روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 87

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 87 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 87 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 87   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 87 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 25, 2020 3:55 pm

لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)


قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} أَيْ: إِنَّ أُولئكَ المُجْرِمونِ المذكورونَ في الآيَةِ: 86، السَّابِقَةِ وَجَمِيعَ المُجْرِمِينَ وَالكافرينَ، لَا يَسْتَطيعونَ الشَّفاعَةِ، فَلَا يَشْفَعونَ وَلَا يُشْفَعُ لَهُمْ يومَ القيامةِ حِينَ يَشْفَعُ أَهْلُ المُؤمنونَ بَعْضُهُم لِبَعْضٍ، لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ لِا تَكونُ إِلَا لِمَنْ أُذِنَ لهُ بِهَا.
وَللآيَةِ وجهانِ مِنَ التفسيرِ، وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الذي يَعْنِي أَنْ يَكونَ للكلامِ أَوْجُهٌ مِنَ التَّفْسِيرِ كُلُّهَا حَقٌّ، وَفِي القرآنِ الكريمِ الكثيرُ مِنَ الآياتِ الَّتي فُسِّرتْ بِوُجوهٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَشْهَدُ لَهُ قُرْآنٌ، وكُلُّها حَقٌّ.
فإنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَرْجِعَ الْوَاوَ فِي "ولَا يَمْلِكُونَ" إِلَى الْمُجْرِمِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ منَ الآيَةِ التي قبلَها: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ} أَيْ: لَا يَمْلِكُ الْمُجْرِمُونَ الشَّفَاعَةَ، بِمَعْنَى لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِمْ أَحَدٌ يُخَلِّصُهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ. وَتَشْهَدُ لِهذا الوجْهِ آيَاتٌ كَريمَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ العزيزِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الأنْبِياءِ: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} الآيَةَ: 28، وقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الشُّعَراءِ: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} الآيةَ: 100، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ غافر: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} الْآيَةَ: 18، وقولِهِ مِنْ سُورَةِ المُدَّثِّرِ: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} الآيةَ: 48. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهُ أَنَّ الْمُجْرِمِينَ لَا يَشْفَعُونَ فِي غَيْرِهِمْ، لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِمْ غَيْرُهُمْ لِكُفْرِهِمْ فَشَفَاعَتُهُمْ فِي غَيْرِهِمْ مَمْنُوعَةٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَعَلَى كَوْنِ الْوَاوِ فِي لَا يَمْلِكُونَ رَاجِعَةً إِلَى الْمُجْرِمِينَ فَالِاسْتِثْنَاءُ هنا مُنْقَطِعٌ وَ "مَنِ" فِي مَحِلِّ النَصْبِ، وَالْمَعْنَى: لَكِنْ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ، أَيْ: بِتَمْلِيكِ اللهِ إِيَّاهُمْ، وَإِذْنِهِ لَهُمْ، وَبِهِ يَسْتَحِقُّهَا الْمَشْفُوعُ لَهُ، كما قَالَ تَعَالَى في آيةِ الكرسيِّ وهي الآيةُ: 255، منْ سُورةِ البقرَة: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} وَكما قَالَ مِنْ سُورةِ الأنبياء: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} الآية: 28، وَكقَولِهِ تَعَالَى في الآيةَ: 26، منْ سُورَةِ النَّجْمِ: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}.
وَيجوزُ أَيْضًا أَنْ تَرجِعَ هذهِ الواوُ إِلَى "الْمُتَّقِينَ"، وَ "الْمُجْرِمِينَ" الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ مِنَ الآتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} الآية: 85، {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} الآية: 86، فَيكونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: "إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا" مُتَّصِلًا، وَتكونُ "مَنْ" بعدَها بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ فِي "لَا يَمْلِكُونَ"، أَيْ: لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ جَمِيعِهِمْ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ. أَيْ: إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّهُمْ يَشْفَعُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ. وهَذا التفسيرُ مؤَيَّدٌ بقولِهِ تَعَالَى مِنْ سورةِ طَهَ: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} الآيةَ: 109، وَقولُهُ مِنْ سورةِ الرُّوم {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ} الآيةَ: 13، وقَوْلُهُ مِنْ سُورَةِ الزُّخْرُفِ: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُون} الْآيَةَ: 86، أَيْ: لَكِنْ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ يَشْفَعُ بِإِذْنِ اللهِ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَالْأَحَادِيثُ فِي الشَّفَاعَةِ وَأَنْوَاعِهَا كَثِيرَةٌ.
والشَّفاعةُ إِنَّمَا تَكونُ فِيمَنِ اسْتَوْجَبَ العقوبَةَ العَذَابَ، فَأَمَّا مَنْ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ فَذَنْبُهُ مَغْفُورٌ ولا مَعْنَى للشَّفاعَةِ فِيهِ، يُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ الأَئمَّةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وأنَسٍ وابنِ عبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُم: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الكَبَائرِ مِنْ أُمَّتِي)). وفي رِوَايَةٍ: (إنَّ شفاعتي ..). وفي روايةٍ: (ادَّخَرْتُ ..). أَخْرَجَهُ الأَئمَّةُ: أَحْمَدُ: (3/213، رقم 13245)، وأبو داود: (4/236، رقم 4739)، والترمذيُّ: (4/625، رقم 2435) وقال: حَسَنٌ صحيح غريب، وَابْنُ أَبي عاصِمٍ: (2/399، رقم: 831)، وأبو يَعْلَى: (6/40، رقم: 3284)، وابْنُ حِبَّان: (14/387، رقم: 6468)، والطبرانيُّ: (1/258، رقم: 749)، والحاكم: (1/139، رقم: 228) وقال: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ: (1/287، رقم: 310)، والضياءُ المَقدسيُّ: (4/382، رقم: 1549). فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلى المُعْتَزِلَةِ في أَنَّ صَاحِبَ الكَبيرةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ.
قوْلُهُ: {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ هُنَا، والمعنى: لَكِنْ يَمْلِكُ الشَّفَاعَةَ يَوْمئِذٍ مَنِ اتَّخَذَ عِنْد الرَّحْمَانِ عَهْدًا، أَيْ مَنْ وَعَدَهُ اللهُ تَعَالى بِأَنْ يَشْفَعَ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ ـ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. والعَهْدُ هُوَ الَقِيَامُ بالتَّكاليفِ المَفْروضَةِ، ثُمَّ الزَّيادَةُ عَلَيْهَا ما يُؤَهِّلُ للشَّفاعةِ بالآخَرينَ. وَعَلَيْهِ فإِنَّ سيِّدَنا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ أَوَّلُ الَّذي وَجَبَتْ لَهُ الشَّفاعَةُ، وَأُذِنَ لَهُ بِهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (الْأَسْمَاء وَالصِّفَات) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنَ عَهْدًا" قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَالتَبَرَّأُ مِنَ الْحَوْلِ وَالقُوَّةِ، وَأَلَّا يَرْجُو إِلَّا اللهَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ فِي قَوْلِهِ: "إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا" قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ شُفَعَاءَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ: "إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا" قَالَ: الْعَهْدُ: الصَّلاحُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما، فِي قَوْلِهِ: "إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا" قَالَ: مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَدْخَلَ عَلَى مُؤْمِنٍ سُرُورًا فَقَدْ سَرَّني، وَمَنْ سَرَّني فَقَدِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا، وَمَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا فَلَا تَمَسُّهُ النَّارُ إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ المِيعادَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَححهُ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَرَأَ: "إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا" قَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدِي عَهْدٌ فَلْيَقُمْ، فَلَا يَقومُ إِلَّا مَنْ قَالَ هَذَا فِي الدُّنْيَا: {قُولُوا اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْني مِنَ الشَّرِّ، وَتُبَاعِدْنِي مِنَ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ فَاجْعَلْهُ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُؤَدِّيهِ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ المِيعادَ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ جَاءَ بالصَّلَواتِ الْخَمْسِ يَوْمَ الْقِيَامَةَ ـ قَدْ حَافَظَ عَلَى وُضُوئها، وَمَوَاقِيتِها، وَرُكوعِها، وَسُجُودِهَا، لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا شَيْئًا ـ جَاءَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُ، وَمَنْ جَاءَ قَدِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ)).
وَأَخْرَجَ الْحَكِيم التِّرْمِذِيُّ في (نوادرِ الأُصُولِ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عنْهُ وأَرضاهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَالَ فِي دُبرِ كُلِّ صَلَاةٍ ـ بَعْدَمَا سَلَّمَ، هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: كَتَبَهُ مَلَكٌ فِي رِقٍّ فَخَتُمِ بِخَاتَمٍ، ثُمَّ دَفعَهَا إِليَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِذا بَعَثَ اللهُ العَبْدَ مِنْ قَبْرِهِ، جَاءَهُ الْملَكُ وَمَعَهُ الْكِتَابُ يُنَادي: أَيْنَ أَهْلُ العُهُودِ حَتَّى تُدْفَعَ إِلَيْهِمْ، والكَلِماتُ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ ـ إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِأَنَّكَ أَنْت اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَريكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي، فَإنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْنِي مِنَ الشَّرِّ، وَتُبَاعِدْنِي مِنَ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتِكَ، فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ لِي عَهْدًا عِنْدَكَ تُؤَدِّيهِ إِلَيّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ المِيعَادَ)). نوادرُ الأُصُولِ في أحاديثِ الرَّسولِ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ: (2/272). وكَنْزُ العمَّالِ: (4961). ذكرَهُ الإمامُ السُّيوطيُّ في الدُرِّ المنثورِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنَ طَاوُسَ بْنِ كَيْسَانَ اليَمَانيِّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّهُ أَمَرَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَكُتِبَتْ فِي كَفَنِهِ.
قولُهُ تَعَالى: {لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ} لا: نافيَةٌ، وَ "يَمْلِكُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مرْفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ ثباتُ النُّونِ في آخرِهِ، لِأَنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعليَّةِ. و "الشَّفَاعَةَ" مَفعولُهُ منصوبٌ بِهِ، والجُمْلةُ الفعليَّةُ هَذِهِ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ، وَهِي مَسُوقَةٌ لِتَقْريرٍ حالِ النَّاسِ جَمِيعًا مُؤمِنِهم وكافرِهم، وَليسَ الفَريقَيْنِ المُتَقَدِّمَ ذكْرُهما فَحَسْبُ، فهي مَسُوقةٌ للإِخبارِ بِذلكَ، وَيَجوزُ أَنْ تكوَنَ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الحَالِ مِمَّا تَقَدَّمَ.
قولُهُ: {إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} إِلَّا: أَدَاةُ حَصْرٍ وَاسْتِثْنَاءٍ، فإِنْ قِيلَ بِأَنَّ الواوَ مِنْ "لَا يَمْلكونَ" تَعُودُ عَلى الخَلْقِ أَوْ عَلى الفَريقَيْنِ المَذْكُورَيْنَ (المتقون) و (المجرمون) أَوْ عَلى (المُتَّقينَ) فَقَط فَالاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٍ. ومَحَلُّ المُسْتَثْنَى: إِمَّا الرَّفْعُ عَلى البَدَلِ، وَإِمَّا النَّصْبُ عَلَى أَصْلِ الاسْتِثْناءِ. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ يَعُودُ عَلى (المُجْرمِينَ) فَقَط، كَانَ اسْتِثْناءً مُنْقَطِعًاً، وفِيهِ اللُّغَتَانِ المَشْهُورَتانِ حينَئِذٍ: لُغَةُ الحِجَازِ وهِيَ التِزَامُ النَّصْبِ، وَلُغَةُ تَميمٍ وهِيَ جَوازُهُ مَعَ جَوازِ البَدَلِ كَالمُتَّصِلِ.
وقد جَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الاسْتِثْناءَ مِنَ (الشَّفاعَةِ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، والتقديرُ: لَا يَمْلكونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا شَفَاعَةَ مَنِ اتَّخَذَ، فَيَكونُ نَصْبُهُ عَلَى وَجْهَي البَدَلِ وَأَصْلِ الاسْتِثْناءِ، نَحْوَ: ما رَأَيْتُ أحدًا إِلَّا زَيْدًا. وَقَالَ بَعضُهم: إِنَّ المُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ، والتقديرُ: لَا يَمْلكونَ الشَّفاعَةَ لأَحَدٍ لِمَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحمَنِ عَهْدًا، فَحُذِفَ المُسْتَثْنَى مِنْهُ للعِلْمِ بِهِ فَهَوَ كقول أبي خِراشٍ خُويْلِدُ بْنُ مُرَّةَ الهُذَيْلِيُّ أَو حُذيفةُ بْنُ أَنيسٍ الهُذَيْلِيُّ:
نَجَا سَالِمٌ والنَّفْسُ مِنْهُ بِشِدْقِهِ .......... وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا جَفْنَ سَيْفٍ وَمِئْزَرا
أَيْ: وَلَمْ يَنْجُ شَيْءٌ. وقال ابْنُ عَطِيَّةَ هو اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ وَإِنْ عادَ الضَّميرُ فِي "يَمْلِكُونَ" عَلَى المُجْرمينَ فَقَطْ عَلى أَنْ يُرادَ بِالمُجْرِمِينَ الكَفَرَةُ والعُصاةُ مِنَ المُسْلِمِينَ. قالَ أَبُو حَيَّان الأَنْدَلُسيُّ: وَحَمْلُ المُجْرمِينَ عَلى الكُفَّارِ وَالعُصاةِ بَعِيدٌ. قال السَّمينُ الحَلَبيُّ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَكَمَا اسْتَبْعَدَ إِطْلاقَ المُجْرمِينَ عَلَى العُصاةِ، كَذَلِك يَسْتَبْعِدُ غيرُهُ إِطْلاقَ المُتَّقينَ عَلى العُصاةِ، بَلْ إِطْلاقُ المُجْرِمِ عَلَى العاصِي أَشْهَرُ مِنْ إِطْلاقِ المُتَّقي عَلَيْهِ. و "مَنِ" اسْمٌ مَوْصُولٌ مبنيٌّ على السكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بَدَلًا مِنَ الواوِ فِي "يَمْلِكُونَ"، أَوْ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى الاسْتِثْناءِ المُتَّصِلِ، وقدْ حرِّكَ بالكَسْرِ لالتقاءِ السَّاكِنَيْنِ. و "اتَّخَذَ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الفتْحِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيِهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعودُ عَلَى "مَنِ". و "عِنْدَ" منصوبٌ على الظَّرْفيَّةِ الاعتباريَّةِ، مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذوفٍ هُوَ المَفْعُولُ الثاني لِـ "اتَّخَذَ"، وهوَ مُضافٌ. وَ "الرَّحْمَنِ" مِنْ أَسْماءِ الجلالةِ، مجرورٌ بالإضافةِ إليْهِ. و "عَهْدًا" مَفْعُولُهُ الأَوَّلُ منصوبٌ بِهِ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصُولِ "مَن" لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 87
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 41
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 57
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 74
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 89
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 9

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: