روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 8

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 8 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 8 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 8   فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 8 I_icon_minitimeالأحد مارس 09, 2014 2:12 pm

[size=29.3333]وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[/size]
[size=29.3333](Cool[/size]
[size=29.3333]قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شأنُه: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} أيْ وَزْنُ الأَعْمالِ والتَمييزُ بَيْنَ الراجِحِ مِنْها والخَفيفِ والجَيِّدِ والرَّديءِ، وهو الوزنُ الحقُّ الذي لا تَطفيفَ فيه، وهو الدقيقُ دقَّةً متناهيةً لا يغادر صغيرة ولا كبيرةً، ومعلوم أنَّ موازيننا منها ما هو دقيقٌ للأوزانِ الخَفيفةِ والأحجام الصغيرة الثَمينَةِكالذهبِ فيزنُ الغرامَ الواحدَ وأجزاءه، وبالتالي فهو لا يَحمِلُ الأَوزانَ الثَقيلَةَ، ومنها ماهو للأوازانِ والأحجامِ الضَخْمَةِ، فيزن الأطنان، ولا يميزُ الأوزان الخفيفة. ومنها الوسطُ، أمّا ميزانُ اللهِ تعالى فهو يزن كلَّ الأحجام ابتداءً من الذرّةِ وانتهاءً ونتهاءً بأثقل الأشياء، قال تعالى فية سورة الزلزلة: {فمَنْ يَعْمَلْ مِثقالَ ذَرَّةٍ خيْراً يَرَه * ومَنْ يَعْمَلْ مثقالَ ذرَّةٍ شرّاً يَرَه} الآيتان: 7و8. هذا في الأوزانِ الصغيرة الحجم أَمّا في كبيرةُ الحجمِ الضَخْمةِ فقد روى الحاكمُ أنَّ رسولَ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ قال: ((يُوضَعُ المِيزانُ يَوْمَ القيامَةِ، فلوْ وُزِنَ فيهِ السمواتُ والأرْضُ لَوَسِعَ ..)). والْمُرَادُ بِالْوَزْنِ وَزْنُ أَعمالِ العباد[/size] [size=29.3333]بِالْمِيزَانِ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ ـ رضيَ اللهُ عنهما: تُوزَنُ صَحَائِفُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ. وَقِيلَ: الْمِيزَانُ الْكِتَابُ الَّذِي فِيهِ أَعْمَالُ الْخَلْقِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمِيزَانُ للحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ بِأَعْيَانِهَا. وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنِ الضَّحَّاكِ وَالْأَعْمَشِ: الْوَزْنُ وَالْمِيزَانُ بِمَعْنَى الْعَدْلِ وَالْقَضَاءِ، وَذِكْرُ الْوَزْنِ ضَرْبُ مَثَلٍ، كَمَا تَقُولُ: هَذَا الْكَلَامُ فِي وَزْنِ هَذَا وَفِي وِزَانِهِ، أَيْ يُعَادِلُهُ وَيُسَاوِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَزْنٌ. وهَذَا سَائِغٌ مِنْ جِهَةِ اللِّسَانِ، لكنِ الْأَوْلَى أَنْ يُتَّبَعَ مَا جَاءَ فِي الْأَسَانِيدِ الصِّحَاحِ مِنْ ذِكْرِ الْمِيزَانِ. وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَخْذِ بِهَذِهِ الظَّوَاهِرِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. وَإِذَا أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ التَّأْوِيلِ وَجَبَ الْأَخْذُ بِالظَّاهِرِ، وَصَارَتْ هَذِهِ الظَّوَاهِرُ نُصُوصًا. وَقَدْ أَنْكَرَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْمِيزَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَعْرَاضَ يَسْتَحِيلُ وَزْنُهَا، إِذْ لَا تَقُومُ بِأَنْفُسِهَا. وَمِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقْلِبُ الْأَعْرَاضَ أَجْسَامًا فَيَزِنُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَوَازِينَ تَثْقُلُ بِالْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا الْأَعْمَالُ مَكْتُوبَةٌ، وَبِهَا تَخِفُّ. وَقَدْ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ مَا يُحَقِّقُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ رُوِيَ (أَنَّ مِيزَانَ بَعْضِ بَنِي آدَمَ كَادَ يَخِفُّ بِالْحَسَنَاتِ فَيُوضَعُ فِيهِ رَقٌّ مَكْتُوبٌ فِيهِ" لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ" فَيَثْقُلُ). فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ ذلك يَرْجِعُ إِلَى وَزْنِ مَا كُتِبَ فِيهِ الْأَعْمَالُ لَا نَفْسَ الْأَعْمَالِ، وَأَنَّ اللهَ ـ سُبْحَانَهُ ـ يُخَفِّفُ الْمِيزَانَ إِذَا أَرَادَ، وَيُثَقِّلُهُ إِذَا أَرَادَ بِمَا يُوضَعُ فِي كِفَّتَيْهِ مِنَ الصُّحُفِ الَّتِي فِيهَا الْأَعْمَالُ. ففِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ، قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عُمَرَ: كَيْفَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي النَّجْوَى؟ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقْرِرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ قَالَ فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا على اللهِ). فقولُه: (فيعطى صحيفة حسناته)[/size] [size=29.3333]دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ تُكْتَبُ فِي الصُّحُفِ وَتُوزَنُ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بنِ العاص ـ رضي اللهُ عنهما ـ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ فَيُنْشَرُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا كُلُّ سِجِلٍّ مَدِّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَقُولُ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هَلْ تُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا" فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: أَظْلَمَتْكَ كَتَبَتِي الْحَافِظُونَ؟ فَيَقُولُ: لَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَلَكَ عُذْرٌ، أَلَكَ حَسَنَةٌ، فَيَهَابُ الرَّجُلُ، فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: بَلَى إِنَّ لَكَ عِنْدَنَا حَسَنَاتٍ، وَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ، فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ، فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ)). أَخرجَهُ أَحمد، والترمِذيّ، وابنْ ماجة، والحاكمُ، وصحَّحَهُ، والبيهقي، وغيرُهُم. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وزَادَ: ((فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللهِ شَيْءٌ)).[/size]
[size=29.3333]ونُقلَ عنِ الحَيكمِ التِرْمِذِيِّ أنَّ هذه الشهادةَ ليستْ شهادةُ [/size]
[size=29.3333]التَوحيدِ، لأنَّ مِنْ المِيزانَ إنَّما يُوضَعَ في إحدى كَفَّتَيْهِ شيءٌ وفي الأُخرى ضِدُّهُ، فتُوضَعُ الحَسَناتُ في كَفَّةٍ، والسَيِّئاتُ في كَفَّةٍ، ومِنَ المُستحيلِ أَنْ يُؤتى لِعبدٍ واحدٍ بِكُفْرٍ وإيمانٍ مَعاً، فيَسْتَحيلُ أَنْ تُوضَعَ شهادةُ التَوحيدِ في المَيزانِ، أَمَّا بَعدَ الإيمانِ فإنَّ النُطْقَ بهذِه الكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ حَسَنَةٌ، فتُوضَعُ في الميزانِ كَسائرِ الحَسَناتِ. ويؤيِّدُ ذلك قولُهُ ـ جلَّ وعَلا ـ في الحديثِ القُدسيِّ: (إنَّ لكَ عندَنا حَسَنَةً) ولم يَقلْ: إنَّ لك عندنا إيماناً. وجُوِّزَ أَنْ يَكونَ المُرادُ إذا كانتْ هذه الكلمةُ آخِرَ كلامِهِ في الدُنيا. ويجوزُ أنْ تَكونَ كلمةَ التَوحيدِ، مع مَنْعِ لُزومِ وَضْعِ الضِدِّ في الكَفَّةِ الأُخْرى.  [/size]
[size=29.3333]قَوْلُهُ: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ} تَفْصيلٌ للأَحْكامِ المترَتِّبةِ على الوزن، وقال ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: تُوزَنُ الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ فِي مِيزَانٍ لَهُ لِسانٌ وكفَّتان، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُؤْتَى بِعَمَلِهِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَيُوضَعُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ فَتَثْقُلُ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: "فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" وَيُؤْتَى بِعَمَلِ الْكَافِرِ فِي أَقْبَحِ صُورَةٍ فَيُوضَعُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ فَيَخِفُّ وَزْنُهُ حَتَّى يَقَعَ فِي النَّارِ. وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرِيبٌ مِمَّا قِيلَ: يَخْلُقُ اللهُ تَعَالَى كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ جَوْهَرًا فَيَقَعُ الْوَزْنُ عَلَى تِلْكَ الْجَوَاهِرِ. وَقَالَ حُذَيْفَةُ: صَاحِبُ الْمَوَازِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (يَا جِبْرِيلُ زِنْ بَيْنَهُمْ فَرُدَّ مِنْ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ). قَالَ: وَلَيْسَ ثَمَّ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ، فَإِنْ كَانَ لِلظَّالِمِ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَرُدَّ عَلَى الْمَظْلُومِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَتُحْمَلُ عَلَى الظَّالِمِ، فَيَرْجِعُ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الْجِبَالِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا آدَمُ ابْرُزْ إِلَى جَانِبِ الْكُرْسِيِّ عِنْدَ الْمِيزَانِ وَانْظُرْ مَا يُرْفَعُ إِلَيْكَ مِنْ أَعْمَالِ بَنِيكَ فَمَنْ رَجَحَ خَيْرُهُ عَلَى شَرِّهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ رَجَحَ شَرُّهُ عَلَى خَيْرِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ فَلَهُ النَّارُ حَتَّى تَعْلَمَ أَنِّي لا أُعَذِّبُ إلاَّ ظالِماً)). وقيلَ: تُوزن الأشخاصُ، واحْتَجّوا لَهُ بما أَخْرَجَهُ الشيخان مِنْ حديثِ أَبي هُريرةَ ـ رضي اللهُ عنْه: ((إنَّهُ لَيُؤْتى العَظيمُ السَّمينُ يَوْمَ القيامَةِ لا يَزِنُ عندَ اللهِ ـ تعالى ـ جناحَ بَعوضَةٍ)). ولا أَدري على هذا ما يُوضَعُ في الكَفَّةِ الأُخرى من الميزانِ إذا وُضِعَ المُذْنِبُ في إِحداهُما، ووَضْعُ شَخصٍ في مقابلةِ شَخْصٍ غيرُ واردٍ البتَّةَ، وقيلَ: إنَّ هذِه الأعمالَ الظاهرةَ في هذهِ النَّشْأَةِ بِصُوَرٍ عَرَضِيَّةٍ تَظْهَرُ في النَّشْأَةِ الآخِرَةِ بِصُوَرٍ جَوْهَرِيَّةٍ مُناسِبَةٍ لَها في الحُسْنِ والقُبْحِ. ورُويَ هذا عنِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تَعالى عَنهما ـ وصَحَّحَه غيرُ واحدٍ وقال: إنَّ عليْه الاعْتِقادُ، وفي الآثارِ ما يُؤيِّدُه. فقدْ أَخْرَجَ ابْنُ عبْدِ البَرِّ عن إبراهيم النُخَعي قال: يُجاءُ بعملِ الرَّجُلِ فيُوضَعُ بِكَفَّةِ ميزانِه يَوْمَ القِيامَةِ فيَخِفُّ فيُجاءُ بِشيءٍ أَمْثالَ الغَمامِ فيُوضَعُ في كَفَّةِ مِيزانِهِ فيُرَجِّحُهُ، فيُقالُ لَه: أَتَدْري ما هذا؟ فيقولُ: لا فيُقالُ لَهُ: هذا فضلُ العِلْمِ الذي كنتَ تُعَلِّمُهُ النَّاسَ، وأَخْرَجَ ابْنُ المُبارَكِ عنِ حمَّادٍ بْنِ أَبي سُليمانَ بمَعناه.[/size]
[size=29.3333] واعتَرِضَ الآمِدِيُّ على مَنْ فَسَّرَ المِيزانَ بالعَدْلِ والإنصافِ الذين [/size]
[size=29.3333]سبق ذكرُ ذلكَ عَنْهم. بَأَنَّ الميزانَ مَوْصوفٌ بالثِقَلِ والخِفَّةِ، والعَدْلُ والإنْصافُ لا يُوصَفان بذلك، وفي الأخبارِ ما هُوَ صريحٌ في أَنَّ الميزانَ جِسْمانيٌّ، فقد أَخْرجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عن سَلْمان، عن النَبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ قال: ((يُوضَعُ المِيزانُ يَوْمَ القيامَةِ، فلوْ وُزِنَ فيهِ السمواتُ والأرْضُ لَوَسِعَ، فتَقولُ المَلائكةُ: يا ربّ مَنْ يَزِنُ هذا؟ فيَقولُ اللهُ ـ تعالى: مَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقي، فتَقولُ الملائكة: سبحانَكَ ما عَبَدْناك حَقَّ عبادَتِك)). وفي رواية ابْنِ المُبارَكِ قال: ((يُوضَعُ المِيزانُ ولَهُ كَفَّتانِ لوْ وُضِعَ في إحداهُما السّمواتُ والأرضُ ومَنْ فِيهِنَّ لَوَسِعَهُ، فتَقولُ المَلائكةُ مَنْ يَزنْ هذا))؟ الحديث. وأخرجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عنِ السيِّدةِ عائشةَ أُمِّ المؤمنين ـ رضي اللهُ تعالى عنها أنَّها قالت، سَمعتُ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ يقولُ: ((خَلَقَ اللهُ تعالى كَفَّتَيْ الميزان مثلَ السمواتِ والأَرْضِ فقالَ الملائكةُ: يا رَبَّنا مَنْ تَزِنُ بِهذا؟ فقال: أَزِنُ بِهِ مَنْ شِئْتُ)). وفي بعض الآثارِ (أَنَّ اللهَ تَعالى كَشَفَ عنْ بَصَرِ داوودَ ـ عليه السلامُ ـ فرَأى مِنَ المِيزانِ ما هالَهُ حتّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فلَمّا أَفاقَ قال: يا رَبّ مَنْ يَمَلَأُ كَفَّةَ هذا حَسَناتٍ؟ فقالَ ـ جَلَّ شأنُه: يا داوودُ إذا رَضِيتُ عَنْ عَبْدٍ مَلَأْتُها بِشِقِّ تَمْرَةٍ تَصَدَّقَ بِها).[/size]
[size=29.3333]إلى غيرِ ذلك ممّا لا يُحصى كَثْرَةً. فالأَوْلى كما قالَ الزّجّاجُ اتِّباعُ ما جاءَ في الأَحاديثِ، ولا مُقْتَضى للعُدولِ عن ذلك، فإنْ قيلَ: إنَّ المُكلَّفَ ـ يَومَ القيامَةِ ـ إمَّا مُؤمنٌ بأنَّه ـ تعالى ـ حكيمٌ منزَّهٌ عَنِ الجَوْرِ فيَكْفيهِ حُكْمُهُ ـ تعالى ـ بِكَيْفِيّاتِ الأَعْمالِ وكَمِيَّاتِها، وإمَّا مُنْكِرٌ لَهُ فلا يُسَلِّمُ حِينَئذٍ أَنَّ رَجَحان بَعضِ الأعمالِ على بعضٍ لِخُصوصِيّاتٍ راجعةٍ إلى ذَواتِ تِلْكَ الأَعْمالِ، بَلْ يَسْنُدُهُ إلى إظهارِ اللهِ ـ تعالى ـ إيَّاهُ على ذلكَ الوَجْهِ، فما الفائدةُ في الوَزْنِ؟ أُجيبَ بأنَّهُ يَنْكَشِفُ الحالُ يَومئذٍ، وتَظْهَرُ جَميعُ الأشياءِ بحَقائقِها على ما هيَ عَلَيْهِ وبأَوْصافِها وأَحْوالِها في أَنْفُسِها مِنَ الحُسْنِ والقُبْحِ، وغيرِ ذلك، وتَنْخَلِعُ عَنِ الصُوَرِ المُستعارَةِ التي بِها ظَهَرتْ في الدُنيا، فلا يَبْقى لأَحَدٍ مِمَّنْ يُشاهِدُها شُبْهَةٌ في أَنَّها هي التي كانتْ في الدنيا بِعَيْنِها، وإنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنْها قدْ ظَهَرَ في هَذِه النَّشْأَةِ بِصورتِه الحقيقيَّةِ المُسْتَتْبِعةِ لِصفاتِهِ، ولا يَخْطُرُ بِبالِهِ خَلافُ ذلكَ، واللهُ أَعْلَمُ.[/size]
[size=29.3333]قولُه: {فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} المفلحون: أيْ الفائزون بالنَّجاةِ والثَوابِ، وعُرِّفَ المُفلِحون للدَّلالةِ على أَنَّهمُ الناسُ الذين بَلَغَكَ أَنَّهم مُفلِحون في الآخرةِ، أوْ إشارة إلى ما هو معروفٌ مِنْ حَقيقةِ المُفلِحين وخَصائِصِهم. [/size]
[size=29.3333]قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} الوزنُ: مبتدأ، وخبَرُهُ الظَرْفُ، أي: الوَزْنُ كائنٌ أَوْ مُسْتَقِرٌّ يَومَئِذٍ، أَيْ: يَوْمَ إذْ نَسْأَلُ الرُسُلَ والمُرْسَلَ إليهم، فحَذَفَ الجُمْلَةَ المُضافَ إليها "إذ" وعَوَّضَ مِنْها التَنْوينَ. وهذا هو مذهبُ الجُمهورِ خلِافاً لِلأَخْفَشِ. وعلى هذا فـ "الحقُّ" نعتٌ للوزْنِ أيْ: الوزنُ الحقُّ في ذلك اليومِ. أو خَبَرُ مُبْتَدأٍ مَحْذوفٍ كأنَّهُ جوابُ سؤالٍ مُقَدَّرٍ مِنْ قائلٍ: ما ذلك الوَزْنُ؟ فقيل: هُو الحَقُّ لا الباطِلُ. أو بدلٌ مِنَ الضَميرِ المُسْتَكِنِّ في الظَرْفِ. [/size]
[size=29.3333]ويمكن أَنْ يَكونَ "الحقُّ"، خبرَ "الوزنِ" وعليه فـ "يومئذٍ" إمّا مَنصوبٌ على الظَرْفِ وناصبُهُ "الوَزْنُ" أي: يَقَعُ الوَزْنُ ذلكَ اليَوْمِ. وإمّا أَنَّه مفعولٌ بِهِ على السَّعَةِ، ولا حاجة إلى الوجهِ الثاني فهو ضعيفٌ جِداً.[/size]
[size=29.3333]و"مَوازِينُه" جَمْعُ مِيزَانٍ، وَأَصْلُهُ مِوْزَانٌ، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. جَمْعُ مَوْزُونٍ، لَا جَمْعُ مِيزَانٍ. أَرَادَ بِالْمَوَازِينِ الْأَعْمَالَ الْمَوْزُونَةَ. [/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 8
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: