روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 81

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 81 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 81 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 81   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 81 I_icon_minitimeالأحد ديسمبر 13, 2020 7:36 am

وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ
(81)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} المَعْنَى: وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً، أَيْ: سَريعَةَ الجَرْيِ شَدِيدَةَ الْهُبُوبِ.
وَتَسْخِيرُ الرِّيحِ: يَعْنِي تَسْخِيرَهَا لِمَا تَصْلُحُ لَهُ، أَيْ: سخَّرْناها لِإِبْحَارِ والسُّفُنِ وَالْمَرَاكِبِ فِي الْبَحْرِ. هَذا في الأَسَاسِ، ولكِنَّ تَسْخِيرَها لِسُلَيمانَ كانَ مُطلَقًا، لِهَذَا ولِغَيْرِهِ كما سَيَأْتِي.  
وَاللامُ هُنَا للدَّلالَةِ عَلى مَا بَيْنَ هَذَيْنِ التَّسْخِيرِيْنَ مِنَ اخْتِلَافٍ وَتَفَاوُتٍ، فإِنَّ تَسْخِيرَ الجِبَالِ وَالطَّيْرِ لِدَاوُدَ كانَ بطريقِ التَبَعِيَّةِ لَهُ والاقْتِدَاءِ بهِ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، فِيما يَتَعلَّقُ بِعِبَادَةِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلِّ، بَيْنَمَا كَانَ تَسْخِيرُ الرِّيحِ وَغَيْرِهَا لِسُلَيْمانَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، بانْقِيادِهَا الكُلِيِّ لَهُ، وامْتِثَالِهَا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، بِطَريقِ التَّصَرُّفِ والتَّسَلُّطِ والقَهْرِ.
وَ "عاصِفةً" شديدةً، سَريعَةً. وَالعَصِيفَةُ: الوَرَقُ المُجْتَمِعُ حَوْلَ السُنْبُلِ. وَالعُصافَةُ: ما سَقَطَ مِنَ السُّنْبُلِ مِنَ التِّبْنِ وَغَيِرِهِ. والعَصْفُ، والعَصْفَةُ، والعَصِيفةُ، وَالعُصافَةُ: مَا كاَنَ عَلى سَاقِ الزَّرْعِ مِنَ الوَرَقِ الذي يَيْبَسُ فَيَتَفَتَّتُ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ، وَقولُهُ تَعَالى مِنْ سُورةِ الرَّحمَن: {والحَبُّ ذُو العَصْفِ والرَّيْحانُ} الآيةَ: 12، يَعْنِي بِـ "العَصْفُ" مَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ وَرَقِ الزَّرْعِ، وَبِـ "الرَّيْحانُ" مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ. وَالعَصْفَانِ: التِّبْنانِ، والعُصُوفُ: الأَتْبانُ. وَالعَصِيفَةُ: رُؤُوسُ سُنْبُلِ الحِنْطَةِ، والعَصْفُ والعَصِيفَةُ أَيضًا: الوَرَقَ المَنْفَتِحُ عِنْ ثَمَرٍ، والعُصافَةُ مَا سَقَطَ مِنَ السُّنْبُلِ، ويُسَمَّى أَيْضًا تِبْنًا. وَأَعصَفَ المَكَانُ: كَثُرَ زرعُهُ، وَمَكانٌ مُعْصِفٌ: كَثِيرُ الزَّرْعِ. قَالَ أَبُو قَيْسِ بْنِ الأَسْلَتِ الأَنْصَارِيُّ:
إِذَا جُمَادَى مَنَعَتْ قَطْرَها .................... زَانَ جَنَابِي عَطَنٌ مُعْصِفُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورةِ الفِيلِ: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} الآية: 5، قَالَ الحَسَنُ البَصْريُّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَيْ: جَعَلَهُمْ كَزَرْعٍ قَدْ أُكِلَ حَبُّهُ وَبَقِيَ تِبْنُهُ. وتَقُولُ: عَصَفْتُ الزَّرْعَ، إِذا جَزَزْتَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ.
والعَصْفُ: مِنْ عْصَفَ الزَّرْعُ، وأَعْصَفَ، إِذَا طَالَ عَصْفُهُ وقويَ واشْتَدَّ، وَمِنْهُ يُقَالُ: عَصَفَتِ الرِّيحُ أَيِ: اشْتَدَّتْ، فَهِيَ رِيحٌ عَاصِفٌ وَعَصُوفٌ، وَالْعَصْفُ: بَقْلُ الزَّرعِ، التِّبْنُ فَسُمِّيَ بِهِ شِدَّةُ الرِّيحِ، لِأَنَّهَا تَعْصِفُهُ بِشِدَّةِ فتَطَيُّرِهُ. وَفِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ: أَعْصَفَتِ الرِّيحُ فَهِيَ مُعْصِفٌ وَمُعْصِفَةٌ. وَعَصَفَتِ الريحُ، أَيِ اشْتَدَّتْ، فَهِيَ رِيحٌ عَاصِفٌ وَعَصُوفٌ. وفي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ: أَعْصَفَتِ الريحُ فهي مُعْصِفةٌ، ومُعْصِفٌ. وَأَعْصَفَ الفَرَسُ، إِذَا مَرَّ مَرًّا سَريعًا، وَنَاقَةٌ عَصُوفٌ، وَفَرَسٌ عَصوفٌ، أَيْ: سَريعَةُ العَدْوِ. وَيَوْمٌ عاصِفٌ، ومُعْصِفٌ: شَديدُ الريحِ، فَقَدْ جَاءَ "فَاعِلٌ" بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ نَائِمٌ وَهَمٌّ نَاصِبٌ.
والعَصْفُ أَيْضًا: الكَسْبُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرُ الرَّاجِزِ العجَّاجُ يعاتبُ ابْنَهُ رُؤْبَةَ، وَقَدْ كَبُرَ، وَأَرْعَشَ، وَظَنَّ أَنَّ ابْنَهُ طَمِعَ فِي مَالِهِ وَرَجَا هَلَاكَهُ:
قَالَ الَّذِي جَمَّعْتَ لِي صَوَافِي ......... مِنْ غَيْرِ لا عَصْفٍ وَلا اصْطِرَافِ
وَخَتَمَ بِقَوْلِهِ:
لَيْسَ كَذَاكُمْ وَلَدُ الأَشْرَافِ ................. أَعْجَلَنِي المَوْتَ وَلَمْ يُكًافِ
سَوْفَ يُجَازيكَ مَلِيكٌ وَافِ ............... بِالأَخْذِ إِنْ جَازَاكَ، أَوْ يُعافِي
فَـ "عَصَفَ يَعْصِفُ" و "اعْتَصَفَ يَعْتَصِفُ" طَلَبَ وَاكْتَسَبَ وَاحْتَالَ، وكَذَلِكَ الاعْتِصافُ. وَعَصَفَتِ الحَرْبُ بِالْقَوْمِ تَعْصِفُ، أَيْ: ذَهَبَتْ بِهِمْ وَأَهْلَكَتْهُمْ، قَالَ الأَعْشَى:
في فَيْلَقٍ جأْوَاءَ مَلْمُومَةٍ ..................... تَعْصِفُ بالدَارِعِ والحَاسِرِ
فَأَعْصَفَ الرَّجُلُ، أَيْ: هَلَكَ.
قولُهُ: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} الْمُرَادُ أَنَّهَا تَجْرِي رَاجِعَةً إِلَى الشَّامِ عَنِ الْأَقْطَارِ الَّتِي خَرَجَتْ إِلَيْهَا لِمَصَالِحِ مُلْكِ سُلَيْمَانَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ، وَذَلِكَ لأَنَّهَا مُسَخَّرَةٌ لَهُ.
فالْأَرْضِ الَّتِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا هِيَ الشَامُ الَّتي مِنْهَا فِلَسْطِينُ حَيْثُ كانتِ المَرَاكِبُ تَمْضي بالْبَضَائِعَ الَّتِي تُصَدِّرُهَا مَمْلَكَةُ سُلَيْمَانَ فِي الشَّامِ كَزَيْتِ الزَّيْتُونِ وَالتِّينِ وغيرِ ذلكَ، إِلَى البِلَادِ الْمُطِلَّةِ عَلى البَحْرِ الأَبْيَضِ المُتَوَسِّطِ، وَتَرْجِعُ بِبَضَائِعِ تِلْكَ البِلَادِ، كالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْعَاجَ، وَالْأَوانِي، وَالْحُلَلِ، وَالسِّلَاحِ، وَالطِّيبِ، وَالطَّوَاوِيسِ، وَالْخَيْلِ، وَالْبِغَالِ، والقِرَدَةِ. وَقَالَ فِي الآيَةِ: 12، مِنْ سُورَةِ سَبَأٍ: {وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ}.
وَوَصَفَهَا هُنَا بِأَنَّها "عَاصِفَةً" أَيْ: قَوِيَّةٍ سَريعَةٌ. وَوَصَفَهَا فِي الآيَةِ: 36، مِنْ سُورَةِ (ص) بِأَنَّهَا "رُخاءً"، وَذَلِكِ بقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ}. وَالرُّخَاءُ: اللَّيِّنَةُ الْمُنَاسِبَةُ لِسَيْرِ الْفُلْكِ. وَذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا أَرَادَ الْإِسْرَاعَ فِي السَّيْرِ سَارَتْ عَاصِفَةً، وَإِذَا أَرَادَ اللِّينَ سَارَتْ رُخَاءً، فإِنَّها خاضعةٌ لِإِرَادَةِ سُلَيْمَانَ، ممتَثلةٌ لِأَمْرِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْآيَتَيْنِ: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ} الْمُشْعِرُ بِاخْتِلَافِ مَقْصِدِ سُلَيْمَانَ مِنْهَا، فإِذَا كَانَ رَاكِبًا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يُرِيدُهَا رُخَاءً لِئَلَّا تُزْعِجَهُ، وَإِذَا كانَتْ تَحْمِلُ البَضَائعَ مِنْ مَمْلَكَتِهِ أَوْ إِلَيْها، أَوْ لِغرَضٍ آخَرَ يَقْتَضِي الإِسْراعَ أَمَرَهَا فَكَانَتْ عَاصِفًا.
وَهَذا كلُّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، في دُعَائهِ: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} الآيَةَ: 35، مِنْ سُورَةِ (ص)، فَهذا يَشْمَلُ كُلَّ مَا بِهِ اسْتِقَامَةُ أُمُورِ الْمُلْكِ، واللهُ تعالى هُوَ مُلهِمُ العبدَ الدَّعاءَ، وهوَ المُسْتَجِيبُ، فإذا أرادَ بعبدٍ خيرًا أَلْهَمَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ وأجابهُ إلى ما سَأَلَ، فَقَدِ اسْتَجابَ لِسُليمانَ الدُعاءَ ربُّهُ، فأَعْطاهُ ما سأَلَ.
فالأَرْضُ الَّتي بَارَكَ اللهُ فِيهَا هِيَ الشَّامَ. وَقدْ رُوِيَ أَنَّ السُّفُنَ كَانَتْ تَجْرِي بِسُلَيْمَانَ وَبِأَصْحَابِهِ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ، ثُمَّ تَعودُ بِهِ إِلَى الشَّامِ.
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَجْلِسِهِ عَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْرُ، وَقَامَ لَهُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ حَتَّى يَجْلِسَ عَلَى سَرِيرِهِ. وَكَانَ امْرَأً غَزَّاءً لَا يَقْعُدُ عَنِ الْغَزْوِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ أَمَرَ بِخَشَبٍ فَمُدَّتْ وَرُفِعَ عَلَيْهَا النَّاسُ وَالدَّوَّابُّ وَآلَةُ الحَرْبِ، ثُمَّ أَمَرَ الْعَاصِفَ فَأَقَلَّتْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ الرُّخَاءَ فَمَرَّتْ بِهِ شَهْرًا فِي رَوَاحِهِ وَشَهْرًا فِي غُدُوِّهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى منْ سُورَةِ (ص): {تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ} الآيةَ: 36. وَالرُّخَاءُ اللَّيِّنَةُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَالْحَاكِمُ، وَصَححَّهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، يُوضَعُ لَهُ سِتِّمِئَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ، ثُمَّ يَجِيءُ أَشْرَافُ النَّاسِ فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِيهِ، ثمَّ يَجِيءُ أَشْرَافُ الْجِنِّ فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِي أَشْرَافَ الْإِنْسِ، ثُمَّ يَدْعُو الطَّيْرَ فَتُظِلُّهُمْ، ثُمَّ يَدْعُو الرِّيحَ فَتَحْمِلُهُمْ فَيَسيرُ مَسيرَةَ شَهْرٍ فِي الْغَدَاةِ الْوَاحِدَةِ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ عَنْ الإِمَامِ التابعيِّ العلَّامةِ مُحَمَّدِ بْنُ كَعْبِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ سُلَيْمٍ القُرظيِّ المَدَنيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ سُلَيْمَانَ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ، كَانَ عَسْكَرُهُ مِئَةَ فَرْسَخٍ، خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا لِلإِنْسِ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ للجِنِّ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ للْوَحْشِ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ للطَّيْرِ، وَكَانَ لَهُ أَلْفُ بَيْتٍ مِنْ قَوَارِيرَ عَلى الْخَشَبِ، فِيهَا ثَلاثُمِئَةِ حُرَّةٍ، وَسَبْعُمِئَةِ سَرِيَّةٍ، فَيَأَمُرُ الرِّيحَ العاصِفَ فَتَرْفَعُهُ، فَيَأَمُرُ الرِّيحَ الرُّخاءَ فَتَسيرُ بِهِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنِّي أَزِيدُ فِي مُلْكِكَ، أَن لَّا يَتَكَلَّمَ أَحَدٌ بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَتِ الرِّيحُ فَأَخْبَرَتْكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ التَّابِعِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ يَأْمُرُ الرِّيحَ فَتَجْتَمِعُ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِفِراشِهِ فَيُوضَعُ عَلى أَعلَى مَكَان مِنْهَا ثُمَّ يَدْعُو بِفَرَسٍ مِنْ ذَوَاتِ الأَجْنِحَةِ، فَتَرْتَفِعُ حَتَّى تَصْعَدَ عَلى فِرَاشِهِ ثُمَّ يَأْمُرُ الرِّيحَ فَتَرْتَفِعُ بِهِ كُلَّ شَرَفٍ دُونَ السَّمَاءِ، فَهُوَ يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ، مَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا تَعْظِيمًا للهِ وَشُكْرًا، لِمَا يَعْلَمُ مِنْ صِغَرِ مَا هُوَ فِيهِ فِي مُلْكِ اللهِ، يَضَعُهُ الرِّيحُ حَيْثُ يَشَاءُ هوَ أَنْ يَضَعَهُ.
وَأَخْرَجَ أخْرجَهُ الطَّبريُّ، وَالبَغَوِيُّ، وابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: كَانَ لِسُلَيْمَان مَرْكَبٌ مِنْ خَشَبٍ، وَكَانَ فِيهِ أَلْفُ رُكْنٍ، فِي كُلِّ رُكْنٍ أَلْفُ بَيْتٍ، يَرْكَبُ مَعَهُ فِيهِ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ، تَحْتَ كُلِّ رُكْنٍ أَلْفُ شَيْطَانٍ يَرْفَعُونَ ذَلِكَ الْمَرْكَبِ، فَإِذا ارْتَفعَ جَاءَتِ الرِّيحُ الرُّخَاءُ فَسَارَتْ بِهِ، وَسَارُوا مَعَهُ، فَلَا يَدْرِي الْقَوْمُ إِلَّا وَقَدْ أَظَلَّهُمْ مِنَ الجُيُوشٍ والجُنُودِ.
قوْلُهُ: {وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمَسُوقَةِ لِذِكْرِ عِنَايَةِ اللهِ بِنَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ. أَيْ: وَكُنَّا بِتَدْبِيرِ كُلِّ شَيْءٍ عَمِلْنَاهُ عَالِمِينَ، فَإِنَّ أَفْعَالَنَا عَنْ عِلْمٍ وَدِرَايَةٍ، وَحِكْمَةٍ وإِرَادَةٍ، وَلَيْسَتْ عَبَثًا واعْتِبَاطًا، أَوْ دُونَ إِرَادَةٍ مِنَّا. وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّ تَسْخِيرَ الرِّيحِ لِمَصَالِحِ سُلَيْمَانَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ عِلْمِ اللهِ بِمُخْتَلِفِ أَحْوَالِ الْأُمَمِ وَالْأَقَالِيمِ وَمَا هُوَ مِنْهَا لَائِقٌ بِمَصْلَحَةِ سُلَيْمَانَ فَيُجْرِي الْأُمُورَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ الَّتِي أَرَادَهَا سُبْحَانَهُ إِذْ قَالَ في الآيةَ: 20، مِنْ سُورةِ (ص): {وَشَدَدْنا مُلْكَهُ}.
وَقد جاءتْ هَذِهِ الآيَةُ الكريمَةُ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ قولِهِ: {وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ والْطَّيْرَ} مِنَ الآيةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَالتَسْخِيرُ فِي كِلْتَا الْقصَّتَيْنِ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ، وقدْ جَاءَ مُعْجِزَةً لكُلٍّ مِنَ النَّبِيَيْنِ الكريمَيْنِ داوودَ وسُلَيْمَانَ ـ عَلَى نَبِيِّنا وَعَلَيْهِمَا أَزكى الصَّلاةِ وَالسَّلَامِ.
قوْلُهُ تَعَالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} الواوُ: عَاطِفَةٌ، و "لِسُلَيْمَانَ" اللامُ حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْديرُهُ: وَسَخَّرْنا لِسُلَيْمَانَ، و "سُلَيْمَانَ" اسْمٌ مجرورٌ بحرْفِ الجَرِّ، وعلامةُ جَرِهِ الفتحةُ نيابةً عَنِ الكسْرةِ لأنَّهُ مَمْنُوعٌ منَ الصَّرفِ بالعَلَمِيَّةِ وزِيادَةِ أَلِفٍ ونونٍ في آخِرِهِ. وَ "الرِّيحَ" مَفْعُولٌ بِهِ لِـ "سَخَّرْنَا" المُقدَّرِ المَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ في الآيةِ: 79: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ}. و "عَاصِفَةً" منصوبٌ على الحَالِ مِنَ "الرِّيحَ". والجُمْلَةُ المَحْذُوفَةُ، مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ}.
قولُهُ: {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي} تَجْرِي: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجَازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ على آخِرِهِ لثقلِ ظهورها على الياءِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هي) يَعُودُ عَلَى "الرِّيحَ". و "بِأَمْرِهِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تَجْرِي"، و "أمرِهِ" مجرورٌ بحرْفِ الجرِّ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ. وَ "إِلَى" حرفٌ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تَجْرِي"، و "الْأَرْضِ" مجرورٌ بحرْفِ الجَرِّ. وَالجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على أنَّها حالٌ ثانيَةٌ مِنَ "الرِّيحَ". وَ "الَّتِي" اسمٌ مَوْصولٌ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ، صِفَةً للأَرْضَ مَجْرُورَةٌ مِثْلُهَا.
قولُهُ: {بَارَكْنَا فِيهَا} بَارَكْنَا: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هو "نا" المُعظِّمِ نفسَهُ ـ سُبْحانَهُ، و "نا" التَّعْظيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفْعِ بالفَاعِلِيَّةِ. و "فِيهَا" في: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "بَارَكْنَا"، و "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. والجملةُ الفعْلِيَّةُ هَذِهِ صَلَةُ الاسْمِ المَوْصُولِ "الَّتِي" لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
قوْلُهُ: {وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} الواوُ: اسْتِئنافيَّةٌ، و "كُنَّا" فِعْلٌ مَاضٍ ناقِصٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هُوَ "نَا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ـ سُبْحانَهُ، وَ "نَا" التَّعْظيمِ هَذِهِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ اسْمُ "كان"، وَقَدْ حُذِفتْ الألِفُ مِنْ وسطِ "كان" لالتِقاءِ السَّاكِنيْنِ. و "بكلِّ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بالخبرِ "عَالِمِينَ"، و "كلِّ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ، وهوَ مُضافٌ، و "شيْءٍ" مجرُورٌ بالإضافةِ إلَيْهِ. و "عالِمِينَ" خبرُ "كانَ" منصوبٌ بها، وعلامةُ نَصْبِهِ الياءُ لأنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ، وَالجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قرأَ الجُمْهُورُ: {وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ} وقدْ تقدَّمَ توجيهُها في مَبْحَثِ الإِعْرابِ، وَقَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ وَالسُّلَمِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ "وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحُ" بِرَفْعِ الْحَاءِ عَلَى الْقَطْعِ مِمَّا قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى وَلِسُلَيْمَانَ تَسْخِيرُ الرِّيحِ، عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 81
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 13
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 29
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 46
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 61
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (الأنبياء) الآية: 77

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: