روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة يونس الآية: 10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة يونس الآية: 10 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة يونس الآية: 10 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة يونس الآية: 10   فيض العليم ... سورة يونس الآية: 10 I_icon_minitimeالأحد يونيو 14, 2015 6:15 pm

دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 
(10)
قولُهُ ـ جَلَّ مِنْ قائلٍ: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} يخبِرُ مَولانا ـ تَبارَكَ وتَعالى، عَنْ عبادِهِ (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فهداهم بإيمانهم جنَّاتِ النَعيمِ تجري مِنْ تحتِهِمُ الأَنهارُ، أَنَّ دُعاءَهُم فيها: "سُبْحَانَكَ الَّلهُمَّ" أَيْ تَقْدِيساً لَكَ يَا رَبِّ وَتَنْزِيهاً وتسبيحاً. فهم يَبْدَؤُونَ كُلَّ دُعَاءٍ وَثَنَاءٍ عَلَى اللهِ بِهذه الكَلِمَةِ، وهذا يَعني أَنَّ الدُعاءَ أيضاً هوَ ذِكْرُ اللهِ وتَسبيحُهُ، يَشْهَدُ لِذلِكَ قولُهُ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((أَكْثَرُ دُعائي ودُعاءِِ الأنْبياءِ قَبْلي بِعَرَفاتِ: لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ لَهُ المُلكُ ولَهُ الحمْدُ وهوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ)). مصنف ابن أبي شيبة (6/84) عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْن، وزادَ في رِوايَةٍ أُخْرى لَهُ عَنْ أمير المؤمنينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ((.. اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، اللَّهُمَّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ وَسْوَاسِ الصَّدْرِ، وَشَتَاتِ الأَمْرِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يَلِجُ فِي اللَّيْلِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَلِجُ فِي النَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ مَا تَهُبُّ بِهِ الرِّيَاحُ، وَمِنْ شَرِّ بَوَائِقِ الدَّهْرِ)). وأَخْرَجَهُ بهذِهِ الرِوايَةِ أَيضاً البَيْهَقِيُّ في السُنَنِ الكُبرى: (5/190)، وإسْحاقُ بْنُ راهَوَيْهِ، والجُنْدِيُّ في فَضائلِ مَكَّةَ، ورواهُ الطَبرانيُّ في كِتابِ الدُعاءِ مِنْ غَيرِ هَذا الوَجْهِ.
وقدْ جَرَى عُرْفُ الشَرْعِ عَلى إطْلاقِ الدُعاءِ عَلى التَهْليلِ والتَحْميدِ والتَمْجيدِ والتَسبيحِ، والظاهرُ أَنَّ إطْلاقَ الدُعاءِ عَلى ذَلِكَ مجازٌ، وهو الذي يُفْهَمُ مِنْ كَلامِ ابْنِ الأثيرِ حيثُ قالَ: إنَّما سُمِّيَ التَهليلُ والتحميدُ والتمجيدُ دُعاءً لأنَّه بمنزلِتِهِ في اسْتيجابِ ثوابِ اللهِ تعالى وجزائهِ. وفي الحديثِ القُدْسِيِّ: (مَنْ شَغَلَهُ ذِكْري عَنْ مَسْأَلَتي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ ما أُعْطي السائلينَ). أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ في (خَلْقِ أَفعالِ العِبادِ) ص: 109، وأبو نُعَيْمٍ في (المَعْرِفَةَ)، والبيهقيُّ في شُعَبِ الإيمانِ: 1/413، رقم 572. وابْنُ شاهينَ في (التَرغيبِ في الذكْرِ)، عَنْ أمير المؤمنين عُمَرَ ابْنِ الخطّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وأخرجه البَيْهَقِيُّ أَيْضاً في شُعَبِ الإيمانِ عَنْ جابرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (1/413، رقم 573). وأَخْرَجَهُ أَيضًا: القُضاعِيُّ: (1/340، رقم 584).
وفي هذا المعنى قولُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبي الصَّلْتِ لابْنِ جَدْعانَ يَسألُهُ نائلَهُ:
أَأَذْكُرُ حاجَتي أَمْ قَدْ كَفاني ............... حياؤكَ؟، إنَّ شِيمَتَكَ الحياءُ
إذا أَثْنى عَلَيْكَ المَرْءُ يوماً .................... كَفاهُ مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَنَاءُ
قال سفيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: فهذا مخلوقٌ حينَ يُنْسَبُ إلى الجُودِ قيلَ: يَكْفينا مِنْ تَعَرُّضِكَ الثَناءُ عَلَيْكَ حتى تَأْتي عَلى حاجَتِنا فَكَيْفَ بالخالِقِ؟!
ومنْ هذه الشيمِ الرفيعةِ ما رُوِيَ عَنِ الملِكِ عَبدِ الرَحمنِ الناصِرِ ـ رحمهُ اللهُ تعالى، أَنَّ أحدَ جندِه جاء مجلِسَهُ يوماً يريدُ أنْ يسألَه حاجةً له، فاستمهلَه الملكُ حتى انْفَضَّ المجلِسُ وخَلا بِهِ، وقبلَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ حاجَتِهِ، قالَ لَهُ: إذا كانتْ لَكَ عِنْدَنا حاجَةً فلا تَسْأَلها أَمامَ الناسِ، لأنَّكَّ جِنْديٌّ والمَسْأَلةُ تُسقِطُ هَيْبَةَ الجُنْدِيِّ عِنْد العامَّةِ. لكنَّ رَفْعَ الدُعاءِ إلى اللهِ ـ عزَّ وجلَّ، والتضرعَ له سبحانَه ليسَ مِنْ هذا القبيلِ وإنَّما هوَ مِنْ الانْشِغالِ بحبِّ اللهِ وذِكْرِهِ الواردِ في الحديثِ القدسيِّ المذكور  آنِفاً. واللهُ أعلم. 
وقد جاءَ الدعاءُ بمعنى العبادةِ في قولِهِ سُبْحانَهُ: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله} سورةُ مَريمَ، الآية: 48. وجُوِّزَ إرادتُهُ بهذا هُنا والمُرادُ نَفْيُ التَكْليفِ، أَيْ: لا عِبادةَ لهم في الجنَّةِ غيرُ هذا القَوْلِ، وليسَ ذَلِكَ بِعبادَةٍ، وإنَّما يُلْهَمونَهُ، ويَنْطِقونَ بِهِ تَلَذُّذاً لا تكلُّفاً ولا تَكْليفاً.
ورُوِيَ: أَنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ هِي ثَمَرُ أَهْلِ الجَنَّةِ، فإذا اشْتَهى أَحَدَهُم شَيْئاً قالَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ، فيَنْزِلُ بَينَ يَدَيْهِ. رَواهُ ابْنُ جُرَيجٍ وسُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. وأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ، وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنِ الرَبيعِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، مثلَه.
وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنْ مُقاتِلٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: إنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ إذا دَعوا بالطَعام قالوا: سُبْحانَكَ اللّهُمَّ. فيقومُ عَلى أَحَدِهم عَشْرَةُ آلافِ خادِمٍ، مَعَ كلِّ خادِمٍ صَحْفَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فيها طَعامٌ لَيْسَ في الأُخْرى، فيَأْكُلُ مِنْهُنَّ كُلِّهِنَّ. واللهُ أعلمُ.
قولُهُ: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} وَيُجِيبُهُمْ رَبُّهُمْ بِكَلِمَةِ "سَلامٌ" وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى السَّلاَمَةِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَتُحَيِّيهِمُ المَلاَئِكَةُ بِقَوْلِهِمْ: (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)، وَيُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِكَلِمَةِ سَلاَمٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سورة مريم: {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً} الآية: 62.
والتحيَّةُ التَكْرُمَةُ بالحالَةِ الجَليلَةِ، أَصْلُها أَحْياكَ اللهُ حياةً طَيَّبَةً، أَيْ: ما يُحَيّي بِهِ بعضُهم بَعْضاً، أَوْ تحيَّةُ المَلائكةِ إيّاهم، كما في قولِهِ تعالى: {يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ * سَلامٌ عليكم} الآيتان: 23 و 24. أَوْ تحيَّةُ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، لهم كما في قولِهِ تَعالى: {سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} سورة يس، الآية: 58. وقيلَ: المعنى ومُلْكُهُم فيها سالمٌ. فالتَحِيَّةُ المُلْكُ، ومِنْهُ قولُ زُهيرِ بْنِ جِنَانٍ الكَلْبيِّ:
ولكلُّ ما نالَ الفَتى ................................ قَدْ نِلْتُه إلاَّ التَحِيَّة
أيْ أَنَّ تحيَّة بَعْضِهم لِبَعْضٍ فيها سَلامٌ. أَيْ: سَلِمْتَ وَأَمِنْتَ ممَّا بَلي بِهِ أَهْلُ النَّارِ، قالَهُ ابْنُ جريرٍ الطَبريُّ.
وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وأَبو الشَيْخِ، عَنِ ابْنِ جُريْجٍ، قالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ قولَهُ: "سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ" إذا مَرَّ بهِمُ الطائرُ يَشْتَهونَهُ قالوا: سُبْحانَكَ اللّهُمَّ، ذَلِكَ دُعاؤهم بِهِ فَيَأْتيهم بما اشْتَهوا، فإذا جاءَ المَلَكُ بما يَشْتَهونَ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهم فَيَرُدّونَ عَلَيْهِ، فذلِكَ قَوْلُهُ: "وَتحيَّتُهم فيها سَلامٌ" فإذا أَكَلوا قَدْرَ حاجَتِهم قالوا: الحمدُ للهِ رِبِّ العالمين. فذَلِكَ قولُهُ: "وآخِرُ دَعْواهُم أَنِ الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين".
قولُهُ: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَفِي آخِرِ كُلِّ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ، مِنْ دُعَاءٍ يُنَاجُونَ بِهِ رَبَّهُمْ، أَوْ مَطْلَبٍ يَطْلُبُونَهُ مِنْ إِحْسَانِهِ وَكَرَمِهِ يَقُولُونَ: "الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ" وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ الشريف: ((إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ إِذَا قَالُوا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ أَتَاهُمْ مَا يَشْتَهُونَ)). أَخرجَ ابْنُ أبي حاتمٍ وأبو الشيخ عنِ ابْنِ أَبي الهذيل قال: الحمدُ أَوَّلُ الكلامِ وآخِرُ الكلامِ، ثمَّ تَلا "وآخِرُ دَعْواهُم أَنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين".
قولُهُ تَعالى: {دَعْوَاهُمْ فيها سبحانَك اللّهمَّ} دَعْوَاهُمْ: مبتدأٌ، مَرْفوعٌ وعلامةُ رفعه الضمة المقدرة للتعذر، و "سبحانَك" نائب مفعولٍ مُطلقٍ لِفِعْلٍ محذوفِ تقديرُهُ: نُسَبِّحُ. ولا يجوزُ إظْهارُهُ وهُوَ الخَبرُ، وقيلَ الخبرُ هُنا هُوَ نَفْسُ المُبْتَدَأِ، والمعنى: أَنَّ دُعاءَهم هذا اللفظُ، ف "دعوى" يجوزُ أَنْ يَكونَ بمَعنى الدُعاء، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قولُهُ: "اللهمَّ" لأَنَّهُ نِداءٌ في مَعْنى "يا اللهُ"، ويجوزُ أَنْ يَكونَ هذا الدُعاءُ هُنا بمعنى العبادةِ، فَ "دَعْوى" مصدرٌ مُضافٌ للفاعِلِ، ثمَّ يمكنُ أَنْ نجعَلَ هذا مِنْ بابِ الإِسْنَادِ اللَّفْظِيِّ، أَيْ: دُعاؤُهم في الجَنَّةِ هذا اللفظُ، فيكونُ "سبحانك" نفسُه هَوَ الخبرَ، وجاءَ بِهِ مَحْكِيّاً عَلى نَصْبِهِ بِذَلِكَ الفِعْلِ، ويمكنُ جَعَلهُ مِنْ بابِ الإِسْنادِ المَعْنَوِيِّ فلا يَلْزَمُ أَنْ يَقولوا هذا اللفظَ فقط، بَلْ يَقولونَهُ وما يُؤدِّي مَعناهُ مِنْ جميعِ صِفَاتِ التَنْزيهِ والتَقْديسِ، وقد تقدَّمَ نَظيرُ هَذا عنْدَ قولِهِ تَعالى في سورة البقرةِ: {وَقُولُواْ حِطَّةٌ} الآية: 58. و "اللهمَّ" مُنادى مَبْني على الضَمِّ، والميمُ زائدةٌ للتَعويضِ عَنْ ياء النداء. وجملةُ "دعواهم فيها سبحانك" خبرٌ ثالثٌ لِ "إن" السابقة، وجملةُ "سبحانك" خبرُ "دَعْواهم"، وجملة "اللهم" معترضةٌ بين المتعاطفيْن.
وقولُهُ: {تحيَّتُهم فيها سَلامٌ}  تحيَّتُهم: مُبْتَدأٌ، و "سَلامٌ" خبرُهُ، وهوَ كالذي قبلَهُ، والمَصْدَرُ "سَلامٌ" هُنا يحتَمِلُ أَنْ يَكونَ مُضافاً لِفاعِلِهِ، أيْ: تحيِّتُهم التي يُحَيُّ بها بَعْضُهم بعضاً "سلامٌ". ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكونَ مُضافاً لِمَفْعولِهِ، أَيْ: تحيَّتُهم التي تُحَيِّيهم بها الملائكةُ "سلام"، ويَدُلُّ لَهُ قولُه تعالى في سورةِ الرَعْدِ: {وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم} الآية: 23. وقيلَ: "فيها" في الموضعين مُتَعَلِّقٌ بالمَصْدَرِ قَبْلَهُ. ويجوزُ أَنْ يَكونَ حالاً ممَّا بعدَهُ فيَتَعَلَّقَ بمحذوفٍ، وليسَ بِذاكَ. وقالَ بَعْضُهم: يجوزُ أَنْ يَكونَ "تحيتهم" مِمَّا أُضيفَ فيهِ المَصْدَرُ لِفَاعِلِهِ ومَفْعولِهِ مَعاً؛ لأنَّ المعنى: يُحَيِّي بَعْضُهم بَعْضاً، ويَكونُ كقولُهُ تَعالى في سورة الأنبياء: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ} الآية: 78. حيثُ أَضَافَهُ لداودَ وسُلَيْمانَ وهما الحاكِمانِ، وإلى المحكومِ عَلَيْه، وهذا مَبْنيٌّ على مسألةٍ أُخْرى وهُوَ أَنَّهُ: هلْ يجوزُ الجَمْعُ بينَ الحَقيقَةِ والمجازِ أَمْ لا؟ فإنْ قلْنا: نَعَم، جازَ ذَلِكَ لأنَّ إضافةَ المَصْدَرِ لِفاعِلِهِ حَقيقةٌ ولمفعولِهِ مجازٌ، ومَنْ مَنَعَ ذَلك أَجابَ بِأَنَّ أَقَلَّ الجَمْعِ اثْنانِ فلِذلكَ قال: {لحكمهم}. وجملة "وتحيتهم فيها سلام" معطوفة على جملة "دعواهم فيها سبحانك".
قولهُ: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين} آخرُ: مُبْتَدأٌ، و "أَنْ" هِيَ المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَقيلَةِ، واسمُها ضميرُ الأَمْرِ أوِ الشَأْنِ، والمحذوف، والجملةُ الاسميَّةُ بعدَها في محَلِّ رَفْعٍ خَبراً لها، وهو كما في قولِ الأعشى:
فِي فِتْيَةٍ كسُيُوفِ الهِنْدِ قَدْ عَلِموا .. أَنْ لَيْسَ يَدْفَعُ عَنْ ذِي الحِيلَة الحيَلُ
وكما في قولِ أبي المِنْهالِ عَوْفِ بْنِ مُحَلِّمٍ الخُزاعِيِّ. مِنَ السَريع:
واعْلمْ فَعِلْمُ المرْءِ يَنْفَعهُ .................... أَنْ سَوْفَ يأتي كلُّ ما قُدِرا
و "أنْ" واسمُها وخَبرُها في محلَّ رَفْعٍ خَبراً للمُبْتَدَأِ الأَوَّلِ. وزَعَمَ الجُرْجانيُّ أَنَّ "أَنْ" هنا زائدةٌ والتقديرُ: وآخِرُ دَعْواهم الحَمْدُ لله ..، وهي دَعْوى مخالفةٌ لِنَصِّ سِيبَوَيْهِ والنَحْوِيينَ لا دَليلَ عَلَيْها. وزَعَمَ أبو العبّاسِ المُبرِّدُ أَيْضاً أَنَّ "أَنْ" المخفَّفَةَ يجوزُ إعْمالُها مخَفَّفةً كَهي مُشَدَّدةً، وقدْ تَقَدَّمَ ذَلك. وجملة "وآخر دعواهم أن الحمد" معطوفة على جملة "تحيتهم سلام"، وجملة "الحمد لله" في محل رفع خبر "أنْ" المخففة. والمصدر المُؤَوَّل "أن الحمد لله": خبر "آخر دعواهم"، ولم يفصل بين "أنْ" المخففة وخبرها بفاصل؛ لأنَّ الخبر جملة اسمية.
قرأَ العامَّةُ: {أنِ الحمدُ} بتخفيفِ "أَنْ" ورَفْعِ "الحمد". وقرَأَ عِكْرِمَةُ، وأَبو مِجْلَزٍ، وأَبو حَيَوَةَ، وقتادةُ، ومجاهدٌ، وابْنُ يَعْمُرَ، وبِلالُ ابْنُ أَبي بُرْدَةَ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، ويَعقوبُ، بِتَشْديدِها، ونَصْبِ دالِ "الحمدُ" على أَنَّهُ اسمَها. وهذِهِ تُؤَيِّدُ أَنَّها المُخَفَّفةُ في قراءةِ العامَّةِ، وتَرُدُّ على عبد القاهرِ الجُرْجانيِّ في رأيِهِ المتقدِّمِ بزيادتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة يونس الآية: 10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 21
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 37
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 53
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 69
» فيض العليم .... سورة يونس الآية: 85

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: