: ما يَزيدُ على تِلْكَ المَثُوبَةِ تَفَضُّلاً لِقولِهِ عَزَّ اسمُهُ في غير مكانٍ من كتابه العزيز: {وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ}، وقيل: الحُسْنى مِثْلُ حَسَنَاتِهم والزيادةُ عشْرُ أَمْثالهِا إلى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ إلى أضعاف كثيرةٍ، وقيل: الزِيادةُ مغفرةٌ مِنَ اللهِ ورِضْوانٌ، وقيلَ: الحُسنى الجَنَّةُ والزِيادَةُ اللِّقاءُ، وقيل غيرُ ذلك. فقد أخرجَ مُسْلِمٌ، وأَحمدُ، والتِرْمِذِيُّ، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وابْنُ ماجَةَ، وابْنُ خُزيمَةَ، والدار قُطنيُّ في الرُؤْيَةِ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في الأسماءِ والصِفاتِ، وأَبو الشَيْخِ، والطَيالِسِيُّ، وهَنَّادٌ، عَنْ صُهَيْبٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسولَ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم تَلا هَذِهِ الآيةَ "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" قالَ: ((إذا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأَهْلُ النَّارِ النارَ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَنَّةِ إنَّ لكم عِنْدَ اللهِ مَوْعِداً يُريدُ أَنْ يُنْجِزَكُموهُ)). فيَقولونَ: وما هو؟، أَلم تُثَقِّلْ مَوازينَنا، وتُبَيِّضْ وُجُوهَنا، وتُدْخِلْنا الجَنَّةَ، وتُزَحْزِحَنا عَنِ النَّارِ؟ وقال: ((فَيَكْشِفُ لهُمُ الحِجَابَ فيَنْظرونَ إِلَيْهِ، فو الله ما أَعْطاهمُ اللهُ شيئاً أَحَبَّ إلَيْهمْ مِنَ النَظَرِ إِلَيْهِ ولا أَقَرَّ لأَعْيُنِهم)).
وقد تَوَارَدَتْ في ذَلِكَ أَحاديثُ كَثيرةٌ بِرِواياتِ مُتَعَدِّدةٍ عَن عَددٍ مِنْ أَصْحابِ النَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مضمونُ جميعِها أنَّ الزيادةَ هي الرؤيةُ، وأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" قال: يَنْظُرونَ إلى رَبِّهم بِلا كَيْفِيَّةٍ ولا حُدودٍ ولا صِفَةٍ مَعْلومَةٍ)). فحدَّدَ هذه الرؤيةَ وبينها. وكذلك أَخْرجَ أَبو الشَيْخِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((مَنْ كَبَّرَ عَلى سَيْفِ البَحْرِ تَكْبيرَةً رافِعاً بها صَوْتَهُ لا يَلْتَمِسُ بها رِياءً ولا سُمْعَةً كَتَبَ اللهُ لَهُ رِضْوانَهُ الأَكْبَرَ، ومَنْ كَتَبَ لَهُ رِضْوانَهُ الأَكْبَرَ جمَعَ بَيْنَهُ وبَيْنَ محمَّدٍ وإبْراهيمَ عَلَيْهِما الصلاةُ والسَّلامُ، في دَارِهِ، يَنْظُرونَ إلى رَبِّهم في جَنَّةِ عَدْنٍ كَما يَنْظُرُ أَهْلُ الدُنيا إلى الشَمْسِ والقَمَرِ في يَوْمٍ لا غَيْمَ فِيهِ ولا سَحابَةَ، وذَلِكَ قولُهُ: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" فالحُسْنى لا إلَهَ إلاَّ اللهُ، والزِيادَةُ الجَنَّةُ والنَظَرُ إلى الرَبِّ)). وأخرجهُ أبو بكرٍ أحمدُ ابْنُ عمرٍو بْنِ أبي عاصِمٍ الضحَّاكُ في كتابِ الجِهَّادِ: (2/702).  وأَخْرَجَ البيهقيُّ في الرُؤْيَةِ، وابْنُ جريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وسَعيدُ بْنُ مَنْصورٍ، وأَبو الشَيْخِ، عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في الآيَةِ قال: الزِيادَةُ غُرْفَةٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ واحِدَةٍ لها أَرْبَعَةُ أَبْوابٍ غُرَفُها وأَبْوابُها مِنْ لُؤْلُؤَةٍ واحدَةٍ.
وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وابْنُ المنذرِ، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، عَنْ مجاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ: "للذين أحسنوا الحسنى" قال: مِثْلُها. قالَ: و "زيادةٌ" قالَ: مَغْفِرَةٌ ورِضْوانٌ.
وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الحَسَنِ ـ رَضيَ اللهُ عنه، في الآيةِ قال: الزِيادَةُ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثالها إلى سَبْعِ مِئةِ ضِعْفٍ. وأَخْرَجَ ابْن ُجَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في الآيةِ قال: الزِيادَةُ العَشْرُ: {مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالها} سورة الأَنْعامِ، الآية: 160. وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وأَبو الشَيْخِ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في الآيَةِ قال: الزِيادَةُ ما أَعْطاهم في الدُنيا لا يُحاسِبُهم بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ.
لكنَّ الأحاديثَ التي نصّتْ على أنَّ الزيادةَ هي النظرُ إلى وجههِ تعالى في الجنَّةِ أَقْوَى. ومِنْ ثمَّ فإنَّ الحُسْنى لَفْظَةٌ مُفْرَدَةٌ دَخَلَ عَلَيْها حَرْفُ التَعْريفِ، فانْصَرَفَ إلى المَعْهودِ السابِقِ، وهوَ دارُ السَّلامِ. وهيَ الجَنَّةُ، وما فيها مِنَ المَنافِعِ والنعيمِ، كما سَبَقَ تقريرُه في الآيةِ السابقة. ولذلك فقد وَجَبَ أَنْ يَكونَ المُرادُ مِنَ الزِيادَةِ أَمْراً آخرَ مُغايِراً لِكُلِّ ما في الجَنَّةِ مِنَ المَنافِعِ والملاذِّ والتَعْظيم، يؤَيِّدُهُ قولُهُ تَعالى في سورةِ القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبّهَا نَاظِرَةٌ} الآيتان: 22 و 23. فأَثبَتَ لأهْلِ الجَنَّةِ أَمْريْنِ: أَحَدَهما: نَضْرَةَ الوُجوهِ، والثاني: النَظَرُ إلى اللهِ تَعالى، وآياتُ القُرآنِ يُفَسِّرُ بَعْضُها بعضاً، فوَجَبَ حمْلُ الحُسنى ههُنا على نَضْرَةِ الوُجوه لِكَثْرَةِ مَا تَلْقَى مِنْ نَعيمِ رَبِّها ورِضْوانِهِ، وحمْلُ الزِيادَةِ على رُؤيَةِ اللهِ تَعالى. وكذلك قولُهُ تَعالى في سُورَةِ الإنسانِ لِرَسُولِهِ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً}  الآية: 20. فأثْبَتَ لَهُ النَعيمَ، ورؤيةَ المُلْكِ الكَبيرِ، فوَجَبَ ههُنا حملُ الحُسْنى والزِيادةِ على هذينِ الأَمْرينِ. واللهُ أعلم.
قولُهُ: {وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ} إيضاحٌ لما صانهمُ اللهُ تعالى مِنْه مِنْ آفاتٍ بعدَ ما يحْصَلُ لهم في الجَنََّةِ مِنَ السَعاداتِ، والمعنى: لا يَغْشاها "قَتَرٌ"، وهيَ غَبْرَةٌ فيها سَوَادٌ، وَلاَ "ذِلَّةٌ" ولا أَثَرُ هَوانٍ. فقد أَخْرجَ ابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، في قولِهِ تعالى: "ولا يَرْهَقُ وُجوهَهم" قال: لا يَغْشاهُمْ "قتر" قالَ: سَوادُ الوُجُوهِ. وأخرجَ أَبو الشَيْخِ عَنْ عَطاءٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنه، مثلَهُ. وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنْ مُجاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في قولِهِ تعالى: "ولا يرهق وجوههم قتر" قال: خِزْيٌ. وأخْرَجَ أَبو الشَيْخِ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ صُهَيْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة" قال: بَعْدَ نَظَرِهم إلى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ. وأَخرجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشيخِ، والدار قُطْنيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَحمنِ ابْنِ أَبي لَيلى ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مثلَهُ.
والرَّهَق: الغِشْيان. يقال: رَهِقَه يَرْهَقُه رَهَقا، أي: غَشِيَهُ بسرعة، ومن ذلك قولُهُ تعالى في سورة الكهف: {وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً} الآية: 37. وقولُهُ في سورة الجِنِّ: {فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً} الآية: 13. يُقالُ: رَهِقْتُه وأَرْهَقْتُه نحو: رَدِفْتُه وأَرْدَفْتُه، فَفَعَل وأَفْعل بمعنىً، وتقولُ: أَرْهَقْتُ الصلاةَ، إذا أَخَّرْتَها حتى غَشِيَ وَقْتُ الأُخْرى، ورَجُلٌ مُرْهَقٌ، أيْ: يَغْشاهُ الأَضْيافُ. والرَّهَقُ: اسْمٌ مِنَ الإِرْهاقِ، وهوَ أَنْ يَحْمِلَ الإِنسانُ على نفسِهِ ما لا يُطيقُ، ويقال: أَرْهَقْتُهُ عَنِ الصَلاةِ، أي: أَعْجَلْتُهُ عنها. وقال بعضُهم. أَصْلُ الرَّهَقِ: المُقارَبَةُ، ومِنْهُ غُلامٌ مُراهِقٌ، أي: قارَبَ الحُلُمَ، وفي الحديث الشريفِ: ((أَرْهِقُوا القِبْلَةَ))، أيْ: اقرُبُوا مِنْها، ومِنْهُ: رَهِقَتِ الكلابُ الصَيْدَ، أَيْ: لَحِقَتْهُ.
والقَتَرُ والقَتَرَةُ: لونٌ يَغْشى جِلْدَةَ الوَجْهِ مِنْ شِدَّةِ البُؤْسِ والشَقاءِ والخَوْفِ، وَهُوَ مِنْ آثارِ تهيُّجِ الكَبِدِ وارْتجافِ الفُؤادِ خوْفاً وتوقُّعَ السيِّءِ. والقَتَرُ والقَتَرَةُ أَيْضاً الغُبَارُ مَعَهُ سَوادٌ ومن ذلك قولُ الفَرَزْدَقِ:
مُتَوَّجٌ برِداءِ المُلْكِ يَتْبَعُهُ .............. مَوْجٌ تَرَى فوقَهُ الراياتِ والقَتَرا
أيْ: غُبارُ العَسْكَرِ. وقِيلَ: القَتَرُ: دُخانُ النارِ، ومِنْهُ (قُتارُ القِدْرِ). وقيل: القَتْرُ: التَقْليلُ، ومِنْهُ قولُهُ تعالى في سورة الفُرقان: {لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وكان بين ذلك قَواماً} الآية: 67، ويُقالُ: قَتَرْتُ الشَيْءَ وأَقْتَرْتُهُ وقَتَّرْتُهُ، أَيْ: قَلَّلْتُهُ، ومِنْهُ قولُهُ تعالى في سورة البقرة: {على الموسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ} الآية: 236. والقَتْرُ: بِسُكونِ التاءِ الشأْنُ والأَمْرُ، ويجمعُ على شُؤون. والقُتْرَةُ: ناموسُ الصائدِ. وقيل: الحُفْرَةُ، ومْن ذلك قولُ امْرِئِ القَيْسِ:
رُبَّ رامٍ مِنْ بَني ثُعَلٍ ............................. مُتْلِجٍ كَفَّيْهِ في قُتَرِهْ
أي: في حُفرتِهِ التي يَحْفرها.
والذِلَّةُ: الهَوانُ. والمُرادُ أَثَرُ الذِلَّةِ الذي يَبْدو على وَجْهِ الذَليلِ. والكلامُ مُسْتَعْمَلٌ في صَريحِهِ وكِنايَتِهِ، أَيْ لا تَتَشَوَّهُ وُجوهُهُم بالقَتَرِ وأَثَرِ الذِلَّةِ.
قولُهُ: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} قالَ عُلَماءُ الأُصولِ: الثَوابُ مَنْفَعَةٌ خالِصَةٌ دائمَةٌ مَقْرونَةٌ بالتَعْظيمِ، فقولُهُ في الآية التي قبلَها: {والله يَدْعُواْ إِلَى دَارُ السَّلامِ} دَلَّ على غايَةِ التَعْظيمِ. وقولُهُ هنا: "لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ" يَدُلُّ على حُصولِ المَنْفَعَةِ، وقولُهُ: "وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ" يَدُلُّ على كونِها خالِصَةً، وقولُهُ: "أُوْلَئِكَ أصحاب الجنة هُمْ فِيهَا خالدون" إشارةٌ إلى كونِها دائمةً آمِنَةً مِنَ الانْقِطاعِ واللهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ تَعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} بَدَلُ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ، أَوْ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِنْ قولِهِ في الآيةِ التي قبلَها: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} لأنَّ هِدايةَ {مَنْ يَشاءُ} تُفيدُ وجودَ مَهْدِيٍّ وغيرِ مَهْدِيٍّ. فقد ذَكَرَ في هذه الجُمْلَةِ ما يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ كِلا الفَريقين، فريقٌ لهم أَحْسَنُوا العُمُلَ فَلَهُمُ الحُسْنى وزِيادَةُ، وفريقٌ أساؤوا العملَ فيرَهَقُ وُجُوهَهم قَتَرٌ وذِلَّةٌ. و "زيادة" اسْمٌ مَعْطوفٌ على "الحسنى"، و "الحُسْنى" في الأَصْلِ صِفَةُ أُنْثى الأحْسَن، ثمّ عُومِلَتْ مُعامَلَةَ الجِنْسِ فأُدْخِلَتْ عَلَيْها لامُ تَعريفِ الجِنْسِ فبَعُدَتْ عَنِ الوَصْفِيَّةِ ولم تَتْبَعْ مَوْصُوفَها. وتَعريفُها يُفيدُ الاسْتِغْراقَ، مِثْل البُشْرى، ومثل الصالحة التي جمعُها الصالحات.
قولُه: {وَلاَ يَرْهَقُ} جملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ. ويجوزُ: أنَّهُ في محلِّ رَفْعٍ نَسَقاً على "الحُسْنى"، مِنْ بابِ عَطْفِ الجُمْلَةِ على المُفْرَدِ، ولا بُدَّ حينئذٍ مِن ْإضمارِ حَرْفٍ مَصْدَرِيٍّ يَصِحُّ جَعْلُه مَعَهُ مُخْبَراً عَنْهُ بالجارِّ، والتَقْديرُ: للذين أَحْسَنُوا الحُسْنى، وأَنْ لا يَرْهَقَ، أي: وَعَدَمُ رَهَقِهم، فلمَّا حُذِفت "أن" رُفِعَ الفِعْلُ المُضارِعُ لأنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَواضِعِ إضْمارِ "أنْ" ناصِبَةً كما في قولِهِ تعالى في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ} الآية: 24، أَيْ: أَنْ يُرِيَكم، وكقولِهِم: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِيِّ خَيرٌ مِنْ أَنْ تَراهُ، ومنه قولُ طَرَفةَ:
ألا أيُّهذا الزاجري أَحْضُرُ الوَغَى . وأنْ أشهَدَ اللّذاتِ هَلْ أَنْتَ مُخَلِّدي
أي: أَنْ أَحْضُرَ. وقد رُوِيَ البيتُ بِرَفْعِ "أحضر" ونصبِهِ. ومَنَعَ أَبو البَقاءِ هَذا الوَجْهَ، فقال: ولا يجوزُ أَنْ يَكونَ مَعْطوفاً على "الحسنى" لأنَّ الفِعْلَ إذا عُطِفَ على المَصْدَرِ احْتاجَ إلى "أَنْ" ذِكْراً أوْ تَقديراً، و "أنْ" غيرُ مُقدَّرَةٍ لأنَّ الفعلَ مَرْفوعٌ. فقولُهُ: (وأَنْ غيرُ مقدرةٍ، لأنَّ الفِعلَ مَرْفوعٌ)، ليسَ بجيِّدٍ لأنَّ قولَهُ تَعالى في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ} الآية: 24. مَعَهُ "أنْ" مقدَّرَةً مَعَ أَنَّهُ مَرْفوعٌ، ولا يَلْزمُ مِنْ إضمارِ "أنْ" نَصْبُ المُضارِعِ، بل المشهورُ أَنَّهُ إذا أُضْمِرَتْ في غيرِ المواضِعِ التي نصَّ النَّحْوِيّونَ على إضمارِها ناصِبَةً ارْتَفعَ الفعلُ، والنَصْبُ قليلٌ جدّاً. وقد جَوَّزَ أَبو البَقاءِ أَنْ تَكونَ في محلِّ نَصْبٍ على الحال، ويكونُ العاملُ في هذِهِ الحالِ الاسْتقِرارُ الذي تَضَمَّنَهُ الجارُّ في "للذين" لوقوعِهِ خَبَراً عَنِ "الحسنى"، وقدَّرَهُ بِقَوْلِهِ: اسْتَقَرَّ لهم الحُسْنى مَضْموماً لهم السَّلامَةُ، ولا يجوزُ هذا لأنَّ المُضارعَ متى وَقَعَ حالاً مَنْفِيّاً بِ "لا" امْتَنَعَ دُخولُ واوِ الحالِ عَلَيْهِ كالمُثْبَتِ، وإنْ وَرَدَ ما يُوهِمُ ذَلِكَ أُوِّلَ بإضْمارَ مُبْتَدَأٍ، وقد تَقَدَّمَ تحقيقُهُ غيرَ مَرَّةٍ.
قولُهُ: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} نتيجة للمقدمة، فبينها وبين التي قبلها كمال الاتصال ولذلك فصلت عنها ولم تعطف. واسْمُ الإشارة "أُولَئِكَ" مبتدأٌ ويرجع إلى "للَّذِينَ أَحْسَنُوا". وفيه تَنْبيهٌ على أَنَّهم اسْتَحَقّوا الخلودَ لأَجْلِ إحْسانِهم. و "أَصْحابُ" خبرُ المبتدأِ، وجملةُ "هم فيها خالدون" خبرٌ ثانٍ للمُبْتَدأِ "أولئك".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم .... سورة يونس الآية: 26
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يونس الآية: 11
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 27
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 59
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 75
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 91

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: