روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 60

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 60 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 60 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 60   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 60 I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 22, 2015 2:44 am

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(60)
قولُهُ ـ تقدَّستْ ذاتُه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} لَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى اعْتِرَاضِ المُنَافِقِينَ الجَهَلَةِ، وَلَمْزَهُمُ النَّبِيَّ الكَرِيمَ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ، فِي قِسْمَةِ الصَّدَقَاتِ (أَمْوَالِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ)، بَيَّنَ اللهُ سبحانَه، أَنَّهُ هُوَ الذِي قَسَّمَهَا، وَبَيَّنَ حُكْمَهَا، وَتَوَلَّى أَمْرَهَا بِنَفْسِهِ الكَرِيمَةِ، وَلَمْ يَكِلْ قِسْمَتَهَا إِلَى أَحَدٍ غَيْرِه، فَجَزَّأَهَا لِهَؤُلاَءِ المَذْكُورِينَ فِي الآيَةِ. وَهُمْ:
1 ـ الفُقَرَاءَ: وَهُمْ مَنْ لَهُمْ مَالٌ قَلِيلٌ دُونَ النِّصَابِ أَيْ أَقَلَّ مِنْ 12 دِينَاراً. وأَصْلُ الفقيرِ في اللُّغَةِ: هو مَنْ كُسِرَ فِقارُ ظَهْرِهِ، ثمَّ اسْتُعْمِلَ فِيمَنْ قَلَّ مالُهُ لانْكِسارِهِ بِسَبَبِ احْتِياجِهِ إلى غيرِهِ. أَوْ هُوَ مِنْ الفِقْرَةِ بمَعنى الحُفْرَة، ثمَّ اسْتُعْمِلَ فيما ذُكِرَ لِكَوْنِ الفقيرِ أَدْنى حالاً مِنْ كثيرٍ من الناسِ، كما أَنَّ الحُفْرَةَ أَدْنى مِنْ مُسْتَوى ما حولَها مِنْ أَرْضِ.
2 ـ المَسَاكِينَ: جمعُ مِسْكينٍ وهو مَأْخوذٌ مِنَ السُكونِ (ضدّ الحركة)، لأَنَّ احْتِياجَهُ إلى غيرِهِ خفَّفَ نشاطَهُ وأَسْكَنَهُ وأَذَلَّهُ. وَالمساكين هُمُ الَّذِينَ لاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَهُمْ لاَ يَجِدُونَ غِنىً يُغْنِيهِمْ، وَلاَ يُفْطَنُ إِلَيْهِمْ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ، وَلاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ شَيْئاً.
وقد اخْتَلَفَ العُلَماءُ في هذيْنِ الصِنْفَينِ مِنَ النَّاسِ أَيُّهِما أَشَدُّ حاجَةً وأَسْوَأُ حالاً مِنَ الآخَرِ، فقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: المسْكِينُ أَحْسَنُ حالاً مِنَ الفقيرِ، واسْتَنَدوا في ذَلِكَ إلى نَصٍّ قُرآنيٍّ في قولِهِ تَعالى في سورة الكهف: {أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ} الآيَةِ: 79. إذاً فهؤلاءِ المَساكينُ يَمْلُكونَ سَفِينَةً فهم عِنْدَهُم شِيْءٌ يَِمْلُكونَهُ. ولكنَّ العائدَ الذي يَأتيهم من هذه السَفينَةِ لا يَكْفيهم. وقال بَعضٌ آخرُ من العُلَماءِ عَكْسَ ذلِكَ، ورأَوا أَنَّ المِسْكينَ هُوَ مَنْ لا يَمْلُكُ شيئاً مُطْلَقاً، والفقيرُ هُوَ الذي يَجِدُ الكَفافَ. وعلى هَذا يَكونُ الفَقيرُ أَحْسَنُ حالاً مِنَ المِسْكينِ.
3 ـ العَامِلُونَ عَلَيْهَا: وَهُمْ السُّعَاةُ وَالْجُبَاةُ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَكُونُوا مِنْ أَقْرِبَاءِ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، لأنَّ أَقْرِبَاءَ الرَّسُولِ لاَ تَجُوزُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ. وقد جاءَ قولُهُ: "العاملين عَلَيْهَا" مُطْلَقاً؛ فلَمْ يُحَدِّدْ هَلْ يَسْتَحِقُّ الصَدَقَةَ مَنْ كانَ يَجْمَعُها وهُوَ فَقيرٌ، أَوْ مَنْ كانَ يَجْمَعُها وهو غيرُ مُحْتاجٍ. فإنْ قلنا بأنَّ جمعَ الصَدَقَةِ عَمَلٌ، وأنَّ غَيرَ المُحْتاجِ يجبُ أن لا يَأْخُذَ أَجْراً على جمعها، سيُصْبِحُ عَمَلُهُ تَفَضُّلاً ورُبَّما لَنْ يَكونَ بِنَفْسِ الكَفاءَةِ التي يَعْمَلُ بها منْ يأخذُ الأَجْرَ ولن نستطيع مساءلَتَه على تقصيره، ولذلك فإنَّ في تَقاضِيهِ الأَجْرَ مَصْلَحةٌ للمجتَمَعِ.
4 ـ المُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ: وَهُمْ الَّذِينَ يُعْطَوْنَ تَأَلُّفاً لِقُلُوبِهِمْ، كما أخرجَ بنُ أبي حاتمٍ عَنِ الضَحَّاكِ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُ، قولَه: "وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ"  قَالَ: قَوْمٌ مِنْ وجُوهِ الْعَرَبِ، يَقْدمُونَ عَلَيْهِ، فَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا مَا دَامُوا، حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يَرْجِعُوا. فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَي لِيُسْلِمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَي لِيَحْسُنَ إِسْلاَمُهُ، كالأقرَعِ بْنِ حابِسٍ، وعُيَيْنَةَ بْنِ حُصْنٍ، والزِبْرِقان بْنِ بَدْرٍ، فقد أعطاهم ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، لمَكانَتِهمْ في عَشيرَتِهم، ولِشَرَفِهِمْ في أَقْوامِهِمْ. ومن هؤلاءِ العبَّاسُ بْنُ مِرداسٍ السُلميُّ، فقد أَعْطاهُ النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ، تَأْليفاً لِقَلْبِهِ، وتَثْبيتاً لإِيمانِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى لِيَكُفَّ آذاهُ عَنِ المُسْلِمينَ. لأنَّ المسلمينَ في الزَمَنِ الأَوَّلِ كانوا ضِعافاً لا يَقْدِرونَ على حمايَةِ أَنْفُسِهم. والإحسانُ يُؤَلِّفُ قَلْبَ الإنْسانِ، فلا يَعْتَدي على مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ باللِّسانِ أَوْ باليَدِ، فقد أخرجَ أَبو نُعيْمٍ في الحُلْيَةِ، والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، والقُضاعِيُّ، والدَيْلَمِيُّ، بسندٍ ضعيفٍ عَن عبد اللهِ ابْنِ مَسْعودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ ـ صلى اللهُ عليه وسلّمَ، قال: ((جُبِلَتِ القُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْها وبُغْضِ مَنْ أَسَاءَ إلَيْها)). وفي ذلك قال الشاعرُ أَبو الفَتْحِ البَسْتيُّ:
أَحْسِنْ إلىَ النَّاسِ تَسْتعبدِ قُلُوبَهُم ...... وطَالَما اسْتعبَد الإنْسانَ إحْسَانُ
وعندما أَعَزَّ اللهُ دَوْلَةَ الإسلامِ بالقُوَّةِ والعِزَّةِ والمَكانَةِ، مَنَعَ الخَليفَةُ الثاني عمرُ بْنُ الخَطّابِ ـ رضي اللهُ عنه، إعْطاءَ المُؤَلَّفَةِ قُلوبُهم نَصيباً مِنَ الزَكاةِ؛ لأنَّه لم يَجِدْ أَنَّ قُوَّةَ الإسْلامِ تحتاجُ أَحَداً من غيرهم؛ وقد وافقَهُ في ذلكَ الصَحابةُ ـ رضوانُ اللهِ عليهم.
أخرجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: أَنَّ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ: أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَرْبُوعٍ، وَمِنْ بَنِي جُمَحٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى، وَمِنْ بَنِي أَسَدٍ: حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ، وَمِنْ بَنِي هَاشِمٍ: أَبَو سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَمِنْ بَنِي فَزَارَةَ: عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ، وَمِنْ بَنِي تَمِيمٍ: الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، وَمِنْ بَنِي نَصْرٍ: مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ، وَمِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ، وَمِنْ ثَقِيفٍ: الْعَلاءَ بْنَ حَارِثَةَ. أَعْطَى النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِئَةَ نَاقَةٍ مِئَةَ نَاقَةٍ، إِلاَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَرْبُوعٍ، وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزَّى فَإِنَّهُ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ. وَرُوِيَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، وَقَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَتَأَلَّفُ الأَعْرَابَ وَغَيْرَهُمْ.
5 ـ الرِّقَابِ: وهُمُ العَبِيدُ المُكَاتَبُونَ الذين أُسِروا في الحُروبِ والذِينَ يُرِيدُونَ أَدَاءَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ فَرِيضَةٍ لإعْتَاقِهِمْ، أَوْ تَعْنِي صَرْفَ جُزْءٍ مِنْ أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ فِي إِعْتَاقِ الرِقَابٍ.
وكانَ مِنَ المُعْتادِ في تلك الأيَّامِ أَنَّ يؤخذَ المَدينُ أوْ أَحَدُ أبنائه فيُستَعبَدَ إذا عَجَزَ عَنْ سَدادِ ما عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ. وكذلك إذا ارْتَكَبَ جِنايَةً أَوْ سَرَقَ، فإنَّهُ يَأْخُذُ العَفْوَ مِنَ المَجْنيِّ عَلَيْهِ مُقابِلَ أَنْ يُعْطيهِ أَحَدَ أَوْلادِهِ عَبْداً. كما وَرَدَ في قِصَّةِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، حينَ أَخَذَ أَخاهُ مقابلَ صُواعِ الملِكِ على شريعةِ أبيهِ إسحاقَ ـ عليهِمُ السلامُ. وكذلك فقد كان الأقوياءُ يَسْتَعْبِدونَ الضُعَفاءَ؛ فيَخْطِفونَ نِساءَهُم وأَوْلادَهم بالقُوَّةِ ويَبِيعونَهم في أسواقِ الرَقيقِ، ولمّا جاء الإسلامُ كانَتْ مسألةُ تَصْفِيَةِ الرِقِّ مِنْ أَهْدافِهِ؛ لِذلِكَ جَعَلَ تحريرَ العَبيدِ مِنْ مَصارِفِ الزَكاة، كما جَعَلَه كَفَّارَةً لِبَعْضِ الذُنُوبِ، فعالجَ المسألةَ على مراحلَ بالتدريج، وهكذا تَصَرَّف في المعضلات والأمراضِ الاجتماعيَّةِ المستفحلَّةِ كمعاقرة الخمرةِ، فبدأ بتحريمها عند الصلوات. وهكذا فعل في معضلة الرقِّ فجفَّفَ مصادرهُ التي ذكرناها آنفاً، ولم يبقِ غير مصدرٍ واحدٍ وهو الحروبُ المشروعة دفاعاً عن الدين والنفس والمالِ والأرضِ، لأنَّ العدوَّ يأسر في المقابلِ، فمن الضروري الإبقاءُ على هذا المصدر كوسيلة لاستبدالِ الأسرى، ثمَّ شجّعَ على عتق الرقاب، كما تقدّمَ لينهي هذه المسألة.
6 ـ الغَارِمُونَ: من الغُرْمِ وأَصْلُه لُزومُ شَيْءٍ شاقٍّ، ومِنْهُ قِيلَ للعِشْقِ غَرامٌ، ويُعَبَّرُ بِهِ أيضاً عَنِ الهَلاكِ كما هو قولُهُ تَعالى في سُورَةِ الفُرْقانِ: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} الآية: 65، وغَرامَةُ المالِ فيها مَشَقَّةٌ عَظيمَةٌ. كَمَنْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، أَوْ ضَمِنَ دَيْناً فَلَزِمَهُ أَدَاؤُهُ فَأَجْحَفَ بِمَالِهِ، أَوْ غَرِمَ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ فِي مَعْصِيةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْهَا، فَهَؤُلاَءِ يُدْفَعُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ. وقد شاءَ الحقُّ سبحانَهُ إعطاءَ الغارِمِ الّذي لا يَجِدُ ما يَسُدُّ بِهِ دَيْنَهُ حتى لا يَجْعَلَ النَّاسَ يَنْقَلِبونَ عَنْ الكَرَمِ وَعَنْ إقراضِ المُعْسِرِ، وبِذَلِكَ يَبْقى اليُسْرُ في المجتَمَعِ، وتَبْقى نَجْدَةُ النَّاسِ بعضِهم لبعضٍ في ساعَةِ العُسْرَةِ، فلا يمْتَنِعُ أَحَدٌ عَنْ مُساعَدَةِ أخيه الإنسانِ ساعةَ العُسْرَةِ؛ لأنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ لم يَسْتَطِعْ سَدادَ دينِه فَسَيَقومُ بيتُ المالِ بالسَدادِ عنه مِنَ الزَكاةِ، كما جَوَّزَ للدائنِ أن يحسِبَ هذا الدينَ مما يستحقُّ عليه من زكاةِ مالِهِ، ولقد عرفنا بعضاً من إخواننا الموسرينَ إذا جاء رمضانُ مزقوا سجلاتِ ديونهم على المعسرين وحسبوا ذلك من الزكاةِ، فجزاهمُ اللهُ خير الجزاءِ.
7 ـ فِي سَبِيلِ اللهِ: هُمُ الغُزَاةُ المُجِاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ مَنَ أَرَادَ الحَجَّ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُعْطَوْنَ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ، كما يدخلُ تحت البندِ أَبوابٌ كثيرةٌ مِنْ أَعمالِ البِرِّ، كَبِناءِ المَساجِدِ وعمارَتِها، والمستشفياتُ والمدارسُ، ويتّسعُ هذا البابُ لِيَشَملَ الكثيرَ مِنَ المَصارفِ بحسَبِ وَفْرَةِ المالِ، ويَذْكُرُ المُؤَرِّخونَ أَنَّ مَصارِفَ الزَكاةَ تَعَدَّدَتْ في عَهْدِ الخَليفَتَينِ مُعاويةَ بْنِ أَبي سُفيانٍ، وعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزيزِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، حتى بَلَغَتْ ثمانينَ باباً أَوْ يَزيدُ، وأَنَّ المُنادي كان يُنادي على مَنْ يَأْخُذُ الزَكاةَ في الأَسْواقِ فلا يجدُ أَحَداً.   
8 ـ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ: هُمُ المُسَافِرُونَ المُجْتَازُونَ فِي بَلَدٍ لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى سَفَرِهِمْ، وَلاَ يَتَيَسَّرُ لَهُمْ إِحْضَارُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِنْ بَلَدِهِمْ، فَيُعْطَوْنَ مِنْ أَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ مَا يَكْفِي لِنَفَقَتِهِمْ.
قولُهُ: {فَرِيضَةً مِنَ اللهِ} أيْ: أَنَّ كُلَّ مَنْ حَدَّدَ اللهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعالى، اسْتِحقاقَهُ للصَدَقَةِ إنَّما اسْتَحَقَّها بِفَرضٍ مِنَ اللهِ تعالى، وليس لأحدٍ مِنَّةٌ عليه في ذلك.
قولُهُ: {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} واللهُ هُوَ واجِبُ الوُجودِ وخالِقُهُ، واللهُ هو الأعلمُ بما يُصلِحُهُ وما يُفسِدُهُ، وإنَّ خَلَقَ الإنْسانِ وتسييرَ أُمورِ حياتِهِ لا يَقتَضي عِلْماً فَقَط، ولكنه يقتضي أيضاً حكمة؛ لأنك قد تعلم، ولكنَّكَ لا تَسْتَخْدِمَ عِلْمَكَ فيما تَفْعَلُ، فلا بُدَّ من الحكمةِ مَعَ العِلْمِ لِتَضَعَ الشَيْءَ في مَوْضِعِهِ، وهكذا فإنَّ اللهُ سبحانهُ يعلَمُ ويتصرَّفُ بحكمةٍ في كلِّ ما يفعلُ أو يَشْرَعُ لعبادِهِ.
قولُهُ تَعالى: {إِنَّمَا} المُرادُ بهذه الكلمةِ القَصْرُ، فإذا قلتَ "إنَّما الكريمُ فلانٌ" تكون قدْ قَصَرْتَ الكَرَمَ عليه.
وقولُهُ: {والعاملينَ عليها} عليها: هذا الجارُّ مُتَعَلِّقٌ ب: "العاملينَ".
وقولُهُ: {والمؤلَّفةِ قلوبُهم} قلوبهم" نائبُ فاعلٍ للصفةِ المشبَّهة بالفعلِ "المؤلفة"، وقولُه {والغارمين} مَعْطوفٌ على "الفقراء".
وقولُهُ: {وفي الرقاب} والجارُّ "في" مَعْطوفٌ على الجارِّ في "للفقراءِ" مُتَعَلِّقٌ بما تَعَلَّقَ بِهِ، وكذلك "في سبيل الله". و "فِي" هنا للظَرْفِيَّةِ المجازِيَّةِ، وهِيَ مُغْنِيَةٌ عَنْ تَقديرِ "فَكِّ الرِقابِ" لأنَّ الظَرْفِيَّةَ جَعَلَتِ الرِّقابَ كأَنَّها وُضِعَتِ الأَمْوالُ في جماعَتِها. وقد عَدَلَ عَنِ اللامِ إلى "في" فيها وفيما بعدَها للإِيذانِ بأَنَّ هذِهِ الأَصْنافَ الأَرْبَعَةَ أَرْسَخُ في اسْتِحْقاقِ التَصَدُّقِ عَلَيْهِمْ مِمَّن سَبَق ذِكْرُهُ؛ لأنَّ "في" للوِعاءِ، فنَبَّهَ على أَنهم أَحقّاءُ بِأَنْ تُوضَعَ فيهمُ الصَدَقاتُ ويُجْعَلوا مَظِنَّةً لها ومَصَبَّاً. وَلمْ يُجَرَّ باللامِ لِئَلاَّ يُتَوَهَّمَ أَنَّ الرِقابَ تُدْفَعَ إليْهِمْ أَمْوالُ الصَدَقات.
قولُهُ: {وَفِي سَبِيلِ اللهِ وابْنِ السَبيلِ} تَكريرُ "في" هُنا فيهِ فَضْلُ تَرجيحٍ لهذينِ على الصَنْفَينِ على الصِنْفينِ قَبْلَهُما.
وقولُهُ: {فَرِيضَةً من اللهِ} فريضةً: مفعولٌ مُطْلَقٌ أَيْ: فَرَضَ فَريِضَةً، فهو نَصْبٌ على المصدَرِ بالمعنى، لأَنَّ مَعْنى "إنَّما الصَدَقاتُ للفُقراءِ، في قُوَّةِ: فَرَضَ اللهُ الصدقاتِ للفقراءِ "فريضةً". أوْ هُوَ نَصْبٌ على الحالِ من ضميرِ الفقراء المُسْتَكِنِّ في الجارِّ لِوُقوعِهِ خَبراً، أَيْ: إنَّما الصَدَقاتُ كانتْ لهم حالَ كونِها فَريضةً، أيْ: مَفْروضَةً. ويجوزُ أَنْ تَكونَ "فريضة" حينئذ بمعنى مفعولة، وإنما دخلتِ التاءُ لِجَريانِها مُجْرى الأسماءِ كالنَّطيحَةِ. ويَجوزُ أَنْ يَكونَ مَصْدَراً واقِعاً مَوْقِعَ الحالِ. ونُقِلَ عَنْ سيبوَيْهِ أَنَّها نَصْبٌ بِفْعلٍ مُقدَّرٍ، أَيْ: فَرَضَ اللهُ ذَلِكَ فَريضَةً. ونُقِلَ عَنِ الفَرَّاءِ أَنَّها نَصْبٌ على القَطْعِ. و "من الله" الجارُّ مُتَعَلِّقٌ بِنَعْتٍ ل "فريضة"، وجملةُ: "فرض فريضة" مُسْتَأْنَفَةٌ.
قرأَ الجمهورُ: {فريضةً} بالنَصْبِ وقدْ تقدَّمَ توجيهُها، وقُرِئَ: "فريضةٌ" بالرَفْعِ على تقديرِ: تِلْكَ فَريضةٌ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 60
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة الآية: 9
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 26
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 41
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 56
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 72

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: