جَنى العشرين
بناسبة عيد المعلم
عام 1990 وبعد عشرين سنة من العمل في التربية والتعليم والذود بقلمي عن حياض الأمَّة، اضطررت للعمل طباخاً فاستقلت من وزارة التربية، وقلت:
عشرين عاماً لا أزالُ مُعلّما
أَسعى وأَكدحُ راضياً أو مُرغَما
بَرْدُ الشتاءِ أقام بين مفا صلي
ضيفاً ثَقيلاً يَستَفِزُّ الأعْظُما
وأروح أزرعُ مخلصاً في موطني
عِطْراً وأَسعدُ ما أراه مُبَرعِما
أَجني رحيقَ العِلمِ من أزهارِهِ
وأُحيلهُ شهداً لذيذاً بلسما
وكم انْتَضَيْتُ قصائدي مُضريّةً
لأصونَ حقّاً أنْ يَضيعَ ويُهضَما
لأذود عن أعراض قومي حامياً
مجدَ العروبـةِ أنْ يُسامَ ويُهدَما
أَشدوا على فَننِ الجمالِ مُسبِّحاً
وأنام في أحضانِهِ مُتَنَعِّما
كم قُمتُ في محراب حسنك ناسكاً
أوَ تَذكرين الشاعرَ المُتَرنِّما؟
***
وقدِمتُ في العشرين أجني موسمي
فجدتُه مُرَّ الَمذاقةِ علقما
أين البراعمُ؟ أين ما رَوَّيْتُه؟
أين السنابلُ؟ أين غزلانُ الحمى؟
حملت غصونُ الحبِّ غيرَ ثمارها
والحيُّ أَقْفَر من ظِباه وأَظْلَما
والأرضُ إن فَسدَتْ فلا تَبْذُرْ بِها
واخْتَرْ مُجَرَّبةً لئلاّ تَندما
قد كنت يوماً في الأنام مُعلِّماً
ومُربِّياً في العالَمين مُعظَّما
واليومَ أَغدوا نادلاً، بل خادماً
أوَ هكذا و طني تُجلُّ مُعلِّما؟!
فالعِلمُ يَـسمو ما تَـسامى أهلُهُ
ويهونُ إن هانوا، وحَسْبُكَ مَأْثَما
والشعرُ، ما للشعرِ أمسى لعنةً
يا ليتَني كنتُ البَليدَ الأبكما
كان الأديبُ مُعظَّماً في قومِه
بل رائداً في النائبات مُقدَّما
إن صاح دقَّ صَداهُ كلَّ مُوصَّد
أو حَلَّ حَلَّ مُبَجَّلاً ومُكرَّما
مات الذين تُهِمُّهم أعراضُهم
يَحمونَها أنْ لا تُذَمَّ وتُثْلَما
فتنكَّرَ اليومَ الزمانُ لذي الحِجا
وأَشاحَ وجهاً كالحاً مُتَجَهِّما
***
وطني لئن خُيّرتُ ما كنتُ الذي
يَرضى لغيرِكَ في البَسيطةِ مُنْتَمى
أَجْلو الحِسانَ عرائسي وأزُفُّها
كُرْمى لِعيْنِكَ أنْ تَقَرَّ وتَنْعما
و طني: أَضقْتَ بعاشقٍ مُترنِّمٍ؟
صلّى ولبّى في رباك وأَحْرَما
ضاقتْ مَـغانيكَ الرِحابُ وأظلمتْ
ما كنتُ أحسَبُ أنْ تضيقَ وتُظلِما
وقَسوْتَ بعد اللين حَسبُكَ أنّني
ما زلتُ صَبّاً في هواكَ مُتيَّما
الشاعر عبد القادر الأسود