روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 22

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 22 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 22 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 22   فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 22 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 19, 2014 9:39 am

[size=29.3333]فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ[/size]
[size=29.3333](22)[/size]
[size=29.3333]قولُهُ ـ جَلَّ وعَلا: {فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ} أيْ حَطَّهُما عَنْ دَرَجَتِهِما، وأَنْزَلَهُما عَنْ رُتْبَةِ الطاعةِ إلى رُتْبَةِ المَعْصِيَةِ فـ "دَلاّهُما" مِنَ التَدْلِيَةِ، فَيُقَالُ: دَلَّى فُلَانٌ، كَمَا يُقَالُ أَدْلَى. وهيَ إلقاءُ الدَّلْوِ في البِئْرِ، وهي هُنا إلقاءُ النَّفسِ في الغُرورِ، والمَعاصي، وَفي دَلَّى، تَمْثِيلُ حَالِ مَنْ يَطْلُبُ شَيْئًا مِنْ مَظِنَّتِهِ فَلَا يَجِدُهُ بِحَالِ مَنْ يُدَلِّي دَلْوَهُ أَوْ رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ لِيَسْتَقِيَ مِنْ مَائِهَا فَلَا يَجِدُ فِيهَا مَاءً، وَمَعْنَى فَدَلَّاهُما أَقْدَمَهُمَا فَفَعَلَا فِعْلًا يَطْمَعَانِ بِهِ فِي نَفْعٍ فَخَابَا فِيهِ. والتدليةُ إنَّما تَكونُ شَيْئاً فَشَيْئاً، ومَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، ولا تَكونُ دَفْعَةً واحدةً، وفيها إشارةٌ إلى أنَّ إبليس اللعينَ ثابَرَ على ذلك المرَّةَ بعد المرَّةَ حتى توصل إلى إقناعهما، وقد كانا متردِّدين في ذلك ولم يقتنعا من المرَّة الأولى ولم يطاوعاه بسهولة، وهذا ما يفيده أيضاً قولُه "فلمّا ذاقا الشجرة" فالتذوُّقُ غيرُ الأكلِ، لأنَّك إذا أردت أن تأكلَ طعاماً لا تعرفه تذوَّ قته أوّلاً بأنْ تأخذَ القليلَ منه على سبيلِ اسْتِكْناهِهِ، فإذا اطمأننتَ إلى أَنَّهُ مُسْتَساغٌ لذيذُ الطَعْمِ، واطمأننت إلى نَفعِهِ، بادرت إلى الأَكْلِ منْه. وعنِ الأَزْهَرِيِّ أَنَّ مَعناهُ أَطْمَعَهُما. وقيلَ دَلاّهُما مِنَ الدّالَّةِ، وهي الجُرْأَةُ، أيْ جَرَّأَهُما على المَعْصيَةِ فخَرَجا مِنَ الجَنَّةِ. قال الشاعر قيس بنُ زهيرٍ: [/size]
[size=29.3333]أظن الحِلْمَ دَلَّ عليَّ قومي .............. وقد يُسْتَجْهَلُ الرجلُ الحليم[/size]
[size=29.3333]وعليه يكونُ الأَصْلُ دَلَّلَهُما، فاسْتُثْقِلَ تَوالي ثلاثةِ أَمْثالٍ فأُبْدِلَ الثالثُ حَرْفَ لِينٍ، أيْ: ياء،  وهو كقولِهم: تظنَّيْتُ، في تظنَّنْت، وقَصَّيْتُ أظْفاري، في قَصَصْتُ.[/size]
[size=29.3333]و"بغرورٍ" الغُرورُ هُوَ ظَنُّ الضارِّ نافعاً، والأذى مَصْلَحَةً، والباطلِ حَقّاً. إِذِ الْغُرُورُ هُوَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ نَافِعًا بِحَسَبِ ظَاهِرِ حَالِهِ وَلَا نَفْعَ فِيهِ عِنْدَ تَجْرِبَتِهِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يُقَالُ: دَلَّاهُ بِغُرُورٍ إِذَا أَوْقَعَهُ فِي الطَّمَعِ فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ، كَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الكريمة، والمَعنى: دَلاهُما في المعاصي بالغُرورِ الذي أَوْجَدَهُ فيهِما، وسَبَبُ غُرورِهِما أنَّهُما ظَنّا أَنْ أَحَداً لا يُقْسِمُ باللهِ ـ تعالى ـ كاذباً، وغرَّرَ بهِ ضَلَّلهُ وأدخل الوهمَ الباطلَ عليه، وَمنه قَوْلُ أَبِي جُنْدُبٍ الْهُذَلِيِّ:[/size]
[size=29.3333]أَحُصُّ فَلَا أُجِيرُ وَمَنْ أُجِرْهُ .................. فَلَيْسَ كَمَنْ يُدَلَّى بِالْغُرُورِ[/size]
[size=29.3333]وَعَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ فَفِعْلُ دَلَّى يُسْتَعْمَلُ قَاصِرًا، وَيُسْتَعْمَلُ مُتَعَدِّيًا إِذَا جُعِلَ غَيْرُهُ مُدَلَّيًا، هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي هَذَا اللَّفْظِ، وَفِيهِ تَفْسِيرَاتٌ أُخْرَى لَا جَدْوَى فِي ذِكْرِهَا. وَدَلَّ قَوْلُهُ: "فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ" عَلَى أَنَّهُمَا فَعَلَا مَا وَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ، فَأَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ، أي شَغَلَهُما باسْتيفاءِ اللّذاتِ حتَّى صارا مُسْتَغْرِقَيْنِ بِها فَنَسيا النَهْيَ كما يُشيرُ إليْه قولُه تعالى: {فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} طه: 115. فَقَوْلُهُ: فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ، تَرْتِيبٌ عَلَى دَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ، فَحُذِفَتِ الْجُمْلَةُ، وَاسْتُغْنِيَ عَنْهَا بِإِيرَادِ الِاسْمِ الظَّاهِرِ فِي جُمْلَةِ شَرْطِ لَمَّا، وَالتَّقْدِيرُ: فَأَكَلَا مِنْهَا، كَمَا وَرَدَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَلَمَّا ذَاقَاهَا بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا.[/size]
[size=29.3333]وذَهَبَ كَثيرٌ مِنَ المحقِّقين إلى أنَّ التَصديقَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُما، لا قَطْعاً ولا ظَنّاً، وإنَّما أَقْدَما على المَنْهِيِّ عَنْهُ لِغَلَبَةِ الشَهْوةِ ،كما نَجِدُ مِنْ أَنْفُسِنا إقدامها على فعلٍ زُيِّنَ إذا زَيَّن لها أَحَدُهم ما تشتَهيهِ، وإنْ لَمْ تعتَقِدْ أَنَّ الأَمْرَ كما قالَ. وعلى هذا فلَعَلَّ كلامَ اللَّعينِ أثارَ الشَّهْوَةِ في نفسيهما حتّى غَلَبَتْ ونَسيا معها النَهْيَ فوقع الإقدامُ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ.[/size]
[size=29.3333]قولُهُ: {فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ} الذَّوْقُ إِدْرَاكُ طَعْمِ الْمَأْكُولِ أَوِ الْمَشْرُوبِ بِاللِّسَانِ، وَهُوَ يَحْصُلُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْأَكْلِ أَوِ الشُّرْبِ، وفيه دليلٌ على أَنَّهُما تَناوَلا اليَسيرَ مِنْ ذلك بقَصدِ مَعْرِفَةِ طَعْمِهِ لأنَّ الذَّوْقَ يَدُلُّ على الأَكْلِ اليَسيرِ. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما} سوآتُهما: عوراتُهما، أَيْ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْهُما قُبُلَهُ وقُبُلَ الآخَرِ ودُبُرَهُ، بِسَبَبِ زَوالِ ما كانَ ساتِراً لَها، وهو تَقَلُّصُ النُّورِ الذي كان عليها، قال ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ تَهافَتَ عَنْهُما لِباسَهُما حتّى أبْصرَ كلُّ واحدٍ مِنْهُما ما وُورِيَ عَنْهُ مِنْ عَوْرَةِ صاحِبِهِ، وكانا لا يَرَيانِ ذَلِكَ. وقال قَتادَةُ: كانَ لِباسُهُما ظُفْراً كُلُّهُ فَقُشِطَ عَنْهُما، أَيْ كان غِطاءٌ على الجَسَدِ مِنْ جِنْسِ الأظْفارِ فَنُزِعَ عَنْهُما، وبَقِيَتِ الأَظْفارُ في اليَديْنِ والرِّجْلَيْنِ تَذْكِرَةً وزِينَةً وانْتِفاعاً. وقبْلُ كانَ مِنْ ثِيابِ الجَنَّةِ. وقال مجاهدٌ: كانَ لِباسُهُما التَقْوى، وقدْ تَقَدَّمَ في البَقَرْةِ مفصّلاً. وعن عِكْرِمَةَ قال: كانَ لِباسُ كُلِّ دابَّةٍ مِنْها وَلِباسُ الإنْسانِ الظُفْرُ فأَدْرَكَتْ آدَمَ التَوْبَةُ عِنْدَ ظُفْرِهِ. وعَنْ أَنَسٍ بْنِ مالِكٍ قال: كان لباسَ آدمَ في الجَنَّةِ الياقوتُ فلَمّا عَصَى قُلِّصَ فصارَ الظُفْرُ. [/size]
[size=29.3333]قولُهُ: {وطفقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ} طفقا: أيْ شَرَعا، أوْ جَعَلا، أو أَقْبَلا، فطَفِقَ يَفْعَلُ كَذا شَرَعَ يَفْعَلُ كَذا، وطَفِقَ يَطْفِقُ مِثْلُ ضَرَبَ يَضْرِبُ. "يخصفان عليهما" أَخَذا يَقْطَعانِ الوَرَقَ ويَضعانِه على عَوْراتِهِما لِيَسْتُراها، والخَصْفُ في الأصلِ الخَرْزُ، والخَصَفَةُ أَيْضاً الجُلَّةُ للتَمْرِ، والخَصَفُ: الثيابُ الغَليظَةُ، وخَصَفْتُ الخَصْفَةَ نَسَجْتُها، والأَخْصَفُ والخَصيفُ طَعامٌ يَبْرُقُ، وأَصْلُهُ أنْ يُوضَعَ لَبَنٌ ونَحْوُهُ في الخَصْفَةِ فَيَتَلَوَّنَ بِلَوْنِها، قال العَبَّاسُ ـ رضي اللهُ عنه ـ يَمْدَحُ النَبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلَّم: [/size]
[size=29.3333]طِبْتَ في الظِلالِ وفي ................. مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ[/size]
[size=29.3333]يُشيرُ إلى الجَنَّةِ، أَيْ حَيْثُ يُخْرَزُ ويُطابَقُ بعضُها فوقَ بعضٍ.  وقيلَ أَصْلُهُ الضَمُّ والجَمْعُ، ووضعُ الشيءِ فوقَ الشيءِ لِيَكونَ طَبَقاتٍ ومِنهُ خَصْفُ النَعْلِ، حيثُ تَلْصَقُ قطعةً صالحةً مِنْ جِلْدٍ فوقَ أُخْرى تالِفَةٍ أو مهترئةٍ. وقال مجاهدٌ: يَخْصِفانِ يَرْقَعانِ كَهَيْئَةِ الثَّوبِ، والمعنى واحدٌ. "مِنْ وَرَقِ الجنة" قالَ ابْنُ عَبّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ هو ورَقُ التِينِ، وقيلَ هو ورقُ المَوْزِ، وقيلَ التوتِ وقيل غيرُ ذلك، ولا يَمْنَعُ أَنْ يَكونَ تنوعاً مِمّا طالتْهُ أيديهِما مِنْ ورَقِ الشَجَرِ، فقد سارعا إلى ستر عوراتهما بكلِّ ما تيسَّر لهما من ورق، وفي الآيَةِ دَليلٌ على أَنَّ كَشْفَ العَوْرَةِ مِنِ ابْنِ آدَمَ قَبيحٌ، أَلاَ تَرَى أنَّهُما بادَرا إلى سَتْرِ العَوْرَةِ لِما تَقَرَّرَ في عَقْلِهِما مِنْ قُبْحِ كَشْفِها. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة} عِتابٌ مِنَ الله تَعالى وتأنيبٌ لَهُما، لأنّهما لم يَحْذَرا ما حَذَّرَهُما مِنْهُ ولم يَنْتَهِيا عمّا نهاهُهما عنه، و"ناداهُما" تَشِي ببعضِ الجفاءِ لأنَّ المُناداةَ إنَّما تكونُ للبعيدِ، فقد ابتعدا بنفسيهما عما يرضيه ـ سبحانَه ـ وهو التزامُ أوامره وترك نواهيه، فقالَ لهُما اللهُ تَعالى: أَمَا نهَيتُكُما عَنِ الأَكْلِ مِنْ تلكَ الشجرة؟ وهذا والاستفهامُ للتَقريرِ، وفيها إشارةٌ إلى أنّهُ مِنَ الواجِبِ على الضَيْفِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِتَعْليماتِ صاحِبِ الدارِ، لأنّه الأدرى بما فيها فيجلسُ حيثُ يُجْلِسُهُ، ويَأْكلُ مما يُطْعِمُهُ، ويَتَجَنَّبُ كلَّ ما يُغْضِبُه، كأنْ يحاولَ أنْ يستقصيَ أسرارها، ويطَّلعَ على ما فيها دونَما إذنٍ مِنْ صاحِبِها، وقدْ قالتِ العَرَبُ: صاحبُ البيتِ أدرى بالذي فيه. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {وأَقُلّ لَكُما إنَّ الشَيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ} عدوٌّ مبينٌ: أَيْ مُظُهِرٌ للعَداوَةِ، بِتَرْكِ السُّجُودِ لآدمَ حَسَداً وبَغْياً،كما قالَ في سورةِ (طه): {فقلنا يا آدمُ إنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ ولِزَوْجِكَ} الآية، قال السُدِّيُّ: قال آدَمُ إنَّهُ حَلَفَ لي بِكَ ولَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ يَحْلِفُ [/size]
[size=29.3333]بِكَ إلاَّ صادِقاً.[/size]
[size=29.3333]قولُهُ تعالى: {فلمّا ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتُهُما} أَفَادَتْ "لَمَّا" تَوْقِيتَ بُدُوِّ سَوْآتِهِمَا بِوَقْتِ ذَوْقِهِمَا الشَّجَرَةَ، لِأَنَّ (لَمَّا) حَرْفٌ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ، فَهِيَ لِمُجَرَّدِ تَوْقِيتِ مَضْمُونِ جَوَابِهَا بِزَمَانِ وُجُودِ شَرْطِهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: حَرْفُ وُجُودٍ لِوُجُودٍ (فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِمْ لِوُجُودٍ بِمَعْنَى (عِنْدَ) وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ ظَرْفٌ بِمَعْنَى حِينَ، يُرِيدُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهَا، وَإِذْ قَدِ الْتَزَمُوا فِيهَا تَقْدِيمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَقْتِ لَا على الموقت، شَابَهَتْ أَدَوَاتَ الشَّرْطِ فَقَالُوا حَرْفُ وُجُودٍ لِوُجُودٍ كَمَا قَالُوا فِي (لَوْ) حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ، وَفِي (لَوْلَا) حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِوُجُودٍ، وَلَكِنَّ اللَّامَ فِي عِبَارَةِ النُّحَاةِ فِي تَفْسِيرِ مَعْنَى لَوْ وَلَوْلَا، هِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ، بِخِلَافِهَا فِي عِبَارَتِهِمْ فِي (لَمَّا) لِأَنَّ (لَمَّا) لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى سَبَبٍ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ تَعَالَى: فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ سورة الْإِسْرَاء، الآية: 67. إِذْ لَيْسَ الْإِنْجَاءُ بِسَبَبٍ لِلْإِعْرَاضِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ تَقَارُنٌ كَثُرَ فِي شَرْطِ (لَمَّا) وَجَوَابِهَا مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ دُونَ اطِّرَادٍ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: "فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما" لَا يَدُلُّ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ حُصُولِ ظُهُورِ السَّوْآتِ عِنْدَ ذَوْقِ الشَّجَرَةِ، أَيْ أَنَّ اللهَ جَعَلَ الْأَمْرَيْنِ مُقْتَرِنَيْنِ فِي الْوَقْتِ، وَلَكِنَّ هَذَا التَّقَارُنَ هُوَ لِكَوْنِ الْأَمْرَيْنِ مُسَبَّبَيْنِ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ خَاطِرُ السُّوءِ الَّذِي نَفَثَهُ الشَّيْطَانُ فِيهِمَا، فَسَبَّبَ الْإِقْدَامَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ لِلتَّعَالِيمِ الصَّالِحَةِ، وَالشُّعُورَ بِالنَّقِيصَةِ: فَقَدْ كَانَ آدَمُ وَزَوْجُهُ فِي طَوْرِ سَذَاجَةِ الْعِلْمِ، وَسَلَامَةِ الْفِطْرَةِ، شَبِيهَيْنِ بِالْمَلَائِكَةِ لَا يُقْدِمَانِ عَلَى مَفْسَدَةٍ وَلَا مَضَرَّةٍ، وَلَا يُعْرِضَانِ عَنْ نُصْحِ نَاصِحٍ عَلِمَا صِدْقَهُ، إِلَى خَبَرِ مُخْبِرٍ يَشُكَّانِ فِي صِدْقِهِ، وَيَتَوَقَّعَانِ غُرُورَهُ، وَلَا يَشْعُرَانِ بِالسُّوءِ فِي الْأَفْعَالِ، وَلَا فِي ذَرَائِعِهَا وَمُقَارَنَاتِهَا. لِأَنَّ اللهَ خَلَقَهُمَا فِي عَالَمٍ مَلَكِيٍّ. ثُمَّ تَطَوَّرَتْ عَقْلِيَّتُهُمَا إِلَى طَوْرِ التَّصَرُّفِ فِي تَغْيِيرِ الْوِجْدَانِ. فَتَكَوَّنَ فِيهِمَا فِعْلُ مَا نُهِيَا عَنْهُ. وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ التَّطَوُّرِ الشُّعُورُ بِالسُّوءِ لِلْغَيْرِ، وَبِالسُّوءِ لِلنَّفْسِ، وَالشُّعُورُ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى السُّوءِ. وَتُقَارِنُ السُّوءَ وَتُلَازِمُهُ.[/size]
[size=29.3333]قولُهُ: {فَدَلاّهُما بِغُرورٍ} فـ: للتَفْرِيعِ عَلَى جُمْلَةِ: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ} الْأَعْرَاف: 20. وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا. وَ"بغرورٍ" الْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ دَلَّاهُمَا مُلَابِسًا لِلْغُرُورِ أَيْ لِاسْتِيلَاءِ الْغُرُورِ عَلَيْهِ.[/size] [size=29.3333]أو هي حالٌ: إمَّا مِنَ الفاعلِ أوْ مِنَ المفعول، أيْ: مُصاحِبينَ للغُرورِ، أو مُصاحِباً للغُرورِ، ويَجوزُ أن تكون الباءُ سببيةً، أي: دَلاَّهُما بِسَبَبِ أَنْ غَرَّهُما. والغُرور مصدرٌ حُذِفَ فاعلُه ومَفْعولُهُ، والتقديرُ: بغُرورِهِ إيَّاهُما. [/size]
[size=29.3333]قوله: {وَطَفِقَا يخصِفانِ} طَفِقَ مِنْ أَفعالِ الشُّروعِ كَأَخَذَ وجَعَلَ وأَنْشَأَ وَعَلِقَ وهَبَّ وانْبَرى، فهذِهِ تَدُلُّ على التَلَبُّسِ بِأَوَّلِ الفِعْلِ، وحُكْمُها حُكْمُ أفعالِ المُقارَبَةِ مِنْ كونِ خَبَرِها لا يَكونُ إلاّ مُضارعاً، ولا يجوزُ أَنْ يَقْتَرِنَ بأَنْ البَتَّةَ، لِمُنافاتِها لَها لأنَّها للشُروعِ وهوَ حالٌ و"أَنْ" للاسْتِقْبالِ، وقدْ يَقَعُ الخَبَرُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً كقولِهِ: [/size]
[size=29.3333]وقد جَعَلَتْ قَلوصُ بني سهيلٍ .............. من الأَكْوارِ مَرْتَعُها قريبُ[/size]
[size=29.3333]يقول: أَخَذْتُ هذِهِ النُّوقَ الفَتِيَّةَ تَرْعى بالقُرْبِ مِنْ رِحالِها أوْ مِنْ جَماعَةِ [/size]
[size=29.3333]الإبِلِ التي تُجاوِرُها، وذلك لِما بِها مِنَ الإعْياءِ والتَعَبِ، فلَمْ تَسْتَطِعِ البُعدَ عَنِ الرِّحالِ.[/size]
[size=29.3333]وقد يَقَعُ شَرْطِيَّةً ك "إذا" في قولِ عبدِ اللهِ ابنِ عباسٍ ـ رضيَ اللهُ عنهما: فجَعَلَ الرَّجُلُ إذا لم يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولاً. ويُقالُ: طَفِقَ بِفَتْحِ الفاءِ وكَسْرِها، ومثلًه طَبِقَ بالباءِ المُوَحَّدَةِ أَيْضاً. والأَلِفُ اسْمُها. و"يخصفان" خَبَرُها.[/size]
[size=29.3333]قولُه: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا} يَجوزُ أَنْ تَكونَ هذه الجملةُ التقريريَّةُ مُفَسِّرَةً للنِداءِ، ولا مَحَلَّ لَها، ويُحتَمَلُ أَنْ يَكونَ ثَمَّ قولٌ مَحْذوفٌ وهي مَعْمولَةٌ لَهُ أَيْ: فقال: أَلَمْ أَنْهَكُما، وذلك القولُ مُفَسِّرٌ للنِّداءِ أَيْضاً. وقالَ أبو حيّان: الأَوْلى أَنْ يَعودَ الضَميرُ في "عليهما" على عَوْرَتَيْهِما، كأنَّهُ قيلَ: يَخْصِفان على سَوْءاتَيْهِما، وعادَ بِضَميرِ الاثْنَيْنِ لأنَّ الجَمْعَ يُرادُ بِهِ اثنان، ولا يَجوزُ أَنْ يَعودَ الضَميرُ على آدمَ وحواءَ لما تَقرَّرَ في عِلْمِ العَرَبيَّةِ أَنَّه لا يَتَعَدَّى فِعْلُ الظاهِرِ والمُضْمَرِ المُتَّصِلِ إلى الضَميرِ المُتَّصِلِ المَنصوبِ لَفْظاً أوْ مَحَلاًّ في غيرِ بابِ ظَنٍّ وفَقَدَ وَعَدِمَ وَوَجَدَ، فلا يَجوزُ: زَيْدٌ ضَرَبَهُ ولا ضَرَبَهُ زَيْدٌ، ولا زَيْدٌ مَرَّ بِهِ ولا مَرَّ بِهِ زَيْدٌ، فلو جَعَلْنا الضميرَ في "عليهما" عائداً على آدمَ وحوّاءَ لَلَزِمَ مِنْ ذلِكَ تَعَدِّي "يَخْصِفُ" إلى الضمير المنصوبِ مَحَلاً وقدْ رَفعَ الضميرَ المُتَّصِلَ وهو الأَلِفُ في "يَخْصِفان"، فإنْ أُخِذَ ذلك على حَذْف مضافٍ مُرادٍ، جازَ ذلك قولُه تعالى: {وهُزّي إِلَيْكِ} سورة مريم، الآية: 25. وقولُهُ سبحانَه: {واضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} سورة القصص، الآية: 32. وقولُ [/size]
[size=29.3333]الشاعر: [/size]
[size=29.3333]هَوِّنْ عليك فإن الأمور .......................... بِكَفِّ الإِله مقاديرُها[/size]
[size=29.3333]وقولُهُ أَيْضاً: [/size]
[size=29.3333]دَعْ عنك نَهْباً صِيْح في حَجَراته ...... ولكنْ حديثاً ما حديثُ الرواحلِ[/size]
[size=29.3333]وقولُه: {مِن وَرَقِ} يُحْتَمَلُ أَنْ تَكونَ "مِنْ" لابْتِداءِ الغايَةِ، وأَنْ تَكونَ للتَبْعيضِ. وقَرَأَ أَبو السَّمَّال: "وطَفَقا" بفَتْحِ الفاءِ وهي لُغَةٌ.[/size]
[size=29.3333]وقرأَ الزُهريُّ: "يُخْصِفان" مِنْ أَخْصَفَ، وهيَ على أَنْ يَكونَ أَفْعَلَ بمعنى فَعَل. أو أَنْ تَكونَ الهَمْزَةُ للتَعْدِيَةِ، والمفعولُ على هذا محذوفٌ أي: يَخْصِفان أَنْفُسَهُما أي: يجعلان أَنْفُسَهًما خاصِفين. [/size]
[size=29.3333]وقَرَأَ الحَسَنُ والأَعْرَجُ ومُجاهِدٌ وابْنُ وَثابٍ "يَخِصِّفان" بفتحِ الياءِ وكَسِرِ الخَاءِ والصادُ مشدَّدَةٌ، والأصلُ: يَخْتَصَفان، فأُدْغِمَتِ التاءُ في الصادِ ثمَّ أُتْبِعتِ الخاءُ للصادِ في حَرَكَتِها. وروى محبوبٌ عنِ الحَسَنِ كذلك إلاَّ أَنَّهُ فَتَحَ الخَاءَ فلم يُتْبِعْها للصادَ، وهي قراءةُ يَعقوبٍ أيْضاً وابنِ بُرَيْدَةَ. وقرأَ عبدُ اللهِ "يُخُصِّفان" بضَمِّ الياءِ والخاءِ وكَسْرِ الصَادِ مُشَدَّدَةً، وهي مِنْ خَصَّف بالتَشديدِ، إلاَّ أَنَّه أَتْبَعَ الخاءَ للياءِ قبلَها في الحركة، وهي قراءةٌ عَسِرةُ النُّطْقِ، ويدل على أنَّ أَصْلَها مِنْ خَصَّفَ بالتَشديد قِراءَةُ بعضِهم "يُخَصِّفَان" كذلك إلاَّ أَنَّهُ بِفَتْحِ الخاءِ على أَصْلِها.[/size]
[size=29.3333]قوله: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا} جُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ بِقولٍ مُقَدَّرٍ، وذلك القولُ حالٌ تقديرُه: وناداهُما قائلاً ذلك. ولم يُصَرِّحْ هُنا باسْمِ المُنَادي [/size]
[size=29.3333]للعِلْمِ بِهِ. [/size]
[size=29.3333]وقولُهُ: {لكما} مُتَعَلِّقٌ بـ "عَدُو" لِما فيهِ مِنْ مَعْنى الفِعْلِ. ويَجوزُ أَنْ تَكونَ مُتَعَلقةً بمحذوفٍ على أَنَّها حالٌ مِنْ "عدوّ" لأنَّها لو تَأَخَّرَتْ لَجازَ أَنْ تَكونَ وَصْفاً لَه.[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 22
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية:
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 21
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 36
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 49
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 59

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: