روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 62

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 62 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 62 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 62   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 62 I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 08, 2012 7:05 pm




إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)


لمّا بيّن للهُ تَعَالَى حَالَ مَنْ خَالَفَ أَوَامِرَهُ،
وَارْتَكَبَ زَوَاجِرَهُ، وَتَعَدَّى فِي فِعْلِ مَا لَا إِذْنَ فِيهِ وَانْتَهَكَ
الْمَحَارِمَ، وَمَا أَحَلَّ بِهِمْ مِنَ النَّكَالِ، نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى
أَنَّ مَنْ أَحْسَنَ مِنَ الأُمم السَّالِفَةِ وَأَطَاعَ فَإِنَّ لَهُ جَزَاءَ
الْحُسْنَى، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، كلُّ مَنِ اتَّبَعَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمّي فَلَهُ السَّعَادَةُ الْأَبَدِيَّةُ، وَلَا خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا
يَتْرُكُونَهُ وَيُخَلِّفُونَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَآءَ
اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} عن مجاهد قال: قال سلمان
رضي الله عنه: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ
دِينٍ كنتُ مَعَهُمْ فَذَكَرْتُ مِنْ صَلاتهم وَعِبَادَتِهِمْ، فَنَزَلَتْ: {
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ
هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ
} إلى آخر الآية. وقال السُّدي:
نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ (سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ) بَيْنَا هُوَ يحدِّث النَّبِيُّ
صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَكَرَ أصحابه فأخبروه خبرهم فقال: كانوا
يصلون، ويصومون، وَيُؤْمِنُونَ بِكَ، وَيَشْهَدُونَ أَنَّكَ سَتُبْعَثُ نَبِيًّا،
فَلَّمَا فَرَغَ سَلْمَانُ مِنْ ثَنَائِهِ عَلَيْهِمْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا سَلْمَانُ هُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)).
فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى سَلْمَانَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فَكَانَ
إِيمَانُ الْيَهُودِ أَنَّهُ مَنْ تَمَسَّكَ بِالتَّوْرَاةِ وَسُنَّةِ مُوسَى
عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى جَاءَ عِيسَى، فَلَمَّا جَاءَ عِيسَى كَانَ مَنْ
تَمَسَّكَ بِالتَّوْرَاةِ وَأَخَذَ بسُنَّة مُوسَى فَلَمْ يَدَعْهَا وَلَمْ
يَتْبَعْ عِيسَى كَانَ هَالِكًا، وَإِيمَانُ النَّصَارَى أَنَّ مَنْ تَمَسَّكَ
بِالْإِنْجِيلِ مِنْهُمْ وَشَرَائِعِ عِيسَى كَانَ مُؤْمِنًا مَقْبُولًا مِنْهُ
حَتَّى جَاءَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ لَمْ يَتْبَعْ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ وَيَدَعْ مَا كَانَ عَلَيْهِ
مِنْ سُنَّةِ عيسى والإنجيل كان هالكاً.



وهذا لا يُنافي ما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ
هَادُواْ
} الآية. قال: فَأَنْزَلَ اللَّهُ
بَعْدَ ذَلِكَ: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ
مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة من الخاسرين} فَإِنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ
عَبَّاسٍ إِخْبَارٌ عَنْ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ طَرِيقَةً وَلَا
عَمَلًا إِلَّا مَا كَانَ مُوَافِقًا لِشَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ بعثه بِمَا بَعَثَهُ بِهِ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَكُلُّ
مَنِ اتَّبَعَ الرَّسُولَ فِي زَمَانِهِ فَهُوَ عَلَى هُدًى وَسَبِيلٍ وَنَجَاةٍ،
فَالْيَهُودُ أَتْبَاعُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الَّذِينَ كَانُوا
يَتَحَاكَمُونَ إِلَى التَّوْرَاةِ فِي زَمَانِهِمْ، وَالْيَهُودُ مِنَ
الْهَوَادَةِ وَهِيَ الْمَوَدَّةُ أَوِ التَّهَوُّدُ وَهِيَ التَّوْبَةُ كَقَوْلِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} أَيْ تُبْنَا فكأنَّهم
سُمُّوا بِذَلِكَ فِي الْأَصْلِ لِتَوْبَتِهِمْ وَمَوَدَّتِهِمْ فِي بَعْضِهِمْ
لِبَعْضٍ، وَقِيلَ: لِنِسْبَتِهِمْ إلى (يهودا) أكبر أولادِ يعقوب، فَلَمَّا
بُعِثَ عِيسَى صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
اتِّبَاعُهُ وَالِانْقِيَادُ لَهُ، فَأَصْحَابُهُ وَأَهْلُ دِينِهِ هُمُ
النَّصَارَى وَسُمُّوا بِذَلِكَ لِتَنَاصُرِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَقَدْ يُقَالُ
لَهُمْ أَنْصَارٌ أَيْضًا كَمَا قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {مَنْ أنصاري
إِلَى الله؟ قال الحوارين نَحْنُ أَنْصَارُ الله} وَقِيلَ إِنَّهُمْ إِنَّمَا
سُمُّوا بِذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ نَزَلُوا أَرْضًا يُقَالُ لَهَا
نَاصِرَةٌ، قَالَهُ قتادة وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَاللَّهُ
أَعْلَمُ.



فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَاتَمًا لِلنَّبِيِّينَ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي آدَمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَجَبَ
عَلَيْهِمْ تَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، وَطَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ،
وَالِانْكِفَافُ عَمَّا عَنْهُ زَجَرَ، وهؤلاء هم المؤمنون حقًّا وسمِّيت أُمّة
محمدٍ صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤْمِنِينَ لِكَثْرَةِ إِيمَانِهِمْ،
وَشِدَّةِ إِيقَانِهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ
الْمَاضِيَةِ وَالْغُيُوبِ الْآتِيَةِ.



وَأَمَّا الصَّابِئُونَ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِمْ فقال مجاهد:
الصَّابِئُونَ قَوْمٌ بَيْنَ الْمَجُوسِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَيْسَ لهم
دين، وقال أبو العالية والضحّاك: الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزَّبُورَ،
وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ: لَا بأس بذبائحهم ومناكحتهم،
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ الصَّابِئِينَ قومٌ يعبدون
الملائكة ويقرؤون الزبورَ ويصلُّون للقبلة، وَسُئِلَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ عَنِ
الصَّابِئِينَ فَقَالَ: الَّذِي يَعْرِفُ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَلَيْسَتْ لَهُ
شَرِيعَةٌ يَعْمَلُ بِهَا، وَلَمْ يُحْدث كُفْرًا، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ زَيْدٍ: الصَّابِئُونَ أَهْلُ دِينٍ مِنَ الْأَدْيَانِ، كَانُوا بِجَزِيرَةِ
الْمَوْصِلِ يَقُولُونَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَلَيْسَ لَهُمْ عَمَلٌ
وَلَا كتابٌ وَلاَ نبيٌّ إِلاَّ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، قال: ولم يمنوا
بِرَسُولٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ: هَؤُلَاءِ الصَّابِئُونَ
يشبِّهونهم بِهِمْ يَعْنِي فِي قَوْلِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» وَقَالَ
الْخَلِيلُ: هُمْ قَوْمٌ يُشْبِهُ دِينُهُمْ دِينَ النَّصَارَى إِلَّا أَنَّ
قِبْلَتَهُمْ نَحْوَ مَهَبِّ الْجَنُوبِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى دِينِ نوح
عليه السلام، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَالَّذِي تحصَّل مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِيمَا
ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ وَيَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ
النُّجُومِ وَأَنَّهَا فَاعِلَةٌ، وَلِهَذَا أَفْتَى أَبُو سَعِيدٍ
الْإِصْطَخْرِيُّ بِكُفْرِهِمْ لِلْقَادِرِ بِاللَّهِ حِينَ سَأَلَهُ عَنْهُمْ
واختار الرَّازِيُّ أَنَّ الصَّابِئِينَ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ
بِمَعْنَى أن الله جعلها قبلة للعباد وَالدُّعَاءِ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ
فَوَّضَ تَدْبِيرَ أمر هذا العالم إليها. وأظهرُ الْأَقْوَالِ ـ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ ـ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَمُتَابِعِيهِ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّهُمْ
قَوْمٌ لَيْسُوا عَلَى دِينِ الْيَهُودِ وَلَا النَّصَارَى وَلَا الْمَجُوسِ وَلَا
الْمُشْرِكِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ قَوْمٌ بَاقُونَ عَلَى فِطْرَتِهِمْ وَلَا دِينٌ
مُقَرَّرٌ لَهُمْ يَتْبَعُونَهُ وَيَقْتَفُونَهُ، وَلِهَذَا كان المشركون ينبذون
من أسلم بالصابىء، أَيْ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ عَنْ سَائِرِ أَدْيَانِ أَهْلِ
الْأَرْضِ إِذْ ذَاكَ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الصابئون الذي لَمْ
تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ نَبِيٍّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.



بعد أن تحدَّثَ الحقُّ ـ سبحانَه وتعالى ـ عن بني إسرائيلَ وكيف
كفروا بنِعَمِه، أَرادَ أنْ ي
َعرِض لنا حسابَ الأمم التي سبقت رسولَ
الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، ولقد وردت هذه الآية في سورة المائدة ولكن
بخلاف يسير من التقديم والتأخير، ففي الآية 69. من سورة المائدة يقول تبارك
وتعالى: {إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئون والنصارى}. أي أنّه في
سورة المائدة تقدمت الصابئون على النصارى، واختلف الإعْراب ففي البقرة و"
الصابئين
وفي المائدة و"الصابئون" ووردت آية أخرى في سورة الحج: {إِنَّ الذين
آمَنُواْ والذين هَادُواْ والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إِنَّ الله
يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} الحج:
17.



تبدو الآيات الثلاث متشابهة، إلّا أنَّ هناك خلافات كثيرة فيما بينها
فما هو سبب التكرار الموجود في الآيات، وتقديم الصابئين مرة وتأخيرها، ومع تقديمها
رُفِعَتْ وتَغَيَّرَ الإعْرابُ، وفي الآيتين الأوليين (البقرة والمائدة) تأتي: {مَنْ
آمَنَ بالله واليوم الآخر وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ
وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}. أمّا في الآيةِ التي في سورة
الحج فقد زاد فيها: {المجوس والذين أشركوا} واختلف فيها



الخبرُ فقالَ اللهُ سبحانَه وتعالى: {إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ
يَوْمَ القيامة}.



عندما خلق الله آدم وأنزله ليعمر الأرض أنزل معه الهدى، واقرأ قوله
تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتبع هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ
وَلاَ يشقى} طه:123، فمن المفروض أن يكون آدم بلغ المنهج لأولاده، وهؤلاء بلغوه
لأولادهم وهكذا. وتشغل الناس الحياة وتطرأ عليهم الغفلة، ويصيبهم طمع الدنيا
وجشعها ويتبعون شهواتهم، فكان لابدَّ من رحمةِ الله لخلقه أن يأتيَ الرسل ليذكّروا
وينذروا ويبشروا.



الآية الكريمة تقول:{إِنَّ الذين آمَنُواْ}
أي إيمان الفطرة الذي نزل مع آدم إلى الأرض.



قولُه تعالى: {إِنَّ الذين آمَنُواْ} إِنَّ : تَنْصِبُ
الاسمَ وتَرفَعُ الخبرَ، "
الذين" اسم موصول في محل
نصب اسم لـ "
إنّ" {والذين
هَادُواْ
} معطوف على {الذين آمنوا} فهو منصوب أيضاً، والنصارى معطوف أيضًا على إسم إنَّ، والصابئين
معطوف أيضاً ومنصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم.



قوله تعالى: {مَنْ
آمَنَ بالله واليوم الآخر
} هذه مستقيمة في سورة
البقرة إعرابا وترتيباً، والصابئين تأخرت عن النصارى لأنهم فرقة قليلة، لا تمثّل
جمهرة كثيرة كالنصارى، ولكن في آية المائدة تقدّمت "الصابئون" وبالرفع
في قوله تعالى: {
إِنَّ
الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ
} الذين آمنوا إسم
إنّ والذين هادوا معطوف عليه و "
الصابئون"
كان القياس أن يقال والصابئين. وبعدها النصارى معطوفةً على "
الذين آمنوا" ولكن كلمةَ "الصابئون"
توسّطَتْ بين اليهودِ وبين النَّصارى، وجاء إعرابُها بشكلٍ لا يَقتضيه الظاهرُ،
وللعَرَبِ أُذُنٌ مُرْهَفَةٌ، فلا بُدَّ للعربيِّ مِنْ أنْ يَلتَفِتَ لِيعرِفَ
السببَ. فحين تولى أبا جعفرٍ المنصورُ الخلافةَ، وَقَفَ على المِنبرِ ولَحَنَ، أي
أخطأ في نُطْقِ كلِمَةٍ، وكان هناك أعرابيٌّ يَجلِسُ فآذتْ أُذنيه، وأخطأ المنصورُ
ثانيةً. وفي المرة الثالثة قام الإعرابي وقال: أشهدُ أنَّكَ وُلِّيتَ هذا الأمرَ
بقضاءٍ وقَدَرٍ، أي أَنَّك لا تَسْتَحِقَّه. وهنا جاء لفظٌ مرفوعاً والمفروض أنْ
يكون منصوباً، إذاً لا بدَّ من أنْ يَجعل ذلك العربي يتنبه إلى أنَّ للهِ حِكمةٌ
فما هي؟ الذين آمنوا أمرُهم مفهومٌ، والذين هادوا أمرُهم مفهومٌ، والنّصارى أمرُهم
مفهومٌ، أمّا الصابئون فهؤلاء لم يكونوا تابعين لدينٍ إنّما سَلَكوا طَريقاً مُخالِفاً،
فجاءت هذه الآيةُ لِتَلْفِتَنا إلى هذا، فقدَّمتْ هذه الكَلِمةَ ورَفَعَتْها لِتَلْفِتَ
إليْها الآذان بقوَّة.



قولُه تعالى: {مَنْ آمَنَ بالله} مَنْ: يجوز فيها وجهان،
أحدُهما: أن تكونَ شرطيّةً في محلِّ رفعٍ بالابتداءِ و"
آمَن"
مجزومٌ بها تقديراً وهو الخبرُ على الصحيحِ وقوله "
فلهم"
جوابُ الشرط، وهذه الجملة الشرطية في محل رفعٍ خبراً لـ "
إنَّ"
في قوله: "
إنَّ
الذين آمنُوا
" والعائدُ محذوفٌ تقديرُه: مَنْ
آمن منهم، كما صَرَّح به في موضعٍ آخَر. والثاني: أن تكونَ موصولةً بمعنى الذي
ومَحَلُّها حينئذٍ النصبُ على البدلِ مِنْ اسمِ "
إنَّ"
وهو "
الذين" بدلِ بعضٍ من كلٍّ، والعائدُ أيضاً محذوفٌ كما تقدْم، و"آمن"
صلتُها، فلا محلَّ له حينئذ.



قولُه: {فَلَهُمْ
أَجْرُهُمْ
} خبرُ "إنَّ الذين
ودخلتِ الفاءُ لأن الموصولَ يُشْبه الشرطَ.



{عِندَ
رَبِّهِمْ
} عند: ظرفُ مكانٍ لازمُ
الإِضافةِ لفظاً ومعنىً، والعاملُ فيه "
لهم" ويجوزُ أَنْ
يكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِ من "
أجرُهم" فيتعلَّقَ
بمحذوفٍ تقديرُه: فلهم أجرُهم ثابتاً عند ربهم.



والعِنْديَّة مجازٌ لتعالِيه، سبحانَه، عن الجهةِ، وقد تَخْرُجُ إلى
ظرفِ الزمان إذا كانَ مظروفُها معنىً، ومنه قولُه عليه الصلاة والسلام: ((إنما
الصبرُ عند الصَّدمةِ الأولى)). والمشهورُ كسرُ عَيْنِها، وقد تُفْتَحُ وقد
تُضَمُّ.



والذين هادُوا هم اليهودُ، وهادُوا في أَلِفه قولان: أحدُهما أنَّه
من



واو، والأصلُ: هاد يهودُ، وقيل: هو من التَّهْويد وهو النُطْقُ في
سكونٍ



ووَقارٍ، وأنشدوا :


وخُودٌ من اللائي تَسَمَّعْنَ بالضُّحى ......
قَريضَ الرُّدافَى بالغِناءِ المُهَوَّد



وقيل: هو من الهَوادة وهي الخضوعُ. والثاني: إنها من ياء، والأصلُ:
هاد يَهِيد، أي: تحرَّك ومنه سُمِّي اليهودُ لتحرُّكهم في دراستِهم. وقيل: سُمُّوا
يهودَ نسبةً ليهوذا بالذال المعجمة وهو ابنُ يعقوب عليه السلام، فغيَّرتْه العربُ
من الذال المعجمة إلى المهملة جَرْياً على عادتها في التلاعُب بالأسماء الأعجمية .



والنَّصارى جمعٌ، واحدُه نَصْران ونَصْرَانة كَنْدمان ونَدْمانة
وندامى،



وأنشدوا لأبي الأَخْزَر الحِمّانيّ يصف ناقتَيْن طأَطَأَتا رأسيهما
من الإعْياء



فشبَّه رَأْسَ الناقةِ برأس النَّصْرانيَّة إذا طَأْطَأته في صلاتِها:



فَكِلْتاهما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأسُها .......
كما أَسْجَدَتْ نَصْرانَةٌ لم تَحَنَّفِ



وأنشد الطبري على نَصْران قوله:


يَظَلُّ إذا دارَ العِشَا مُتَحَنِّفاً
......... ويُضْحي لَدَيْه وهو نَصرْانُ شامِسُ



إلاَّ أنَّه لم يُسْتَعْمَلْ في الكلام إلّا بياءِ النسبة
"نصرانيّ" وقيل إنّ واحدُ



النصارى نَصْرِيّ كمَهْرِيّ ومهارى، ونصارى نكرةٌ، ولذلك دَخَلَتْ
عليه أَلْ التعريف. وسُّمُوا بذلك نسبةً إلى قريةٍ يُقالُ لها نَاصِرة، كان
يَنْزِلُها عيسى عليه السلام، أو لأنّهم كانوا يتناصرون. وهو من قولهم لعيسى عليه
السلام: نحن أنصارُ الله.



وأما الصابئُون فقد تقدم بيانُ سببِ تسميتِهم بذلك، والجمهورُ على
همزهِ، وقرأه نافعٌ غيرَ مهموز. فمَنْ هَمَزَه جَعَلَه من صَبَأَ نابُ البعير أي:
خَرَجَ، وصَبَأَتِ النجومُ: طَلَعت، وصَبَأْتُ على القومِ إذا طَرَأْتُ عليهم،
فالصابِئُ: التارِكُ لدينِه كالصابىءِ الطارئِ على القومِ فإنّه تارِكٌ لأرضِه
ومنتقلُ عنها.



ومَنْ لم يَهْمِزْ فإنّه يحتمل وجهين، أحدهما: أنْ يكونَ مأخوذاً من
المهموزِ فَأَبْدَلَ من الهمزةِ حرفَ علّة إمَّا ياءً أو واواً، فصارَ من باب
المنقوصِ مثل قاضٍ أو غازٍ، والأصل: صابٍ، ثم جُمِع كما يُجْمع القاضي أو الغازي،
إلّا أنَّ سِيبَوَيْهِ لا يَرى قلبَ هذه الهمزة إلا في الشعر، خلافاً للأخفش.



الثاني: أنّه مِن صَبَا يَصْبو إذا مال، فالصابي كالغازي، أصلُه،


صابِوٌ فأُعِلَّ كإعلال غازٍ. ولابنِ عبّاسٍ رضي اللهُ عنهما:
"ما الصابُون إنّما هي الصابئون، ما الخاطون إنّما هي الخاطِئون". فقد
اجتمع في قراءةِ نافع همزُ النبيين وتَرْكُ همز الصابئين، والعكسَ فيهما أَفْصَحُ.
وقد حَمَلَ الضميرَ في قوله: {
مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ} على "مَنْ"
فأَفْرد، وعلى المعنى في قولِه: {
فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} على المعنى.


والأجْرُ في الأصلِ مصدرٌ، يُقال: أَجَرَهُ الله يأجِرُهُ أَجْرًا،
وقد يُعَبَّر به عن نفسِ الشيءِ المُجَازَى به، والآيةُ الكريمةُ تَحتمِلُ
المعنيين.



وقرئ: {والذين هَادَوْا} بفتحِ الدال كأنّها من المفاعَلَةِ والأصلُ
"هادَيُوا" فأُعِلَّ كنظائره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 62
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 40
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 215
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 230
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 18
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 35

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: