روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 59

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 59 Jb12915568671



الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 59 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 59   الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 59 I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 13, 2019 5:10 am

وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59)


قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} الْإِشَارَةُ هُنَا بِـ "تِلْكَ" هيَ إِلَى مُقَدَّرٌ فِي الذِّهْنِ، وَإِنَّمَا أُشِيرُ بِهِ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا فِي أَسْفَارِهِمْ، وهَذا كَقَوْلِهِ تعالى مِنْ سُورَةِ الحِجْرِ: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} الآية: 76، وَ {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} الآية: 79، وكَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الصافَّاتِ: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ } الآية: 138، وَنَحْوِها مِنَ الْآيَاتِ المُباركاتِ. وَكَافُ الْخِطَابِ هَذِهِ الْمُتَّصِلَةُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ "تي" لَا يُرَادُ بِها مُخَاطَبٌ مُعَيَّنٌ، إلَّا أَنَّهَا مِنْ تَمَامِ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَتَجْرِي عَلَى مَا يُنَاسِبُ حَالَ الْمُخَاطَبِ بِالْإِشَارَةِ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ، وَالْعَرَبُ يَعْرِفُونَ دِيَارَ عَادٍ وَثَمُودَ وَمَدْيَنَ وَيَسْمَعُونَ بِقَوْمِ لُوطٍ وَقَوْمِ فِرْعَوْنَ فَكَانَتْ كَالْحَاضِرَةِ حِينَ الْإِشَارَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: يُريدُ مَا أَهْلَكَ اللهُ بِالشَّامِ واليَمَنِ لَمَّا ظَلَمُوا، وَأَشْرَكُوا، وكَذَّبُوا الأَنْبِياءَ، فَالظُّلْمُ: هُنَا هُوَ الشِّرْكُ باللهِ، وَتَكْذِيبُ رُسُلِهِ ـ عَلَيْهِمُ الصلاةُ والسَّلامِ.
وَهَذَا الْإِجْمَالُ هُنَا فِي تَعْيِينِ هَذِهِ الْقُرَى التي أُهْلِكَتْ، وَبَيِانِ أَسْبَابِ هَلَاكِهَا، وَأَنْوَاعِ ذَلِكَ الْهَلَاكِ الَّتِي وَقَعَتْ بِهَا، قَدْ جَاءَ مُفَصَّلًا فِي آيَاتٍ أُخْرَى كَثِيرَةٍ، كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الكَريمِ مِنْ قِصَّةِ قَوْمِ نُوحٍ، وَقَوْمِ هُودٍ، وَقَوْمِ صَالِحٍ، وَقَوْمِ شُعَيْبٍ، وَقَوْمِ مُوسَى ـ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمُ جَمِيعًا الصَّلاةُ والسَّلامُ، كَمَا تَقَدَّمَ بَعْضُ تَفَاصِيلِهِ كلٌّ ي موْضِعِهِ.
وَجَمْعُ "قَرْيَةٍ" عَلَى "قُرَى" جاءَ عَلَى غَيْرِ القِيَاسِ هُنَا، لِأَنَّ جَمْعَ التَّكْسِيرِ عَلَى "فُعَلٍ" ـ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ، لَا يَنْقَاسُ إِلَّا فِي جَمْعِ "فُعْلَةٍ" ـ بِالضَّمِّ، اسْمًا، كَ "غُرْفَةٍ" وَ "قِرْبَةٍ"، أَوْ جَمْعِ "فُعْلَى" إِذَا كَانَتْ "أُنْثَى" خَاصَّةً، كَ "كُبْرَى" وَ "كُبَرِ". وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَهو سَمَاعٌ يُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَثَمَّةَ نَوْعٌ ثَالِثٌ يَنْقَاسُ فِيهِ "فُعَلٌ" ـ بِضَمٍّ فَفَتَحٍ، وَهُوَ مَا جاءَ على وزْنِ "فُعُلَة" ـ بِضَمَّتَيْنِ، إِنْ كَانَ اسْمًا، كَ "جُمُعَةٍ" وَ "جُمَعٍ". وَأَمَّا "لمَّا" فإنَّها تَأْتي فِي الْقُرْآنِ الكريمِ وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ هِيَ:
الْأَوَّلُ: "لَمَّا" النَّافِيَةُ الْجَازِمَةُ لِلْمُضَارِعِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تعالى مِنْ سورةِ البَقَرَةِ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} الآيةَ: 214، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ آلِ عِمرانَ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} الْآيَةَ: 142، وَهَذِهِ حَرْفٌ بِلَا خِلَافٍ، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمُضَارِعِ.
الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ حَرْفَ اسْتِثْنَاءٍ بِمَعْنَى "إِلَّا"، فَتَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الطَّارِقِ: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} الآيةَ: 4، فِي قِرَاءَةِ مَنْ شَدَّدَ "لَمَّا"، والمَعْنَى: مَا كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ، وَمِنْ ذَلكَ قَوْلُهُم: أَنْشُدُكَ اللهَ لَمَّا فَعَلْتَ، أَيْ: مَا أَسْأَلُكَ إِلَّا فِعْلَكَ، وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قَالَتْ لَهُ: بِاللهِ يَا ذَا الْبُرْدَيْنِ ................ لَمَّا غَنِثْتَ نَفَسًا أَوْ نَفَسَيْنِ
فَـ "غَنِثْتَ" ـ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَنُونٍ مَكْسُورَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مُسْنَدًا لِتَاءِ الْمُخَاطَبِ، أَيْ: تَنَفَّسْتَ فِي الشُّرْبِ، فَقَدْ كَنَّتَ بِذَلِكَ عَنِ الْجِمَاعِ، تُرِيدُ عَدَمَ مُتَابَعَتِهِ لِذَلِكَ، وَأَنْ يستريحَ بَيْنَ ذَلِكَ ويَتَنَفَّسَ مرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَهَذَا النَّوْعُ هو أَيْضًا حَرْفٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُم. وَهُوَ لُغَةُ هُذَيْلٍ كَمَا قالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بالعَرَبيةِ.
الثَّالِثُ: هُوَ النَّوْعُ الْمُخْتَصُّ بِالْمَاضِي الْمُقْتَضِي جُمْلَتَيْنِ، تُوجَدُ ثَانِيَتُهُمَا عِنْدَ وُجُودِ أُولَاهُمَا، قَوْلِهِ تَعَالَى هُنَا: "لَمَّا ظَلَمُوا"، أَيْ: لَمَّا ظَلَمُوا أَهْلَكْنَاهُمْ، فَمَا قَبْلَهَا دَلِيلٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ، وَهَذَا النَّوْعُ هُوَ الْغَالِبُ فِي الْقُرْآنِ الكريمِ وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ.
وقدِ اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ في "لَمَّا" هَذِهِ الَّتِي تَقْتَضِي رَبْطَ جُمْلَةٍ بِجُمْلَةٍ: هَلْ هِيَ حِرَفٌ، أَوِ اسْمٌ، وَخِلَافُهُمْ فِيهَا مَشْهُورٌ، فَهي اسْمٌ عِنْدَ ابْنِ السَّرَّاجِ، وَأَبي عَليٍّ الْفَارِسِيِّ، وَابْنِ جِنِّيٍّ وَغَيْرُهُمْ. وَقالَ ابْنُ خَرُوفٍ وَغَيْرُهُ: هَيَ حَرْفٌ.
وَقَدَ يَكُونُ جَوَابُهَا فِعْلًا مَاضِيًا بِلَا خِلَافٍ، كَما هُوَ في قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ الإِسْراءِ: {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ} الْآيَةَ: 67. وَقَدْ يَكُونُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً مَقْرُونَةً بِـ "إِذَا" الْفُجَائِيَّةِ، كَما في قَوْلِهِ تَعَالى مِنْ سُورةِ العَنْكَبُوتِ: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} الآيةَ: 65، أَوْ تَأتي مَقْرُونَةً بِالْفَاءِ كَمَا هوَ في قَوْلِهِ مِنْ سُورةِ لُقْمانَ: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} الْآيَةَ: 32.
وَقَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ: يَكُونُ جَوَابُهَا فِعْلًا مُضَارِعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى في الْآيَةِ: 74، مِنْ سُورةِ هودٍ: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ}، وَلَا يَخْلُو بَعْضُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُنَاقَشَةٍ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ ما ذَكَرْنَاهُ.
وأَمَّا "لَمَّا" الْمُرَكِّبَةُ مِنْ كَلِمَاتٍ أَوْ كَلِمَتَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى في الآيةِ: 111، مِنْ سورةِ هودٍ: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ}، فِي قِرَاءَةِ ابْنِ عَامِرٍ، وَحَمْزَةَ، وَحَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ، بِتَشْدِيدِ نُونِ "إِنَّ" وَمِيمِ "لَمَّا" فَلَيْسَتْ مِنْ "لَمَّا" الَّتِي تَحَدَّثْنَا فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُهَا، عَلَى قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَصْلَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: (لَمِنْ مَا) بِـ "مِنِ" التَّبْعِيضِيَّةِ، وَمَا بِمَعْنَى مِنْ، أَيْ: وَإِنَّ كُلًّا لَمِنْ جُمْلَةِ مَا يُوَفِّيهِمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ، فَقد أُبْدِلَتْ نُونُ "مِنْ" مِيمًا وَأُدْغِمَتْ فِي مَا، فَلَمَّا كَثُرَتِ الْمِيمَاتُ حُذِفَتِ الْأُولَى فَصَارَ لَمًّا، فَإنَّ "لَمَّا" بحسَبِ هَذَا الْقَوْلِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ: الْأَوْلَى الْحَرْفُ الَّذِي هُوَ اللَّامُ، وَالثَّانِيَةُ "مِنْ"، وَالثَّالِثَةُ "مَا"، وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْقَوْلُ وَبُعْدُهُ، وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُرَكَّبَةُ مِنْ كَلِمَتَيْنِ فَكَما هِيَ في قَوْلِ الشَّاعِرِ الأَعْصَرِ بْنِ سعدٍ:
لَمَّا رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ مُقَاتِلًا ................... أَدَعُ الْقِتَالَ وَأَشْهَدُ الْهَيْجَاءَ
يُريدُ: لَنْ أَدَعَ القِتَالَ وَأَشْهَدُ الهَيْجاءَ مَا رَأَيْتُ أَبَا يَزيدَ مُقاتِلًا، فَفَصَلَ بَيْنَ "لن" وَالفِعْلِ المُتَّصِلِ بِهَا وَهَذَا مِنْ أَلْغازِ ابْنِ هِشَامٍ يَسْأَلُ قَارِئَهُ عَنْ جَوَابِ "لَمَّا" وَسَبَبِ نَصْبِ "أَدَعَ" لِأَنَّ قَوْلَهُ: "لَمَّا" فِي هَذَا الْبَيْتِ، مُرَكَّبَةٌ مِنْ "لَنِ" النَّافِيَةِ النَّاصِبَةِ لِلْمُضَارِعِ وَ "مَا" الْمَصْدَرِيَّةِ الظَّرْفِيَّةِ، أَيْ: لَنْ أَدَعَ الْقِتَالَ مَا رَأَيْتُ أَبَا يَزِيدَ مُقَاتِلًا، أَيْ: مُدَّةَ رُؤْيَتِي لَهُ مُقَاتِلًا.
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قوْلِهِ مِنَ الآيَةِ الَّتي قَبْلَها: {بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ}، وذَلِكَ لِبَيَانِ حَالِ أَهْلِ الْقُرَى السَّالِفِينَ، الَّذِينَ أَخَّرَ اللهُ الْعَذَابَ عَنْهُمُ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ، ثُمَّ أَهْلَكَهم، فَلَمْ يَنْجُوا مِنْهُ بِأَخَرَةٍ.
قولُهُ: {وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} الْمُهْلَكُ ـ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ، مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مِنْ "أَهْلَكَ"، أَيْ: جَعَلْنَا لِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُمْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فِي عِلْمِنَا إِذَا جَاءَ حَلَّ بِهِمُ الْهَلَاكُ. ويَجُوزُ أَنْ يَكونَ "المُهْلِكُ" هَهُنَا ـ أَوِ "المَهْلِكُ"، بحسَبِ القِراءَاتِ: مَصْدَرًا، كما سَيَأْتي مُفَصَّلًا في مَبْحَثِ القِرَاءَاتِ. ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: وَقْتًا، وَالمَعْنَى: جَعَلْنَا لإهْلاكِهِمْ ـ أَوْ لِوَقْتِ إِهْلاكِهِمْ، وهكذا كُلُّ فِعْلٍ يَأْتي عَلَى وزْنِ "أَفْعَلَ"، فَالمَصْدَرُ واسْمُ الزَّمَانِ واسْمُ المَكانِ فِيهِ سَوَاءٌ، تَقُولُ: أَدْخَلْتُهُ مُدْخَلًا، وهَذَا مُدْخَلُهُ، أَيْ: المَكانُ الذي يَدْخُلُ مِنْهُ وَقْتَ إِدْخالِهِ. اُنْظُرْ إِنْ شِئتَ: "معاني القرآنِ" للفَرَّاءِ: (2/148)، و "مَعاَنِي القُرْآنِ وإِعْرَابُهُ" لأَبي إسْحاقٍ الزَّجَّاج: (3/297)، و "إِعْرابُ القُرْآنِ" للنَّحَّاسِ: (2/283)، وَ "إِمْلاءُ مَا مَنَّ بِهِ الرَّحْمَنُ" لِأَبِي البَقَاءِ العُكْبُرِيِّ: (1/401).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا" قَالَ: أَجَلًا. وَأخرجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ عَبَّاسِ بْنِ غَزْوَانٍ ـ أَسْنَدَهُ، قالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا": قَضَى اللهُ الْعُقُوبَةَ حِينَ عُصِيَ، ثُمَّ أَخَّرَهَا ـ سُبْحانَهُ، حَتَّى جَاءَ أَجَلُهَا، ثُمَّ أَرْسَلَهَا.
قولُهُ تَعَالَى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} الواوُ: اسْتِئنافيَّةٌ، وَ "تِلْكَ" تِي: اسْمُ إَشَارةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ الظَّاهِرِ عَلَى اليَاءِ المَحْذوفَةِ لالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بالابْتِداءِ. واللامُ: للبُعْدِ وَالكافُ: للخِطَابِ. وَ "الْقُرى" بَدَلٌ مِنْهُ مَرْفُوعٌ مِثْلُهُ، أَوْ عَطْفُ بيانٍ لهُ، وعَلامَةُ رفعِهِ ضمَّةٌ مُقَدَّرةٌ عَلَى آخِرِهِ لتَعَذُّرِ ظهورِها عَلَى الأَلِفِ. وقالَ الزَّجَّاجُ أَبو إِسْحاقٍ: "وَتِلْك" رَفْعٌ بِالابْتِدَاءِ، وَ "الْقُرَى" صِفَةٌ لَهَا، أَوْ بَيَانٌ لَهَا، أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا. وَ "أَهْلَكنَاهُمْ" خَبَرُ الابْتِداءِ. قَالَ: وَجَائِزٌ أَنْ يَكونَ مَوْضِعُ "وَتِلْكَ الْقُرَى" نَصْبًا، وَيَكونَ "أَهْلَكْنَاهُمْ" مُفَسِّرًا للنَّاصِبِ، وَيَكونُ المَعْنَى: وَأَهْلَكْنَا تِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ. "مَعَاني القُرْآنَ" للزَّجَّاجِ: (3/298). وَقَالَ الأَخْفَشُ: أَرَادَ أَهْلَهَا لِذَلِكَ قَالَ: "أهلَكْنَاهُمْ" حَمَلَهُ عَلَى القَوْمِ وَالأَهْلِ. مَعَانِي القُرْآنِ لِسعيدٍ الْأَخْفَشِ: (1/619). وَ "أَهْلَكْناهُمْ" فِعْلٌ وَفاعِلٌ وَمَفْعُولٌ، وَالجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ المُبْتَدَأِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ "تِلْكَ القُرَى" مُبْتَدَأً وَخَبَرًا، وَحينَئِذٍ يَكونُ "أَهْلَكْنَاهُمْ" إمَّا خَبَرًا ثانيًا أَوْ حَالًا. والضَميرُ في "أَهْلَكْناهم" عَائدٌ عَلَى "أَهْل" المُضافِ إِلَى "القُرَى"، إِذِ التَّقْديرُ: وَأَهْلُ تِلْكَ القُرَى، فَرَاعَى المَحْذوفَ فَأَعَادَ الضَميرَ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ "تلك" مَنْصوبَ المَحَلِّ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ عَلَى الاشْتِغَالَ. والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. و "لَمَّا" ظَرْفٌ بِمَعْنَى "حِينَ" مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَهْلَكْنَا"، وَ يَجوزُ أَنْ يَكونَ "لَمَّا" حَرْفًا، كَمَا يَجوزُ أَنْ يَكونَ ظَرْفًا، وقَدْ تقدَّمَ تَفْصِيلُ مَا فِيها آنِفًا. وَجُمْلَةُ "ظَلَمُوا" فِي مَحَلِّ الجَرِّ مُضَافٌ إِلَيْهِ لِـ "لَمَّا" الحِينِيَّةِ.
قولُه: {وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} الوَاوُ: للعطْفِ، وَ "جَعَلْنَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ مُتَحَرِّكٍ هو "نا" المُعظِّمِ نَفْسَهُ ـ سُبْحانَهُ وَتَعَالى، وَ "نا" التَعْظِيمِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ فَاعِلُهُ، والجُمْلَةُ في مَحلِّ الرَّفعِ عَطْفًا عَلَى جملةِ "أَهْلَكْنَا" على كونِها خَبَرَ المُبْتَدأِ. و "لِمَهْلِكِهِمْ" اللامُ: حرفُ جَرِّ متعلِّقٌ بِـ "مَوْعِدًا" لأَنَّ "جَعَلَ" هُنا بِمَعْنَى قَدَّرَ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بحالٍ مِنْهُ. و "مَوْعِدًا" مَفْعولٌ بِهِ لِـ "جَعَلْنا" منصوبٌ بِهِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {لِمُهْلَكِهِمْ} بِضَمِّ المِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ "لِمَهْلِكِهِمْ" بِفَتْحِ المِيمِ، وكَسْرِ اللامِ. فَتَحَصَّل مِنْ ذَلِكَ ثلاثُ قِراءاتٍ، لِعَاصِمٍ قِراءَتانِ: فَتْحُ المِيمِ مَعَ فَتْحِ اللامِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَبي بَكْرٍ عَنْهُ. والثانيةُ فَتْحُ المِيمِ مَعَ كَسْرِ اللامِ وَهِيَ رِوَايَةُ حَفْصٍ عَنْهُ. وَالثالثةُ: ضَمُّ المِيمِ وَفَتْحُ اللامِ، وَهِيَ قراءَةُ الباقِينَ.
فأَمَّا قِراءَةُ أَبي بَكْرٍ فَـ "مَهْلَك" فِيها مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ. وَجَوَّزَ أَبُو عَلِيٍّ الفارسيُّ أَنْ يَكونَ مُضافًا لِمَفْعُولِهِ. وَقالَ: إِنَّ "هَلَك" يَتَعَدَّى دُونَ هَمْزٍ، وَأَنْشَدَ عليْهَ بَيْتَ العَجَّاجِ التَّميميِّ:
ومَهْمَهٍ هالكٍ مَنْ تعرَّجا ........................ هائلةٍ أَهْوالُه مَنْ أَدْلَجا
فـ "مَنْ" معمولٌ لـ "هالكٍ" وَقَدْ مَنَعوا ذَلِكَ، وَقالُوا: لَا دَليلَ في البيتِ، لِجَوازِ أَنْ يَكونَ مِنْ بابِ الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ. وَالأَصْلُ أَنْ يُقالَ: "هَالِكٌ مَنْ تعرَّجا". فـ "مَنْ تعرَّج" فَاعِلٌ بِـ "هَالِكٍ"، ثُمَّ أَضْمَرَ فِي "هالِكٍ" ضميرَ "مَهْمَهٍ"، ونَصَبَ "مَنْ تعرَّج" نَصْبَ "الوَجْهِ" مِنْ قَوْلِكَ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسَنِ الوَجْهِ، ثُمَّ أَضَافَ الصِّفَةَ وهيَ "هَالِكٍ" إِلَى مَعْمُولِها. فَالإِضافَةُ مِنْ نَصْبٍ، وَالنَّصْبُ مِنْ رَفعٍ. فَهُوَ كَقَوْلِكَ: زيدٌ مُنْطَلِقُ اللِّسَانِ وَمُنْبَسِطُ الكَفِّ، وَلولا تَقديرُ النَّصْبِ لامْتَنَعَتِ الإِضافةُ؛ إِذِ اسْمُ الفَاعلِ لا يُضافُ إِلى مَرْفوعِهٍ. وَقَدْ يُقالٌ: لا حَاجةَ إِلى تَقْديرِ النَّصْبِ، إِذْ هو جارٍ مَجْرَى الصِّفَةِ المُشَبَّهَةِ، وتُضافُ الصِّفَةُ المُشَبًّهًةُ إِلَى مَرْفُوعِها، إِلَّا أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى خَلافٍ آخَرَ وَهُوُ: هَلْ يَقَعُ المَوْصُولُ فِي بَابِ الصِّفَةِ أَمْ لَا؟ وَالصَّحيحٌ جَوَازٌهٌ. قالَ الفرزدقُ:
فَعُجْتُها قِبَلَ الأَخْيارِ مَنْزِلَةً .............. والطيِّبِي كُلِّ مَا الْتَاثَتْ بِهِ الأُزُرُ
وقال عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
أَسِيْلاتُ أَبْدانٍ دِقاقٌ خُصُورُها ...... وَثِيراتُ مَا الْتَفَّتْ عَلَيْهَا المَلاحِفُ
وقالَ الشَّيْخُ أَبو حيَّانَ الأَنْدَلُسِيُّ فِي قِراءَةِ أَبي بَكْرٍ هَذِهِ: إِنَّهُ زَمَانٌ. ولَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ. وجوَّزَ غَيْرُهُ فِيهِ الزَّمَانَ وَالمَصْدَرَ. وَهُوَ عَجِيبٌ؛ فَإِنَّ الفِعْلَ مَتَى كُسِرَتْ عَيْنُ مُضارِعِهِ فُتِحَتْ فِيما وزنُهُ على "مَفْعَل" مُرادًا بِهِ المَصْدَرُ، وَكُسِرَتْ فِيهِ العَيْنُ إِذَا أُريدَ بِهِ الزَّمَانُ وَالمَكانُ فقِيلَ "مَفْعِل"، وَكَأَنَّما اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ القِراءةُ بِقِرَاءَةِ حَفْصٍ، فَإِنَّهُ قَرَأَ بِكَسْرِ اللَّامِ ـ كَمَا تَقَدَّمَ، واللهُ أَعْلَمُ.
وَجَوَّزَ أَبُو البَقَاءِ العُكْبُريُّ فِي قِرَاءَتِهِ أَنْ يَكونَ "مَفْعِل" فِيهَا مَصْدَرًا. قَالَ: وَشَذَّ فِيهِ الكَسْرُ ك "مَرْجِعِ". وَإِذَا قُلْنَا إِنَّهُ مَصْدَرٌ، فَهَلُ هذا المَصْدَرُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ أَوْ لِمَفْعُولِهِ؟ يَجِيءُ مَا تَقَدَّمَ فِي قِراءَةِ رَفِيقِةٍ. وَتَخْريجُ أَبي عَلِيٍّ الفارسِيِّ، وَاسْتِشْهادُهُ بِالبَيْتِ، وَالرَّدُّ عَلَيْهِ، كُلُّ ذَلِكَ عائدٌ هُنَا. وَأَمَّا قِراءَةُ الباقِينَ فَوَاضِحَةٌ.
وَيَجُوزُ في "مُهْلَكٍ" أَنْ يَكونَ مَصْدرًا مُضافًا لِمَفْعُولِهِ، وَأَنْ يَكُونَ زَمَانًا، وَيَبْعُدُ أَنْ يُرادَ بِهِ المَفْعُولُ، أَيْ: وَجَعَلْنَا للشَّخْصِ، أَوْ للفَريقِ المُهْلِكِ مِنْهُمُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 59
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 20
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 38
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 53
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 68

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: