روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 88

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 88 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 88 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 88   فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 88 I_icon_minitimeالسبت مايو 31, 2014 1:11 pm

لموسوعة القرآنية
 
 
[size=48]فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ[/size]
[size=48] [/size]
[size=32]تفسير  ـ أسباب نزول ـ قراءات ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة[/size]
 
 
 
[size=32] [/size]
[size=48] [/size]
[size=37]اختيار وتأليف :[/size]
[size=37] [/size]
[size=48]الشاعر عبد القادر الأسود[/size]
 
 
 
 
الجزء التاسع  ـ المجلد التاسع
قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ
(88)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} أيْ: قالَ الكُبَراءُ والأَشْرافُ والسادةُ، الذينَ اسْتَكْبَروا وعَتَوْا وكَذَّبوا بآياتِ الله تَعالى، وصَمُّوا آذانَهم عَنِ الحَقِّ، وهو اسْتِئنافٌ بيانيٌّ، فكأنَّما قِيلَ: فماذا قالوا بعدَ أَنْ سَمِعوا مَواعِظَ نبيِّهم شُعيبٍ ـ عليهِ السَّلامُ ـ ونُصْحَهُ لَهُم وإرْشادَهُ وتَحذيرَه إياهم من غَضَبِ اللهِ وانْتِقامِه وعِقابِهِ؟. وَوَصَفَهُمْ بِالِاسْتِكْبَارِ هُنَا دُونَ الْكُفْرِ، لأَنَّهم اسْتَضْعَفُوا الْمُؤْمِنِينَ، ولِتَوعُّدِهِمْ شُعَيْبًا بِالْإِخْرَاجِ أَوِ الْإِكْرَاهِ عَلَى اتِّبَاعِ دِينِهِمْ، وَذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْجَبَّارِينَ أَصْحَابِ الْقُوَّةِ.
قولُهُ: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا} هكذا كان جَوابُهم لِنبيِّهم شُعَيْبٍ ـ عليْه السّلامُ ـ ورَدُّهم على تَحذيرِهِ لَهُم، مِنْ عَذابِ اللهِ إذا هُمْ اسْتَمَرّوا في تَكذيبِهم رِسَالَتَهُ إلَيْهم ونَبِيَّهُ، وإذا ما أَصَرّوا على مَعْصِيَتِه ـ تعالى. فقد كان ردُّهم أنْ سوفَ يُخْرِجُونَهُ، هو ومَنْ آمَنَ بِهِ واتَّبَعَ هُداهُ مِن بلادِهِمْ بالقُوَّةِ، مؤكِّدينَ ذلك بالقَسَمِ. وبِذلِكَ يَكونُونَ قَدْ هَمُّوا بالانْتِقالِ مِنْ مَرْحَلَةِ مُقاوَمَةِ دَعْوَةِ شُعَيْبٍ بالرَّفْضِ السَلْبِيِّ، إلى مَرحَلَةِ اسْتِخْدامِ القوَّةِ للقَضاءِ عليها، فهم قَدْ أَعْلَنُوا ـ إذاً ـ الحَرْبَ عَلى دِينِ اللهِ وشريعتِهِ ورَسولِهِ ـ شعيب ـ وعلى مَنْ آمَنَ مَعَهُ وصدَّقَه واتَّبَعَهُ.
وَكَانَ إِخْرَاجُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ مِنْ دِيَارِ قَبِيلَتِهِ عُقُوبَةً مُتَّبَعَةً فِي الْعَرَبِ إِذَا أَجْمَعَتِ الْقَبِيلَةُ عَلَى ذَلِكَ وَيُسَمَّى هَذَا الْإِخْرَاجُ عِنْدَ الْعَرَبِ بِالْخَلْعِ، وَيُسَمُّونَ الْمُخْرَجِ خَلِيعًا، كما قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ في معلَّقتِهِ:
وَوَادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ .............. بِهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالْخَلِيعِ الْمُعَيَّلِ
وَقد أَكَّدُوا وَعيدَهم هذا بِلَامِ الْقَسَمِ وَنُونِ التَّوْكِيدِ الثقيلة: لِيتيقَّنَ شُعَيْبٌ بِأَنَّهُمْ مُنْجِزُو وَعِيدِهم وليسَ لمُجرَّدِ التهديدٍ.
قولُهُ: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا} أَيْ لَتَرجِعُنَّ إِلَيْنَا كَمَا كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ، وهذا يعني أنَّ أَتْبَاعَ شُعَيْبٍ ـ عليه السلامُ ـ كانوا كُفَّاراً قَبْلَ الْإِيمَانِ بِهِ وبرسالته. ويَجُوزُ في اللغةِ أَنْ يَكُونَ الْعَوْدُ بِمَعْنَى الِابْتِدَاءِ، فيُقَالُ: عَادَ إِلَيَّ مِنْ فُلَانٍ مَكْرُوهٌ، أَيْ صَارَ إليَّ مكروهٌ مِنْه ابْتَدَأَني بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَهُ مَكْرُوهٌ قَبْلَ ذَلِكَ، أَيْ لَحِقَنِي ذَلِكَ مِنْهُ. وهذا هُوَ شَرْطُهُمُ الوَحيدُ الذي اشْتَرَطوهُ على نَبِيِّهم والذين آمنوا، لِيَكُفُّوا عَنْ حَربِهِم لَهم وإخراجِهم.
وهو دَأْبُ الكافرين في كُلِّ عَصْرٍ ومِصْرٍ، لا هَمَّ لَهُمْ سِوَى القَضَاءِ على الدِّينِ القَويمِ، وطَمْسِ نُورِ الهِدايَةِ الذي يَأْتي بِها المُرْسَلُونَ مِنْ ربّهم، فَيَسْتَحِقُّون عِقابَهُ ـ سُبْحانَهُ وتعالى ـ فيَنْزِلُ بهم سَخَطُه فيَكونَ الهَلاكُ مَصيرَهم. ولكن النَّاسَ لا يَتَّعِظون بِأَسْلافِهم ومَنْ سَبَقَهم مِنَ الأُمَمِ بِرَغْمِ رؤيتهم آثارَ هؤلاءِ المُهْلَكين، وتحذيرِ رُسُلِ ربِّ العالمين، صلواتُ ربّي وسلامُهُ عليهم أجمعين.  
قَولَهُ: {قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ}: هو رَدُّ نَبِيِّ اللهِ شُعَيْبٍ ـ عليه السلامُ ـ على تهديدِهم ووعيدِهم لَهْ ولِمَنِ آمنَ معهُ واتَّبَعَهُ، ولإعلانِهِمُ الحَرْبَ على دينِ اللهِ ورسالتِهِ: "أولو كنا كارهين" أَيْ وَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ هذه العودةِ إلى ما كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ كُفْرٍ وضَلالٍ، أَفَتَجْبُرُونَنَا عَلَى ذلك؟! أَوْ أَوَلَوْ كنَّا كارهين الْخُرُوجَ مِنَ وَطَنِنا وديارنا؟. وَالِاسْتِفْهَامُ هنا مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعَجُّبِ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِهِمْ: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا الْمُؤْذِنِ مَا فِيهِ مِنَ الْمُؤَكِّدَاتِ بِأَنَّهُمْ يُكْرِهُونَهُمْ عَلَى الْمَصِيرِ إِلَى مِلَّةِ الْكُفْرِ، وَذَلِكَ التَّعَجُّبُ تَمْهِيدٌ لِبَيَانِ تَصْمِيمِهِ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْإِيمَانِ، لِيَعْلَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ أَحَاطَ خَبَرًا بِمَا أَرَادُوا مِنْ تَخْيِيرِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ: الْإِخْرَاجُ أَوِ الرُّجُوعُ إِلَى مِلَّةِ الْكُفْرِ، شَأْنَ الْخَصْمِ اللَّبِيبِ الَّذِي يَأْتِي فِي جَوَابِهِ بِمَا لَا يُغَادِرُ شَيْئًا مِمَّا أَرَادَهُ خَصْمُهُ فِي حِوَارِهِ.
وفي ردِّهِ ـ عليه السَّلامُ ـ تنبيهٌ على أَنَّ المُلْحِدين، لا مَنْطِقَ لَهم، وفيه وتَعْرِيضٌ بِحَمَاقَةِ خُصُومِهِ، ولذلك يَلْجَؤون إلى مَنْطقِ القُوَّةِ عندمَا تُعْييهِمُ الحُجَّةُ، مَعَ أَنَّ شَأْنَ المُحِقِّ أَنْ يَتْرُك لِلْحَقِّ سُلْطَانَهُ عَلَى النُّفُوسِ وَلَا يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَا الضَّغْطِ وَالْإِكْرَاهِ، بينما يَلْجَأُ الذي يَمْلُكُ الحُجَّةَ والمَنْطِقَ إلى الحُجَّةِ والإقْناعِ، ويَبْتَعِدُ عَنِ الإكْراهِ والإجبارِ، فلا يَحْمِلُ الآخَرين على سُلوكِ سَبيلِ الهِداية، فهو كما قالَ الله في مُحْكَمِ كتابِهِ العزيز: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ} سورة البقرة، الآية: 256. فَإِنَّ الْتِزَامَ الدِّينِ عَنْ إِكْرَاهٍ لَا يَأْتِي بِالْغَرَضِ الْمَطْلُوبِ مِنه، وَهُوَ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ وَتَكْثِيرُ الملتزمين بالْحَقِّ وَالصَّلَاحِ.
قولُهُ تعالى: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ} قال: فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ الظاهِرِ على آخِرِهِ. "الملأُ" فاعلٌ مَرْفوعٌ، وعلامةُ رفعه الضَمَّةُ الظاهرةُ على آخِرِهِ، "الذين" اسْمٌ مَوصولٌ مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ في مَحَلِّ رَفعٍ نَعتاً لـ "المَلأ". "اسْتَكْبَروا" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الضَمِّ لاتِّصالِهِ بِواوِ الجَماعةِ، وهي ضميرٌ متَّصلٌ في مَحلِّ رَفْعِ فاعلٍ، والألفُ فارقة. "من" حرفُ جرٍّ، "قومِهقومِ: مضافٌ مَجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ مُتَعَلِّقٌ بحالٍ مِنْ فاعلِ "استكبروا"، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جَرِّ مُضافٍ إليهِ. جُمْلةُ "قال الملأ" استئنافيَّةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ. وجُملةُ "استكبروا" صِلَةُ المَوْصُولِ "الذين" لا مَحَلَّ لها منَ الإعرابِ.
قولُهُ: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا} اللامُ: مُوَطِّئَةٌ لِقَسَمٍ مُقَدَّرٍ "نخرجنّ" مُضارعٌ مَبْنِيٌّ على الفَتْحِ لاتَّصالِه بنون التوكيدِ الثَّقيلةِ في مَحَلِّ رَفْعٍ. والنُونُ هي نُونُ التَوكيدِ الثقيلةِ، والكافُ: ضَميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ نَصْبِ مَفْعولٍ بِهِ، والفاعلُ ضميرٌ مُسْتَتَرٌ وجوباً تقديرُه "نحن". "يا شعيبُ" يا: أَداةُ نِداءٍ، "شعيب" مُنادى مُفرَدٌ عَلَمٌ مَبْنِيٌّ على الضَمِّ في مَحَلِّ نَصْبٍ على النداءِ. "والذين" الواوُ: حَرْفُ عَطْفٍ، الذين: اسمٌ مَوصولٌ في مَحَلِّ نَصْبٍ عطفاً على ضَميرِ المُخاطَبِ في "نخرجنّك". "آمنوا" إعرابُها مِثْلُ إعرابِ "اسْتَكْبَروا" وقد تقدَّمَ أعلاه. "معك" مع: ظَرْفُ مَكانٍ مضافٌ مَنْصوبٌ مُتَعَلِّقٌ بـ "آمنوا"، والكافُ: ضَميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ جَرِّ مُضافٍ إليْهِ. "من قريتنا" من: حرفُ جَرِّ، قريةِ: مُضافٌ مَجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ مُتَعَلِّقٌ بـ "نُخْرِجَنَّنا: ضميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ جَرِّ مُضافٍ إليْهِ. وجُمْلَةُ "نُخْرِجَنّك" واقعةٌ جوابَ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ، وجُملةُ القَسَمِ المُقَدّرِ في مَحَلِّ نَصبِ مَقولِ القَوْلِ. وجُمْلَةُ النِداءِ "يا شعيب" مُعْتَرِضَةٌ للتَهديدِ، فهي لا مَحلَّ لها مِنَ الإعْرابِ. وجُمْلَةُ: "آمَنوا" صِلَةُ الاسْمِ المَوصولِ "الذين" فلا مَحلَّ لها من الإعرابِ، أَوْ هيَ في مَحَلِّ جَرٍّ عَطْفاً عَلى الكافِ في "نخرجَنَّك".
قولُه: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا} أو: حَرْفُ عَطْفٍ، "لتعودُنَّ" اللامُ: تقدَّم إعرابُها أعلاه، "تعودنّ" مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ، تَامٌّ أوْ ناقِصٌ. ويُقَدَّرُ ناقصاً بِمَعْنى "تَصيرونَنْ" لأنَّ شُعيباً لَمْ يَكُنْ مِنْ مِلَّتِهِم حَتّى يَعودَ إليْها. وحينئذٍ تَرفعُ الاسْمَ وتَنْصِبُ الخبرَ، فلا تَكْتَفي بِمَرْفوعٍ وتَفْتَقِرُ إلى مَنْصوبٍ، ويُؤوَّلُ تَامّاً على قاعدَةِ التَغْليبِ، إذْ أَنَّ قومَ شُعيْبٍ كانوا مِنْ مِلَّةِ المُسْتَكْبِرينَ. وعلامةُ الرَّفعِ ثُبوتُ النُونِ المَحْذوفةِ لِتَوالي الأَمْثالِ. والواوُ المَحذوفَةُ لالْتِقاءِ الساكنَيْنِ ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ رفعِ فاعِلٍ، أَوْ هِي اسْمُ للفِعْلِ إذا قُدِّرَ ناقصاً. والنونُ: للتوكيدِ. و"أو لَتَعُودُنَّ" عَطَفٌ على جَوابِ القَسَمِ الأَوَّلِ، إذِ التَقديرُ: واللهِ لِنُخْرِجنَّكَ والمؤمنين، أوْ لَتَعودُنَّ في ملَّتنا. فالعَوْدُ مسندٌ إلى ضَميرِ النَبِيِّ ومَنْ آمَنَ مَعَهُ. فمِنْ مَجيئِها بمَعنى صارَ عِنْدَ بعضِهم قولُ الشاعرِ قَرمانُ بْنُ الأَعْرَفِ في ابْنِهِ مُنازِل، وكانَ عاقّاً لَه:
وبالمَحْضِ حتَّى عادَ جَعْداً عَنَطْنَطاً ........ إذا قامَ ساوى غارِبَ الفَحلِ غاربُهْ
فَرَفَعَ بـ "عاد" ضميرَ الأوَّلِ ونَصَبَ بِها "جَعْداً"، ومَنْ مَنَع ذلك يَجْعلُ المَنْصوبَ حالاً، ولكنِ اسْتَشْكَلوا على كونِها بِمَعْناها الأَصْلِيِّ أَنَّ شُعَيْباً ـ عليه السلامُ ـ لمْ يَكنْ قَطُّ على دِينِهم ولا في مِلَّتِهِمْ. فَكَيْفَ يَحْسُنُ أَنْ يُقالَ "أو لتعودُنَّ" أيْ: لَتَرْجِعُنَّ إلى حالَتِكم الأُولى، والخطابُ له ولأتْباعِهِ؟ وقدْ أُجِيبَ عَنْ ذلك بِثلاثةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُها: أَنَّ هذا القولَ مِنْ رؤسائهم قَصَدوا بِهِ التَلْبيسَ على العَوامِّ والإِبهامَ لَهم بأنَّهُ ـ عليه السلامُ ـ كان على دِينِهم وفي مِلَّتِهِمْ. الثاني: أَنْ يُرادَ بعَوْدِهِ رُجوعُه إلى حالةِ سُكوتِهِ قَبْلَ بِعْثَتِهِ؛ لأنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ إليهم كانَ يُخْفِي إيمانَهُ وهو ساكتٌ عَنْهم. الثالث: تَغليبُ الجماعةِ على الواحِدِ لأنَّهُمْ لَمَّا صَحِبوهُ في الإِخْراجِ سَحَبوا حُكمَ العَوْد في الملَّة عَليه وعليهم تغليباً لهم عليه. وأَمَّا إذا جَعَلْناها بمعنى صيَّر فلا إشكالَ في ذلك، إذِ المعنى: لَتَصِيرُنَّ في ملَّتِنا بَعدَ أَنْ لَمْ تَكونوا، فـ "في مِلَّتِنا" حالٌ على الأوَّلِ، وخَبَرٌ على الثاني.
والبيتُ السابقُ مِنْ قَصيدةٍ مُطوَّلةٍ للشاعرِ، رُوِيَ أَنَّ أميرَ المؤمنين عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ رأى شاباً مَلْوِيَّ اليَدِ، قَدْ يَبِسَتْ على الالْتِواءِ، فسَأَلَهُ فقالَ: ما لِيَدِكَ هَذِهِ؟ قالَ: دَعْوَةُ أَبي، فقالَ: مَاذا قالَ؟ فأنْشَدَهُ أبياتاً لِوالِدِهِ مِنْ قَصيدةٍ لَهُ مُطَوَّلَةٍ يَقولُ فيها:
وَرَبَّيْتُه حتى إذا ما تركتُه ............... أَخا القومِ واسْتَغنى عن المسحِ شاربُهْ
وبالمَحْضِ حتَّى عادَ جَعْداً عَنَطْنَطاً ....... إذا قامَ ساوى غارِبَ الفَحلِ غاربُهْ
فَلَمَّا رَآنِي أَحْسَبُ الشَّخْصَ أَشْخُصًا ....... بَعِيدًا وَذَا الشَّخْصَ الْبَعِيدَ أُقَارِبُهُ
تَعَمَّدَ حَقِّي ظَالِمًا وَلَوَى يَدِي ................. لَوَى يَدَهُ اللهُ الَّذِي هُوَ غالِبُهْ
قالوا: فَلَوى اللهُ يَدَ الابْنِ إلى وراءِ ظَهْرِهِ حتَّى ماتَ وهِيَ مَلْويَّةً! وما ينتظره في الآخرة أدهى وأمَرَّ والعياذُ بالله تعالى، قال ـ سبحانَه وتعالى: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} سورة فُصِّلت، الآية: 16. وعَدَّى "عاد" بـ "في" الظَرْفِيَّةِ كأنَّ المِلَّةَ لَهُمْ بمَنْزِلَةِ الوِعاءِ المُحيطِ بهم.
"في ملَّتنا" في: حرفُ جَرٍّ، و"ملَّةِ" مَجْرورٌ بحرف الجرِّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحذوفِ حالٍ مِنْ فاعلِ "تَعُودُنَّ" وهو مُضافٌ، و"نا" ضَميرٌ متَّصلٌ مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ جَرِّ مُضافٍ إليهِ والجارّ والمجرورُ خَبَرٌ للفِعْلِ إذا قُدِّرَ ناقصا. وجملة "تعودنَّ" جَوابُ قَسَمٍ مَقَدَّرٍ فلا مَحَلَّ لَها من الإعرابِ، وجُملةُ القَسَمِ المُقَدَّرِ في مَحلِّ نَصْبٍ عَطْفاً على جُملةِ القَسَمِ الأُوْلى.
قولُهُ: {قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ} قال: تَقَدَّمَ إعْرابُها أعلاهُ، أ: للاسْتِفهامِ الإنْكارِيِّ، و: هي عندَ الزَمَخْشَرِيِّ واوُ الحالِ، وهي عندَ أبي حيَّانَ التوحيدِيِّ: واوُ العَطْفِ، عَطَفَتْ على حالٍ مَحْذوفةٍ، كما هي في قولِهِ ـ عليْهِ الصلاةُ والسلامُ: ((رُدُّوا السائلَ وَلَوْ بِظَلْفٍ مُحْرَقٍ)) فليسَ المَعْنى رُدّوهُ في حالِ الصَدَقَةِ عَلَيْهِ بِظَلْفٍ مُحْرَّقٍ، بَلْ المَعْنى رُدّوهُ مَصْحوباً بالصَدَقَةِ ولَوْ مَصْحُوباً بِظَلْفٍ مُحَرَّقٍ. وقد تقدَّمتْ هذه المسألةُ وأَنَّه يَصِحُّ أن تُسَمَّى واوَ الحال، وواوَ العَطْفِ. لو: وَصْلِيَّةٌ تُفِيدُ أَنَّ شَرْطَهَا هُوَ أَقْصَى الْأَحْوَالِ الَّتِي يَحْصُلُ مَعَهَا الْفِعْلُ الَّذِي فِي جَوَابِهَا، فَيَكُونُ مَا بَعْدَهَا أَحْرَى بِالتَّعَجُّبِ، وقالَ الجملُ في حاشِيَتِهِ على الجلالين: "لو" في مثلِ هذا المَقامِ لَيْسَتْ لِبَيانِ انْتِفاءِ الشِيْءِ لانْتِفاء غَيْرِهِ، بَلْ لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ. وقالَ أبو البَقاءِ: لو: هنا بمعنى "إنْ" لأنَّها للمُسْتَقْبَلِ، ويَجوزُ أَنْ تَكونَ على أَصْلِها، ويَكونُ المعنى: لَوْ كنَّا كارهينَ في هذِهِ الحالِ. وقولُهُ: "لأنَّها للمستقبل" ممنوعٌ. "كنّا" فعلٌ ماضٍ ناقصٌ ـ ناسِخٌ ـ مَبْنِيٌّ عَلى السُكونِ لاتّصاله بـ "نا" العَظَمَةِ الدالَّةِ على الجَماعةِ وهي ضَميرٌ متَّصلٌ في مبنيٌّ على السكونِ في مَحلّ رفعِ اسْمِها، "كارهين" خَبَرُها مَنْصوبٌ، وعَلامَةُ نَصْبِهِ الياءُ لأنَّهُ جَمْعٌ مُذَكَّرٌ سَالمٌ. وجُمْلَةُ "قال" استئنافيّةٌ بَيانيَّةٌ لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعرابِ. وجُمْلَةُ مَقولِ القَوْلِ مَحذوفةٌ والتَقديرُ: أَنَعودُ فِيها. وجُمْلَةُ: كُنّا كارهينَ في مَحلِّ نَصْبٍ على الحالِ منَ الضَميرِ في الفِعْلِ المُقَدَّر "نَعودُ".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 88
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية:
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 21
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 36
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 49
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 59

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: