وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} أَمْرٌ مِنْهُ ـ جَلَّ وَعَزَّ، لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، بِتَخْصِيصِهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، بِالْحَمْدِ، وَقَصْرُ جِنْسِ الْحَمْدِ عَلَيْهِ لأَنَّهُ أَعْظَمُ مُسْتَحِقٍّ لهُ. كَمَا أَمَرَهُ بإِعْلَانِ التَّوْحِيدِ لِلرَدِّ على مَنْ تَوَهَّمَ أَنْ الرَّحْمَنَ اسْمٌ لِمُسَمًّى آخَرَ غَيْرِ مُسَمَّى اسْمِ اللهِ ـ تَعَالَى، فَتوهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرحمنَ هوَ إلهٌ آخرُ شَرِيكٌ للهِ تَعَالى في الأُلوهِيَّةِ، وَ تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ الآخَرُ أَنَّهُ مُعِينًا للهِ وَنَاصِرًا، فَأُمِرَ النَّبِيُّ بِأَنْ يَقُولَ مَا يَلغي ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَنْ يُعَظِّمَ اللهَ بِأَنْوَاعِ التَّعْظِيمِ، ومنها اسْتِغْناؤُهُ عنِ الولَدِ والصاحبَةِ.
أَخْرَجَ الإمامُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: آيَةُ الْعِزِّ: "وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا" الْآيَةُ كُلُّهَا.
وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالُوا: {اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا} الآيَة: 116، مِنْ سُورةِ الْبَقَرَةِ. وَقَالَتِ الْعَرَبُ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلُكُهُ وَمَا مَلَكَ. وَقَالَ الصَّابِئُونَ وَالْمَجُوسُ: لَوْلَا أَوْلِيَاءُ اللهِ لَذَلَّ. فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةُ: "وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لم يَتَّخِذْ وَلَدًا".
قولُهُ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} لَوْنٌ مِنْ أَلْوَانِ التَعْظِيمِ للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، التَي أُمِرَ النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، بِإِعْلانِهَا، وَهُوَ تفرُّدُهُ ـ سُبْحَانَهَ في المُلْكِ واسْتِغْناؤُهُ عَنِ الشَّريكَ وَالمُعِينِ لِتَصْريفِ أُمُورِ مُلِكِهِ.
قولُهُ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} الذُّلُّ: ضِدُّ الْعِزِّ، ويَعْني الْعَجْزَ وَالِافْتِقَارَ، أَيْ لَيْسَ لَهُ ـ سُبْحانَهُ، نَاصِرٌ بِسَبَبِ عجزٍ أو ضَعفٍ أو فقرٍ يعانيهِ، أو قدْ يَعْتَريهِ ـ تَعَالَى اللهُ عنْ ذَلِكَ علوًا كبيرًا. فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الوليِّ النَّاصِرِ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنَ الْعَجْزِ عَنِ الِانْتِصَارِ لِلنَّفْسِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ" قَالَ: لَمْ يَخَفْ أَحَدًا، وَلَمْ يَبْتَغِ نَصْرَ أَحَدَ.
قوْلُهُ: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} أَيْ: اعْتَقِدْ أَنَّهُ عَظِيمٌ الْعِظَمَ الْمَعْنَوِيَّ الشَّامِلَ لِوُجُوبِ الْوُجُودِ، وَالْغِنَى الْمُطْلَقِ، واذْكُرْهُ بِذَلِكَ دائمًا، وَبِجميعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ كَامِلَةِ التَّعَلُّقَاتِ، لِأَنَّ الِاتِّصَافَ بِذَلِكَ كُلِّهِ كَمَالٌ، كما أَنَّ الِاتِّصَافَ بِأَضْدَادِها نَقْصٌ وَصَغَارٌ، والذاتُ الإلهيَّةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ متَّصِفٌ بكلِّ كمالٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ ـ فِي قَوْلِهِ: "وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا" قَالَ: كَبِّرْهُ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا يَقُولُونَ تَكْبِيرًا.
وَقد وردتْ أحاديثُ كثيرةٌ عنِ النبيِّ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، في فضلِ هَذِهِ الآيةِ الكريمَةِ وَالحَضِ عَلَى تِلاوَتِها والتَبَرُّكِ بِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَابْنُ السِّنِّيِّ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدِي فِي يَدِهِ، فَأَتى عَلَى رَجُلٍ رَثِّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: ((أَيْ فُلَان، مَا بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى))؟ قَالَ: السَّقَمُ والضُّرُ. قَالَ: ((أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تُذْهِبُ عَنْكَ السَّقَمَ وَالضُّرَّ؟. قُلْ: تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَ "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)). فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ حَسُنَتْ حَالَتُهُ، فَقَالَ: مَهْيَمْ، فَقَالَ: لَمْ أَزَلْ أَقُولُ الْكَلِمَاتِ الَّتِي عَلَّمْتَنِي.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ (الْفرج) وَالْبَيْهَقِيّ فِي (الْأَسْمَاء وَالصِّفَات) عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبي فُدَيْكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا كَرَبَني أَمْرٌ إِلَّا تَمَثَّلَ لِي جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَ "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا" الْآيَة.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُعَلِّمُ أَهْلَهُ هَذِهِ الْآيَةَ "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا" إِلَى آخِرِهَا، الصَّغِيرَ مِنْ أَهْلِهِ وَالْكَبِيرَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاق فِي (المُصَنَّفِ) عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ الْغُلَامَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِذَا أَفْصَحَ سَبْعَ سَنَوَاتٍ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا".
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ الْغُلَامُ إِذَا أَفْصَحَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ سَبْعَ مَرَّاتٍ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ" الْآيَةَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ السِّنِّيِّ فِي (عَمَلُ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ السِّنِّيِّ في (عملُ اليومِ والليلةِ) أَيضًا، وَالدَيْلَمِيُّ عَنْ السيِّدةِ فَاطِمَةَ الزَّهْراءِ رَضِي الله عَنْهَا وأَرْضاها، بِنْتِ سيِّدِنا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ عَلَيْهِ وآلِهِ صلاةُ اللهِ وَسَلامُهُ، قَالَ لَهَا: ((إِذَا أَخَذْتِ مَضْجِعَكِ فَقُولِي: الْحَمْدُ للهِ الْكَافِي، سُبْحَانَ اللهِ الْأَعْلَى، حَسْبِيَ اللهُ وَكَفَى، مَا شَاءَ اللهُ قَضَى، سَمِعَ اللهُ لِمَنْ دَعَا، لَيْسَ مِنَ اللهِ مَلْجَأٌ، وَلَا وَرَاءَ اللهِ مُلْتَجَأٌ، تَوَكَّلْتُ عَلى رَبِّي وَرَبِّكُمْ، مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا". مَنْ يَقُولُهَا عِنْدَ مَنَامِهِ، ثُمَّ يَنَامُ وَسَطَ الشَّيَاطِينِ وَالهَوامِ فَلَا تَضُرُّهُ)). ابْنُ السِّنِّيِّ: (ص267، رقم: 740). والدَّيْلَمِيُّ: (5/435، رقم: 7660) .
ورُوِيَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ: مَنْ قَرَأَ سُورَةَ بَنِي إِسْرائيلَ، فَرَقَّ قَلْبُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الوَالِدَيْنِ، كانَ لَهُ قِنْطارٌ فِي الجَنَّةِ، وَالقِنْطارُ أَلْفُ أُوقِيَّةٍ وَمِئَتَا أُوقِيَّةٍ. والحَمْدُ للهِ سُبْحانَهُ، وَلَهُ الكِبْرِياءُ والعَظَمَةُ وَالجَبَرُوتُ.
قولُهُ تَعَالَى: {وَقُلِ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} الوَاوُ: للعطْفِ، و "قُلِ" فعْلُ أَمْرٍ مَبْنيٌّ عَلى السُّكونِ، وقدْ حرِّكَ بالكَسْرِ لالْتَقاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أنتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِ الوجودِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ، وعلى كلِّ مَنْ هوَ أهلٌ لهذا الخطابِ السَّامي. والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: {قُلِ ادْعُوا اللهَ}، مِنَ الآيةِ السابقةِ على كونِها جملةً مُسْتأْنفَةً لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "الْحَمْدُ" مَرْفوعٌ بالابْتِداءِ. وَ "للهِ" اللامُ: حرْفُ جرٍّ متعلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقَدَّرٍ، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القَوْلِ، لـ "قلْ". و "الَّذِي" اسْمٌ موصولٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الجَرَّ صِفَةً للفظِ الجَلالَةِ. و "لَمْ" حرفُ جَزْمٍ ونَفْيٍ وقلْبٍ، و "يَتَّخِذْ" فِعْلٌ مُضارعٌ مجزومٌ بـ "لم"، وفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هوَ) يَعُودُ عَلَى الاسْمِ المَوْصُولِ. و "وَلَدًا" مفعولٌ بِهِ منصوبٌ، والجُمْلَةُ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصُولِ لا محلَّ لها مِنَ الإِعْرابِ.
قوْلُهُ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} الواوُ: للعَطْفِ، و "لَمْ" حرفٌ للجَزْمِ والنفيِ والقلْبِ. و "يَكُنْ" فِعْلٌ مُضارعٌ نَاقِصٌ مَجْزُومٌ بِـ "لَمْ". و "لَهُ" اللَّامُ حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِ "يَكُنْ" المُقَدَّمِ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "شَرِيكٌ" اسْمُ "يَكُنْ" المُؤَخَّرُ مَرْفوعٌ بها. و "فِي" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "شَرِيكٌ"، و "الْمُلْكِ" مَجْرورٌ بحرفِ الجَرِّ، وَالجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ الصِّلَةِ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. و "وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ" كَقَوْلِهِ: "وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ" مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَلَهُ نفسُ الإِعْرَابِ. وَ "مِنَ الذُّلِ" مِنْ: حرفُ جرٍّ للتَّبْعِيضِ مُتَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ لِـ "وَلِيٌّ"، والتَقْديرُ: وَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ الذُّلِّ، وَالمُرَادُ بِهِمْ: اليَهُودُ والنَّصَارَى؛ لأَنَّهم أَذَلُّ النَّاسِ. ويَجُوزُ أَنْ تكونَ للتَعْليلِ، أَيْ: مِنْ أَجْلِ الذُّلِّ. وَإِلى هَذَيْنِ المَعْنَيَيْنِ نَحَا الزَمَخْشَرِيُّ فَقَالَ: "وليٌّ من الذل" نَاصِرٌ مِنَ الذُّلِّ، وَمَانِعٌ لَهُ مِنْهُ، لاعْتِزَازِهِ بِهِ، أَوْ لَمْ يُوالِ أَحَدًا لِأَجْلِ مَذَلَّةٍ بِهِ لِيَدْفَعَهَا بِمُوَالاتِهِ. و "الذُّلِّ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ.
قوْلُهُ: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} الوَاوُ: للعَطْفِ. و "كَبِّرْهُ" فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيُّ عَلَى السُّكونِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تَقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلى سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مفعولٌ بِهِ. و "تَكْبِيرًا" مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُؤَكِّدٌ لِعَامِلِهِ، منصوبٌ. والجُمْلَةُ مَعْطوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "قُلِ"، لا محلَّ لها منَ الإعرابِ.
بحمدِ اللهِ تمتْ سورةُ الإسْراءِ وتليها سورة الكهف بعونِ اللهِ تعالى وتوفيقِهِ إِنْ شاءَ اللهُ.