روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 267

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 267 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 267 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 267   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 267 I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 11, 2012 11:18 am










أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا
الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا
فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ



(267)


الحمدُ للهِ الذي أمرَ المؤمنين بالانفاقِ لِيُزَكِّي به
نفوسَهم عن سَفْسافِ الأخلاقِ، وهَدى العارفين إليه ببذلِ المالِ والروحِ ليفتحَ
لهم أبوابَ الفتوحِ، والصلاةُ على المتخلِّقِ بأخلاقِ مَولاهُ سيِّدِنا محمَّدٍ
الذي
جاءَ بالشفاعةِ لمن اتَّبَعَه وارتضاهُ، وعلى آلِه
واصحابِه ممن آثَرَ اللهَ على ما سِواهُ، ووَثقَ بربِّه الذي أعطاه. فانظرْ ـ أيها
العبدُ ـ ما الذي تنفقُه لنفسِك، وما الذي تُخرِجُه بأمرِ ربِّك. ثمَّ لتُبْصِر ْكيف
يَستُرُ عليك ويقبلُه منك، بلْ وكيف يعوِّضُه ويُثني عليك ويَنسبُه إليك. الكلُّ
منه فضلاً وينسبُه إليكَ فِعلاً، ثمَّ يُولِي عليك عطاءَه ويُسمّيه لك جزاءً. يُوَسِّعُ
عليكَ بتوفيقِه بِرًّا، ثمّ يَملأُ العَالَمَ منك شكراً.



قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَنْفِقُوا
} هَذَا
خِطَابٌ لِجَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِالْإِنْفَاقِ هُنَا،
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَابْنُ سِيرِينَ، وغيرهما: هِيَ
الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، نَهَى النَّاسَ عَنْ إِنْفَاقِ الرَّدِيءِ فِيهَا
بَدَلَ الْجَيِّدِ. وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَالْحَسَنِ
وَقَتَادَةَ أن الآية في التطوُّعِ، فنَدَبوا إلى أَلَّا يَتَطَوَّعُوا إِلَّا
بِمُخْتَارٍ جَيِّدٍ. وَالْآيَةُ تَعُمُّ الْوَجْهَيْنِ، لَكِنْ صَاحِبُ
الزَّكَاةِ تَعَلَّقَ بِأَنَّهَا مَأْمُورٌ بِهَا وَالْأَمْرُ عَلَى الْوُجُوبِ،
وَبِأَنَّهُ نَهَى عَنِ الرَّدِيءِ وَذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالْفَرْضِ، وَأَمَّا
التَّطَوُّعُ فَكَمَا لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالْقَلِيلِ فَكَذَلِكَ لَهُ
أَنْ يَتَطَوَّعَ بِنَازِلٍ فِي الْقَدْرِ، وَدِرْهَمٌ خَيْرٌ مِنْ تَمْرَةٍ.
تَمَسَّكَ أَصْحَابُ النَّدْبِ بِأَنَّ لَفْظَةَ افْعَلْ صَالِحٌ لِلنَّدْبِ
صَلَاحِيَتَهُ لِلْفَرْضِ، وَالرَّدِيءُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ في النقل كَمَا هُوَ
مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْفَرْضِ، وَاللَّهُ أَحَقُّ مَنِ اخْتِيرَ لَهُ. وَرَوَى
الْبَرَاءُ أَنَّ رَجُلًا عَلَّقَ قِنْوَ (عنقود النخلة) حَشَفٍ(تمرٌ رديءٌ جفَّ
قبل النضج)، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
((بِئْسَمَا عَلَّقَ)). فَنَزَلَتِ الْآيَةُ، خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَالْأَمْرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَلَى النَّدْبِ، نُدِبُوا إِلَى أَلَّا
يَتَطَوَّعُوا إِلَّا بِجَيِّدٍ مُخْتَارٍ. وَجُمْهُورُ الْمُتَأَوِّلِينَ
قَالُوا: مَعْنَى "
مِنْ طَيِّباتِ" مِنْ جَيِّدِ وَمُخْتَارِ "مَا كَسَبْتُمْ". وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مِنْ حَلَالِ
مَا كَسَبْتُمْ. والْكَسْبُ إنَّما يَكُونُ بِتَعَبِ بَدَنٍ وَهِيَ الْإِجَارَةُ،
أَوْ مُقَاوَلَةٍ فِي تِجَارَةٍ وَهُوَ الْبَيْعُ. وَالْمِيرَاثُ دَاخِلٌ فِي
هَذَا، لِأَنَّ غَيْرَ الْوَارِثِ قَدْ كَسَبَهُ. وسُئل ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ
الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنْ يَكْتَسِبَ وَيَنْوِيَ بِاكْتِسَابِهِ أَنْ يَصِلَ بِهِ
الرَّحِمَ وَأَنْ يُجَاهِدَ وَيَعْمَلَ الْخَيْرَاتِ وَيَدْخُلَ فِي آفَاتِ
الْكَسْبِ لِهَذَا الشَّأْنِ. قَالَ: إِنْ كَانَ مَعَهُ قِوَامٌ مِنَ الْعَيْشِ
بِمِقْدَارِ مَا يَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ النَّاسِ فَتَرْكُ هَذَا أَفْضَلُ،
لِأَنَّهُ إِذَا طَلَبَ حَلَالًا وَأَنْفَقَ فِي حَلَالٍ سُئِلَ عَنْهُ وَعَنْ كَسْبِهِ
وَعَنْ إِنْفَاقِهِ، وَتَرْكُ ذَلِكَ زُهْدٌ فَإِنَّ الزُّهْدَ في ترك الحلال.
وَلِهَذِهِ الْآيَةِ جَازَ لِلْوَالِدِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ كَسْبِ وَلَدِهِ،
وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((أَوْلَادُكُمْ
مِنْ طَيِّبِ أَكْسَابِكُمْ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِ أَوْلَادِكُمْ هَنِيئًا)).



قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ
الْأَرْضِ
} يَعْنِي
النَّبَاتَ وَالْمَعَادِنَ وَالرِّكَازَ، وَهَذِهِ أَبْوَابٌ ثَلَاثَةٌ
تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ. أَمَّا النَّبَاتُ فَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَرَتِ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ
زَكَاةٌ". وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا، فَذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ مِنَ
الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ
لِأَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ
الْأَرْضِ} وَإِنَّ ذَلِكَ عُمُومٌ فِي قَلِيلِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ
وَكَثِيرِهِ وَفِي سَائِرِ الْأَصْنَافِ، وَرَأَوْا ظَاهِرَ الْأَمْرِ الْوُجُوبَ.
وَأَمَّا الْمَعْدِنُ فَرَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((الْعَجْمَاءُ (البهيمةُ)
جَرْحُهَا جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ
الْخُمُسُ)). ولَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَفِي
الرِّكَازِ الْخُمُسُ)) دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَعَادِنِ غَيْرُ
الْحُكْمِ فِي الرِّكَازِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
فَصَلَ بَيْنَ الْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ بِالْوَاوِ الْفَاصِلَةِ، وَلَوْ كَانَ
الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ لَقَالَ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِيهِ الْخُمُسُ،
فَلَمَّا قَالَ ((وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ)). عُلِمَ أَنَّ حُكْمَ الرِّكَازِ
غَيْرُ حُكْمِ الْمَعْدِنِ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالرِّكَازُ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ مَا ارْتَكَزَ بِالْأَرْضِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَالْجَوَاهِرِ، وَهُوَ عِنْدَ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ
يَقُولُونَ فِي النَّدْرَةِ (قطعة من الذهب أو الفضة) الَّتِي تُوجَدُ فِي
الْمَعْدِنِ مُرْتَكِزَةً بِالْأَرْضِ لَا تُنَالُ بِعَمَلٍ وَلَا بِسَعْيٍ وَلَا
نَصَبٍ، فِيهَا الْخُمُسُ، لِأَنَّهَا رِكَازٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ
النَّدْرَةَ فِي الْمَعْدِنِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَا يُتَكَلَّفُ فِيهِ الْعَمَلُ
مِمَّا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْمَعْدِنِ فِي الرِّكَازِ، وَالْأَوَّلُ تَحْصِيلُ
مَذْهَبِهِ وعليه فتوى جمهور الفقهاء. وروى بعد اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرِّكَازِ قَالَ:
((الذَّهَبُ الَّذِي خَلَقَ الله في الأرض يوم خلق السموات وَالْأَرْضَ)).
وَدَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَمْوَالِهِمْ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ رِكَازٌ
أَيْضًا لَا يَخْتَلِفُونَ فيه إذا كان دَفْنُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنَ
الْأَمْوَالِ الْعَادِيَةِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ
فَحُكْمُهُ عِنْدَهُمْ حُكْمُ اللُّقَطَةِ.



وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الرِّكَازِ إِذَا وُجِدَ،
فَقَالَ مَالِكٌ: مَا وُجِدَ مِنْ دفن الجاهلية في أرض العرب أوفي فَيَافِي
الْأَرْضِ الَّتِي مَلَكَهَا الْمُسْلِمُونَ بِغَيْرِ حَرْبٍ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ
وَفِيهِ الْخُمُسُ، وَأَمَّا مَا كَانَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ
كَاللُّقَطَةِ. قَالَ: وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَهُوَ
لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا دُونَ وَاجِدِهِ، وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ
فِي أَرْضِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ لِأَهْلِ تلك البلادِ دون الناسِ، ولا شيءَ
لِلْوَاجِدِ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ فَهُوَ لَهُ
دُونَهُمْ. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ لِجُمْلَةِ أَهْلِ الصُّلْحِ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ:
وَإِنَّمَا حُكِمَ لِلرِّكَازِ بِحُكْمِ الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ كَافِرٌ
وَجَدَهُ مُسْلِمٌ فَأُنْزِلَ مَنْزِلَةَ مَنْ قَاتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ،
فَكَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِي
الرِّكَازِ يُوجَدُ فِي الدَّارِ: إِنَّهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ دُونَ الْوَاجِدِ
وَفِيهِ الْخُمُسُ. وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: إِنَّهُ لِلْوَاجِدِ دُونُ
صَاحِبِ الدَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ: وَإِنْ وُجِدَ فِي الْفَلَاةِ
فَهُوَ لِلْوَاجِدِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَفِيهِ الْخُمُسُ. وَلَا فَرْقَ
عِنْدَهُمْ بَيْنَ أَرْضِ الصُّلْحِ وَأَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ أَرْضُ
الْعَرَبِ وَغَيْرُهَا، وَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ لِوَاجِدِهِ أَنْ يَحْتَبِسَ
الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ
لِلْمَسَاكِينِ. وَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنَ الْمَعَادِنِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا
فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فقال مالك وأصحابه: لا شيءَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ
مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَتَّى يَكُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ خَمْسَ
أَوَاقٍ فِضَّةً، فَإِذَا بَلَغَتَا هَذَا الْمِقْدَارَ وَجَبَتْ فِيهِمَا
الزَّكَاةُ، وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَعْدِنِ نَيْلٌ،
فَإِنِ انْقَطَعَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ نَيْلٌ آخَرُ فَإِنَّهُ تُبْتَدَأُ
فِيهِ الزَّكَاةُ مَكَانَهُ. وَالرِّكَازُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ
تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ فِي حِينِهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ حَوْلًا.



قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ
مِنْهُ تُنْفِقُونَ
}
تَيَمَّمُوا مَعْنَاهُ تَقْصِدُوا، دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْمَكَاسِبَ فِيهَا
طَيِّبٌ وَخَبِيثٌ. فقد نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ
الْجُعْرُورِ وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ أَنْ يُؤْخَذَا فِي الصدقة ـ قال الزهري: لونين
من تَمْرِ الْمَدِينَةِ ـ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ
وَصَحَّحَهُ.



قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي كِتَابِ (نَظْمِ
الْقُرْآنِ): قَالَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ: إِنَّ الْكَلَامَ تَمَّ فِي قَوْلِهِ
تَعَالَى: "
الْخَبِيثَ" ثُمَّ ابْتَدَأَ خَبَرًا آخَرَ فِي وَصْفِ
الْخَبِيثِ فَقَالَ: "
مِنْهُ تُنْفِقُونَ" وَأَنْتُمْ لَا تَأْخُذُونَهُ إِلَّا إِذَا
أَغْمَضْتُمْ أَيْ تَسَاهَلْتُمْ، كَأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى عِتَابٌ لِلنَّاسِ وَتَقْرِيعٌ.
وَالضَّمِيرُ فِي"
مِنْهُ" عَائِدٌ عَلَى الْخَبِيثِ وَهُوَ الدُّونُ وَالرَّدِيءُ. قَالَ
الْجُرْجَانِيُّ: وَقَالَ فَرِيقٌ آخَرُ: الْكَلَامُ مُتَّصِلٌ إِلَى قَوْلِهِ: "
مِنْهُ"، فَالضَّمِيرُ فِي "مِنْهُ" عَائِدٌ عَلَى "مَا كَسَبْتُمْ" وَيَجِيءُ "تُنْفِقُونَ" كَأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى
الْحَالِ، وَهُوَ كَقَوْلِكِ: أَنَا أَخْرُجُ أُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.



قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا
أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ
}
أَيْ لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ فِي دُيُونِكُمْ وَحُقُوقِكُمْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا
أَنْ تَتَسَاهَلُوا فِي ذَلِكَ وَتَتْرُكُوا مِنْ حُقُوقِكُمْ، وَتَكْرَهُونَهُ
وَلَا تَرْضَوْنَهُ. أَيْ فلا تفعلوا معَ اللهِ ما لا تَرْضَوْنَهُ لِأَنْفُسِكُمْ
أو وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ وَلَوْ وَجَدْتُمُوهُ فِي السُّوقِ يُبَاعُ إِلَّا أَنْ
يُهْضَمَ لَكُمْ مِنْ ثَمَنِهِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ. وَهَذَانَ الْقَوْلَانِ يُشْبِهَانِ كَوْنَ الْآيَةِ فِي الزَّكَاةِ
الْوَاجِبَةِ. وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَيْضًا مَعْنَاهُ: "
وَلَسْتُمْ
بِآخِذِيهِ
" لَوْ
أُهْدِيَ لَكُمْ "
إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ" أَيْ تَسْتَحِي مِنَ الْمُهْدِي
فَتَقْبَلُ مِنْهُ مَا لَا حَاجَةَ لَكَ بِهِ وَلَا قَدْرَ لَهُ فِي نَفْسِهِ.



قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} مِنْ أَغْمَضَ الرَّجُلُ فِي أَمْرِ كَذَا
إِذَا تَسَاهَلَ فِيهِ وَرَضِيَ بِبَعْضِ حَقِّهِ وَتَجَاوَزَ، وَمِنْ ذَلِكَ
قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:



لَمْ يَفُتْنَا بِالْوِتْرِ قَوْمٌ وَلِلذُّ .................
لِّ أُنَاسٌ يَرْضَوْنَ بِالْإِغْمَاضِ



وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَزَعًا إِمَّا مِنْ
تَغْمِيضِ الْعَيْنِ، لِأَنَّ الَّذِي يُرِيدُ الصَّبْرَ عَلَى مَكْرُوهٍ يُغْمِضُ
عَيْنَيْهِ، قَالَ:



إِلَى كَمْ وَكَمْ أَشْيَاءَ مِنْكَ تُرِيبُنِي ....
أُغَمِّضُ عَنْهَا لَسْتُ عَنْهَا بِذِي عَمَى



وَهَذَا كَالْإِغْضَاءِ عِنْدَ
الْمَكْرُوهِ. وهو مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: أَغْمَضَ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى
غَامِضًا مِنَ الْأَمْرِ، كَمَا تَقُولُ: أَعْمَنَ أَيْ أَتَى عُمَانَ، وَأَعْرَقَ
أَيْ أَتَى الْعِرَاقَ، وَأَنْجَدَ وَأَغْوَرَ أَيْ أَتَى نَجْدًا وَالْغَوْرَ
الَّذِي هُوَ تِهَامَةُ، أَيْ فَهُوَ يَطْلُبُ التَّأْوِيلَ عَلَى أَخْذِهِ.



قَوْلُهُ
تَعَالَى: {
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} نَبَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى صِفَةِ
الْغَنِيِّ، أَيْ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى صَدَقَاتِكُمْ، فَمَنْ تَقَرَّبَ
وَطَلَبَ مَثُوبَةً فَلْيَفْعَلْ ذلك بمالَه قَدْرٌ، فَإِنَّمَا يُقَدِّمُ
لِنَفْسِهِ. وَ"
حَمِيدٌ" مَعْنَاهُ مَحْمُودٌ فِي كُلِّ حَالٍ.


قوله تعالى : {أَنْفِقُواْ
مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ
} في مفعولِ "أنفقوا" قولان، أحدُهما: أنَّه المجرورُ بـ "مِنْ"، و"مِنْ" للتبعيض أي:
أنفقوا بعضَ ما رزقناكم. والثاني: أنَّه محذوفٌ قامَتْ صفتُه مقامَه، أي: شيئاً
مِمَّا رزقناكم. و"ما"
يجوزُ أن تكونَ موصولةً اسميّة. والعائدُ محذوفٌ لاستكمالِ الشروطِ، أي: كَسَبتموه،
وأنْ تَكونَ مَصْدريَّةً أي: من طيِّباتِ كَسْبِكم، وحينئذٍ لا بُدَّ من تأويلِ
هذا المصدرِ باسمِ المفعولِ أي: مكسوبِكم، ولهذا كان الوجهُ الأولُ أَوْلى.



و{مِمَّا اَخْرَجْنا}
عطفٌ على المجرور بـ "مِنْ"
بإعادةِ الجارِ، لأحدِ معنيين: إمَّا التأكيدِ وإمَّا للدلالةِ على عاملٍ آخرَ
مقدرٍ، أي: وأَنْفقوا مِمَّا أَخْرجنا. ولا بدَّ من حَذْفِ مضافٍ، أي: ومن طيباتِ ما
أَخْرَجنا. و"لكم"
متعلِّقٌ بـ "أخرجنا
واللامُ للتعليلِ. و"مِنْ
الأرض
" متعلِّقٌ بـ "أخرجنا" أيضاً، و"مِنْ" لابتداءِ الغاية.



وقوله: {وَلاَ
تَيَمَّمُواْ الخبيث
} تَتَيَمَّمُوا بتاءين، فحُذِفَتْ إحداهما تخفيفاً:
إمَّا الأولى وإمَّا الثانيةُ، قالوا: وهي حالٌ مقدَّرةٌ، لأن الإِنفاقَ منه
يَقَعُ بعد القصد إليه، أو إنها حالٌ من الخبيث، لأنَّ في الجملة ضميراً يعود إليه
أي: لا تَقْصِدُوا مُنْفَقاً منه. أو هو مستأنفُ ابتداءِ إخبارٍ بذلك.



قولُه: {وَلَسْتُمْ
بِآخِذِيهِ
} فيها قولان، أحدُهما: أنّها مستأنفة لا مَحَلَّ لها. والثاني:
أنّها في محلِّ نصبٍ على الحال، ويَظْهَرُ هذا ظهوراً قوياً عند مَنْ يرى أن
الكلامَ قد تَمَّ عند قولِهِ: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الخبيثَ} وما بعدَه استئنافٌ،
وقد تقدَّم تفسيرُ معناه. والهاء في "بآخذِيه" تعودُ على "الخبيث" وفيها وفي
نحوها من الضمائر المتصلةِ باسمِ الفاعلِ قولان مشهورانِ ، أحدُهما : أنها في محلِّ
جر وإن كان محلُّهَا منصوباً لأنها مفعولٌ في المعنى. والثاني: أنها في محلِّ نصب،
وإنّما حُذِفَ التنوينُ والنونُ في نحو: "ضاربيك" لِلَطافة الضمير،
ومذهبُ هشام أنه يجوز ثبوتُ التنوينِ مع الضميرِ، فيجيز: "هذا ضارِبُنْك"
بثبوتِ التنوين، وقد يَسْتَدِلُّ لمذهبه بقوله:



همُ الفاعلونُ
الخيرَ والآمِرُونه
... . . . .
. . . . . . . . . . . . . . .



وقوله ثُمامَةَ:


ولم يَرْتَفِقْ والناسُ مُحْتَضِرُونهُ ..........
جميعًا وأَيْدي الْمُعْتَفين رَواهِقُهْ



فقد جَمَع بين
النونِ النائبةِ عن التنوينِ وبين الضميرِ. ولهذه الأقوالِ أدلةٌ مذكورةٌ في كتبِ
القومِ .



قوله: {إِلاَّ أَن
تُغْمِضُواْ
} الأصلُ: إلاَّ بأَنْ، فَحُذِف حرف الجرِّ معَ "أَنْ" فيجيءُ فيها
القولان: أهي في محلِّ جر أم نصب؟ وهذه الباءُ تتعلَّقُ "تُيَمِّموا" أم "بآخذيه". يجوز تكونَ "أَنْ" وما في حَيِّزها
في محلِّ نصبٍ على الحال، والعاملُ فيها "أخِذيه". والمعنى: لَسْتم بآخذِيه في حالٍ من
الأحوالِ إلّا في حالِ الإِغماضِ، وقد تقدَّمَ أَنْ سِيبَوَيْهِ لا يُجيزُ أنْ تَقَعَ
"أَنْ" وما
في حَيِّزِها مَوقِعَ الحالِ. والجمهورُ على "تُغْمِضوا" بضمِّ التاء وكسرِ الميمِ مخففةً
من "أَغْمَض" وفيه وجهان، أحدُهما: أنَّه حُذِفَ مفعولُه، تقديرُه: تُغْمِضُوا
أبصارَكم أو بصائرَكم. والثاني: في معنى ما لا يتعدَّى، والمعنى إلّا أَنْ
تُغْضُوا، مِنْ قولهم: "أَغْضَى عنه".



وقرأ الزهري: "تُغْمِّضوا"
بضم التاءِ وفتحِ الغينِ وكسرِ الميمِ مشددةً ومعناها كالأولى. ورُوي عنه أيضاً "تَغْمَضوا"
بفتحِ التاءِ وسكونِ الغَيْن وفتحِ الميمِ، مضارعُ "غَمِضَ" بكسر الميم،
وهي لغةٌ في "أَغْمض" الرباعي، فيكونُ ممَّا اتفق فيه فَعِل وأَفْعل.
ورُوي عن اليزيدي "تَغْمُضوا" بفتحِ التاءِ وسكونِ الغينِ وضمِّ الميمِ.
قال أبو البقاء: "وهو من غَمُضَ يَغْمُضُ كظَرُف يظرُفُ، أي: خَفِيَ عليكم
رأيُكم فيه".



ورُوي عن الحسن: "تُغَمِّضُوا" بضمِّ التاءِ وفتحِ الغَيْنِ
وفتحِ الميمِ مشددةً على ما لم يُسَمَّ فاعلُه. وقتادةُ كذلك إلّا أنَّه خَفَّفَ
الميم، والمعنى: إلّا أنْ تُحْمَلوا على التَغافُلِ عنه والمُسامَحِةِ فيه. وقال
أبو البقاء في قراءةِ قتادة: "ويجوزُ أن يكونَ من أَغْمَضَ أي: صُودف على تلك
الحالِ كقولِك: أَحْمَدْتُ الرجل أي: وَجَدْتُه محموداً" وبه قال أبو



الفتح. وقيل
فيها أيضاً: إنَّ معناها إلاَّ أَنْ تُدْخَلوا فيه وتُجْذَبوا إليه.




































الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 267
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 38
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 213
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 16
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 33
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 53

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: