وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا
(27)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} كَلَامٌ جَديدٌ عَنْ أَحْداثٍ تَقَعُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَحَالٍ آخَرَ مِنْ أَحْوَالِ بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ ـ تَعَالَى، حَسْرَةَ الْمُشْرِكِينَ وَنَدَامَتَهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتابِهِ العزيزِ، فَقَالَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} الآيةَ: (167). وَقَالَ مِنْ سورةِ الأنْعام: {قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} الْآيَةَ: (31). وَالْحَسْرَةُ أَشَدُّ النَّدَامَةِ. وَقَالَ مِنْ سُورةِ يُونُسَ: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الْآيَةَ: (54). وَقَال فِي الْآيَةَ: (33) مِنْ سُورَةِ سَبَأٍ: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ}.
وَالْعَضُّ: الشَّدُّ بِالْأَسْنَانِ عَلَى الشَّيْءِ لِيُؤْلِمَهُ أَوْ لِيُمْسِكَهُ، وَالْعَضُّ عَلَى الْيَدِ كِنَايَةٌ عَنِ النَّدَمِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَعَارَفُوا فِي بَعْضِ أَغْرَاضِ الْكَلَامِ أَنْ يُرافِقَ الْعَضَّ ِحَرَكَاتٌ مِنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ، كَرَفْعِ الْيَدِ عِنْد الكَلَامِ في حالِ الْغَضَبِ، وَهَذا مَا يُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِـ "التَّشَذُّرِ" قَالَ، لَبِيدُ بْنُ ربيعَةَ:
غُلْبٌ تَشَذَّرُ بِالدَّخُولِ كَأَنَّهُمْ ........................ جِنُّ الْبَدِيِّ رَوَاسِيًا أَقْدَامُهَا
وَكَوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ. قَالَ ـ تَعَالَى، مِنْ سورةِ إِبْراهيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ} الآيَةَ: (9)، أَو عَضِّ السَّبَّابَةِ، أَوْ أَطْرَافَ الْأَصَابِعِ، عِنْدَ الْغَيْظِ، قَالَ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورَةِ آلِ عُمْرَانَ: {وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} الآيَةَ: (119).
وَالدَّافِعُ لِهَذِهِ الْحَرَكاتٍ تَهَيُّجٌ في الْقُوَّةِ الْعَصَبِيَّةِ وتَوَتُّرٌ سَبَبُهُ الْغَضَبُ، أَوِ الأَسَفُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَالْمُرَادُ بِـ "الظَّالِمُ" عُقُبَةُ بٍنُ أَبي مُعَيْطٍ، قَالَهُ الْأَئمَّةُ: السُّهَيْلِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَكثيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرينَ. وَقَالَ الإِمامُ الدَّانِيُّ: هُوَ أُبَىُّ بْنُ خَلَفٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ـ مِنْ طُرُقٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَمُجاهِدٍ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُمْ: أَنَّ الْمُرادَ بِـ "الظَّالِمُ" عُقْبَةُ بْنُ أَبي مُعَيْطٍ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ ابْنِ خَلَفٍ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. واللهُ أَعْلمُ.
أَمَّا التَّعْرِيفُ في "الظَّالِمُ" فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالظُّلْمِ هُوَ الشِّرْكُ فَيَعُمُّ جَمِيعَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِنُبُوءَةِ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وكَذَّبوا دَعْوَتَهُ وحارَبُوا رِسالتَهَ يَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، عَمَّا يَقولُهُ بَعْضُهُمْ يَوْمَئذٍ: "يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا"، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا}، إِعْلَامًا بِمَا قَدْ لَا تَخْلُو عَنْهُ صُحْبَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِنْ إِغْرَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا بِمُنَاوَأَةِ الْإِسْلَامِ، وَمُحَارَبَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّعْرِيفُ فِي "الظَّالِمُ" لِلْعَهْدِ، وَأَنْ يكونَ الْمُرَادُ بِالظُّلْمِ الِاعْتِدَاءُ الْمَعْهُودُ الْمَذْكورُ في قِصَّةٍ بِعَيْنِها قِصَّةِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ الَّذي أَساءَ للنَّبيِّ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلَامُ، طاعَةً لِصَدِيقِهِ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ. فَقَدْ ذَكَرَ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الإِمامِ الشَّعْبِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ كانَ خَلِيلًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ (أَوْ أَخِيهِ أُبَيِّ بْنِ خِلَفٍ ـ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الرِّوَاياتِ، وذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي قِرَاءَةٍ لبَعْضِ الصَّحَابَةِ. {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ أُبَيًّا خَلِيلًا} وَهِيَ ـ إِنْ صَحَّتْ، قِرَاءَةُ تَفْسِيرٍ وَلَيْسَتْ بِقِرَاءَةٍ مُعْتَمَدَةً). وَكَانَ عُقْبَةُ لَا يَقْدُمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا صَنَعَ طَعَامًا، وَدَعَا إِلَيْهِ أَشْرَافَ قُريشٍ، وَكَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدِمَ مِنْ بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَصَنَعَ طَعَامًا، وَدَعَا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَيْهِ فِيمَنْ دَعا مِنْ أَشْرَافِ قومِهِ، فَلَمَّا قَرَّبُوا الطَّعَامَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ مِنْ طَعَامِكَ حَتَّى تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ عُقْبَةُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ طَعَامِهِ. وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ غَائِبًا فَلَمَّا قَدِمَ أُخْبِرَ بِقَضِيَّةِ صاحِبِهِ عُقْبَةَ، فَقَالَ لَهُ: صَبَأْتَ يَا عُقْبَةُ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا صَبَأْتُ وَلَكِنْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْ طَعَامِي حَتَّى أَشْهَدَ لَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِي وَلَمْ يَطْعَمْ، فَشَهِدْتُ لَهُ، فَطَعِمَ، فَقَالَ أُبَيٌّ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَرْضَى عَنْكَ أَبَدًا إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُ فَتَبْصُقَ فِي وَجْهِهِ، فَكَفَرَ عُقْبَةُ، وَأَخَذَ فِي امْتِثَالِ مَا أَمَرَهُ بِهِ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِـ {فُلَانًا} الْكِنَايَةَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، فَخُصُوصُهُ يَقْتَضِي لِحَاقَ أَمْثَالِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ أَطَاعُوا أَخِلَّتَهُمْ فِي الشِّرْكِ، وَلَمْ يَتَّبِعُوا سَبِيلَ الرَّسُولِ ـ عليْهِ صلاةُ اللهِ وسلامُهُ، وَلَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَنْ خَلِيلٍ مُشْرِكٍ مِثْلَ عُقْبَةَ يَصُدُّهُ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِسْلَامِ، إِذَا هَمَّ بِهِ، وَيُثَبِّتُهُ عَلَى دِينِ الشِّرْكِ، ولِذَلِكَ فَإِنَّهُ سَيَنْدَمُ يَوْمَ القيامةِ، يَوْمَ الْجَزَاءِ عَلَى طَاعَةِ ذَاكَ الْخَلِيلِ الْمُضِلِّ الَّذي أَغْوَاهُ فَأَضَلَّهُ وَأَوْرَدَهُ مَوَارِدَ الْهَلَاكِ، وَسَيَذْكُرُهُ بِاسْمِهِ.
قولُهُ: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} فِي الْآخِرَةِ يَتَمَنَّى الْمُشْرِكُ أَنْ يَكونَ قَدِ اتَّخَذَ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا: أَيْ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وقَدْ جَاءَ هَذا الْمَعْنَى مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنَ الذِّكْرِ الحكيمِ كَقَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورَةِ الْحِجْرِ: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ}، الآيةَ: (2)، وقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ الأَحْزابِ: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ} الآيةَ: (66)، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الفجْرِ: {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} الآيةَ: (24).
وَالتَّعْريفُ فِي "الرَّسُولِ" صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِلْعَهْدِ، وَسَيِّدُنا مُحَمَّدٌ ـ عَليْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، هُوَ "الرَّسُولُ" الْمَعْهُودُ.
وَمِمَا جاءَ في أَسْبابِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ الكَريمَةِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ جَريرٍ في تَفسيرِهِ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَحْضُرُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَزْجُرُهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. فَنَزَلَ قولُهُ ـ تَعَالَى: "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ" إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ للإِنْسانِ خَذُولًا} الآيةَ: (29) مِنْ هَذِهِ السُّورةِ الْمُبَارَكَةِ. "لُبَابُ النُّقُولِ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ" للسُّيوطي: (1/156).
وَقَالَ أَيْضًا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْهُ: كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَحْضُرُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُجَالِسُهُ، وَيَسْتَمِعُ إِلَى كَلَامِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ، فَزَجَرَهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ عَنْ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَريمَةُ. "أَسْبَابُ نُزُولِ الْقُرْآنِ" لِلْوَاحِدِيِّ النَّيْسَابُورِيَّ بِتَحْقِيقِ "الْحُمَيْدَان": (ص: 333)
قولُهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} الوَاوُ: عَاطِفَةٌ. و "يَوْمَ" مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذوفٍ تَقْديرُهُ: "اذْكُرْ"، مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ ..}، وَكَذَا قَوْلُهُ السَّابِقُ: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ ..}. و "يَعَضُّ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَمَاضيهِ "عَضَّ"، وَوَزْنُهُ "فَعِلَ" بِكَسْرِ العَيْنِ، يُقَالُ: عَضِضْتُ أَعَضُّ، وَحَكَى الإِمامُ الْكِسَائِيُّ فَتْحَهَا فِي الْمَاضِي، وَعَليْهِ تَقولُ: أَعِضُّ بِالْكَسْرِ فِي الْمُضَارِعِ. وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اللُّزُومِ. كَمَا يُقالُ: "حَرَقَ نابَهُ"، قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى يِمْدَحُ حُصْنَ بْنَ حُذَيْفَةَ:
وَمَنْ مِثْلُ حُصْنٍ فِي الْحُرُوبِ، وَمِثْلُهُ ............... لِإِنْكَارِ ضَيْمٍ، أَوْ لِأَمْرٍ يُحَاوِلُهُ؟
أَبَى الضَّيْمَ والنُّعْمَانُ يَحْرِقُ نَابَهُ .................... عَلَيْهِ فَأَفْضَى وَالسُّيُوفُ مَعَاقِلُهْ
فَحَرِيقُ النَّابِ: صَرِيفُهُ. وَأَفْضَى: صَارَ فِي فَضَاءٍ وَلَمْ يَتَحَرَّزْ بِشَيْءٍ. وَ "الظَّالمُ" فاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ. وَ "أَلْـ" التَّعْريفِ فِي "الظَّالِمُ" تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلْعَهْدِ، وَتحتَمِلُ أنْ تَكونَ لِلْجِنْسِ، عَلَى حَسَبِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ. وَ "عَلَى" جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَعَضُّ". وَ "يَدَيْهِ" مَجْرورٌ بحَرْفِ الْجَرِّ مُضافٌ، وَعَلَامَةُ جَرَّهِ الْيَاءُ لِأَنَّهُ مُثَنَّى، والْهَاءُ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالْإِضافَةِ إِلَيْهِ. وَالْجُمْلَةُ الْفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ الْجَرِّ بإِضَافَةِ "يَوْمَ" إِلَيْهَا.
قولُهُ: {يَقُولُ} فِعْلٌ مُضَارِعٍ مرفوعٌ لتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يَعُودُ عَلَى "الظَّالِمُ"، وِالجملة في محل النصب عَلَى الْحَالِ مِنَ "الظَّالِمُ"؛ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ قَائِلًا، "يَا لَيْتَنِي" إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ} مَقُولٌ مَحْكِي.
قَوْلُهُ: {يَا لَيْتَنِي} يَا: حَرْفُ نِدَاءٍ، وَالْمُنَادَى مَحْذُوفٌ والتَقْديرُ: يَا هَؤُلَاءِ، أَوْ يَا قَوْمُ، وَجُمْلَةُ الْمُنَادَى فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ "يَقُولُ"، أَوِ "يا" حَرْفُ تَنْبِيهٍ، وَ "لَيْتَني" لَيْتَ: حَرْفُ تَمَنٍّ وَنَصْبٍ، وَالنُّونُ لِلْوِقَايَةِ، وَالْيَاءُ: ضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمُ "ليتَ"، وَخَبَرُها جُمْلَةُ "اتَّخَذْتُ". والْجُمْلَةُ مِنْ "لَيْتَ" واسْمِها وخَبَرِها فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القولِ لِـ "يَقُولُ".
قَوْلُهُ: {اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} اتَّخَذْتُ: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضَميرِ رَفعٍ مُتَحَرِّكٍ هُوَ تاءُ الفاعِلِ، وتاءُ الفَاعِلِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعلِيَّةِ. وَ "مَعَ" منصوبٌ على الظَّرْفيَّةِ الاعْتبارِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَفْعولِ الثاني لِـ "اتَّخَذْتُ"، وهُوَ مُضافٌ. وَ "الرَّسُولِ" مَجرورٌ بالإِضَافَةِ إِلَيْهِ. و "سَبِيلًا" مَفْعُولُ "اتَّخَذْتُ الأَوَّلُ مَنْصوبٌ بِهِ، وَالْجُمْلَةُ الفعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "لَيْتَ".