روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 57

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 57 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 57 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 57   فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 57 I_icon_minitimeالجمعة مارس 06, 2015 4:23 am

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
(57)
قوله ـ تعالى شأنُه: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} يأمُرُ اللهُ تعالى رسولَهُ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنْ يُؤدِّبَ الكُفّارَ جميعاً بِمَنْ يَقَعُ في قَبْضَتِهِ مِنْهُمْ، وأَنْ يُخَوِّفَ الجَميعَ بِمَنْ يَظْفَرُ بِهِ، حتى يَعْتَبَرُوا ويَرْتَدِعوا ويَرْجِعوا عَنْ كُفْرِهم، ويَكُفوا عَنْ عدائهم لِدينِ الإِسْلامِ ونَبِيِّهِ وإيذاءِ المسلمين، وذلك بما يَرَوْنَه أَوْ يَسْمَعونَ بِهِ مِنْ نَكالٍ حَلَّ بِغَيرِهِم، وهِيَ في الحقيقةِ الغايَةُ مِنِ اسْتِخْدامِ القُوَّةِ وسيلةً، واتخاذ الشدَّة سبيلاً، حيثُ لا تَنْفَعُ الحُجَّةُ والبرهانُ لا يجدي المَنْطِقُ. فالمَقصودُ مِنَ التَنْكيلِ بهم، زَجْرُ مَنْ سِواهم، ولأجْلِ ذلك شُرِعَتِ العُقوباتُ، ولأَجْلِهِ أَمَرَ الصِدِّيقُ ـ رضي اللهُ عَنْهُ، بالتَنْكيلِ بِأَهْلِ الرِدَّةِ، الذين خرجوا في وجه المسلمين بعد آنْ آمَنوا كبني حنيفةَ وغيرهم. وهذا قَريبٌ في الغايَةِ مَنْ قولِِهِ بعدَ ذلك في هذه السورةِ المباركة: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُم} الآية: 60. فالإسلامُ دينُ الهُدى والمَحجَّةِ، دِينُ العَقلِ والمَنْطِقِ، وليسَ دِينَ القَتْلِ وإِزْهاقِ الأَرْواحِ والأنفُسِ، والاعْتِداءِ على الحُرِّيّاتِ والمُمْتَلَكاتِ، وإنَّما شَرَعَ الجهادَ واسْتِخْدامَ القُوَّةِ للرَدْعِ والتَخْويفِ حِفاظاً على هَذِهِ المُقَدَّساتِ. ولذلكَ عِنْدَما جاءَ جِِبْريلُ ومَعَهُ المَلَكُ الموكَّلُ بالجِبالِ ـ عَليهِما السَّلامُ، إلى الرسولِ ـ صَلى اللهُ عليه وسلَّم، مُرْسَلَينِ مِنْ ربِّ العِزَّةِ فاطِرِ الأََرْض والسماواتِ لِيكونا تحتَ تَصَرُّفِ نبيِّه فيما إذا أَحَبَّ أَنْ يَنْتَقم مِنَ الذين كَذََّبوهُ، وآذوهُ وعذَّبوه، لم يَطلبْ مِنْهُما ذَلِكَ، وإنَّما طَلَبَ إمْهالَ هَؤلاءِ المشركين لَعَلَّهم أنْ يَتُوبوا إلى اللهِ تعالى، أَوْ لَعَلَّهُ أَنْ يَكونَ مِنْ أَصْلابهم وذَراريهم مَنْ يُوَحِّدُ مولاهُ، ويعبُدُهُ ويَهتدي بهداه، فيَنْتََفِعُ ويَنْفَعُ بِهِ اللهُ. وقَدْ كانَ ما أمّلَهُ ورَجَاه، فإنَّ هذِهِ الأَجْيالَ من أبناء أولئكَ الذين كذَبوه وعذَّبوه، قدِ اهْتَدَتْ إلى الحقِّ فنجَتْ مِنْ عذابِ اللهِِ تَعالى، ثمَّ حملتهُ رسالةً طافت بها على العالمِِ كُلِّهِ فَنَفَعَ اللهُ بهم الكَثيرينَ، واهتدى خلقٌ كثيرٌ إلى على أَيديهم إلى هذا الدين. ولو أنَّه ـ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، دعا عليهم وانتقم منهم، لما انتشر نور الإسلامِ فعمَّ أصقاع الأرض، فسبحانَ منْ أرسله رحمةً للعالمين، صلواتُ الله وسلامُهُ عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من تبعهم واهْتَدَى بهَدْيِهم إلى يومِ الدين.  
أخرج البخاريُّ وغيرُهُ من أئمّةِ الحديث، عَنْ أُمِّ المؤمنين السيدةِ عائشةَ الصدّيقةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها وأَرْضاها: أَنّها قالتْ للنَبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ: هَلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: ((لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِِبْني إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إِلاَّ وأنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ (1)، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، وَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبريلُ ـ عليه السلامُ، فَنَادَاني، فَقَالَ: إنَّ الله تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَد بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بمَا شِئْتَ فِيهِمْ. فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنا مَلَكُ الجِبال، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ بمَا شِئْتَ، فإنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ. (2) فَقَالَ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً)). متَّفَقٌ عَلَيْهِ. أخْرَجَهُ: البُخارِيُّ: 4/139 (3231)، ومسلم: 5/181 (1795) (111).
(1) قَرْنُ الثَعالِبِ: اسمُ لمكانٍ يَقَعُ على مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، ـ حرسَها اللهُ، وهو مِِيقاتُ أَهْلِ نَجْدٍ، ويُسَمَّى أَيْضاً قَرْنَ المَنازِلِ.
(2) الأخْشَبين: مثنّى أَخْشَبٍ، والأخشبُ هو كُلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظِ الحِجَارَةِ.
و "تَثْقَفَنَّهم" تُدْرِكُهم، أو تَتَمَكَّنُ مِنْهم، أَوْ تَأْخُذُهم بِسُرْعَةٍ، أو تَظْفرُ منهم بالمطلوب، وكُلُّ هذه المعاني مناسبةٌ هنا. والثِقافُ في اللُّغَةِ ما تُشَدُّ بِهِ القَنَاةُ ونحوُها، ومِنْهُ قوْلُ الشَاعِر الطَريفِ العَنْبَريِّ:
إنَّ قَناتي لَنَبْعٌ ما يُؤَيِّسُها ............... عَضُّ الثَقافِ ولا دُهْنٌ ولا نَارُ
وقال النابغةُ الذُبْيانيُّ:
تدعو قُعَيْناً وقَدْ عَضَّ الحديدُ بها ...... عَضَّ الثِقافِ على صُمِّ الأَنابيبِ
قولُهُ: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} أيْ: فَرِّقْهُم عَنَّكَ وخَوِّفهم منكَ، حتى لا يجتمعوا على حربِكَ وحَرْبِ دِينِك. والتَشْريدُ في اللُّغةِ: الطَرْدُ والتَفْريقُ والتهجيرُ القَسْرِيُّ والتَخْويفُ والتَسْميعُ، وكلُّ هذه المَعاني لائقةٌ بهذه الآيَةِ. وممَّا جاءَ مِنَ التَشْريدِ بمَعْنى التَسْميعِ قولُ شاعرٍ مِنْ هُذَيْلٍ:
أُطَوِّفُ بالأَباطِحِ كُلَّ يَوْمٍ .................. مَخَافَةَ أَن يُشَرِّدَ بي حَكِيمُ
فيشرِّدُ بي أَيْ: يُسَمِّع بي، ويَفْضَحُني. وحَكِيم: رَجُلٌ مِنْ بَني سُلَيْمٍ، كانَتْ قُرَيشٌ قد وَلَّتْهُ الأَخْذَ على أَيدِي السُّفَهَاءِ وعهدتْ له بذلك. وأَخرجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَوْلُهُ: "فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ"، يَقُولُ: نَكِّلْ بِهِمْ". وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ، وَالسُّدِّيِّ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، مِثْلُ ذَلِكَ. وأخرج كذلك عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَوْلُهُ: "فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ"، يَقُولُ: أَنْذِرْ بِهِمْ". وأخرج أيضاً عَنْ قَتَادَةَ ـ رضي اللهُ عنه: "فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ"، يَقُولُ: عِظْ بِهِمْ. أَخرَجَ عن ابْنِ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ، "فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ"، قَالَ: أَخِفْهُمْ بِهِمْ، كَمَا تَصْنَعُ بِهَؤُلاءِ. وأخرج عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، "فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ"، يَقُولُ: نَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ، يَعْنِي: الْعَرَبَ كُلَّهَا.
قولُه: {لعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} لعلَّ خوفَ أنْ يحلَّ بهم ما حلَّ بهؤلاء يكونُ حاضراً دائماً في ذاكرتهم، ما ثلاً أمامَ أعينهم، فلا يجرؤونَ على خيانتك والغدر بك وبالمؤمنين.
قولُهُ تعالى: {فإمَّا تثقفنَّهم في الحربِ} فإمَّا: الفاءُ عَاطفةٌ، "إما" مُؤَلَّفَة مِنْ "إنْ" الشَرْطِيَّةِ، و "ما" الزائدة، و "تثقفنَّهم" فعلٌ مُضارعٌ مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ لاتِّصالِهِ بِنُونِ التوكيدِ في محَلِّ جَزْمٍ، وفاعله أنتَ، ومفعولُهُ الهاءُ، والميم لجمع المذكَّر. والجُمْلةُ مَعْطوفَةٌ على قولِهِ تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدوابِّ}، الآية: 55. من هذه السورة. و "في الحرب" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ ب "تثقفنَّهم".
قولُهُ: {فشرِّدْ بهم مَنْ خلفهم} الفاء رابطة لجَوابِ الشرطِ: "شرِّدْ"، و "بهم" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِ "شَرِّدْ" و "مَن" اسم موصولٌ في محلِّ نصبٍ على المفعوليَّة، "خلفَهم" ظَرْفُ مكانٍ مُتَعَلِّقٌ بالصِلَةِ المُقَدَّرِةِ بَعْدَ الاسْمِ المَوصولِ.
قولُهُ: {لعلَّهم يَذَّكَّرون} لعلَّهم: حرف ناسخ مشبَّه بالفعلِ واسمه، و جملة "يَذَّكَّرون" خبرُه. و "لعلَّ" واسمُها وخبرها مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها.
وقد جاءَ الشَرْطُ بِحَرْفِ "إنَّ" مَزيدَةً بعدَها "ما" لإفادَةِ تَأكيدِ وُقوعِ الشَرْطِ، وبذلك تَنْسَلِخُ "إنَّ" عَنِ الإشعارِ بِعَدَمِ الجَزْمِ بِوُقوعِ الشَرْطِ، وزِيدَ التَأكيدُ باجْتِلابِ نُونِ التَوكيدِ. وفي "شَرْحِ الرضي على الحاجبية"، عن بعض النحاة: لا يجيء "إما" إلاَّ بِنُونِ التَأْكيدِ بَعْدَهُ كَقولِهِ تعالى في سورة مريم: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} الآية: 26. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ في قولِهِ: "فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ" دَخَلَتِ النُونُ مَعَ "إما": إمَّا للتَأْكيدِ أَوْ للفَرْقِ بَيْنَها وبين "إما" التي هِيَ حرفُ انْفِصالٍ في قولِكَ: جاءني إمَّا زَيْدٌ وإمَّا عَمْرٌو.
فإن" حرف شرط يدل على ارتباط جملتين بعضهم ببعض ، و "ما" حرف زائد للدلالة على تأكيد هذا الارتباط في كل حال من الأحوال. و مثالُه من الشعر قولُ البُحتري:
وإذا ما جفيت كنت حريا ........... أن أرى غير مصبح حيث أمسي
وقولُ البارودي في وصف بعض مظاهر شيخوخته من ضعف بصره و ثقل سمعه:
لا أرى الشيء حين يسنح إلا ............... كخيال كأنني في ضباب
و إذا ما دعيت حرت كأني ........... أسمع الصوت من وراء حجاب
فما قد زيدت بعد "إذا" في المثالين السابقين لتأكيد معنى هذا الظرف.
و مثاله من سائر الكلام: "غضبت من غير ما جُرمٍ" أيْ: مِنْ غيرِ جُرْمٍ، و "جِئتُ لأمرٍ مَا" ف "ما" زائدةٌ للتَأَكيدِ، والمعنى على النفي "ما جئت إلاَّ لأمر".
و "لا" تزاد مؤكدة ملغاة نحو قوله تعالى: {لئلاّ يَعلم أهل الكتاب ألا يَقدرون على شيءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ}. ف "لا" زائدة، والمعنى {ليعلم أهلُ الكتاب ...}، ونحو قولِهِ تَعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم} ف "لا" زائدة، والمعنى فأُقسِمُ بمواقع النجوم.
و "من" قد تزاد توكيداً لِعُمومِ ما بعدَها في نحو "ما جاءنا من أحدٍ" فإذاً أَحداً صِيغةُ عُمومٍ، بمعنى ما جاني أيُّ أَحَدٍ. و لا تكون "من" زائدة للعموم إلا إذا تقدَّمَها نَفْيٌ أَوْ نَهْيٌ أوِ اسْتِفْهامٌ ب "هل"، فالنَفيُ نحو قولِهِ تَعالى: {وما تسقط من ورقة إلاَّ يعلمها} وقوله تعالى: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} والنهى نحو "لا تُهْمِلْ مِنْ غِذاءِ عقلِكَ" والاستفهام، نحو قولِهِ تعالى: {هل تَرَى مِنْ فُطُور؟} ونحوَ هل مِنْ شاعِرٍ بَيْنَكم؟، و "من" هذه التي تزيد توكيداً لعمومِ ما بَعْدَهَا نَفْياً كانَ أوْ نَهْياً أوِ اسْتِفهاماً يكون الاسْمُ الواقع بعدَها إمَّا فاعلاً أَوْ مفعولاً أوْ مُبْتَدَأً كما في الأمثلة السابقة.
وقال البصريّونَ دَخَلَتْ النونُ توكيداً لمّا دَخَلَتْ "ما". وقالَ الكُوفِيُّونَ: تَدْخُلُ النُون الثَقيلةُ والخفيفةُ مَعَ "إِمَّا" في المجازاةِ للفَرْقِ بَينَ المُجازاةِ والتَخْييرِ.
قولُهُ: {فَشَرِّدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهم} الباءُ للسَبَبِيَّةِ، "مَنْ خَلْفَهم" مفعولُ "شَرِّدْ". والضَميران في "لعلهم يَذَّكَّرون" الظاهِرُ عَوْدُهُما على "مَنْ خَلْفَهم"، أَيْ: إذا رَأَوا ما حَلَّ بالناقِضين تَذَكَّروا. وقيلَ: يَعودان على المُنْقِضين، وليس لَهُ معنى طائلٌ.
قَرَأَ العامَّةُ {فشرّد} بالدّالِ المُهْمَلَةِ. وقرأ الأعمش ـ بخلافٍ عنه، بالذّالِ المُعْجَمَةِ. قال الشيخُ أَبو حَيَّان الأَنْدَلُسِيُّ: وكذا هي في مُصْحَفِ عبدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. لكِنَّ المعلومَ أَنَّ النَّقْطَ والشَّكْلَ أَحْدَثَهُما فيما بعدُ يحيى بْنُ يَعْمُرَ، فَكَيْفَ يُوْجَدُ ذلك في مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعودٍ؟ إلاَّ أَنْ يَكونَ المقصود أَنَّه قد أُخِذَ ذَلكَ عَنْهُ قِراءَةً بالسَمَاعِ! وهو كذَلِكَ. وهَذِه المادَّةُ (الشين والراءُ والذالُ المُعْجَمَةُ) مُهْمَلَةٌ في لُغْةِ العرب. وفي هذِه القراءةِ أَوْجُهٌ أحدُها: أَنَّ الذالَ بَدَلٌ مِنْ مُجاوِرَتِها الدَّال، كما في قولهم: لَحْمٌ خَراديلٌ، وخَراذيلٌ. كما في قولِ كعبٍ بْنِ زهير:
يَعْدُو فيَلْحَمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما ........ لَحْمٌ مِنَ القومِ مَعْفُورٌ خَراذِيلُ
المَعْفورُ المُترَّبُ المُعَفَّرُ بالترابِ، والخراذيلُ: المصروع، أيْ صيدٌ مصروعٌ معفَّرٌ بالتراب.
الثاني: أَنَّه مقلوبٌ مِنْ شَذَرَ في قولِهم: تَفَرَّقوا شَذَرَ مَذَرَ، ومِنْهُ الشَّذْرُ المُلْتَقَطُ مِنَ المَعْدِنِ لِتَفَرُّقِهِ، قال امرؤُ القيس:
غرائِرُ في كِنٍّ وصَوْنٍ ونَعْمة ............... يُحَلَّيْنَ ياقوتاً وشَذْراً مُفَقَّرا
الثالث: أَنَّهُ مِنْ (شَذَرَ في مقالِهِ) إذا أَكْثَرَ فِيهِ وفرَّقَهُ لأنَّ المرء إذا أكثر القولَ فلا بُدَّ أنْ يتناولَ موضوعاتٍ شتّى. والشَرذُ: بالذالِ: التَنْكِيلُ، وبالدالِ التفريقُ، فَهذِهِ المادةُ ثابِتَةٌ في لُغَةِ العَرَبِ.
وقرأ العامَّةُ: {مَنْ خلفهم} بفتح الميم. وقرأ الأعمش ـ بخلافٍ عنه، وأَبو حَيَوَةَ: "مِنْ خلفِهم" بكسرها، جاراً ومجروراً. والمفعولُ على هذِهِ القِراءةِ محذوفٌ، أَيْ: فَشَرِّدْ أَمْثالَهم مِنَ الأَعْداءِ أَوْ ناساً يَعْمَلُون بِعَمَلِهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 57
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 9
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 25
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 41
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 73
» فيض العليم ... سورة الأنفال، الآية: 10

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: