روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 96

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 96 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 96 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 96   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 96 I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2021 5:21 pm

حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ
(96)
قوْلُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} حَتَّى: هَاهُنَا حرفُ غايةٍ كَمَا هِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ يوسُفَ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} الآيةَ: 110. وَقيلَ: هيَ حَرْفُ ابْتِداءٍ.
وَفَتْحُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَيْ: فَتْحُ السَّدِّ الحَائِلِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ِانْتِشَارِ فَسَادِهم فِي أَنْحَاءِ الْأَرْضِ، كَمَا هوَ مَذْكُورٌ فِي قِصَّةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ، وقدْ عَدَّهُ العُلَماءُ مِنَ العَلَامَاتِ الصُّغْرَى لِقِيَامِ السَّاعَةِ.
قالُوا: وَيْأْجُوجُ ومَأْجوجُ هُمُ التَّتَارُ وَالمَغُولُ الذينَ خَرَجُوا آخِرَ زَمَنِ الخِلافَةِ العَبَّاسِيَّةِ فَقَوَّضُوا مُلَكَ العَرَبِ العَتِيدَ، وَأَنْهَوا حَضَارَتَهُمْ، وَبَدَّدُوا قُوَّتِهِمْ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ الْإِنْذَارُ النَّبَوِيُّ في الحَديثِ الشَّريفِ.
فَقَدْ أَخرجَ البُخاريُّ وغيرُهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جميعًا، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ)) ـ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا. قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: ((نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ)). أَخَرجَهُ الأَئمَّةُ: الحُمَيْدِيُّ في مُسْنَدِهِ: (308)، ومُسْنَدُ أَحْمَدَ: (6/428)، وَصَحِيحُ البُخَارِيِّ: (11/133)، وصحيحُ مُسْلِمٍ: (8/166)، وسُنَنُ ابْنِ مَاجَةَ: (3953)، وجامعُ التِّرمِذِيِّ: (2187)، والنَّسائي في "السُّنَنُ الكُبْرَى": (11249).
فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ الكَريمةُ قَدْ وَصَفَتِ انْتِشَارَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَصْفًا دَقيقًا بَديعًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا بِخَمْسِ مِئَةِ عامٍ، وَلِذَلِكَ عَدَّ المُفَسِّرونَ هَذِهِ الْآيَةَ الكَريمةَ إِحْدى المُعْجِزَاتِ الْغَيْبِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ الكَريمِ.
ولَكِنَّنَا لا نَرَى في هَذا الحديثِ ما يفيدُ بأنَّ يأجوجَ ومَأْجوجَ همُ التتارُ والمغولُ، وما ذَهَبوا إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ يأْجوجَ ومأْجوجَ همُ التَّتَارُ والمَغُولُ، وأَنَّ خُروجَهُمْ كانَ آخِرَ زَمَنِ الخلافةِ العبَّاسيَّةِ معارضٌ بِعَدَدٍ مِنَ الأَحادِيثِ والآثارِ، واللهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ ذَلِكَ ما أَخْرَجَهُ ابْنُ جَريرٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ"، قَالَ: هَذَا مُبْتَدَأُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فأَيْنَ نَحْنُ والقيامةَ؟.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ مَاجَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((يُفْتَحُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ كَمَا قَالَ اللهُ: "مِنْ كُلِّ حَدْبٍ يَنْسِلُونَ" فَيَغْشَوْنَ النَّاسَ، وَيَنْحَازُ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ إِلَى مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَيَضُمُّونَ إِلَيْهِمْ مَوَاشِيَهُمْ، وَيَشْرَبُونَ مِيَاهَ الأَرْضِ حَتَّى يَتْرُكُوهُ يَبَسًا، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَمُرُّ بِذَلِكَ النَّهْرِ فَيَقُولُ: قَدْ كَانَ هَهُنَا مَرَّةً مَاءٌ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ إِلَّا أُخِذَ فِي حِصْنٍ أَوْ مَدِينَةٍ، قَالَ قَائِلُهمْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُ الأَرْضِ قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُم وَبَقِيَ أَهْلُ السَّمَاءِ.
قَالَ: يَهزُّ أَحَدُهُمْ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ يَرْمِي بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ إِلَيْهِ مُخَضَّبَةً دَمًا ـ للْبَلَاءِ والفِتْنَةِ.
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ دُودًا فِي أَعْنَاقِهِمْ كَنَغَفِ الْجَرَادِ، يَخْرُجُ فِي أَعْنَاقِهِ فَيُصْبِحُونَ مَوْتَى لَا يُسْمَعُ لَهُمْ حِسٌّ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: أَلَا رَجُلٌ يَشْرِي لَنَا نَفْسَهُ، فَيَنْظُرُ مَا فَعَلَ هَؤُلَاءِ الْعَدُوُّ، فَيَتَجَرَّدُ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُحْتَسِبًا نَفْسَهُ، قَدْ أَوْطَنَهَا عَلَى أَنَّهُ مَقْتُولٌ، فَيَنْزِلُ فَيَجِدُهُمْ مَوْتَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَيُنَادي: مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَبْشِرُوا، إِنَّ اللهَ قَدْ كَفَاكُمْ عَدُوَّكُمْ.
فَيَخْرُجُونَ مِنْ مَدَائِنِهِمْ وَحُصُونِهِمْ، وَيُسَرِّحونَ مَوَاشِيَهمْ، فَمَا يَكونُ لَهَا مَرْعَى إِلَّا لُحُومَهُمْ، فَتَشْكُرُ عَنْهُ أَحْسَنَ مَا شَكَرَتْ عَنْ شَيْءٍ مِنَ النَّبَاتِ أَصَابَتْهُ قَطُّ.
وأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ في الحِلْيةِ نَحْوَهُ عَنْ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَنْقُرُونَ بِمَنَاقِيرِهِمُ السَّدَّ، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَخْرِقُوهُ، قَالُوا: نَرْجِعُ إِلَيْهِ غَدًا فَنَفْرُغُ مِنْهُ، قَالَ: فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَقَدْ عَادَ كَمَا كَانَ، فَإِذَا بَلَغَ الْأَمْرُ، أُلْقِيَ عَلَى بَعْضِ أَلْسِنَتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا: نَرْجِعُ إِنْ شَاءَ اللهُ غَدًا فَنَفْرُغُ مِنْهُ، قَالَ: فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَمَا تَرَكُوهُ، فَيَخْرِقُونَهُ، فَيَأْتِي أَوَّلُهُمُ الْبُحَيْرَةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا مِنْ مَاءٍ، وَيَأْتِي أَوْسَطُهُمْ عَلَيْهَا فَيَلْحُسُونَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ طِينٍ، وَيَأْتِي آخِرُهُمْ عَلَيْهَا فَيَقُولُونَ: قَدْ كَانَ هَهُنَا مَرَّةً مَاءٌ، ثُمَّ يَرْمُونَ بِنِبَالِهِمْ نَحْوَ السَّمَاءِ فَيَقُولُونَ: قَدْ قَهَرْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ، وَظَهَرْنَا عَلَى مَنْ فِي السَّمَاءِ. قَالَ: فَيَبْعَثُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ دُودًا يُقَالُ لَهَا النَّغَفُ، فَتَأْخُذُهُمْ فِي أَقْفَائِهِمْ فَيَقْتُلُهُمُ النَّغَفُ، حَتَّى تَنْتَنَ الْأَرْضُ مِنْ رِيحِهِمْ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا، فَتَنْقُلُ أَبْدَانَهُمْ إِلَى الْبَحْرِ، فَيُرْسِلُ اللهُ السَّمَاءَ أَرْبَعِينَ، فَتُنْبِتُ الْأَرْضُ، حَتَّى أَنَّ الرُّمَّانَةَ لَتُشْبِعُ السَّكَنَ. قِيلَ لِكَعْبٍ: مَا السَّكَنُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبَيْتِ، قَالَ: ثُمَّ يَسْمَعُونَ ذَا السُّوَيْقَتَيْنِ الْحَبَشِيَّ قَدْ بَعَثَ يَغْزُو الْبَيْتَ، قَالَ: فَيَبْعَثُ الْمُسْلِمُونَ طَلِيعَةً نَحْوَهُ بَيْنَ السَّبْعِ وَبَيْنَ الثَّمَانِ، فَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَصِلُوا إِلَى الْحَبَشِيِّ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ، فَيَبْعَثُ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً يَمَانِيَةً، فَتَكْفِتُ رُوحَ كُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ فِي صَخْرَةٍ، وَيَبْقَى هَبَاءٌ مِنَ النَّاسِ، يَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَعْبٌ حَمْلَ الْفَرَسِ إِلَى نِتَاجِهَا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَكَلَّفَ بَعْدَ هَذَا شَيْئًا فَهُوَ مُتَكَلِّفٌ. حِلْيَةُ الأَوْلِياءِ وَطَبَقَاتُ الأَصْفِيَاءِ: (6/23).
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبي حَاتِم وَابْن مِرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ حَرْمَلَةَ عَن حُذَيْفَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَاصِبٌ أُصْبُعَهُ مِنْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ، فَقَالَ: إِنَّكُم تَقُولُونَ لَا عَدُوَّ لَكُمْ، وَإِنَّكُمْ لَا تَزَالُونَ تُقَاتِلُونَ عَدُوًّا، حَتَّى يَأْتِيَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، عِرَاضُ الْوُجُوهِ، صِغَارُ الْعُيُونِ، صُهْبُ الشِّفَارِ، مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ المَجَانُّ المُطْرَقَةُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبي يَزِيدٍ قَالَ: رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما صِبْيَانًا يَنْزُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، يَلْعَبُونَ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا يَخْرُجُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَوْ نَتَجَتْ فَرَسٌ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ مَا رُكِبَ فَلْوُهَا حَتَّى تَقُومُ السَّاعَةُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَوَّلُ الْآيَات: الدَّجَّالُ، وَنُزُولُ عِيسَى، ونَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَى الْمَحْشَرِ، تُقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا، وتَبِيتُ مَعَهُمْ إِذا باتُوا، وَالدُّخَانُ، وَالدَّابَّةُ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوج.
قَالَ حُذَيْفَةُ: قَلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ؟. قَالَ: يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أُمَمٌ، كُلُّ أُمَّةٍ أَرْبَعُمِئَةِ أَلْفِ أُمَّةٍ، لَا يَمُوتُ الرَّجُلُ مِنْهُم حَتَّى يَرَى أَلْفَ عَيْنٍ تَطُوفُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ صُلْبِهِ، وَهُمْ وَلَدُ آدَمَ، فَيَسيرونَ إِلَى خَرَابِ الدُّنْيَا، وَيكونُ مُقَدِّمَتُهُمْ بِالشَّامِ، وساقَتُهم بِالْعِرَاقِ، فَيَمُرَّونَ بِأَنْهَارِ الدُّنْيَا، فيَشْرَبونَ الْفُرَاتَ وَدِجْلَةَ وَبُحَيْرَةَ طَبَرِيَّةَ، حَتَّى يأْتونَ بَيْتَ الْمُقَدَّسِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ قَتَلْنَا أَهْلَ الدُّنْيَا، فَقَاتِلُوا مَنْ فِي السَّمَاءِ. فَيَرْمُونَ بِالنَّشَّابِ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ نَشَّابَتُهُمْ مُخَضَّبَةً بِالدَّمِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي السَّمَاءِ. وَعِيسَى، والمُسْلِمُونَ بِجَبِلِ طُورِ سِينِينَ، فَيُوحِي اللهُ إِلَى عِيسَى: أَنْ أَحْرِزْ عِبَادِي بِالطُّورِ وَمَا يَلِي أَيْلَةَ. ثُمَّ إِنَّ عِيسَى يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَيُؤَمِّنُ الْمُسْلِمُونَ، فَيَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِمْ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا النَّغَفُ، تَدْخُلُ فِي مَنَاخِرِهِمْ فَيُصْبِحُونَ مَوْتَى مِنْ حَاقِ الشَّامِ إِلَى حَاقِ الْمَشْرِقِ، حَتَّى تُنْتِنَ الأَرْضُ مِنْ جِيَفِهِمْ، وَيَأْمُرُ اللهُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ كَأَفْوَاهِ الْقِرَبِ، فَتَغْسِلُ الأَرْضَ مِنْ جِيَفِهِمْ وَنَتَنِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِك طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: يَخْرُجُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَيَمُوجونَ فِي الأَرْضِ فَيُفْسِدونَ فِيهَا. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلونَ"، قَالَ: ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِم دَابَّةً مِثْلَ النَّغَفِ، فَتَلِجُ فِي أَسْمَاعِهِمْ ومَنَاخِرِهِمْ، فَيَمُوتونَ مِنْهَا، فَتُنْتِنُ الأَرْضُ مِنْهُمْ، فَيُرْسِلُ اللهُ مَاءً فَيُطَهِّرُ الأَرْضَ مِنْهُم.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: يَخْرُجُ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ فَلَا يَتْرُكُونَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلُوهُ، إِلَّا أَهْلَ الْحُصُونِ. فَيَمُرُّونَ عَلى الْبُحَيْرَةِ فَيَشْرَبونَها، فَيَمُرُّ الْمَارُّ فَيَقُولُ: كَأَنَّهُ كَانَ هَهُنَا مَاءٌ، فَيَبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ حَتَّى يَكْسِرَ أَعْنَاقَهُمْ، فَيَصِيروا خَبَالًا، فَيَقُولُ أَهْلُ الْحُصُونِ: لَقَدْ هَلَكَ أَعْدَاءُ اللهِ. فيُرْسِلونَ رَجُلًا لِيَنْظُرَ، وَيَشْرَطُ عَلَيْهِم إِنْ وَجَدَهُمْ أَحْيَاءً أَن يَرفَعُوهُ، فَيَجِدُهُمْ قَدْ هَلَكُوا.
فَيُنْزِلُ اللهُ مَاءً مِنَ السَّمَاءِ، فَيَقْذِفُ بِهِمْ فِي الْبَحْرِ، فَتَطْهُرُ الأَرْضُ مِنْهُم، وَيَغْرِسُ النَّاسُ بَعْدَهُمُ الشَّجَرَ وَالنَّخْلَ، وَتُخْرِجُ الأَرْضُ ثَمَرَهَا كَمَا كَانَتْ تُخْرِجُ فِي زَمَنِ يَأْجُوج وَمَأْجُوجَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِذا كَانَ عِنْد خُرُوج يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ حَفَرُوا حَتَّى يَسْمَعَ الَّذِي يَلُونَهُمْ قَرْعَ فُؤُوسِهِمْ، فَإِذا كَانَ اللَّيْلُ قَالُوا: نَجِيءُ غَدًا نَخْرُجُ. فَيُعِيدُهُ اللهُ كَمَا كَانَ، فَيَجِيئُونَ غَدًا فَيَحْفرونَ حَتَّى يَسْمَعَ الَّذينَ يَلُونَهُمْ قَرْعَ فُؤُوسِهِمْ، فَإِذا كَانَ اللَّيْلُ قَالُوا: نَجِيءُ، فَنَخْرُجُ، فَيَجِيئُونَ مِنَ الْغَدِ، فَيَجِدونَهُ قَدْ أَعَادَهُ اللهُ تَعَالَى كَمَا كَانَ، فَيَحْفرونَهُ، حَتَّى يَسْمَعَ الَّذينَ يَلُونَهُمْ قَرْعَ فُؤُوسِهم، فَإِذا كَانَ اللَّيْلُ أَلْقَى اللهُ عَلَى لِسَانِ رَجُلٍ مِنْهُم يَقُولُ: نَجِيءُ غَدًا فَنَخْرُجُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ. فَيَجِيئُونَ مِنَ الْغَدِ، فَيَجِدونَهُ كَمَا تَرَكُوهُ، فَيَخْرِقُونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ، فَتَمُرُّ الزُّمْرَةُ الأُولَى بِالْبُحَيْرَةِ، فَيَشْرَبُونَ مَاءَهَا، ثُمَّ تَمُرُّ الزُّمْرَةُ الثَّانِيَةُ فَيَلْحَسُونَ طِينَهَا، ثُمَّ تَمُرُّ الزُّمْرَةُ الثَّالِثَةُ فَيَقُولُونَ: كَانَ هَهُنَا مَرَّةً مَاءً.
وَيَفِرُّ النَّاسُ مِنْهُم، وَلَا يَقُومُ لَهُمْ شَيْءٌ، وَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ مُخَضَّبَةً بِالدِّماءِ، فَيَقُولُونَ: غَلَبْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَأَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَدْعُو عَلَيْهِم عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَقُول: اللَّهُمَّ لَا طَاقَة وَلَا يَدَ لَنَا بِهِم فَاكْفِنَاهُمْ بِمَا شِئْتَ. فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِم دُودًا يُقَال لَهُ: النَّغَفَ فَتَقْرِسُ رِقَابَهُمْ، وَيبْعَثُ اللهُ عَلَيْهِم طَيْرًا، فَتَأْخُذَهُمْ بِمَنَاقِيرِهَا، فَتُلْقِيهِمْ فِي الْبَحْرِ، وَيبْعَثُ اللهُ ـ تَعَالَى، عَيْنًا يُقَالُ لَهَا الْحَيَاةُ، تُطَهِّرُ الأَرْضَ مِنْهُمْ وَيُنْبِتُهَا، حَتَّى أَنَّ الرُّمَّانَةَ لَيَشْبَعَ مِنْهَا السَّكَنُ، قِيلَ: وَمَا السَّكَنُ يَا كَعْبُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبَيْتِ.
قَالَ: فَبَيْنَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمُ الصُّرَاخُ، أَنَّ ذَا السُّوَيْقَتَيْنِ أَتَى الْبَيْتَ يُريدُهُ. فَيَبْعَثُ عِيسَى طَلِيعَةً سَبْعَمِئَةٍ أَوْ بَيْنَ السَّبْعِمِئِةٍ والثَّمَانِمِئَةٍ، حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، يَبْعَث اللهُ رِيحًا يَمَانِيَّةً طَيِّبَةً، فَيَقْبِضُ فِيهَا رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، ثُمَّ يَبْقَى مَحَاحٌ مِنَ النَّاسِ، فَيَتَسافَدُونَ كَمَا تَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ، فَمَثَلُ السَّاعَةِ كَمَثَلِ رَجُلٍ يُطِيفُ حَوْلَ فَرَسِهِ يَنْظُرُهَا مَتَى تَضَعُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: مَا كَانَ مُنْذُ كَانَتِ الدُّنْيَا رَأْسُ مِئَةِ سَنَةٍ إِلَّا كَانَ عِنْدَ رَأْسِ الْمِئَةِ أَمْرٌ. قَالَ: فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ كَمَا قَالَ اللهُ: "مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ" فَيَأْتِي أَوَّلُهم عَلى نَهْرٍ عَجَّاجٍ فَيَشْرَبُونَهُ كُلَّهُ، حَتَّى مَا يَبْقَى مِنْهُ قَطْرَةٌ، وَيَأْتِي آخِرُهُمْ فَيَمُرُّ فَيَقُولُ: قَدْ كَانَ هَهُنَا مَرَّةً مَاءٌ، فَيُفْسِدونَ فِي الأَرْضِ، وَيُحاصِرُونَ الْمُؤمنِينَ فِي مَدِينَةِ "إِلْيا" فَيَقُولوا: لَمْ يَبْقَ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ إِلَّا قَدْ ذَبَحْنَاهُ، هَلُمُّوا نَرْمِي مَنْ فِي السَّمَاءِ.
فَيَرْمُونَ فِي السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ إِلَيْهِم سِهَامُهُمْ فِي نَصْلِهَا الدَّمُ، فَيَقُولُونَ: مَا بَقِي فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاءِ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ قَتَلْنَاهُ. فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ: يَا رُوحَ اللهِ ادْعُ اللهَ عَلَيْهِم. فَيْدْعُو عَلَيْهِم. فَيَبْعَثُ اللهُ فِي آذانِهِمُ النَّغَفَ، فَيَقْتُلُهُمْ جَمِيعًا فِي لَيْلَة وَاحِدَةٍ، حَتَّى تُنْتِنَ الأَرْضُ مِنْ جِيفِهمْ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ: يَا رُوحَ اللهِ ادْعُ اللهَ، فَإنَّا نَخْشَى أَن نَّمُوتَ مِنْ نَتَنِ جِيَفِهِمْ. فَيَدْعُو اللهَ، فَيُرْسِلُ عَلَيْهِم وَابِلًا مِنَ السَّمَاءِ، فَيَجْعَلُهُمْ سَيْلًا، فَيَقْذِفُهُمْ فِي الْبَحْرِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بنِ اليمانِ ـ رَضِيَ اللهُ ـ تَعَالى، عَنْهُ، قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اقْتَنَى فَلْوًا بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَمْ يَرْكَبْهُ حَتَّى تَقُومِ السَّاعَةُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيُحُجَنَّ هَذَا الْبَيْتَ، وَلَيُعْتَمَرَنَّ بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ ماجَةَ، وَابْنُ جريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ، فِي "الْبَعْثُ والنُّشورُ" عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ الْكِلَابِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَضَ فِيهِ وَرَفَعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: ((مَا شَأْنُكُمْ؟)) قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَضْتَ فِيهِ وَرَفَعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ؟ فَقَالَ: ((غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ! إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ "الْكَهْفِ" إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، "يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا")). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمُ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ)). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ؟. قَالَ: ((لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ)). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: ((كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ: فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذَرًّا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ، لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ: لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتُتْبِعُهُ كُنُوزَهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُونَ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ بْنَ مَرْيَمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدِّهِ فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِيَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ، وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِئَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتَنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللهِ، فَيُرْسِلُ اللهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يُكَنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزُّلْفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا، يُبَارَكُ فِي الرُّسُلِ حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنَ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ)). أَخْرَجَهُ الأئمَّةُ: أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ: (4/181، برقم: 17779)، ومُسْلِمٌ في صحيحِهِ: (8/196، برقم: 7483) واللفظُلَهُ، وَفِي (8/198، برقم: 7484)، وأَبو دَاوُدَ في سُنَنِهِ: (برقم: 4321)، وابْنُ مَاجَةَ في سُننِهِ: (برقم: 4076)، والتِّرْمِذْيُّ في جامعِهِ: (برقم: 2240)، والنَّسائيُّ فِي "السُّنَنِ الكُبْرَى": (برقم: 7970)، وأخرجَهَ فِي "عَمَلُ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ": (برقم: 947).  وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ يُضافُ إِلَى ما تَقَدَّمَ، فِيهِ تَصْرِيحٌ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَنَّ اللهَ يُوحِي إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، خُرُوجَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بَعْدَ قَتْلِهِ الدَّجَّالَ، وأَعْجَبَ بعدَ هذا أَنْ يقولَ عَالِمٌ بما يناقِضَ مَضمونَهُ ومُحْتَوَاهُ ـ ولا شكَّ أَنَّهم اطَّلَعوا عَلَيْهِ وَعَلى غَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وكُلُّها تُبَيِّنُ بما لا يَدَعُ مجالًا للشَّكِّ بُعْدَ ما ادَّعوهُ وَذَهَبُوا إِلَيْهِ. فَمَنْ يَدَّعِي بعدَ هَذَا أَنَّهُمْ التَّتَارُ وَالمَغُولُ أَوْ أَنَّهُمُ الرُّوسُ، أَوِ الصِّينيُّونَ، أَوْ غَيْرَهُمْ، وَأَنَّهم خَرَجُوا مُنْذُ ما يقرُبُ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ، وأَنَّ السَّدَّ الذي بناهُ الاسْكندَرُ ذو القَرْنَيْنِ قَدِ انْدَكَّ مُنْذُ زَمَانٍ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ـ عليْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، مُخَالَفَةً صَرِيحَةً لَا وَجْهَ لَهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ خَبَرٍ نَاقِضٍ خَبَرَ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ نَقِيضَ الْخَبَرِ الصَّادِقِ كَاذِبٌ ضَرُورَةً، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي كِتَابِ اللهِ وَلَا سُنَّةَ نَبِيِّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْءٌ يُعَارِضُ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي رَأَيْنا صِحَّةَ سَنَدِهِ، وَوُضُوحَ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَقْصُودِ، واللهُ مِنْ وَرَاءِ القَصْدِ وهوَ يهدي السَّبيلَ.
وَلَعَلَّ تَخْصِيصَ هَذَا الْخروجِ بِالتَّوْقِيتِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ عَلَامَاتِ قُرْبِ يومِ القيامةِ قُصِدَ مِنْهُ إِدْمَاجُ الْإِنْذَارِ لِلْمُخَاطَبِينَ الْعَرَبِ لِيَكُونَ ذَلِكَ حاضِرًا في ذَاكرَتِهِم، ماثِلًا نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ، تَحْذِيرًا لهم وَلِذَراريهِمْ مِنْ كَوَارِثِ ظُهُورِ هَؤلاءِ المُفْسِدينَ وأمثالَهُم.
وَقيلَ: الْفَتْحُ مَعْنَاهُ الشَّقُّ كَما في قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ (ق): {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعًا ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ} الآيَةَ: 44، فجائزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِفَتْحِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ التَمْثِيلَ لإِخْرَاجِ الْمَوْتِى إِلَى الْحَشْرِ، وَتَخْصِيصُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بِالذِّكْرِ لِشُهْرَتِهم عِنْدَ الْعَرَبِ بِكَثْرَةِ العَدَدِ وَذَلِكَ مِنْ خَبَرِ ذِي الْقَرْنَيْنِ. وَيَكُونُ التَشْبِيهُ هنا بَلِيغًا. يَدُلُّ لِهَذَا ما أَخرجَهُ الشيخانِ وغيرُهُما مِنْ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((يَقُولُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ: يَا آدَمُ. فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ. قَالَ: يَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ. قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. قَالَ: فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ. قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا، وَمِنْكُمْ رَجُلٌ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَحَمِدْنَا اللهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَحَمِدْنَا اللهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالرَّقْمَةِ فِى ذِرَاعِ الْحِمَارِ)). أَخْرَجَهُ الأئمَّةُ: أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ: (3/32، برقم: 11304)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: (917)، وَالبُخَارِيُّ في صحيحِهِ: (4/168، برقم: 3348)، ومُسْلِمٌ في صحيحِهِ: (1/139، برقم: 453)، والنَّسَائِيُّ في "السُّنَنِ الكُبْرَى": (11276).
ويَجُوزُ أَنْ يَكُونُ قدِ استعْمِلَ هَذا الاسْمُ لِلْكَثْرَةِ كَمَا قَالَ ذو الرُّمَّةِ:
لَوْ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مَعًا .................. وَعَادَ عَادٌ وَاسْتَجَاشُوا تُبَّعًا
أَيْ: حَتَّى إِذَا أُخْرِجَتِ الْأَمْوَاتُ كَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى في الآيةِ: 7، منْ سُورَةِ القَمَرَ: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ}، فَيَكُونُ تَشْبِيهًا بَلِيغًا مِنْ تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَعْقُولِ. وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهم: (جَدَثٍ) بِجِيمٍ وَمُثَلَّثَةٍ، أَيْ مِنْ كُلِّ قَبْرٍ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سورةِ الانْفِطَارِ: {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} الآيةَ: 4، فَيَكُونُ ضَمِيرَا وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ عَائِدِينَ إِلَى مَفْهُومٍ مِنَ الْمَقَامِ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةُ الرُّجُوعِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى في الآيةِ: 95، السَّابقةِ، مِنْ هَذِهِ السُّورةِ المُبارَكَةِ: {لَا يَرْجِعُونَ}، أَيْ: أَهْلُ كُلِّ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا.
قولُهُ: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} وَالْحَدَبُ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرْضِ. وَمِنْهُ الحَدَبُ في الظَّهْرِ، وَكُلُّ كُدْيَةٍ، أَوْ أَكَمَةٍ فَهِيَ حَدَبَةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ القَبْرُ لِظُهُورِهِ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ" قَالَ: جَمِيعُ النَّاسِ، كلُّ مَكَانٍ جَاؤوا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهُوَ حَدْبٌ.
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ" قَالَ: مِنْ كُلِّ أَكَمَةٍ.
وَأَخرْجَ الطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ سَأَلَهُ، قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: "مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ" قَالَ: يُنْشَرُونَ مِنْ جَوْفِ الأَرْضِ مِنْ كُلِّ نَاحيَةٍ.
قَالَ ابنُ عباسٍ: وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَم، أَمَا سَمِعْتَ طَرَفَةَ وَهُوَ يَقُولُ:
فَأَمَّا يَوْمُهُمُ فَيَوْمُ سُوءٍ ..................... تَخَطَّفُهُنَّ بالحَدَبِ الصُّقُورُ
وَأَخْرَجَ الْحَاكِم عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَرَأَ: "مِنْ كُلِّ جَدَثٍ بِالْجِيمِ والثاءِ، مِثْلَ قَوْلِهِ مِنْ سورةِ يس: {فَإِذا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} الآيَة: 51، وَهِي الْقُبُور.
ويَنْسِلُونَ يَمْشُونَ النَّسَلَانَ ـ بِفَتْحَتَيْنِ، وَفِعْلُهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، يمْشُونَ بِسُرْعَةٍ. وَأَصْلُهُ: مَشْيُ الذِّئْبِ. وَإِيثَارُ التَّعْبِيرِ بِهِ هُنَا مِنْ نُكَتِ الْقُرْآنِ الْغَيْبِيَّةِ، لِأَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَمَّا انْتَشَرُوا فِي الْأَرْضِ انْتَشَرُوا كَالذِّئَابِ جِيَاعًا مُفْسِدِينَ. والنَّسَلانُ مُقارَبَةُ الخَطْوِ مَعَ الإِسْرَاعِ، يُقالُ: نَسَلَ يَنْسِلُ وَيَنْسُلُ بالفَتْحِ فِي المَاضِي، والكَسْرِ والضَّمِ فِي المُضَارِعِ، وَنَسَلَ وعَسَلَ وَاحِدٌ، قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبيانيُّ:
عَسَلانَ الذِّئْبِ أَمْسَى قارِبًا ..................... بَرَدَ اللَّيْلُ عَلَيْهِ فَنَسَلْ
والنَّسْلُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الذُّرِّيَّةُ، أُطْلِقَ المَصْدَرُ عَلى المَفْعولِ. وَ "نَسَلْتُ رِيشَ الطائِرِ" مِنْ ذَلِكَ.
    وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فِي قَوْلِهِ: "مِنْ كُلِّ حَدَبٍ" قَالَ: شَرَفٍ. و "يَنْسِلُونَ" قَالَ: يُقْبِلُونَ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} حَتَّى: حَرْفُ ابْتِدَاءٍ وَغَايَةٍ لِمَحْذوفٍ تَقْديرُهُ: وَيَسْتَمِرُّونَ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الهَلَاكِ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ، وقيلَ: هوَ مُتَعَلِّقٌ بِـ "حرامٌ" مِنَ الآيَةِ السَّابقةِ وَغايَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ رُجُوعِهِمْ لَا يَزُولُ حَتَّى تَقومَ القِيَامَةُ، و "حَتَى" هِيَ الَّتي يُحْكَى بَعْدَهَا الكَلَامُ، والكَلَامُ المَحْكِيُّ هُوَ الجُمْلَةُ مِنَ الشَّرْطِ وَالجَزَاءِ، أَيْ: "إِذَا" وَمَا في حَيِّزِهَا. وقَدْ نحا أَبُو البَقَاءِ هَذَا النَّحْوَ فَقَالَ: و "حَتَّى" مُتَعَلِّقَةٌ بـ "حَرَامٌ" في المَعْنَى، أَيْ: يَسْتَمِرُّ الامْتِنَاعُ إِلَى هَذَا الوَقْتِ، وَلَا عَمَلَ لَهَا في "إِذَا". وَقالَ الحُوفِيُّ: هِيَ غَايَةٌ، وَالعامِلُ فِيها مَا دَلَّ عَلَيْهِ المَعْنَى مِنْ تأسُّفِهِمْ عَلى مَا فَرَّطوا فِيهِ مِنَ الطَّاعَةِ حِينَ فاتَهُمُ الاسْتِدْارَكُ. أَمَّا ابْنُ عَطِيَّةَ فقَالَ: "حَتَّى" مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ "وَتَقَطَّعُوا".
وَبِنَاءً عَلَى بَعْضِ التَّأْويلاتِ المُتَقَدِّمَةِ فإِنَّها تَحْتَمِلُ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِـ "يَرْجِعون" مِنَ الجملةِ السَّابقةِ، وَتَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ تَكونَ حَرْفَ ابْتِدَاءٍ، ـ كَمَا تقدَّمَ، وَهُوَ الأَظْهَرُ؛ وَذَلِكَ بِسَبَبِ "إِذَا"؛ لِأَنَّها تَقْتَضِي جَوَابًا هُوَ المَقْصُودُ ذِكْرُه.
قالَ الشَّيْخُ أَبو حَيَّانَ الأندلُسيُّ: وَكَوْنُ "حَتَّى" مُتَعَلِّقَةً بـ "تَقَطَّعُوا" فِيهِ بُعْدٌ مِنْ حيثُ كَثْرَةُ الفَصْلِ، لِكِنَّهُ مِنْ حَيْثُ المَعْنَى جَيِّدٌ: وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ عَلَى دِينِ الحَقِّ إِلَى قُرْبِ مَجِيءِ السَّاعَةِ، فَإِذَا جَاءَتِ السَّاعَةُ انْقَطَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ.
وَبهذا يكونُ قدْ تَلَخَّصَ لَدَيْنا فِي تَعْلُّقِ "حَتَّى" أَوْجُهٌ: أمَّا أَحَدُهَا: فهوَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بـ "حَرَامٌ". وأَمَّا الثاني: فهوَ أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ المَعْنَى، وَهُوَ قَوْلُ الحُوفِيِّ. والثالثُ: هوَ تَعَلُّقُها بـ "تَقَطَّعوا". والرابعً: هوَ تَعَلُّقُها بـ "يَرْجِعون".
كَمَا تَلَخَّص لدينا وَجْهَانِ، في "حَتَّى" أَحَدُهُما: أَنَّهَا حَرْفُ ابْتِداءٍ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنِ عَطِيَّةَ، والثاني: أَنَّها حَرْفُ جَرٍّ، بِمَعْنَى "إِلَى". و "إِذا" ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ، يتضمَّنُ معنى الشَّرطِ، وهوَ خافِضٌ لِشَرْطِهِ مُتَعَلِّقٌ بِجَوَابِهِ. و "فُتِحَتْ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، مبنيٌّ على الفتحِ، والتاءُ السَّاكِنَةُ للتَأْنيثِ، وذلكَ لِتَأْوِيلِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بِالْأُمَّةِ. ثُمَّ يُقَدَّرُ الْمُضَافُ وَهُوَ سَدٌّ فَيُكْتَسَبُ التَّأْنِيثُ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. فَإِنَّ إِسْنَادَ فِعْلِ "فُتِحَتْ" إِلَى يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ هوَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: فُتِحَ رَدْمُهُمَا أَوْ سَدُّهُمَا. وَفِعْلُ الْفَتْحِ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَفْعُولِ. وَ "يَأْجُوجُ" نائِبٌ عَنْ فاعِلِهِ مَرْفوعٌ بِهِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: سَدُّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَقَدْ تَقَدَّم الكَلامُ فِيهِمَا غيرَ بعيدٍ. وَ "مَأْجُوجُ" مَعْطوفٌ عَلَى "يَأْجُوجُ" مَرْفُوعٌ مَثْلُهُ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ فِي مَحَلِّ الخَفْضِ بِإِضَافَةِ "إذا" إِلَيْهَا، عَلى كَوْنِهَا فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا. وَفِي جَوَابِ "إِذَا" وَجْهانِ:
الأَوَّلُ: أَنَّهُ مَحْذوفٌ فَقَدَّرَهُ أَبُو إِسْحَاقٍ الزَّجَّاجُ بـ: قالَوا يَا وَيْلَنا، وَقَدَّرَهُ غَيْرُهُ بـ: فَحِينَئِذٍ يُبْعَثُونَ. وَقَوْلُهُ بعدَ ذلكَ في الآيةِ التاليَةِ: {فإِذَا هِيَ شاخِصَةُ} هوَ عَطْفٌ عَلى هَذَا المُقَدَّرِ.
الثاني: وَقالَ الحُوفِيُّ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ، وَابْنُ عَطِيَّةَ. بِأَنَّ جَوَابَهَا الفَاءُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ {فإذا هِيَ}، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: و "إِذَا" هِيَ المُفَاجَأَةُ، وَهِيَ تَقَعُ فِي المُجَازَاةِ سادَّةً مَسَدَّ الفاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} الآيةَ: 36، مِنْ سورةِ الرُّومِ، فَإِذَا جَاءَتِ الفَاءُ مَعَهَا تَعَاوَنَتَا عَلَى وَصْلِ الجَزَاءِ بِالشَّرْطِ فَيَتَأَكَّدُ. وَلَوْ قِيلَ: إِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ كَانَ سَديدًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالَّذي أَقُولُ: إِنَّ الجَوَابَ فِي قَوْلِهِ {فإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ}، وَهَذَا هوَ المَعْنَى الذي قُصِدَ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعُهُمُ الَّذي كانُوا يُكَذِّبونَ بِهِ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ امْتِنَاعَهُ.
قَوْلُهُ: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} الوَاوُ: حاليَّةٌ، و "هُمْ" ضَمِيرٌ منفصِلٌ مَبنِيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ هَذا الضَّميرُ عَلَى "يَأْجُوجَ وَمَأْجوجَ"، وهوَ الأظهَرُ، وَيجوزُ أَنْ يَعُودَ عَلى العالَمِ بِأَسْرِهِمْ. و "مِنْ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَنْسِلُونَ"، وَ "كُلِّ" مَجْرُورٌ بحرْفِ الجَرِّ، مُضافٌ، وَ "حَدَبٍ" مَجْرُورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ، وَقَدْ قُدِّمَ الجارُّ عَلى مُتَعَلَّقِهِ لِتَوَاخِي رُؤوسِ الآيِ. وَ "يَنْسِلُونَ" فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ في آخِرِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفَاعِلِيَّةِ، والجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ المُبْتَدَأِ، وَالجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، عَلى الحالِ مِنْ "يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ".
قَرَأَ العامَّةُ: {فُتِحَتْ} مُخَفَّفَةً، وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ "فُتِّحَتْ" بالتشديدِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ، أَنَّهُ قَرَأَ "حَتَّى إِذا فَتِحَتْ" خَفِيفَةً، و "يَأْجُوج وَمَأْجُوج" مَهْمُوزَةً.
قَرَأَ العامَّةُ: {يَنْسِلونَ} بِكَسْرِ السِّينِ، وَقرأَ أَبُو السَّمَّالِ، وَابْنُ أَبي إِسْحَاقَ بِضَمِّها.
قَرَأَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ مَسْعودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، "جَدَثٍ" بالثَّاءِ المُثَلَّثَةِ، وَهُوَ القَبْرُ. وَقُرِئَ بالفَاءِ وَهِيَ بَدَلٌ مِنْهَا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الثَّاءُ للحِجَازِ، والفاءُ لِتَمِيمٍ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكونَا أَصْلَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّا مِنْهُمَا لُغَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، وَلَكِنْ قَدْ كَثُرَ إِبْدَالُ الثَّاءِ مِنَ الفَاءِ، قَالُوا: مَعْثُورٌ فِي مَعْفُورٍ، وَقَالُوا: "فُمَّ" فِي "ثُمَّ"، فَأُبْدِلَتْ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ تَارَةً، وَهَذِهِ مْنِ هَذِهِ أُخْرَى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 96
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: