روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 59

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 59 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 59 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 59   فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 59 I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 21, 2015 2:16 am

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ
(58)
قولُهُ ـ تعالى شأنُه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} يَلْمِزُكَ: يَعِيبُكَ وَيَطْعَنُ عَلَيْكَ، فمنهم من قال: بأَنَّهُ الْعَيْبُ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ الْعَيْبُ بِالْغَيْبِ، ومعنى "يَلْمِزُكَ" يُعيبُكَ ويَأْخُذُ مِنكَ في الغَيْبَةِ ومِنْهُ قولُ الشاعر زياد الأعجم:
إِذَا لَقِيتُكَ تُبْدِي لِي مُكَاشَرَة ........... وَإِنْ أَغِيبُ فَأَنْتَ الهَامِزُ اللُّمَزَهْ  
ومنه قول رؤبة بْنُ العجّاج في أَبَانَ بْنِ الوَليدِ البُجَلِيِّ:
قَارَبْتُ بَيْنَ عَنَقِي وَجَمْزِي ............. في ظِلِّ عَصْرَيْ باطِلي ولَمْزِي
وقيلَ لِبَعْضِ العَرَبِ: أَتَهْمِزُ الفَأْرَةَ؟ فقال: إنَّها تَهْمِزُها الهُرَّةُ. قالَ أبو عَليٍّ الفارسيُّ: فجَعَلَ الأَكْلَ همْزاً. ولم يجعل الأعرابيُّ الهمزَ الأَكْلَ، وإنَّما أَرادَ ضَرْبها إيَّاها بالنابِ والظُفْرِ، وهذِهِ اسْتِعارَةٌ كما اسْتَعارَ حسَّانُ بْنُ ثابِتٍ الغَرْثَ في قصيدةٍ لَهُ يُثْني فيها على أُمِّ المُؤمنين عائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها، ويُظْهِرُ براءَتَهُ ممّا نُسِبَ إليْهِ في حديث الإفك:
حصان رزان ما تزنّ بريبة ........... وتُصْبِحُ غَرْثى مِنْ لُحومِ الغَوافِلِ
تركيباً على استعارةِ الأَكْلِ في الغَيْبَةِ. يُقَالُ: لَمَزَهُ يَلْمِزُهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَضَمِّهَا قَالَ تَعَالَى في سورة الحجرات: {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} الآية: 11. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى في سورة الهُمُزَة: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} الآية: 1. فإنَّ مِنَ هؤلاءِ المُنَافِقِينَ مَنْ يَعِيبُ عَلَيْكَ فِي قِسْمَةِ الصَّدَقَاتِ وَالمَغَانِمِ، إِذْ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُحَابِي فِيهَا، وَتُؤْتِي مَنْ تَشَاءُ مِنَ الأَقَارِبِ وَأَهْلِ الْمَوَدَّةِ، وَلاَ تُرَاعِي العَدْلَ فِي ذَلِكَ. لأَنَّ المنافقين عُرِفُوا بالشُحِّ كما قالَ الله تعالى في حقِّهم: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} و {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} سورة الأَحزاب، الآية: 19.
ومِنْ شُحِّهم أَنَّهم يَوَدُّون أَنَّ الصَدَقاتِ تُوَزَّعَ عَلَيْهم فإذا رَأَوْها تُوَزَّعُ على غيرِهم طَعنوا في إعطائها.
قولُهُ: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا} وَإِنَّمَا يَفْعَلُونَ ما يفعلون من لومٍ سَعياً وَرَاءَ مَنْفَعَتِهِم الخَاصَّةِ، لا حرصاً على شريعةٍ ومبدأٍ، فَإِذَا أُعْطُوْا مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، وَلَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ، رَضُوا القِسْمَةَ، وَاسْتَحْسَنُوهَا، وَأَثْنُوا عَلَى فِعْلِكَ فيها.  
قولُهُ: {وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا مَا يُرْضِيهِمْ، سَخِطُوا، وَلَوْ كَانُوا غَيْرَ مُسْتَحِقِّينَ لِهذا الْعَطَاءِ، فهُمْ لاَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ سُخْطاً لِلدِّينِ، وَلاَ غَيْرَةً عَلَى مَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ الْمُسْلِمَةِ،
وقد نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ في ابْنِ أُبيٍّ؛ رَأْسِ النفاق إذ قال: أَلا تَرَوْنَ إلى صاحِبِكُم إِنَّما يقْسِمُ صَدقَاتكُمْ في رُعَاةِ الغَنَم، ويَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْدل.
وقِيلَ هُوَ في ذُو الخُوَيْصِرَةِ واسمُهُ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيرٍ التَميمِيُّ، رَأْسُ الخَوَارِجِ، وكانَ مِنَ مُنافِقيِّ الأَعْرابِ، وكانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَقْسِمُ غَنائمَ حُنَينٍ، فاسْتَعْطَفَ قُلوبَ أَهْلِ مَكَّةَ، فآثَرَهُم بالعَطاءِ، فقال ذو الخُويْصِرةِ: اعْدِلَ يا رَسُول الله، فقال ـ صلّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ويلَكَ، إنْ لَمْ أَعْدِلْ فمنْ يَعْدِل؟!)). فقدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْسِمُ قَسْمًا، إِذَا جَاءَهُ ابْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ، فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: ((وَيْلَكَ، فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدَلْ؟!)) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، قَالَ: ((دَعْهُ فَإِنَّ لِهَذَا أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَيُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ فَلا يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَضِيِّهِ (كَذَا يَقُولُ مَعْمَر): فَلا يَرَى فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي رِصَافِهِ فَلا يَرَى فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي نَصْلِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ: رَجُلٌ أَسْوَدٌ إِحْدَى يَدَيْهِ، (أَوْ قَالَ: مِثْلُ إِحْدَى يَدَيْهِ) مِثْلُ حَلَمَةِ ثَدْي الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلَ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ يَخْرُجُونَ عَلَى حِينَ فَتْرَةٍ مِنَ النَّاسِ)) قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: "وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أَعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ"
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا حِينَ قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، جِيءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأَخرَجَهُ كذلك الأئمَّةُ: أَحمدُ: (3/4، رقم 11021)، والبُخاريُّ: (4/1581، رقم 4094)، ومسلم: (2/742، رقم 1064). وهذا نَصُّ البُخاري: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاءِ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((أَلا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً؟)) قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الإِزَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ اتَّقِ اللهَ. قَالَ: ((وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ؟)) قَالَ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللهِ أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: ((لا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي)) فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ)) قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ: ((إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ رَطْبًا لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ)) وَأَظُنُّهُ قَالَ: ((لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ)). ذُهَيْبَة: تَصغيرُ ذَهَبَةٍ، وهيَ القِطْعَةٌ مِنَ الذَهَبِ. وأَديمٌ مَقْروظٌ: جِلْدٌ مَدْبوغٌ بالقرظِ، وهو نَبْتٌ معروفٌ لديهم. ومِنْ ضِئْضِئِ هَذَا: مِنْ أَصْلِهِ وجِنْسِهِ. ولعلَّ السَبَبَ تَكَرَّرَ، فقدْ رُوِيَ أنَّ أَبا الجَوَّاظِ، مِنَ المنافقين، طَعَنَ في أَنْ أَعْطى النبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، مِنْ أَمْوالِ الصَدَقاتِ بَعضَ ضُعفاءِ الأَعْرابِ رِعاءِ الغَنَمِ، إعانةً لهم، وتأليفاً لِقُلوبهم، فقال: ما هذا بالعدلِ أَنْ يَضَعَ صَدَقاتِكم في رِعاءِ الغَنَمِ، وقدْ أُمِرَ أَنْ يَقْسِمَها في الفُقَراءِ والمَساكينِ، ورُوِيَ أَنَّه شافَهَ بِذلكَ النبيَّ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم.
ورَوى أَبو بَكْرٍ الأَصَمُّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، في تفسيرِهِ: أَنَّ رسولَ اللهِ ـ صَلى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحابِهِ: ((ما عِلْمُكَ بِفُلان؟)) فقال: مالي بِهِ عِلْمٌ إلاَّ إنَّكَ تُدْنيهِ في المجْلِسِ وتُجْزِلُ لَهُ العَطاءَ، فقال صلى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((إنَّهُ مُنافِقٌ أُدارِي عَنْ نِفاقِهِ وأَخافُ أَنْ يُفْسِدَ على غَيرِهِ)). فقال: لو أَعْطيتَ فُلاناً بَعْضَ ما تُعْطيهِ، فقالَ ـ عليهِ الصلاةُ والسَّلامُ: ((إنَّهُ مُؤمِنٌ أَكِلُهُ إلى إيمانِهِ، وأَمَّا هذا فَمُنافِقٌ أُداريهِ خَوْفَ إِفْسادِهِ)).
قولُهُ تعالى: {ومنهم مَنْ يلمِزُكَ في الصدَقاتِ} مَنْ: اسْمٌ مَوْصولٌ في محلِّ رفعٍ مبتدأً، والجارّ في "منهم" مُتَعَلِّقٌ بالخَبرِ، وجملةُ الشَرْطِ مَعْطوفَةٌ على جملَةِ "منهم مَنْ يلمزك"، وقد أَدِخِلتْ "فِي" على الصدقات، وإنَّما اللَّمْزُ في تَوزيعِها لا في ذَواتها: لأنَّ الاسْتِعْمالَ يَدُلُّ على المُرادِ، فهذا مِنْ إسْنادِ الحُكم إلى الأَعْيانِ والمُرادُ أَحْوالُها وهو شائعٌ.
قولُهُ: {فإذا هم يسخطون} إذا: هي الفجائيةِ ودَلَّتْ على أَنَّ سَخَطَهم أَمْرٌ يُفاجِئُ العاقِلَ حين يَشْهَدُهُ لأنَّهُ يَكونُ في غيرِ مَظَنَّةِ سَخَطٍ، و "إذا" نائبٌ مَنابَ فاءِ الجزاءِ، وشَرْطٌ لِنِيابَتِها عَنْهُ كونُ الجزاءِ جمْلَةً اسميَّةً، ووَجْهُ نِيابَتِها دَلالَتُها على التَعْقيبِ، كالفاءِ، وقد غايَرَ سبحانَهُ، بين جوابيْ الجُمْلَتَينِ فقال في جوابِ الأولى: "رَضُوا" فجاء فعلاً ماضياً، وفي جواب الثانية "إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ" فجاء جملةً اسميَّةً وذلك للإشارةِ إلى أَنَّ سَخَطَهم ثابتٌ لا يَزولُ ولا يَفْنى بخِلافِِ رِضاهُم فإنَّهُ سرعان ما يَزولُ.
قالَ أَبو البَقاءِ: والعاملُ فيها "يَسْخَطون"، لأنَّهُ قالَ: إنِّها ظَرْفُ مَكانٍ، وفيهِ نَظَرٌ تَقدَّمَ في نَظيرِهِ.
قوله: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا} يُحْتَمَلُ: أَنْ يَعودَ ظاهرُ الضَميرِ على المَذكورِ، أيْ أُعطيَ اللاّمِزون، أَيْ أَنَّ الطاعِنين يَطْمَعونَ أَنْ يَأْخُذوا مِنْ أَموالِ الصَدَقاتِ بِوَجْهِ هَدِيَّةٍ وإعانَةٍ، فيَكونُ ذَلكَ مِنْ بُلوغِهِمُ الغايَةَ في الحِرْصِ والطَمَعِ، ويُحْتَمَلُ أنَّ الضميرَ راجِعٌ إلى ما رَجَعَ إليْهِ ضَميرُ "مِنْهُمْ" أَيْ: فإنْ أُعْطِيَ المُنافِقونَ رَضِيَ اللاَّمِزون، وإنْ أُعْطِيَ غيرُهم سَخِطوا، فالمَعنى أَنَّهم يَرومونَ أَنْ لا تُقْسَمَ الصَدَقاتُ إلاَّ على فُقَرائهم، ولِذلكَ كَرِهَ أَبو الجَوَّاظِ أَنْ يُعْطَى الأَعْرابُ مِنَ الصَدَقاتِ. ولم يُذْكَرْ مُتَعَلَّقُ "رَضُوا"، لأنَّ المُرادَ صاروا راضِين، أَيْ عَنْكَ.
قرأَ العامَّةُ "يَلْمِزُكَ" بِكَسْرِ الميمِ مِنْ لَمَزه يَلْمِزُهُ، مِنْ بابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ، أَيْ: عابَهُ وقَدَحَ فيه، وأصله الإِشارة بالعين ونحوها. قالَ الأَزْهَرِيُّ: أَصْلُه الدَفْعُ، لَمَزْته: دَفَعْتُهُ، وقالَ اللّيثُ: هُوَ الغَمْزُ في الوَجْهِ ومِنْهُ هُمَزَةٌ لُمَزَة، أَيْ: كَثيرُ هَذَيْنِ الفِعْلَين.
وقرأَ يَعقوبُ، وحمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ كَثيرٍ، والحَسَنِ، وأَبو رجاءٍ، ورُوِيَتْ عَنْ أَبي عَمْرٍو "يلمُزكَ" بِضَمِّها من بابِ نَصَرَ يَنصُرُ، وهما لُغتانِ في المُضارِعِ.
وقرأَ الأَعمَشُ "يُلْمِزُك" مِنْ أَلْمز رُباعيَّاً. وروى حمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: "يُلامِزُك" على المُفاعَلَةِ مِنْ واحدٍ كَسافَرَ وعاقَب.
وقرأَ العامّةُ: {إذا هُم يَسْخَطون} وقرَأَ إيادُ بْنُ لَقيطٍ فيما أَخْرَجَ عنه أَبو الشيخِ: "إذا هم ساخطون".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 59
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة التوبة الآية: 14
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 31
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 46
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 62
» فيض العليم ... سورة التوبة، الآية: 77

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: